ما الذي يجمع بين التبريد وتركيب الدنا وألياف الاسباندكس الاصطناعية؟

قاعة المشاهير الوطنية للمخترعين. يُظهر هذا العرض في مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية أسماء أعضاءً من "قاعة المشاهير الوطنية للمخترعين". مصدر الصورة: وزارة التجارة الأمريكية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إننا نعتبر أشياء مثل خط بداية اللعبة الذي يظهر على شاشات التلفزيون أثناء مباريات كرة القدم الأميركية، واختبار الأنسجة الذي يربط تبرعات الأعضاء بالمستقبِلين المناسبين، وشاشات الأوليد OLED التي تضيء شاشة الهاتف آيفون اكس، تكنولوجياتً بديهية مفروغاً منها. إلا أن هذه التكنولوجيات حظيت هذا العام باهتمام خاص ومميز: لقد منحت هذه الاختراعات الثلاثة مع تسعة اختراعات أخرى مبتكريها المخترعين مكاناً في “قاعة المشاهير الوطنية للمخترعين”.

ومنذ عام 1973، عندما كرّمت توماس أديسون، عملت قاعة المشاهير الوطنية كبرنامج توعية إعلامي لمكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية. بدأت قاعة المشاهير الوطنية كوسيلة تُبرز براءات الاختراع الأميركية التي كان لها تأثير اجتماعي كبير، وتطورت القاعة على مر السنين لتضيف لمهامها برامج تعليمية تشجع المخترعين الطموحين.

وتقول ريني بايفا، نائبة مدير الاختيار والتكريم في قاعة المشاهير الوطنية للمخترعين: “إنه لأمر ملهم أن تلتقي بالمخترعين المُكرّمين، لأنهم أصيلون حقيقيون، ويعتبرون نماذج حقيقية لغيرهم” وتضيف “وفي كثير من الحالات، يشعر الناس الذين يقرأون قصص نجاحهم برغبة عميقة في القيام بأشياء عظيمة مثلها”.

ولكي تجد قاعة المشاهير الوطنية قصص نجاح المخترعين المحفزة هذه، تبحث إدارتها عن المخترعين وتستقبل الترشيحات عبر موقعها الالكتروني على مدار العام. وعلى الرغم من أن أي شخص يمكن أن يكون مرشحاً سواء أكان حياً أو ميتاً ومن أي بلد كان -وقاعة المشاهير الوطنية تحب قصص المهاجرين الملهمة- إلا أنه يجب أن يمتلك براءة اختراع أميركية. فعلى أية حال، يتمثل هدف قاعة المشاهير في لفت الانتباه لقوة تأثير براءات الاختراع.

يقول مايكل أويستر، المدير التنفيذي لقاعة المشاهير الوطنية للمخترعين: “إن نظام براءات الاختراع لدينا عريق ويعود إلى 230 عاماً”. ويضيف: “إننا نمثل حتى الآن أقدم اقتصاد للملكية الفكرية وأطوله عمراً”. وبعبارة أخرى، تقول بايفا: “إنه جزء لا يتجزأ من التاريخ الأميركي”.

إنك بلا شك تستطيع أن تجد جذور مكتب الولايات المتحدة الأمريكية للبراءات والعلامات التجارية في دستور الولايات المتحدة، حيث يمنح هذا المكتب الكونغرس القدرة على “تشجيع التقدم العلمي والفنون المفيدة وذلك بتأمين فترات زمنية محدودة للمؤلفين والمخترعين تعطيهم الحق الحصري في الاستفادة من مؤلفاتهم واختراعاتهم”. لكن خبراء البراءات مثل بايفا وأويستر يخشون أن الأميركيين الشباب يجهلون هذه القوانين الخاصة بالملكية الفكرية، ويخشون أن العجز على إثبات الملكية الفكرية لاختراعاتهم وكسب الأرباح منها قد يحدّ من ابتكار المخترعين الناشئين.

وهنا يأتي دور قاعة المشاهير. ففي كل عام، تُشرف لجنة الاختيار على تقدير حجم التأثير الذي حققه المرشحون في المجتمع والاقتصاد. وبناءً على ذلك، تقلص اللجنة قائمة المرشحين، إلى أن تختار في النهاية ستة مخترعين أحياء وأربعة من المخترعين المتوفين الذين أثرت اختراعاتهم بعد وفاتهم.

يقول أويستر: “إنهم أناس عظماء صامتون في مجال العلوم وتكنولوجيا الاختراعات، وعدا بعض الاستثناءات، معظمهم مغمورون لا يعرفهم أحد”. ويأمل أويستر أن يغير ذلك من خلال تكريم هؤلاء المخترعين في حفل الافتتاح السنوي لقاعة المشاهير في أيار/مايو.

وسنستعرض هنا بعض الاختراعات المحققة التابعة لفئة العام 2018 أما إن أردت الاستزادة، فتستطيع أن تقرأ عنهم في الموقع الرسمي لقاعة المشاهير الوطنية للمخترعين.

المخترعون المكرّمون سنة 2018 في قاعة المشاهير الوطنية للمخترعين.
مصدر الصورة: قاعة المشاهير الوطنية للمخترعين، فئة العام 2018.
لمزيد من المعلومات حول المخترعين المُكرمين سنة 2018، يمكنك الاطلاع على موقع قاعة المشاهير الوطنية للمخترعين على شبكة الإنترنت.

تركيب الدنا

في عام 1985، نشر عالم الكيمياء الحيوية مارفين كاروثرز، رفقة باحثين آخرين في جامعة كولورادو – بولدر ملخصاً لعمله في التركيب الكيميائي للحمض النووي. حوّلت هذه القدرة على تركيب هذه الجزيئات بسرعة، حمض الدنا من مجال متخصص في البحث العلمي إلى أساس بُني عليه كامل مجال التكنولوجيا الحيوية الحديث.

التلفزيون الرياضي

لا يتسائل الكثير من الناس أثناء مشاهدة مباراة كرة قدم أميركية على شاشة التلفزيون عن خط بداية اللعبة (وهو خط وهمي يظهر فقط على شاشة التلفاز)، لكن نظام 1st & 10  الذي يكمن وراء هذا الرسم الغرافيكي يدين بوجوده إلى البحار ورجل الأعمال ستان هاني. لا تقتصر إنجازات هاني على عمليات بث مباريات كرة القدم، بل ساهم هاني كذلك بابتكارات مرئية للبيسبول وناسكار وغيرها من الألعاب الرياضية.

جسيمات نانوية لأسنانك

لقد تقدمت تكنولوجيا طب الأسنان كثيراً جداً عما كانت عليه في تلك الأزمنة القديمة الرهيبة حين كان الحلاقون يقتلعون أسنان مرضاهم دون تخدير. أما في زمننا فهذه فقد طور باحثون مثل سوميتا ميترا، وهي عالمة تعمل لدى شركة تصنيع تدعى ثري ام (3M) مواداً متقدمة -على وجه التحديد مادة حشو تحتوي على جسيمات نانوية- لمساعدة أطباء الأسنان على الحفاظ على أسنانك بيضاء تلمع. إن اختراع ميترا الذي ساهم في إصلاح 600 مليون فم، أقوى وأمتن ويبدو أكثر طبيعية من غيره من المركبات في طب الأسنان.

شاشات أفضل

هل تستمتع برؤية الصور الجميلة على شاشة هاتفك الآيفون اكس؟ يمكنك أن تشكر على ذلك تشينغ وان تانغ وستيفن فان سليك، علماء الكيمياء الذين اخترعوا تكنولوجيا الصمام الثنائي العضوي الباعث للضوء والتي تسمى اختصاراً OLED. إن تكنولوجيا الأوليد (OLED) تضيء بكسلات الصور بشكل منفصل، مما ينشئ تبايناً أفضل ويستهلك طاقة أقل من الشاشات الأخرى. وفضلاً عن شاشة الآيفون، يمكنك أن تجد هذا النوع من الشاشات في أجهزة الحاسوب والتلفزيونات الذكية.

زراعة الأعضاء.

إن العالم والطبيب الجراح بول تيراساكي لم يخترع زراعة الأعضاء. ولكن من دون اختبار الأنسجة الذي طوره، والذي يحدد ما إذا كان العضو المتبرع به سيتوافق مع المستقبِل المعني، لا يستطيع الأطباء أن يوفروا القلوب والرئتين والأعضاء الأخرى لمن يحتاجون إليها. ابتكر تيراساكي (المتوفى) أيضاً عدة اختراعات أخرى في مجال زراعة الكلى، مثل تطوير نظام التخزين البارد وإنشاء سجل لزراعة الأعضاء.

تنظيف الأرض والفضاء

إن المذيبات المُكلوَرة مركبات رائعة في كشط السخام الدهني مثل الزيوت والشمع عن المعدن، وهذا هو سبب اعتماد برنامج الفضاء عليها في أيامه الأولى. لكن الأمر المؤسف هو أنها كذلك مواد مسرطنة تلوث الكثير من التدفقات المائية. وبغية التخلص منها، ساعدت مهندس ناسا جاكلين كوين على تطوير مستحلب حديد زيرو فالنت، وهو مادة تسحب بسرعة الملوثات البيئية -مثل المذيبات المكلورة- خارج المياه الجوفية.

الاسباندكس

إذا كنت ترتاد الصالة الرياضية بانتظام، فمن المحتمل جداً أن لديك على الأقل ثوباً واحداً مصنوعاً من ألياف الإسباندكس. قام الكيميائي جوزيف شيفرز (متوفى) بتطوير الألياف القابلة للتمدد، والتي تحمل اسم العلامة التجارية ليكرا (Lycra)، في شركة دوبونت (DuPont) في خمسينيات هذا القرن. وفضلاً عن استعمالها لإبقائك مستوراً أثناء التمارين الرياضية، تم استخدام هذه المادة في السيارات والأثاث وغيرها من التطبيقات المفيدة الأخرى.

أجهزة ضبط الحرارة

عندما تشعر بالبرد الشديد أو السخونة المفرطة، تستطيع أن تلقي خشبة أخرى في الموقد أو تضبط المكيف على أقصاه. أو إن لحقتك فوائد عمل البروفيسور وارن جونسون (متوفى) يكفي أن تضبط جهاز منظم الحرارة خاصتك لتحصل بالضبط على درجة الحرارة التي تريدها. إن نظام وارن جونسون الذي اُخترع في الأصل لضبط جو الفصول الدراسية المنفصلة، وجد طريقه لاستخدامه في كل مبنى تجاري تراه حولك.

تقنيات التبريد الآمن

أصبح الأميركيون في النصف الأول من القرن العشرين يحبون استهلاك الأطعمة التي تأتي مشحونة من أماكن بعيدة. هكذا انشغلت ماري إنغل بينينغتون (متوفاة) بصفتها مديرة مختبر في إدارة الغذاء والدواء وعالمة كيمياء ومهندسة تبريد بمسألة ضمان أن هذه المواد التي تتلف بسرعة آمنة للاستهلاك البشري حتى بعد نقلها وتخزينها لفترات طويلة. وبفضل دراستها كيفية تأثير التبريد على صلاحية الطعام، أنقذت ماري -بكل معنى الكلمة- الأرواح ورسمت الطريقة التي لا نزال نستعملها الآن لحفظ الأغذية.

تأمين التسوق على شبكة الانترنت

لو كان شرائك أحد الأغراض من أمازون يضر ببطاقة ائتمانك، فلا بد أنك ستتوقف عن شراء الأغراض من الانترنت. ولكن هذا لا يحدث بفضل تأمين الاتصال على الشبكة عبر طريقة تدعى تشفير الآر اس ايه (RSA)، وهي الطريقة المستعملة الآن في كل عملية شراء عبر الإنترنت تقريباً. والآن مرحى، يمكنك أن تلوم مطوريها -رونالد ريفيست، آدي شامير وليونارد أدلمان- لأن هذا الأمان الرقمي جعلك تنغمس بإسراف في شراء الكثير من الأغراض على الانترنت!

اتصال لاسلكي أسرع

وبالحديث عن الأنترنت من المرجح أنك متصل بشبكة واي فاي أو شبكة 4G لقراءة هذا المقال. تعتمد هذه الاتصالات السريعة على تكنولوجيا تعدد المدخلات وتعدد المخرجات، وهي تقنية طورها مهندس الكهرباء أروجياسوامي بولراج. ومن خلال هذه التكنولوجيا ترسل عدة هوائيات المعلومات وتستقبلها، مما يسمح للشبكة أن تنقل البيانات بشكل أسرع وتغطي مساحة أكبر.

الهوائيات المناسبة

إن بولراج ليس المخترع الوحيد في مجال الهوائيات في قائمتنا هذه. فالمهندس هوارد جونز الابن (متوفى) اخترع أيضاً مصفوفات خفيفة ومسطحة تعرف باسم الهوائيات المطابقة. إن شكل هذه الهوائيات يتيح لها أن تندرج ضمن معدات انسيابية مثل الصواريخ والقذائف دون التسبب بعائق احتكاك أو إضافة وزن زائد. وقد كان لهذا الاختراع أثر كبير جداً على برنامج الفضاء الأميركي وأنظمة الدفاع العسكرية في عصرنا هذا.