هل نشعر بحر الصيف لأن الأرض تقترب من الشمس؟

أرض وشمس .... وصيف
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مطلع القرن السابع عشر، قدّم الفلكي الألماني يوهانس كيبلر إلى الأوساط العلمية قوانينه الثلاثة المتعلقة بحركة الكواكب حول الشمس. ونتيجة للقانون الأول فإن مدار الأرض حول الشمس هو مدار إهليليجي تشكل الشمس أحد محرقيه، بكلمات أخرى فإن الأرض تقترب من الشمس تارة وتبتعد تارة أخرى. قد يميل البعض لربط حركة الأرض هذه باختلاف الفصول، فالأرض تقترب من الشمس فترتفع حرارتها ويحل فصل الصيف، وبذات الطريقة يحل الشتاء عندما تولي الأرض مبتعدة عن مركز المجموعة الشمسية. لكن الحقيقة العلمية مغايرة تماماً لهذا النمط من الاستنتاج.

لو أن الأمر صحيح لمر كامل كوكب الأرض بذات الفصول بذات الأوقات من السنة، بينما نحن نعلم أنه بينما يتمتع سكان نصف الكرة الشمالي بفصل الصيف، يكون سكان النصف الجنوبي جالسين حول المدفأة اتقاءً لبرد الشتاء.

كذلك يمكن برهنة عدم وجود علاقة بين تغير الفصول والمسافة بين الأرض والشمس بكون الفرق بين أقرب نقطة للأرض من مركز المجموعة الشمسية وأبعد نقطة عنها هي حوالي 4 ملايين كيلومتر فقط. فالأرض تقترب من الشمس لمسافة حوالي 147 مليون كيلومتر مرتين بالسنة، وتبتعد لمسافة حوالي 152 مليون كيلومتر أيضاً مرتين بالسنة، وبالتأكيد لن يحدث هذا الفرق الضئيل تلك الفروقات الحرارية الكبيرة بين الصيف والشتاء.

وأخيراً سنبرهن بالدليل القاطع على هذا الأمر، إذا علمنا أنه وبينما يعاني أجزاء من الوطن العربي من مرتفع جوي كبير يزيد معاناة الصيف ضغثاً على إبالة، أعلن موقع سبيس Space الإلكتروني أن الأرض ابتعدت لأبعد مسافة عن الشمس يوم الإثنين الماضي (3 يوليو) لتسجل 152,092,505 كم وهي أبعد نقطة تصل إليها هذا العام. فهل من برهان أفضل من هذا؟

أي أن الواقع معاكس تماماً للفكرة التي قد تخطر للوهلة الأولى، فنحن نبتعد عن الشمس في الصيف ونقترب بالشتاء، ولأن الأرض تتحرك بسرعة أكبر عندما تقترب من الشمس، يكون الشتاء أقصر الصيف بخمسة أيام.

أما السبب الحقيقي لاختلاف الفصول فهو ميلان محور الأرض 23.5 درجة مئوية، مما يجعل أحد نصفي الكرة الأرضية أقرب إلى الشمس بينما الآخر أبعد. هذا الأمر يغير من الزاوية التي تدخل بها أشعة الشمس إلى الأرض وبذلك تختلف درجات الحرارة صعوداً أو هبوطاً.

وبغض النظر عن معاناة حر الصيف وبرد الشتاء، لنشكر الله على أننا لا نعيش على كوكب عطارد حيث يمكن أن ترتفع الحرارة إلى 430 درجة مئوية وأن تنخفض إلى -170 درجة مئوية، واننا لسنا من سكان جارنا كوكب الزهرة حيث لا توجد فصول بل تمر الأيام والسنين بذات الوتيرة، عدا عن كون اليوم أطول من السنة على سطح ذلك الكوكب! (سنة الزهرة تعادل 225 يوم أرضي بينما يومها يعادل 243 يوم أرضي).