ما هي القبة الحرارية؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطرها؟

4 دقيقة
مميتة للإنسان ومهددة للبيئة: ما هي القبة الحرارية التي تُخيّم على بعض البلدان العربية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Lamyai

يستغل البشر الطقس خلال فصل الصيف في الرحلات إلى الشاطئ وتناول الآيس كريم والاستمتاع بوقتهم تحت أشعة الشمس، لكن هذا الفصل يعرضنا أحياناً لطقس مزعج جداً وخطير. على وجه التحديد، يتجلى ذلك في الحرارة الشديدة والجيوب العنيدة من الضغط العالي والهواء الساخن التي تحمل بلغة العوام اسم "القبب الحرارية".

ما هي القبة الحرارية؟

تتشكل القبة الحرارية عندما يكون الهواء الساخن محتجزاً فوق منطقة من الأرض فترة طويلة من الزمن، كما يحدث عندما نضع غطاء على وعاء ماء يغلي للحفاظ على الحرارة. يؤدي هذا الارتفاع في درجة الحرارة الذي يدوم فترة طويلة فوق منطقة محددة إلى موجة حر شديدة وخطيرة.

قال عالم الأرصاد الجوية وعالم المناخ، إريك كيلسي، لبوبيولار ساينس: "مصطلح 'القبة الحرارية' جديد نسبياً في المعجم، وهو يشير إلى منطقة واسعة يملؤها الهواء الدافئ، أي كتلة هوائية دافئة جداً تترافق مع ارتفاع في الضغط الجوي. تحظى هذه الظاهرة بالكثير من الاهتمام لأنها تدوم في منطقة ما فترة طويلة بما يكفي لتسبب تأثيرات صحية كبيرة لدى البشر والأنواع الأخرى".

في الحالة الطبيعية، يتحرك التيار النفاث تبعاً لنمط شبيه بالموجات؛ إذ إنه يتجه شمالاً ثم جنوباً ثم شمالاً مجدداً. إذا أصبحت هذه التقلبات في التيار النفاث أشد، فإنها ستتباطأ وتصبح ساكنة. عندها، يثبت الضغط المرتفع في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى حبس الهواء. تتشكل هذه القبب الحرارية عادة فوق كتل اليابسة الكبيرة خلال أشهر الصيف.

قال كيلسي: "ينقلب اتجاه التيار النفاث في فصل الصيف نحو القطب الشمالي، أو نحو الشمال بما أننا في نصف الكرة الشمالي. عندما يحدث ذلك، فإن التيار النفاث لا يتحرك كثيراً، فضلاً عن أن أنماط الطقس المرتبطة به لا تتغير بقدر كبير. يؤدي ذلك إلى ارتفاع درجة حرارة كل من المنطقة الواقعة جنوب التيار النفاث، والتي يسودها الضغط المرتفع، والكتلة الهوائية المرتبطة به".

تسبب أشعة الشمس ارتفاعاً إضافياً في درجة الحرارة، إضافة إلى أن هذه المنطقة لا تحتوي غالباً على الغيوم بسبب ارتفاع الضغط الجوي، ما يعني أن سطح الأرض يتعرض للإشعاع الشمسي مباشرة.

الظاهرة المعاكسة للقبة الحرارية هي الدوامة القطبية، التي تحدث عندما يتحرك هواء القطب الشمالي البارد جنوباً ويسكن في مكانه.

اقرأ أيضاً: كيف تحمي أجهزتك الإلكترونية من ارتفاع الحرارة صيفاً؟

ما هو دور الرطوبة في القبة الحرارية؟

المقولة القديمة "الحرارة ليست المشكلة، بل المشكلة هي الرطوبة" تصف القبب الحرارية بدقة. في الولايات المتحدة، تتبخر المياه الدافئة في خليج المكسيك وأجزاء من المحيط الأطلسي مطلقة بخار الماء في الهواء خلال فصل الصيف.

قال كيلسي: "تقع المناطق التي يسودها الضغط السطحي المرتفع، مع القبب الحرارية، في مكان ما حول الساحل الشرقي للولايات المتحدة أو قبالته. لذلك، نطلق على هذه المناطق اسم 'مرتفع برمودا الجوي'. أما المنطقة حول الجانب الغربي من منطقة الضغط المرتفع فتسودها رياح جنوبية تنقل الرطوبة من خليج المكسيك تجاه الشمال عبر السهول الكبرى ووادي نهر أوهايو".

على الساحل الغربي للولايات المتحدة، يؤثر المحيط الهادئ وخليج كاليفورنيا قبالة المكسيك في أنظمة الضغط العالي على نحو مشابه.

في شرق البلاد وغربها، يمكن أن ترفع الكمية الإضافية من بخار الماء رطوبة الهواء. يشكل هذا المزيج من الحرارة والرطوبة خطراً على صحة البشر وقد يسبب الأمراض المرتبطة بالحرارة.

اقرأ أيضاً: كيف تحمي جسمك من التجفاف في أيام الصيف الحارة؟

لماذا تتحرك القبب الحرارية؟

الجواب بسيط جداً: الرياح وأنظمة الضغط المنخفض.

قال كيلسي: "عندما يتحرك التيار النفاث جنوباً ويكتسب شكل حرف 'يو'، فإننا نسميه 'غوراً'، ونسمي المناطق التي يتجه فيها هذا التيار شمالاً 'التلال'. التل هو المنطقة التي يتحرك فيها الهواء الدافئ تجاه الشمال، بينما الغور هو المنطقة التي يتحرك فيها الهواء البارد تجاه الجنوب".

عندما يتحرك التيار النفاث جنوباً تجاه خط الاستواء، تولد هذه الحركة نظام ضغط منخفض وتساعد على تحريك القبة الحرارية شرقاً تجاه المحيط. بمجرد أن تصبح القبة فوق المحيط، تصبح درجات الحرارة السطحية أخفض، ما يخفض درجة حرارة القبة.

اقرأ أيضاً: كيف تستمتع بنشاطات فصل الصيف دون أمراض؟

هل يزداد تواتر القبب الحرارية بسبب التغير المناخي؟

ليس من المستغرب أن الإجابة هي نعم.

قال كيلسي: "شهدنا تشكل القبب الحرارية الأشد على نحو متكرر. لا شك في أن سبب ارتفاع شدة هذه القبب الحرارية هو أن التيار النفاث يتحرك أكثر في المتوسط تجاه الشمال في نصف الكرة الشمالي، خاصة في فصل الصيف".

يعتقد علماء المناخ أن القبب الحرارية ذات درجات الحرارة القياسية التي شهدها جنوب غرب الولايات المتحدة عام 2023 "لم تكن لتتشكل دون التغير المناخي". شهدت بالفعل أجزاء من أوروبا والصين هذا العام ارتفاعاً في درجات الحرارة؛ إذ تجاوزت هذه الأخيرة 37 درجة مئوية. كما شهدت أستراليا أحر 12 شهراً على الإطلاق.

اقرأ أيضاً: ما لون الملابس الذي يحميك من أشعة شمس الصيف؟

كيف تحافظ على سلامتك في الحر الشديد؟

عندما ترتفع درجات الحرارة، يجب أن تستهلك كمية أكبر من الماء. تؤدي الحرارة والرطوبة إلى ارتفاع معدل التعرق بهدف تبريد الجسم، لذا من المهم أن تعوض كمية الماء التي يفقدها جسمك قدر الإمكان. يجب أيضاً أن تجري أنشطة الهواء الطلق مثل البستنة أو الجري في ساعات الصباح الباكر أو المساء بدلاً من الأوقات الأشد حرارة خلال النهار. قضاء الوقت في الأماكن المكيفة، سواء في المنزل أم مراكز التبريد المحلية، ضروري جداً خلال فترات الحر الشديد الطويلة.

قال كيلسي: "تبدأ أعراض أمراض الحرارة بالظهور عادة بعد يومين أو ثلاثة أيام من التعرض للحر الشديد، لأن الجسم لم يبرد نفسه خلال الـ 72 ساعة الأخيرة". تبريد الجسم باستخدام التكييف إن أمكن مهم بصورة خاصة إذا كنت تعيش في مدينة؛ إذ إن تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية قد يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة مقارنة بالضواحي أو المناطق الريفية التي تتمتع بغطاء شجري ومساحات خضراء أكبر عموماً. قال كيلسي: "قد يصل الفرق في درجات الحرارة إلى 2.8-3.3 درجات مئوية، وهذا فرق له تأثير كبير في الراحة والصحة". تساعد مراوح السقف والمكتب والأرضية على تحريك الهواء وتوليد النسيم. مع ذلك، استخدام المراوح محدود الفعالية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك التغلب على الكسل والتعب في الصيف الحار؟

قال كيلسي: "قد تؤدي المراوح في الواقع إلى زيادة الشعور بالحر؛ إذ إنها مفيدة فقط إذا لم تكن درجة الحرارة مرتفعة جداً، لكن إذا تجاوزت درجة حرارة الهواء 37 درجة مئوية وكانت الرطوبة منخفضة نسبياً، فإن التعرض للهواء الأسخن من الجسم، الذي يجب أن تظل درجة حرارته عند 36.6 درجة مئوية، سيرفع درجة الحرارة أكثر من غيابه. ينخفض معدل التعرق في الطقس الحار والجاف للحفاظ على الماء، ما يعني أن التبخر ليس كافياً لموازنة الحر". مع ذلك، المراوح فعالة في الأجواء الحارة والرطبة، التي يتعرق فيها الجسم بما يكفي لتبريده بفعل التبخر.

المحتوى محمي