باحثون يكشفون تلوثاً خطيراً بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة في بحيرة البرلس المصرية

3 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/SIVStockStudio

كشفت دراسة مصرية أن بحيرة البرلس، ثاني أكبر بحيرة في مصر وإحدى أهم المسطحات المائية البيئية والاقتصادية الحيوية فيها، تتأثر بنسبة تلوث عالية الخطورة بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة، تشمل كافة أنحاء البحيرة، ما يُعرّض صحة الإنسان والكائنات الأخرى للخطر.

التلوث البلاستيكي في بحيرة البرلس المصرية

بحيرة البرلس هي أرض رطبة ساحلية ومنطقة محمية في الجزء الأوسط من ساحل الدلتا على البحر الأبيض المتوسط في مصر. وتُعدّ منطقة مُعترف بها دولياً على أنها أرض رطبة محمية، وهي مصدر لإنتاج ما يقارب 60% من الثروة السمكية في مصر، وخاصة الأنواع ذات القيمة الاقتصادية العالية مثل الدنيس والقاروص والبوري. كما أنها موطن لأكثر من 135 نوعاً نباتياً، وموطن رئيسي للطيور المهاجرة.

تؤثر الجسيمات البلاستيكية الدقيقة سلباً على الكائنات الحية، فهي تؤثر على التعبير الجيني، وتؤدي إلى موت الخلايا، وتُضعف النمو والتكاثر وسلوك التغذية، ما يجعل آثار التلوث بعيدة المدى.

اقرأ أيضاً: ما هي مخاطر الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مياه الشرب؟ وهل يمكن إزالتها؟

نُشرت الدراسة في أبريل/ نيسان 2025 في دورية "ساينتفيك ريبورتس". وأظهرت نتائجها أن عينات المياه المأخوذة بالقرب من قنوات الصرف الصحي تحتوي على نحو 835 جسيماً بلاستيكياً دقيقاً في المتر المكعب الواحد، وهذه النسبة أعلى من تركيزها في مياه البحيرات المفتوحة بـ 5 أضعاف. 

تتوزع الجسيمات البلاستيكية الدقيقة التي تلوّث البحيرة على 8 أنواع مختلفة من البوليمرات البلاستيكية الشائعة في تصنيع المنتجات الاستهلاكية والصناعية، مثل المخلّفات البلاستيكية التي تُستخدم مرة واحدة، بما فيها الأكياس البلاستيكية ونايلون تغليف الأغذية والأغشية الزراعية وقوارير المياه ومعدات الصيد، ومنتجات التعبئة والتغليف والمنسوجات وألياف البوليستر والمنتجات الاستهلاكية والتيفلون، ما يشير إلى التخلص غير السليم من النفايات.

وجد الباحثون أيضاً أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة صغيرة الحجم جداً ومن السهل أن تبتلعها مجموعة متنوعة من الكائنات البحرية، بما فيها اللافقاريات والأسماك، وخاصة سمك البلطي النيلي الذي يُعدّ مصدراً رئيسياً للبروتين لملايين المصريين. بالإضافة إلى ذلك، تسبب الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تلفاً للخلايا واضطرابات تكاثرية لدى الأسماك، ما يؤثر على سلامة الغذاء وصحة الإنسان.

يصل التلوث إلى البحيرة عن طريق جريان مخلفات الزراعة، وتصريف نفايات المدن، وتصريف ملوثات المناطق الصناعية المجاورة. وبالتالي فالأجزاء الجنوبية من البحيرة (وهي أماكن انتشار المزارع السمكية) أظهرت أعلى مستويات التلوث، وهي الأجزاء التي تصل إليها مخلفات مياه الصرف الصناعي والزراعي، والتي تُعدّ المصدر الرئيسي للتلوث الشديد.

وجد الباحثون أيضاً انتشاراً لجزيئات دقيقة ثانوية، على شكل خيوط وشظايا، وهما شكلان من الملوثات ينتشران في البحيرات الساحلية في جميع أنحاء العالم. تصل إلى المسطحات المائية من خلال مسارات مختلفة، بما فيها تصريف مياه الصرف الصحي، والترسيب من الغلاف الجوي، والشحن، وأنشطة الصيد، وتصريف النفايات المنزلية التي تحتوي على المنسوجات. في الدراسة الحالية، يرتبط وجود الخيوط بدرجة رئيسية بالصرف الصحي وتصريف المياه المنزلية.

اقرأ أيضاً: البكتيريا الخطيرة تزدهر على الألياف البلاستيكية في البحر الأبيض المتوسط 

أسباب تلوث بحيرة البرلس المصرية

ربطت الدراسة أسباب التلوث بتوليد النفايات في منطقة الدلتا في مصر، وهو ما يرتبط بقضايا حرجة تشمل:

  • ضيق المساحة الحضرية المحيطة بالبحيرة وارتفاع إنتاج النفايات في الأحياء المكتظة بالسكان، وبُعد المسافات بين مواقع التخلص من النفايات ونقاط توليدها ما يُصعّب عملية نقلها.
  • عدم وضع سياسات واضحة تُحدد أدوار كلٍّ من القطاعين العام والخاص في تخطيط برامج فعّالة لإدارة النفايات وتنفيذها، بالإضافة إلى ضعف التشريعات وعدم كفاية مرافق إعادة التدوير الذي يحدّ الالتزام بالمعايير البيئية.
  • عدم وجود محطات استقبال ومواقع طمر مناسبة ومتوافقة مع اللوائح البيئية، ما يعوق نقل النفايات والتخلص منها بفعالية. كما أن محطات إعادة التدوير الحالية غير فعالة ولا تلبي معايير الصحة والسلامة.
  • الافتقار إلى الصناعات المتماسكة التي تتوافق مع مواصفات النفايات المحلية وظروف السوق ما يؤدي إلى تعقيد جهود إدارة النفايات بدرجة أكبر.

لحل هذه المشكلات، تدعو الدراسة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لاحتواء أزمة التلوث المتفاقمة تشمل إصلاح أنظمة جمع النفايات ومعالجتها ومنع وصولها إلى البحيرة، إلى جانب تشديد الرقابة على التلوث الصناعي وزيادة الوعي العام للحد من استخدام البلاستيك، ووضع برامج عمل لنظام متكامل لإدارة النفايات وجمعها يشمل جميع مستويات الحكومة والقطاع الخاص، وتنفيذ تدابير لمنع تراكم النفايات وحرقها في المناطق الحضرية والريفية، مع معالجة الإلقاء غير القانوني للنفايات بإغلاق المواقع القائمة، وتحديد مناهج الإدارة لتخفيف التلوث بالبلاستيك في البحيرات الساحلية المتوسطية للسيطرة على انتقال النفايات البلاستيكية إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، وذلك قبل انتشار الضرر البيئي والاقتصادي لبحيرة البرلس ووصوله لمستويات لا رجعة فيها.

المحتوى محمي