هكذا كانت تبدو نيويورك قبل 400 عام

حقوق الصورة : Pixabay
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا يمكن السفر عبر الزمن إلا في اتجاه واحد، هو اتجاه عقرب الثواني في الساعة. فنحن لا نستطيع القفز إلى الماضي أو المستقبل، ولكننا على أية حال سنستمتع بأخذ بعض الراحة من الحاضر، فربما أصبح بإمكانك أن تستمع إلى الهمس الآتي من أربعة قرون خلت.

ابتداءً من الثاني من مايو ولغاية الثامن منه، كان زوار معرض ووندرفول بيهافيورز Wonderful behavior في نيويورك على موعد مع واقع افتراضي حمل إليهم أصواتاً قادمة من الماضي. وتضمن المعرض 1609 منظر طبيعي لأربعة مواقع مختلفة في مدينة نيويورك قبل أن يصل الأوروبيون إلى مانهاتن. وإن كنت لم تستطع حضور هذا المعرض، فلا تحزن، فما زال بإمكانك أن تعيش هذه التجربة في السفر عبر الزمن بزيارة موقع المشروع.

قام بإنجاز هذا العمل السمعي البصري المسمى: “نداء الرعد: التاريخ المجهول لنيويورك” مشروع ماناهاتا الذي يديره إريك سانديرسون. وقد بدأ ساندرسون منذ عام 1999، بفهرسة وتوثيق البيئة الطبيعية التي كانت عليها جزيرة مانهاتن قبل وصول الأوروبيين إليها. وتضمن هذا الأمر البحث عن الخرائط، والسجلات التاريخية، وعينات التربة، ومعلومات أخرى تمثل مجتمعةً الحال التي كانت عليها الجزيرة، والأحياء التي كانت تعيش فيها قبل أن يمهدها المستوطنون الجدد ويزرعوها بناطحات السحاب.

يخترق الضجيج الذي يسببه النشاط البشري كل جزء من نيويورك، حتى في أكثر المناطق بريةً في مانهاتن الحديثة، كحديقة إنوود هيل بارك، وذلك بدرجة أكبر بكثير من المناطق الأخرى من العالم. يأخذك التعليق الصوتي لفيلم “نداء الرعد” الذي صممه المصمم التفاعلي ديفيد الإبراهيم ومنتج الصوتيات بيل ماكواي، من واقعك الحالي إلى الزمن الذي كان فيه غناء الطيور وتكسّر الأمواج سائدة بدلاً من أصوات أحاديث البشر وضجيج الزحام.

بدأت الفكرة مع الإبراهيم وماكواي بدراسة إمكانية اكتشاف التاريخ الطبيعي لحديقة مدينة صغيرة من خلال الواقع الافتراضي. ولكن عندما بدأا في البحث في الكم الهائل من البيانات التي جمعها مشروع سانديرسون، والذي أصبح اسمه اليوم ويليكيا، أخذ المشروع أبعاداً جديدة، ما أتاح لهما توسيع مجال عملهما من مشروع موقع محدد إلى مشروع يمكن تطبيقه في مختلف المناطق في العالم. يقول ماكواي: “تعتبر نيويورك أيقونة للطبيعة المدنية، ولكنها ككثير من المدن الأخرى، حديثة التنمية بالنظر إلى ما كانت عليه قبل 400 عام”.

تظهر في الفيديو البانورامي أصوات حديثة من أربعة مواقع، وتتلاشى تدريجياً لتحل محلها أصوات الضجيج، بينما تتلاشى صور المناظر الطبيعية لتحل محلها خطوط تمثل الأشجار أو المناظر الطبيعية. يقول الإبراهيم: “أعتقد أن بيل قام بالعمل على أكمل وجه. لقد كانت الصور أشبه بكتاب تلوين تقوم فيه بملء المشاهد الصوتية بخيالك”. وقد حاولا عمل الأصوات بدون أي صور على الإطلاق، ولكن ردود الأفعال الأولى من المشاركين كشفت أن قلة الصور كانت مشتِّتة أكثر من كونها افتراضية. وقد سمحت بعض الرسوم التوضيحية للمستمعين بالاندماج التام مع الصوت.

وكان الفريق قد حصل على المادة الصوتية من مكتبة ماكاولي في مكان عمل ماكواي في مختبرات كورنيل المتخصصة في علم الطيور، والتي تضم ملايين الأصوات المتعلقة بالحياة البرية من مناطق مختلفة من العالم. وبمطابقة المنظر الطبيعي مع البيانات البيئية القادمة من مشروع ويليكيا، قام ماكواي بعمل تسجيلات ميدانية تعيد إنتاج أصوات القرن السابع عشر، مع تعديل الأصوات في قاعدة البيانات لتلائم ارتداد الصوت من الأشجار والمياه، وذلك لخلق تجربة صوتية بانورامية واقعية. وقد قام زملاء ماكواي من علماء الطيور بمساعدته في تحديد التقارب بين الأنواع المختلفة من الطيور المغردة أو الحيوانات الأخرى.

ويأمل ماكواي والإبراهيم بمتابعة العمل مع سانديرسون وقاعدة بياناته لبناء المشروع الذي لا يزال في مهده. وفي حال استمرار التمويل وتوفير المصادر، سيتمكنان من إحداث تجربة افتراضية لأي موقع في مانهاتن، حتى فيما يتعلق بردود الفعل الحسية الأخرى. ولا يبدو نقل تجربة العمل على الأصوات إلى العمل على الروائح التي كانت سائدة في مانهاتن أمراً سيئاً، ولكنهما في الوقت الحالي يركزان على جعل استعادة أصوات الماضي أمراً متاحاً على الأجهزة التي تحملها معك كل يوم.

يقول الإبراهيم: “لا يسعنا إلا أن نأمل أن نلقى اهتماماً أكبر بما لدينا وبما يمكن أن يكون. ما الذي يمكن أن يكون في المستقبل؟ من الممكن أن تكون هذه الجزيرة مختلفة تماماً عما هي عليه اليوم”.