بين انفجار الشمس وكوكب بديل: هذا ما نعرفه عن المستقبل البعيد

تسلية رواد الفضاء
shutterstock.com/Fer Gregory
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا يمكن التنبؤ بالمستقبل على وجه اليقين المطلق، لكن التطور الحالي في مختلف المجالات العلمية يسمح بالتنبؤ ببعض الأحداث المستقبلية البعيدة، على الأقل في الخطوط العريضة، وبالأخص في الفيزياء الفلكية، والتي توظف مبادئ الفيزياء والكيمياء لدراسة طبيعة الأجسام الفلكية، فضلا عن مواقعها وحركتها في الفضاء.

الكون بين التحلل الإشعاعي و«أدمغة بولتزمان»

يرجح الفيزيائيون أن الكون مسطح، مستدلين بنظرية «التضخم الكوني»، والتي تفترض أن الكون خضع لتوسع هائل بعد عدة ثوان من الانفجار العظيم. فبدأ بحجم ذرة، ثم بدأ في التوسع، وبالتالي يتوقع عدد من الفيزيائيين أن الكون في المستقبل البعيد لن ينهار على نفسه في وقتٍ محدد، ولكن من المحتمل أن المادة نفسها ستخضع في النهاية لتأثير «التحلل الإشعاعي»، وهي عملية تفقد من خلالها نواة ذرة غير مستقرة الطاقة عن طريق انبعاث الإشعاع؛ حتى أن المواد الأكثر ثباتاً ستنقسم إلى جزيئات دون ذرة.

يعتقد فيزيائيون آخرون أن المستقبل البعيد يسمح بحدوث عدد كبير من أحداث غير محتملة، مثل تكوين أدمغة بولتزمان، وهي نظرياً دماغ مكتملة التكوين تنشأ نتيجة تقلبات عشوائية نادرة للغاية بسبب حالة من التوازن الديناميكي الحراري، ومطابقة إلى حدٍ ما لدماغ إنسان؛ لكنها تفوق عدداً كبيراً من الأدمغة البشرية العادية، وستكون مراقب نموذجي للكون أو الأكوان المتعددة. أما نسبة الاحتمالات البشرية في حالة تكوين أدمغة بولتزمان ستكون أقل طموحاً، وأيضاً أقل غموضاً من الطرق الأخرى.

ذهاب فترة الدفء ومرحباً بالجليد

حصاد 2019, الصفائح الجليدية, مقالات علمية قصيرة

يعتقد الكثير من العلماء أننا نعيش اليوم في فترة دفء بين فترات جليدية باردة، ومن المتوقع أن الجليد سيعود بعد عدة آلاف من السنين ليغطي المناطق التي كانت تغطيها الأغطية الجليدية أثناء عصر «البليستوسين». وعلى هذا الأساس فإن عصر «الهولوسين» (العصر الحديث)؛ هو استمرار لعصر البليستوسين من حيث توزع القارات والمحيطات والكائنات الحية. غير أنّ تراجع الجليديات إلى مواقعها الحالية قد خلّف الكثير من البحيرات الكبيرة في المناطق التي كانت تغطيها.

في بضع عشرات الآلاف من السنين من الآن، سيتعين علينا التعامل مع نهاية الفترة الدافئة الحالية، والدخول في الفترة الجليدية. نجا أسلافنا من العصور الجليدية، لذا من غير المحتمل أن يكون الأمر كبيراً، باستثناء أنهم كانوا من الصيادين الرحل وليسوا أصحاب حضارة عالمية، وربما لا يتحمل الإنسان الحالي هذا المناخ، ولكن قد نتطور إلى شيءٍ آخر، حيث تسمح لنا التقنية الحيوية بتعديل جيناتنا عن عمد. ومن غير المرجح أن نظل على حالنا؛ إلا إذا اتخذنا قراراً متعمداً بالحفاظ على علم الوراثة لدينا، ويمكننا اتخاذ هذا القرار وفقاً للجدول الزمني الجيولوجي.

ستخرج شمسنا من السحابة المحلية بين النجوم

الشمس

منذ حوالي 44 ألف إلى 150 ألف عام؛ دخل النظام الشمسي في سحابة تعرف بـ«السحابة البينجمية المحلية»؛ وهي مزيج من ذرات الهيدروجين والهيليوم، تبلغ درجة حرارتها ما يزيد عن 6 آلاف درجة مئوية، تقريباً نفس درجة حرارة الشمس. مع ذلك، فإن قدرتها الحرارية محدودة، لكن يرجح العلماء أن تغادر شمسنا السحابة المحلية بين النجوم بين 10 إلى 20 ألف سنة القادمة.

تقع السحابة البينجمية المحلية في منطقة ذات كثافة منخفضة من الوسط البينجمي، تعرف بـ«الفقاعة المحلية». وفي عام 2009، أشارت بيانات مسبار «فوياجر 2» إلى أن القوة المغناطيسية للوسط البينجمي المحلي كانت أقوى بكثير مما كان متوقعاً سابقاً. لكن يفسر وجود السحابة البينجمية -على الرغم من الضغط الذي تطبقه الرياح التي يهب على الفقاعة المحلية- هي أنها ممغنطة بقوة أكبر بكثير مما كان يعتقد من قبل. كما تمنع الرياح الشمسية والحقل المغناطيسي للشمس تأثيرات السحابة البينجمية المحلية المحتملة على الأرض. أما في حالة خروج الشمس من السحابة؛ فلا تزال الآثار المترتبة عليه غير معروفة بدقة.

الغروب الأخير: حين تتحول الشمس إلى عملاق أحمر

النجم العملاق الأحمر، هو نجم في المرحلة الأخيرة من تطور النجوم، وفيه يتحول نواة ذرات الهيدروجين بداخله إلى هيليوم عبر الاندماج النووي، ثم يتحول النجم بالتدريج إلى عملاق أحمر قرب انتهاء الهيدروجين. يصل قطر النجوم العملاقة الحمراء إلى ما يتراوح بين 100 مليون إلى مليار كيلومتر، أي ما يتراوح بين مئة إلى ألف ضعف حجم الشمس اليوم، ويحترق في نهاية المطاف. يعتقد علماء الفلك أن هذا سيكون مصير شمسنا أيضاً، فقد مضى على الشمس نحو 4.5 مليار سنة منذ تكونها من سحابة من عنصري الهيدروجين والهيليوم.

أظهرت بعض الدراسات أن الشمس المتوسعة سوف تغمر كوكبي عطارد والزهرة، بينما يظل المريخ بعيداً عن الشمس، لكن الأرض ظلت في منطقة من عدم اليقين بسبب موقعها بين تلك الكواكب. ووفقاً للدراسات، توجد فرصة ضعيفة مفادها أن الشمس ستفقد الكثير من الكتلة قبل أن تصبح كبيرة جداً، وستسمح للأرض بالهروب إلى مدار أوسع لأن الشمس تفقد قبضتها الجاذبية. أي أن الأرض قد تنجو بعد كل شيء، على الأقل ككوكب.

أجرى علماء الفلك البريطانيون محاكاة لتجربة إذا كانت الأرض ستنجرف إلى الشمس أثناء تحولها إلى نجمٍ عملاق أحمر أم لا، ووجدوا أن الأرض تدور داخل طبقات الشمس الخارجية منخفضة الكثافة، والتي ستكون السبب في جر ما يكفي من الأرض للانجراف إلى الداخل، ولن تتمكن قوى المد والجزر التي تسببها جاذبية الأرض في تجنب ذلك المصير. ستنجرف الأرض في النهاية إلى الشمس، وتتبخر، أي أن الكوكب أيضاً لن ينجو. يتوقع العلماء أن هذا سيحدث بعد حوالي 7.6 مليار سنة من الآن.

كوكب بديل: احتمالات الحياة أكبر في المستقبل البعيد

shutterstock.com/Gorodenkoff

تشير دراسة إلى أن احتمالات الحياة التي تتطور في جميع أنحاء الكون تزيد بمقدار ألف مرة في المستقبل البعيد عما هي عليه الآن، وقال الباحثون إن هذه النتيجة تشير إلى أن التحدث عن الحياة على الأرض قد تكون سابقة لأوانها في المخطط الكوني للأشياء. خلص مؤلفو الدراسة إلى أن فرصة الحياة ستزداد في المستقبل البعيد.

صمم مؤلفو الدراسة نموذجاً[1] لمدى احتمال ظهور الحياة في أي وقت طوال عمر الكون، ووجدت الدراسة أن النجوم القزمة هي التي تشكل بالفعل بعض التحديات الخطيرة لتطور الحياة في المستقبل البعيد، لأنها نشطة بشكل لا يصدق، وتطلق الكثير من الانفجارات القوية التي يمكن أن تجرد أجواء الكواكب التي يمكن أن تكون صالحة للسكن.