تساعد سرعة التحميل المذهلة لبيانات تلسكوب جيمس ويب في إيصال المعلومات لجمهور أوسع، ولكنها تتسبب أيضاً في ضغط كبير على علماء الفلك الذين يقومون بتحليل هذه البيانات. وكالة ناسا/كريس غن
إهداء هذه المقالة
هذه الميزة مخصصة للمشتركين يمكنهم مشاركة المواضيع بحد اقصى 10 مواد من كافة مواقع مجرة
التقط تلسكوب جيمس ويب الفضائي، الذي يعتبر أحدث وأكبر مرصد خارج أرضي ترسله وكالة ناسا، صوراً مدهشة للكون منذ شهر يونيو/ حزيران 2022. نشر علماء الفلك الذين يعملون على تحليل البيانات التي يرسلها هذا التلسكوب نتائجهم بسرعة كبيرة على الإنترنت، حتى قبل اكتمال عمليات معايرته. وكانت بعض هذه النتائج الجديدة ثورية، وهي تشمل أرصاد لأبعد المجرات المعروفة. أدّى تشغيل هذا التلسكوب إلى جدل ونقاش كبيرين بين الباحثين. هل يمكننا اعتبار أن العلماء يتهورون بنشر الأرصاد قبل خضوعها لمراجعة الأقران، متخلّين بذلك عن الصرامة العلمية مقابل الحصول على الفضل لأنهم أول من يكتشف اكتشافاً جديداً؟ بيانات تلسكوب جيمس ويب الفضائي مفيدة…
هذا المقال يحتوي معلومات مدققة علمياً لن تجدها في أي مكان آخر
التقط تلسكوب جيمس ويب الفضائي، الذي يعتبر أحدث وأكبر مرصد خارج أرضي ترسله وكالة ناسا، صوراً مدهشة للكون منذ شهر يونيو/ حزيران 2022. نشر علماء الفلك الذين يعملون على تحليل البيانات التي يرسلها هذا التلسكوب نتائجهم بسرعة كبيرة على الإنترنت، حتى قبل اكتمال عمليات معايرته. وكانت بعض هذه النتائج الجديدة ثورية، وهي تشمل أرصاد لأبعد المجرات المعروفة. أدّى تشغيل هذا التلسكوب إلى جدل ونقاش كبيرين بين الباحثين. هل يمكننا اعتبار أن العلماء يتهورون بنشر الأرصاد قبل خضوعها لمراجعة الأقران، متخلّين بذلك عن الصرامة العلمية مقابل الحصول على الفضل لأنهم أول من يكتشف اكتشافاً جديداً؟
بيانات تلسكوب جيمس ويب الفضائي مفيدة بجميع الأحوال
حالياً، يعتقد العديد من علماء الفلك أن النتائج الأولية التي يتم استقاؤها من بيانات تلسكوب جيمس ويب مفيدة بجميع الأحوال، ولكن أبلغ هؤلاء عن أنهم يعانون ظروف عمل مرهقة للغاية نتيجة اندفاعهم إلى العمل باستخدام مرصد جديد ورائد مثل تلسكوب جيمس ويب وتحليل كمية البيانات الهائلة التي يرسلها. يأمل علماء الفلك أن تتحسن ظروف عملهم في عام 2023 وما بعده؛ إذ إنهم سيسعون لإيجاد توازن ما بين نشر النتائج المثيرة بسرعة للعوام وتخصيص ما يكفي من الوقت لتوفير حقائق علمية رصينة.
يقول عالم المشروع في مهمة تلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي يعمل في معهد علوم التلسكوبات الفضائية، كلاوس بونتوبيدان (Klaus Pontoppidan): "شعرت بالحماس الكبير نتيجة قدرتنا على نشر الكثير من النتائج العلمية بسرعة"، ويضيف: "هذه هي آلية عمل العلم، إذا اتضح وجود بعض المشكلات في معايرة التلسكوب، سيتم اختبار ذلك من قبل فرق بحثية أخرى، وسيتم حل هذه المشكلات لاحقاً".
في كل يوم، يرسل تلسكوب جيمس ويب 60 غيغا بايت من البيانات إلى الأرض، وتعادل هذه الكمية من المعلومات تلك التي يمكن تخزينها في هاتف آيفون عادي. قد لا تبدو هذه الكمية كبيرة، لكن تبلغ مساحة جميع البيانات التي أرسلها هذا التلسكوب حتى الآن 12 ألف غيغا بايت، وهي كمية تكفي لملء عدد من الحواسيب المحمولة التي تملأ بدورها غرفة كاملة، كما أن التلسكوب لن يتوقف قريباً عن إرسال البيانات. سيخضع كل بت من هذه البيانات القيّمة إلى التدقيق العلمي الصارم من قبل علماء الفلك، الذين يحاولون استخلاص أكبر كمية ممكنة من المعلومات عن الكون باستخدام تلسكوب جيمس ويب.
بدأت بعض عمليات تحليل البيانات فور تشغيل التلسكوب تقريباً من قبل برامج تحمل اسم علوم الإصدار المبكّر، والتي جعلت بيانات هذا التلسكوب متوفرة للعموم في شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز من عام 2022.
ماذا عن ضغط العمل الذي يرافق علماء التلسكوب؟
عملت عالمة الفلك في جامعة بريستول، هانا ويكفورد (Hannah Wakeford)، في بعض برامج الإصدار المبكر هذه. وعلى الرغم من أنها تشعر بالحماس نتيجة للمكتشفات العلمية الثورية الجديدة، فهي عانت من التواجد في بيئة عمل تتسبب في ضغط كبير؛ إذ إنها لم تتمكن من أخذ أي فرصة للاستراحة منذ منتصف شهر يوليو/ تموز 2022. انتقدت ويكفورد هذا النهج الذي يتم وفقه نشر النتائج بسرعة، وقالت إن "النشر السريع للنتائج ينتج أبحاثاً أقل جودة أو غير مكتملة. وإنه لا يمكن لوم العلماء أنفسهم بالضرورة على ذلك. بل إن اللوم يقع على الضغط الخارجي الهائل الذي يتعرضون له بهدف نشر النتائج".
من ناحية أخرى، يعتَبر عالم الفيزياء الفلكية في جامعة فرانكلن آند مارشال، رايان ترينر (Ryan Trainor)، أن هذا الاستعجال هو "جزء من آلية عمل العلم الحديثة، خصوصاً نظراً للضغط تجاه توثيق الاكتشافات الكبيرة الجديدة". لا يمكن أن نعتبر أن آراء ويكفورد وترينر متناقضة؛ إذ إن السباق بين العلماء للنشر هو جزء مقبول من العلم ومصدر خطر محتمل بنفس الوقت. بالنسبة للأشخاص الذين يسعون لإنشاء مسيرة مهنية في مجال علم الفلك، يعتبر نشر الأفكار قبل الجميع والحصول على الفضل في ذلك أمراً مكروهاً لا بُدّ منه.
تراقب الفرق الهندسية في مركز عمليات تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لوكالة ناسا في معهد علوم التلسكوبات الفضائية في مدينة بالتيمور عملية دوران جناح مرآة التلسكوب الأساسية الثانية لتأخذ موضعها النهائي بعد أيام قليلة من إطلاقه. وكالة ناسا/بل إنغلس
يدعي أولئك الذين يؤيدون التخلي عن فترات الملكية أن جعل البيانات متاحة للجميع هو الإجراء الأكثر إنصافاً، والذي سيتيح لأي شخص فرصة الاطلاع على مكتشفات التلسكوب الجديد. مع ذلك، يختلف العديد من علماء الفلك مع هذا الادعاء، ويفيدون بأن مجالهم البحثي سيصبح تنافسياً للغاية نتيجة للاستغناء عن فترات الملكية التي تحمي أفكار العلماء من السرقة. قد تؤدي سياسة النشر السريع للنتائج إلى ضعضعة التوازن بين العمل والحياة وإلحاق الضرر بالعلماء الذين لا يستطيعون العمل بسرعة، مثل الآباء الذين يتعين عليهم رعاية أطفالهم وعلماء الفلك الذين يعملون في الكليات الأصغر التي تمتلك كمية أقل من الموارد وطلاب المهن المبكرة الذين لا يزالون في مرحلة الدراسة وغيرهم.
تقول ويكفورد: "سيقوم تلسكوب جيمس ويب باكتشافات علمية ثورية ستُحدث نقلات نوعية خلال فترة عمله التي ستمتد 20 عاماً"، وتضيف: "لماذا لا نرحم العلماء ونمنحهم ما يكفي من الوقت ليضمنوا أن يقوموا بعملهم بجودة عالية ويتمتعوا بصحة عقلية وجسدية جيدة بنفس الوقت؟".
توافق عالمة الفلك في كلية لافايت، ستيفاني دوغلاس (Stephanie Douglas)، على هذا الكلام، وتقول: "تتعلق هذه القضية بالإنصاف. يجب علينا أن نقوم برعاية الأعضاء الأكثر عرضة للخطر في المجتمع العلمي".
مع ذلك، فالوضع الحالي ليس بسيطاً بالنسبة لعلماء وكالة ناسا المسؤولين عن تلسكوب جيمس ويب؛ إذ إنهم يحملون مسؤولية تجاه العلماء الآخرين وعوام الناس بنفس الوقت، والذين تموّل أموال الضرائب التي يدفعونها برنامج التلسكوب بالكامل. يقول بونتوبيدان: "أعتقد أن المسألة تتطلب تحقيق توازن معين"، ويضيف: "يجب علينا الموازنة بين البرامج العامة وفترات الملكية، وكلاهما ضروري لمسألة الإنصاف".
لم يُحدد مستقبل فترات الملكية بعد. ولكن بغض النظر عن النتيجة، فإنها ستؤثر بالتأكيد في آلية البحث العلمي في السنة الثانية من عمل تلسكوب جيمس ويب. يستعد علماء الفلك حالياً لبدء الجولة الثانية من المقترحات الخاصة باستخدام تلسكوب جيمس ويب، والمقرر البدء فيها بعد فترة الأعياد مباشرة في شهر يناير/ كانون الثاني 2023. ويقول بونتوبيدان: "آمل أن نرى بعض المقترحات الطموحة". بيّنت لنا السنة الأولى من إجراء الأرصاد باستخدام تلسكوب جيمس ويب ما يمكن أن يفعله هذا المرصد. وسيتمكن علماء الفلك الآن من البدء في الاستفادة من إمكانيات هذا التلسكوب للحد الأقصى.
نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك، استمرار استخدامك للموقع يعني موافقتك على ذلك. سياسة الخصوصيةأوافقX
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these cookies, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may have an effect on your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.