دراسة حديثة تكشف منشأ النيازك المريخية التي وصلت إلى كوكبنا

3 دقيقة
دراسة حديثة تكشف منشأ النيازك المريخية التي وصلت إلى كوكبنا
تحتوي الأرض على مئات النيازك المرّيخية المنشأ.

ملخص: تأتي النيازك إلينا من مناطق قريبة في المجموعة الشمسية أيضاً، مثل كوكب المريخ. حاول العلماء على مر السنين كشف مصدر النيازك المريخية، إلا أنهم فشلوا في ذلك بسبب الطريقة التي كانت تُستخدم سابقاً، والتي تُسمى "المطابقة الطيفية". لكن في دراسة حديثة اعتمد فيها الباحثون على طرق نمذجة فيزياء المريخ المحسّنة، وهي طرق بالغة الأهمية في فهم عمليات القذف الناجمة عن اصطدام الكويكبات بالكواكب، تمكنوا من تحديد منشأ الكثير من مجموعات هذه النيازك. وقد كشفت النتائج عن حلقة مفقودة حول الظروف التي تؤدي إلى إطلاق النيازك، إذ لم تقتصر هذه الظروف على تلك التي أدت إلى إحداث فوهات صدمية عملاقة، والناتجة عن أحداث الاصطام الكبيرة، فقد بينت أن سرعات القذف التي تبلغ 5 كيلومترات في الثانية، حتى حدث الاصطدام الذي يتسبب بتشكّل فوهة صدمية بقطر 8 كيلومترات فقط شديد نظرياً بما يكفي ليتسبب بإفلات الصخور من جاذبية المريخ وإدخالها في مدار حول الشمس

لا تنشأ النيازك التي تضرب الأرض في أبعد المناطق في المجموعة الشمسية دائماً، بل إنها تأتي إلينا من أحد أقرب الكواكب المجاورة أحياناً. في الواقع، تمكن الباحثون على مر السنين من جمع مئات الصخور التي نشأت على سطح المريخ. يعتقد الخبراء أنهم اكتشفوا مصدر نحو 200 نيزك من هذه النيازك، وهو 5 فوهات صدمية تقع في منطقتين بركانيتين في الكوكب الأحمر. يعتقد هؤلاء أيضاً أن هذه العيّنات ستساعدهم على فهم التاريخ الجيولوجي للمريخ بعمق أكبر بعد تحليلها أكثر.

اقرأ أيضاً: ما الاستعدادات الدولية للكوارث العالمية مثل الإصابة بنيزك أو حلول عصر جليدي؟

منشأ النيازك المريخية

فشلت أغلبية المحاولات السابقة لكشف منشأ النيازك المريخية لأنها اعتمدت على تقنية تحمل اسم "المطابقة الطيفية" (spectral matching)، التي يقارن وفقها الباحثون التركيب الكيميائي للمواد المدروسة بناءً على الضوء الذي تصدره أو تمتصه. أدى تطبيق هذه الطريقة في دراسة المصادر المغطاة بالغبار التي تبعد ملايين الكيلومترات إلى توليد نتائج غير موثوقة يصعب الحصول عليها في المقام الأول.

اكتشف فريق من جامعة ألبرتا في دراسة نشرتها مجلة ساينس أدفانسز (Science Advances) بتاريخ 16 أغسطس/آب 2024 المناطق المحددة في كوكب المريخ التي نشأ فيها نحو نصف المجموعات الفرعية العشر المعروفة من النيازك المريخية في الأرض. اعتمد الباحثون في التوصل إلى هذه النتائج على طرق نمذجة فيزياء المريخ المحسّنة، وهي طرق بالغة الأهمية في فهم عمليات القذف الناجمة عن اصطدام الكويكبات بالكواكب. مزج الباحثون بين المعلومات الجديدة الأدق التي توصلوا إليها حول ديناميكيات القذف وبيانات الاستشعار عن بعد التي تُبيّن التركيب الجيولوجي للمريخ، وذلك بهدف تقليل عدد المصادر المحتملة للنيازك.

وفقاً لأستاذ علوم الأرض والغلاف الجوي وأمين مجموعة النيازك في جامعة أريزونا والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، كريس هيرد، سيمكّن هذا "التقدم الكبير" الباحثين من إعادة النظر في الحسابات السابقة القاصرة.

الكشف عن حلقة مفقودة

قال هيرد في بيان صدر عن جامعة أريزونا بتاريخ 19 أغسطس/آب 2024: "كشفت النتائج الجديدة حلقة مفقودة؛ إذ إنها تمكننا من أن نقول بثقة، على سبيل المثال، إن الظروف التي أدت إلى إطلاق النيزك يحققها حدث اصطدام تسبب بتشكّل فوهات صدمية تتراوح أقطارها بين 10 كيلومترات و30 كيلومتراً".

قد تعتقد أن أحداث الاصطدام العملاقة نسبياً هي الوحيدة التي تتمتع بشدّة كافية لإطلاق قطع من كوكب ما خارج غلافه الجوي، لكن هذا ليس صحيحاً. بفضل سرعات القذف التي تبلغ 5 كيلومترات في الثانية، حتى حدث الاصطدام الذي يتسبب بتشكّل فوهة صدمية بقطر 8 كيلومترات فقط شديد نظرياً بما يكفي ليتسبب بإفلات الصخور من جاذبية المريخ وإدخالها في مدار حول الشمس، ما قد يؤدي إلى انجذابها تجاه الأرض في النهاية. يعتقد علماء الفلك أن المريخ شهد 10 أحداث اصطدام تسببت بقذف الحطام إلى الفضاء في تاريخه الحديث.

قال هيرد: "يمكننا الآن تصنيف هذه النيازك تبعاً لتاريخها المشترك ثم للمواقع التي نشأت فيها على السطح قبل قدومها إلى الأرض".

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تبين أن كوكب المريخ ربما شهد نشاطاً جيولوجياً

الباحثون الآن واثقون من أن منشأ النيازك التي وصفوها في الدراسة الجديدة، البالغ عددها نحو 200 نيزك، هو 5 فوهات صدمية من الفوهات المتوزعة في منطقتين بركانيتين هما ثارسيس (Tharsis) وإليسيوم (Elysium).

على ضوء هذه المعلومات الجديدة، يستطيع الباحثون الآن إعادة النظر في مراجعة التسلسل الزمني لتطور كوكب المريخ بطرق قد تغيّر تاريخ وقوع العديد من الأحداث المريخية المنفصلة ومددها وحيثياتها. وفقاً لهيرد، قد يسمح إجراء المزيد من التحليلات للباحثين بإعادة تصميم النماذج في مجال علم الطبقات البركانية المريخية، الذي يبيّن تاريخ الكوكب من خلال طبقاته الجيولوجية؛ إذ يقول: "سيغيّر ذلك طرق دراسة النيازك المريخية جذرياً".