ما زالت العربة أوبورتيونيتي تغط في نوم عميق رغم إشراق الشمس من جديد على المريخ

صورة ذاتية لأوبورتيونيتي التقطتها في 2005.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

شهد المريخ على مدى الأشهر الثلاثة الماضية عاصفةً غبارية شملت كامل أجزائه، والتي حرمت سطح الكوكب الأحمر من أشعة الشمس بالكامل تقريباً، وقد مثَّل هذا الحدث تحدياً بشكل خاص للروبوت الذي يقيم على هذا الجرم السماوي -وهو العربة الجوالة أوبورتيونيتي التي تعمل بالطاقة الشمسية- ولمهندسي القيادة العاملين هنا على كوكب الأرض، ولكن سماء المريخ في الأسبوع الرابع من أغسطس أصبحت أكثر صفاءً، ووصلت أشعة الشمس أخيراً إلى سطح الكوكب، لكن يبدو -ولسوء الحظ- أن السماء ما زالت غير ساطعة بالنسبة للعربة الجوالة حتى تستيقظ.

لا يزال الغلاف الجوي مُعتِماً أكثر من المعتاد، وهي خاصية تقاس باستخدام واحدة تسمى “تاو”؛ حيث شهدت أوبورتيونيتي فوق موقعها الحالي تعتيماً بمقدار 10.8 تاو على مدى عددٍ من أسوأ أيام العاصفة.

وقد انخفضت درجة التعتيم تلك إلى نحو 2.5، ولكن السماء لا تزال حالكة الظلام بما لا يمكِّن العربة المتجولة من الحصول بشكل صحيح على أشعة الشمس التي تحتاجها في إجراء عملية الشحن؛ فعادة ما تكون قيمة تاو على المريخ نحو 0.5.

وقد غيَّر مهندسو ناسا حالةَ أوبورتيونيني إلى وضعية توفير الطاقة في أوائل يونيو الماضي؛ بسبب حرمان العربة المتجولة العاملة بالطاقة الشمسية من أشعة الشمس، وبعد مرور بضعة أسابيع لم ترد العربة على مكالمةٍ وردت إليها من الأرض، ولم تستيقظ من سباتها حتى الآن.

قام المهندسون هنا على الأرض من باب التسلية -وللتخفيف من مخاوفهم- بإحياء تقليد قديم يتم فيه إرسال أغنية استيقاظ إلى أوبورتيونيتي مع إشراقة كل يوم جديد، مستخدمين أغانيَ مثل “Wake me up before you go-go”، و”Dust in the wind”.

إلا أنه لم يصدر عن العربة المتجولة -مع الأسف- أي ردة فعل بعد؛ حيث إن العربة أوبورتيونيتي في حاجة إلى أن يبلغ الغلاف الجوي فوقها قيمة تقل عن 2 تاو حتى تتسنى لها الفرصة لكي تشحن بطارياتها من جديد. وهي مستقرة الآن في وضعية النجاة بعد أن فقدت الكثير من طاقتها؛ حيث يعتقد المهندسون أنها قد تعرضت إلى مثل هذا الخلل في انخفاض الطاقة، مما جعلها تدخل في حالة سبات؛ فتقوم بإطفاء كل شيء باستثناء ساعة المهمة الميقاتية.

وقد استمرت حالة النوم هذه لفترة طويلة جداً، لدرجة أنها إذا استيقظت بالفعل فلن تعرف غالباً كم ستكون الساعة حينئذ، أو كم مضى من الوقت عليها وهي نائمة، وستتساءل أيضاً عن سبب عدم تلقيها أي اتصال من الأرض طوال هذه الفترة؛ لذا فمن الممكن حينها أن تحاول إيجاد طرق جديدة للتواصل مع المهندسين هنا على الأرض.

سيواصل هؤلاء المهندسون في ناسا الإنصات إلى إشارة العربة المتجولة كل يوم، وسيرسلون إشارة تطلب منها أن تُطلق أصواتاً إن كانت تقوم بتسجيل الأوامر مكرِّرين ذلك 3 مرات في الأسبوع، وإن استيقظت أوبورتيونيتي فسيحاولون عندها أن يشخِّصوا مقدار الضرر الذي تعرضت له.

وسيقومون من هنا على الأرض بإجراء اختبارات مشابهة للطريقة التي يتبعها الطبيب البشري في تشخيص المرضى؛ سيقيسون درجة حرارة العربة المتجولة، الأمر الذي سيخبرهم ما إذا كانت دافئة بما يكفي ليتم إيقاظها، ويُجرون اختبارات على بطارياتها، ويطلبون منها إرسال صور فوتوغرافية لنفسها لرؤية ما حدث من أضرار وتقييمها.

وهناك احتمال بأن البطاريات ربما واجهت صعوبة في الحفاظ على بعض من شحنتها بسبب مرور زمن طويل وهي بدون مصدر للطاقة؛ مما قد يجعل متابعة العمليات العلمية أمراً أكثر صعوبة.

وتعد أوبورتيونيتي هي العربة المتجولة التي تمكَّنت من الصمود لأطول مدة على سطح المريخ، فقد هبطت على سطحه في يناير من العام 2004 ضمن بعثة كان مقرراً لها قضاء 90 يوماً فقط من أيام المريخ، لكنها واصلت إقامتها لأكثر من 5,000 يوم قبل قدوم العاصفة الغبارية، وسيتعين علينا أن نعرف فقط ما إذا كانت ستتمكن من الصمود لبضعة أيام أخرى.

وتقوم ناسا في أثناء ذلك بجمع بطاقات بريدية رقمية مخصَّصة للعربة المتجولة (وفريقها العامل هنا على الأرض) حتى ترسل إليها كلمات التشجيع الخاصة بك إذا ما كنت ترغب في ذلك.