لماذا تعتبر الطحالب خياراً طبيعياً مفضلاً لاستبدال بعض أنواع البلاستيك؟

4 دقائق
لماذا تعتبر الطحالب خياراً طبيعياً لاستبدال بعض أنواع البلاستيك؟
لصنع بدائل بلاستيكية من النباتات العديد من الفوائد البيئية. حقوق الصورة: أولكسندر سوشكو/ أنسبلاش.

يمكن أن تشكل رقائق البلاستيك خطراً على البيئة. لقد ثبت أن المادة الرقيقة جداً التي تتكون منها الأكياس ولفائف التغليف الانكماشية هي إحدى المواد البلاستيكية التي يصعب إعادة تدويرها إلى حد كبير، وغالباً ما ينتهي بها الأمر في مدافن النفايات أو المحيط. في الواقع، عندما يستخدم الناس حول العالم مئات المليارات من الأكياس البلاستيكية كل عام، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشكلة هائلة.

الحلول المطروحة للنفايات البلاستيكية يجب أن ترقى للمشكلة ذاتها

لذلك فالأمر يستدعي حلاً هائلاً بحجم المشكلة نفسها. في الأسبوع الماضي، أعلنت شركة الأزياء الأميركية «توم فورد» عن المرشحين النهائيين لجائزة ابتكار البلاستيك البالغة 1.2 مليون دولار. من بين 64 متقدماً من ست قارات، تم اختيار ثمانية لاختبار مفاهيمهم عن بدائل البلاستيك. سيتم اختيار ثلاثة فائزين يتشاركون بالجائزة بعد عام ويواصلون تطوير منتجاتهم، كما تقول ديون آيفز، المديرة التنفيذية لمنظمة «لونلي ويل» (Lonely Whale) البيئية غير الربحية، والتي تشارك في إدارة المسابقة. 

على الرغم من أن المتأهلين للتصفيات النهائية قاموا بعرض منتجاتهم التي يمكن أن تُلف بها العديد من الأشياء، من النفايات الزراعية إلى البازلاء، إلا أن لديهم شيء مفضل واضح بالنسبة لبدائل البلاستيك: لقد استخدم أكثر من نصفهم الطحالب بشكلٍ ما في تصميماتهم. تقول آيفز: «تُعرف الأعشاب البحرية واللاميناريات (أعشاب بحرية تُعرف أيضاً بطحلب الكِلْب) بأنهما رئتا المحيط. لقد شهدنا على مدى السنوات العديدة الماضية المزيد من محاولات زراعتها للمساعدة في حل مشكلات النظم البيئية الساحلية القريبة من الشواطئ، مثل الاحترار، وزيادة حموضة المحيطات، وإزالة الأكسجين. حالياً، تُستخدم الأعشاب البحرية في منتجات مثل الإضافات الغذائية والأسمدة والمكملات- ولكن مع توفرها بشكلٍ أكبر، يمكن أن يكون لها أيضاً استخدامات مبتكرة».

الأعشاب البحرية في المنتجات البديلة للبلاستيك

من بين المتأهلين الثمانية النهائيين، يصنع خمسة منهم البلاستيك الحيوي أو بدائل الأفلام البلاستيكية من الأعشاب البحرية ومن طحالب الكِلب (kelp) أو أية طحالب أخرى. من بين المنافسين من المملكة المتحدة شركة «كِيلبي»، والتي تصنع عبوات بلاستيكية عضوية قابلة للتحلل ومنخفضة الكربون، وشركة «نوتبلا»، والتي تصنع منتجات تغليف ذات غشاء طبيعي، والتي استُخدمت في تعبئة جعبات المياه لعدّائي ماراثون لندن في عام 2019. تقوم شركة زيروسيركل، ومقرها في جوراجون في الهند، بتحويل الأعشاب البحرية المحلية إلى عبوات قابلة للذوبان وآمنة للمحيطات. وتعمل شركة «سواي»، ومقرها بيركلي بولاية كاليفورنيا، أيضاً على الأعشاب البحرية لصنع بديل بلاستيكي من الأغشية الرقيقة يمكن تحويله إلى سماد منزلي. أخيراً، تستخدم شركة «ماريا» الآيسلندية الطحالب المحلية لتصميم بديل حيوي آخر قابل للتحلل البيولوجي تماماً في البيئة.

يمكن أن يكون تحويل نبات أخضرٍ لزج إلى مادة تشبه البلاستيك نوعاً من الخيال. لكنه مفهوم بسيط جداً، كما يشرح مايك ألين، الأستاذ المشارك لعلم جينوم الخلية الواحدة في جامعة إكستر، وكبير العلماء في «بلو مايكروب»، وهي مجموعة علوم حيوية بحرية مقرها في المملكة المتحدة. يتطلب تصنيع البلاستيك سحب "اللبنات البنائية الأساسية" الكيميائية في بوليمرات مختلفة. يقول ألين في هذا الصدد: «يمكن أن يكون مصدر هذه اللبنات أي شيء. في اللدائن التقليدية، عادةً ما تُستخلص من النفط الخام المستخرج من الأرض، والذي يتم تكريره إلى بوليمرات ومن ثم تشكيله في راتنج شفاف ومتين».

ويوضح ألين أن نفس العملية تنطبق على الأعشاب البحرية، ففي النهاية، إن الوقود الأحفوري ليس أكثر من بقايا من النباتات والحيوانات القديمة. يمكن تفكيك النباتات إلى الكربون والسكريات، ومن ثم إعادة تشكيلها كيميائياً إلى كتل بنائية جديدة. ويضيف ألين: «بمجرد تفكيك الروابط التي تربط النبات ببعضه، تحصل بشكل أساسي على كتل بناء حيوي (طوبٍ حيوي) مماثلة. يمكن بعد ذلك استخدام هذه "الكتل البنائية الحيوية" لإنشاء منتج جديد تماماً».

الشيء الرائع في تحويل الأعشاب البحرية إلى مواد صناعية هو أنه يمكن أيضاً استخدام الخصائص الطبيعية للنبات. لذلك ليس من الضروري دائماً إعادة هندسة البلاستيك التقليدي. يقول ألين: «البلاستيك الحيوي الذكي حقاً، والقابل للتحلل البيولوجي، لا يذهب في هذا الاتجاه كثيراً. إنه لا يتحلل بنفس القدر، ويحتفظ ببعض خصائصه مثل مقاومة الماء والنفاذية. وبعضها نشط بيولوجياً، وله خصائص مضادة للميكروبات تختلف تماماً عن تلك الموجودة في البلاستيك التقليدي». يمكن أن يساعد الاحتفاظ ببعض هذه الخصائص على تحلل البدائل البلاستيكية بشكل أسرع، والحفاظ على قابليتها للأكل، ومقاومة البكتيريا. 

ما هي مزايا استخدام المنتجات المشتقة من الأعشاب البحرية؟

تم تصميم المنتجات الخمسة المتأهلة للتصفيات النهائية المصنوعة من الطحالب لكي تتفكك وتتحلل بيولوجياً. على سبيل المثال، يتحلل منتج نوتبلا إلى سماد منزلي في نحو 10 أيام. بينما تقول نيها جين، مؤسسة ومديرة شركة زيروسيركل، إن البديل الذي تنتجه شركتها يمكن أن يتحلل في البيئات البحرية في غضون ساعات، اعتماداً على درجة حرارة الماء. كما أن الأعشاب وفيرة جداً، حيث يمكن أن تظهر على أي شاطئ (حتى أنها تعتبر في بعض الأحيان مصدر إزعاج بيئي كارثي). ناهيك عن أنها تنمو بكثرة دون الحاجة إلى زراعتها- ودون المياه العذبة والمبيدات والأسمدة التي تعتمد عليها الزراعة كثيراً في هذه الأيام.

يقول ألين: «المساحة الوحيدة المتبقية لنموها هي المحيطات بالفعل. لكنك لن تكون قادراً على زراعة الأشجار أو المحاصيل في المحيط، لذلك فإن خيارك الوحيد تقريباً هو الأعشاب البحرية».

ومع ذلك، وقبل أن تصبح المواد البلاستيكية الحيوية المصنوعة من الطحالب جاهزة للسوق، هناك العديد من الخطوات التي تتجاوز اختبار المواد. تقول جين من شركة زيروسيركل: «لقد تحسنت التقنيات المستخدمة في صناعة البلاستيك منذ أكثر من 70 عاماً لتصل إلى مستويات الإنتاج الحالية. إن تحقيق نفس الكفاءة والقدرة الإنتاجية مع أي بديلٍ جديد يستغرق وقتاً وسيتطلب دعماً عالمياً».

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد ألين أن تبديل نوع واحد من البلاستيك بآخر لن يقلل من اعتماد العالم على العناصر التي تستخدم مرة واحدة. لدى المتأهلين للتصفيات النهائية لجائزة الابتكار في البلاستيك فرصة لتغيير ذلك أيضاً. 

تقول جوليا مارش، المؤسسة المشاركة والرئيس التنفيذي لشركة (سواي): «على الرغم من أننا لا نرغب برؤية العبوات المصنعة من الأعشاب البحرية كبديلٍ في كل مكانٍ يوجد فيه البلاستيك التقليدي حالياً، إلا أننا نعتقد أنه الحل الأمثل للعديد من المواقف التي تلعب فيها العبوات ذات الأغشية الرقيقة دوراً حيوياً لا يمكن الاستغناء عنه».

بينما يختبر المنافسون بدائلهم البلاستيكية، سيدخلون في شراكة مع ماركات الملابس الرئيسية مثل «جي كرو» و «نايكي» و «توم فورد» لاختبار منتجاتهم على طول سلاسل التوريد العاملة. سيتم أيضاً اختبار المنتجات للتأكد من سلامتها للحيوانات البحرية والبيئة من قبل متحف سياتل أكواريوم. بعد عامٍ آخر، سيتم الكشف عن المنتج البلاستيكي الحيوي الذي سيفوز في النهاية، سواء كان مصنوعاً من الأعشاب البحرية أو غير ذلك.