ربما يكون “بطيء الخطو” قادراً على النجاة من الإبادة الكاملة للحياة على الأرض

تعرّف إلى أسياد كوكبنا القادمين. حقوق الصورة: ويكيبيديا
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ليس الجميع على دراية ببطيء الخطو (والذي يعرف أيضاً باسم دب الماء، وخنزير الطحلب، وكان يعرف سابقاً باسم “حُيَيوين”)، وهذا شيء معيب.

لا يصل طول هذا المخلوق إلى ميلليمتر واحد، ولكنه أكثر الحيوانات العصية على التدمير على وجه الأرض. فبإمكانك أن تعرضه إلى جو مفرغ من الهواء، وتجوّعه لعقود من الزمن، وتعرضه للجفاف إلى ما لا نهاية، وتغليه، وتسحقه، وتفعل به ما تشاء، ثم إذا أعدته إلى الظروف الطبيعية، انتعش وعاد إلى سابق عهده.

تمتلك هذه المخلوقات قدرات رهيبة إلى حد كبير جعل العلماء يقتنعون بوجود نسبة غير مسبوقة من الحمض النووي “مسروقة” من كائنات أخرى عن طريق نقل الجينات الأفقي، على الرغم من أن هذه النتائج خلافية.

وقد قام العلماء حالياً بالخطوة المنطقية التالية، وحاولوا تحديد المدة التي يمكن أن يحافظ فيها بطيء الخطو على بقائه. وقد صدرت دراستهم في يوليو 2017 في مجلة تقارير علمية. وتشير نتائج الدراسة إلى أنه ربما لا توجد كارثة كونية يمكن أن تقضي على جميع دببة الماء على الأرض.

حتى لو كنتَ تحب بطيء الخطو بقدر ما نحبه، فإن دراسةً عن مصيره ما بعد الكارثة تبدو مضيعة للوقت. ولكن من المنطقي جداً أن نتوقف للتفكير به. فنحن نعلم أن بطيء الخطو يستطيع النجاة من أي شيء نعرضه له، إلى الحد الذي لا نراه عند الحيوانات الأخرى. ولذلك فبالنسبة للباحثين الذين يريدون فهم مدى صعوبة القضاء على كل آثار الحياة على الأرض دفعة واحدة، فإن لدى دب الماء جواباً على سؤالهم. إذا كان هذا الكائن السباح ذو الأذرع السبعة لا يستطيع النجاة من كارثة طبيعية، فلا يوجد أي شيء آخر قادر على ذلك في عالم الحيوانات، إطلاقاً. أما بالنسبة للميكروبات، فتلك مسألة مختلفة كلياً.

إن طرح هذا السؤال هو أكثر من مجرد محاولة لمعرفة احتمالات بقاء الأرض. وما يحاول الباحثون معرفته حقاً هو مدى احتمال أن تتطور الحياة على كوكب آخر ولكن يتم القضاء عليها قبل أن يكون لدينا الفرصة لاكتشافها. الفضاء واسع والوقت طويل، ولذلك لن يكون مفاجئاً إذا واجهنا أول لقاء لنا مع أحد الكواكب مع قدرة تطورية لاستضافة الحياة عند نقطة أقل من مثالية من تاريخ هذا العالم. خذ المريخ كمثال: يعلق بعض العلماء الأمل على هذا الكوكب الذي يزخر بالحياة الميكروبية منذ مليارات السنين، قبل أن ينزلق غلافه الجوي في الفضاء. ولكن ما مدى احتمال هذا النوع من الأشياء؟ عندما تتطور الحياة (يُفترض أن هذا قد حدث أكثر من مرة، وهو ما يزال للأسف سؤالاً مفتوحاً)، هل تميل إلى البقاء؟

واعتماداً على دب الماء المتواضع، يقول علماء من جامعتي أوكسفورد وهارفارد إن الحياة تميل للبقاء. فقد قاموا بحساب المخاطر على المَواطن البحرية لدب الماء الناتجة عن اصطدام الكويكبات (النتيجة: لا يوجد شيء كبير يصطدم بالأرض يكفي لجعل المحيطات تصل إلى مرحلة الغليان الكلي، يمكن أن يؤدي إلى تداخل محور الأرض)، الطارف الأعظم “السوبرنوفا” (النتيجة: إن انفجاراً نجمياً هائلاً وقريباً يجعل المحيطات تصل إلى مرحلة الغليان الكلي، ويحدث خلال فترة حياة نجمنا الشمسي، احتماله: “لا يُذكر”)، انفجارات أشعة جاما (النتيجة: مرة أخرى، احتمال هذا الانفجار النجمي الأقوى -وأيضاً الأكثر ندرة- ويحدث من مكان قريب كافٍ لجعل المحيطات تصل إلى مرحلة الغليان، “طفيف”).

بعبارة أخرى، تستطيع دببة الماء البقاء لفترة طويلة. ولسوء الحظ، فحتى هذه الكائنات الصغيرة المرنة لن تنجو عندما تشيخ شمسنا وتتحول إلى نجم أكبر وأشد حرارة مما هي عليه الآن. حيث يفترض أن تعيش الشمس خمسة مليارت عام أخرى، ولكن أقصى تقدير للمرحلة التي ستتحول فيها إلى درجة من الحرارة تؤدي إلى غليان المحيط هو حوالي مليار سنة فقط. ومع ذلك، وحتى ذلك الوقت، فنحن نعلم أنه سيكون هناك موطئ قدم للحياة على كوكب الأرض لأفراد الممكلة الحيوانية، يضمنه ذلك المخلوق الصغير ذو الأقدام الثمانية متناهية الصغر.

يقول ديفيد سلون المؤلف المشارك في الدراسة، والباحث الفيزيائي في جامعة أوكسفورد: “ركزت الكثير من الأعمال السابقة على سيناريوهات “نهاية العالم”، وهي مجموعة أحداث فيزيائية فلكية كالطارف الأعظم “السوبرنوفا” التي يمكن أن تقضي على الجنس البشري. أما دراستنا، فهي تهتم بأصعب الأنواع، وهو بطيء الخطو. وبما أننا ندخل الآن مرحلة من علم الفلك نرى فيها الكواكب خارج المجموعة الشمسية، ونأمل أن نصل قريباً إلى إنجاز التحليل الطيفي، لنبحث في توقيعات الحياة، فإن علينا أن نحاول معرفة مدى هشاشة هذه الحياة الأقسى. وما أثار دهشتنا، هو أننا اكتشفنا أنه وبرغم أن آثار السوبرنوفا القريبة أو الكوكيبات الضخمة ستكون كارثية على البشر، فإن بطيء الخطو لن يتأثر بها. لذلك يبدو أن الحياة ما إن تبدأ، فسيكون من الصعب القضاء عليها نهائياً.وقد تنقرض بعض الأنواع، وقد تنقرض الأنواع كلها، ولكن الحياة ككل ستستمر”.

وبالطبع، ومع وجود عينة واحدة هي كوكب الأرض، لا يمكن للعلماء أن يتأكدوا من أن كل الكواكب قادرة على استضافة الحياة وإيجاد مخلوق غير قابل للتدمير نهائياً كبطيء الخطو. فربما تكون هذه خاصية يتميز بها كوكبنا من بين كواكب المجرة.