دبي للمستقبل تجيب: هل العمل عن بٌعد أكثر مرونة وفعالية؟

3 دقائق
حقوق الصورة: سيدهارتا سيفا

مع تفشي جائحة كوفيد-19 المسبب لها فيروس كورونا المستجد، ومع عمليات الإغلاق التي طبقتها أغلب دول العالم؛ لم تجد المؤسسات والشركات سوى إكمال العمل عن بُعد، لكن لم يكن الأمر سهلاً؛ وسقطت العديد من الشركات والمؤسسات في فخ هذا التحول المفاجئ؛ نظراً لاعتمادهم على الشكل التقليدي في إدارة أعمالهم، لكن نجحت مؤسسات أخرى في التكيف والتحول إلى الوضع الجديد في سلاسة. ومن أبرز تلك التجارب الرائدة؛ تجربة مؤسسة دبي للمستقبل التي نجحت في التحول إلى الوضع الطبيعي الجديد بمرونة كبيرة.

الوضع الطبيعي الجديد

قبول الوضع الطبيعي الجديد هو أمر حتمي ولا مفر منه؛ وبالأخص في إدارة الأعمال، لذا أعدت مؤسسة دبي للمستقبل دراسة عن تجربتها في كيفية نجاح إدارة الأعمال والمؤسسات عن بُعد. صاغت المؤسسة عدة عوامل تساهم في تحقيق ذلك؛ من أبرز تلك العوامل بناء مؤسسة مرنة سريعة التكيف تعمل فيها فرق عمل تملك الأدوات والصلاحيات اللازمة، وتحديد الأهداف والإنجازات المطلوبة بوضوح، والمحافظة على الصحة النفسية والبدنية مع التحفيز والتشجيع والدعم العاطفي للموظفين، وأيضاً إنشاء البنية التحتية التقنية الصحيحة وتطويرها.

السؤال الذي تبادر إلى أذهان العديد من أصحاب الأعمال خلال أزمة كوفيد-19 والتي لا نزال بصددها؛ هل يمكن أن تعمل أغلب الشركات عن بُعد؟ مؤسسة دبي للمستقبل امتلكت الإجابة وقالت أن معظم وظائف المكاتب قابلة للإنجاز عن بُعد. وأكدت المؤسسة من خلال تجربتها أنها تمكنت من تطبيق ذلك في المهام التي لا تتطلب إلا قليل من اللقاءات الشخصية وجهاً لوجه، وتمكنت فرق عملها أيضا من إضفاء الطابع الافتراضي على الوظائف التقليدية، مثل مكتب الاستقبال وقسم التوظيف، ومن خلال الاعتماد على التقنيات الحديثة. 

بالطبع واجهت المؤسسة تحديات في التحول والتأقلم إلى الوضع الطبيعي الجديد مثل تقييم إنتاجية الموظفين بعدالة وكفاءة. وتغلبت المؤسسة على هذا التحدي من خلال نظام إدارة سمح بتقييم النتائج بدلاً من مجرد تسجيل عدد ساعات الدوام أو مستوى الإنتاجية لكل موظف. وأشارت المؤسسة إلى أن تقييم النتائج يتطلب من مديري الفرق بذل جهداً كبيراً لتحديد الأهداف بوضوح مقدماً، وأيضاً الإنجازات المطلوبة بدقة عالية. 

القاعدة أم الاستثناء؟

وجدت دراسة مؤسسة دبي للمستقبل بعد تجربتها في العمل عن بعد؛ أن معدل التغيير في أساليب العمل أصبح أسرع من قدرة الأطر التنظيمية على استيعابها. ورأت أن هذا ربما يدفع إلى تغيير القوانين التنظيمية الجديدة لتنسجم مع العقد الاجتماعي التنظيمي الجديد الذي أملته ظروف جائحة كوفيد-19. لذا نفذت المؤسسة مشاريع تجريبية متعددة وطورت سياسات وحلول تقنية متعددة بهدف دعم مواصلة الأعمال عن بعد.

وتمكنت المؤسسة من خلال الجهود والمبادرات والمشاريع الجارية المقترنة بأفضل الممارسات العالمية والإقليمية؛ من تجسيد الوضع الطبيعي الجديد؛ حيث يعمل الموظفون عن بعد جزئياً أو كلياً، ليكون ذلك القاعدة وليس الاستثناء. وحتى الآن أثبت الوضع الطبيعي الجديد أنه أكثر مرونة وفعالية وكفاءة من النموذج الطبيعي السابق.

قصة نجاح

يمكن أن تكون كلمة السر لدى مؤسسة دبي للمستقبل في نجاح تجربتها هو الاعتماد على التنظيم الأفقي والمرونة مع قوة عاملة تمتلك الأدوات الجيدة والصلاحيات اللازمة. وقالت المؤسسة إن عامل المرونة هو قدرة المنظمة على إعادة ابتكار ذاتها والتكيف والنجاح ٍ في بيئة مضطربة وغامضة وسريعة التغير. أما العامل الثاني الذي ساعد في نجاح المؤسسة فهو وضع خطة استراتيجية، والتي مثلت بوصلتها في وقت يصعب فيه اللقاء وجهاً لوجه مع القادة. ووفرت الخطة الاستراتيجية للمؤسسة شفافية للنتائج المتوقعة والإنجازات. 

لم تنس مؤسسة دبي للمستقبل العامل الأهم في نجاح المؤسسة وهو الموظف، لذا اهتمت المؤسسة بالصحة العقلية والنفسية للموظفين خلال تفشي جائحة كوفيد-19، وأنشأ فريق السعادة - وهو فريق من موظفي المؤسسة يقود مبادرات تحسين الرفاهية البدنية والاجتماعية والعاطفية والبيئية والفكرية للموظفين- قسماً للرفاهية والسعادة على منصة العمل المشترك، ونشر معلومات عملية مشوقة وممتعة عن كيفية العناية بالجسد والعقل خلال هذه المرحلة الصعبة، ونظم الفريق تدريبات افتراضية عن بعد لتحسين الصحة ثلاث مرات أسبوعياً. 

المؤسسة الآن

لا تزال مؤسسة دبي للمستقبل تحمل الكثير لتقدمه، وتعتزم المؤسسة إطلاق مكتب مساعدة افتراضي للرد على أسئلة الجمهور، ويخطط الفريق المسؤول عن إدارة المرافق إلى إطلاق مكتب افتراضي يناسب العمل عن بعد. ويستطيع فريق تقنيات المعلومات حل المشكلات ودعم الفرق الأخرى من خلال الدخول إلى حواسيبهم عن بعد عبر اتصالات آمنة. وفي حال وجود أي مشكلات عتادية في الأجهزة، يٌعتمد على شركات الشحن في استلام وتسليم الأجهزة بين الموظفين وفريق الدعم التقني. ويعمل موظفون كثر من المؤسسة حالياً عبر منصات افتراضية. 

أيضاً يلعب قسم أبحاث دبي للمستقبل دوراً رئيسياً في تحديد ملامح الوضع الطبيعي الجديد ونشر هذا التعريف وتطبيقه في تنفيذ الخطوات المقبلة لصنًاع القرار في دبي. ونشر القسم بالفعل سلسلة تقارير عن التأثيرات المستقبلية لكوفيد-19 على بعض القطاعات.

التطور مستمر

لا يعود نجاح مؤسسة دبي للمستقبل في مواجهة هذه الأوقات الصعبة إلى الاعتماد على التقنيات  الصحيحة وتطويرها فحسب، بل يعود أيضا إلى اهتمامها برفع كفاءة موظفيها ودعمهم نفسياً وتشجيعهم. وبالرغم من تأسيسها منذ سنوات قليلة فقط، إلا أنها تتطور يومياً وتشجع اختبار الأفكار الجديدة وتنظر إلى الأخطاء بإيجابية على أنها فرص للتعلم. 

أخيراً لا تزال مؤسسة دبي للمستقبل تتطرق إلى اختبار طرق ومناهج وتقنيات جديدة. ولا تزال تطور أساليب وعمليات جديدة، وتختبر أفكاراً مبتكرة، وتؤكد المؤسسة دائماً أنها حين تقع في الأخطاء تتعلم منها، وأن جل فائدة التجارب هو مبادلتها مع الآخرين كي تتخيل مستقبل دبي وتصممه.