تستغرق الحروب أشهراً أو سنوات، ولكن إعادة البناء وعودة الحياة لطبيعتها تحتاح إلى عشرات السنين، فما هي أهم القطاعات الخدمية الأساسية التي تركز الدول الخارجة من الحروب على تأمينها بصفتها أولوية؟ وما هي طرق تأمين هذه الخدمات لضمان حياة السكان بالمجتمع وتوفير لقمة عيشهم وانتعاش الاقتصاد؟
اقرأ أيضاً: كيف نحمي أنفسنا من الحرب البيولوجية؟
أهم القطاعات الخدمية التي يجب إعادة إعمارها بعد انتهاء الحروب
تشمل أبرز القطاعات الخدمية الأساسية التي يجب تأمينها للسكان بعد الحروب بهدف إعادة الإعمار ما يلي:
خدمات الرعاية الصحية
يمكن تقسيم خدمات الرعاية الصحية الأساسية الواجب تأمينها بعد الحروب إلى عدة أنماط، من أهمها ما يلي:
- الرعاية الطبية الطارئة: تشكل هذه الرعاية منظومات الإسعاف من سيارات الإسعاف والطواقم الإسعافية، والأجهزة الأساسية لهذه الاستجابات الطارئة مثل جهاز التنفس، وجهاز مزيل الرجفان القلبي الخارجي، وجهاز تخطيط القلب، بالإضافة للمستشفيات القادرة على قبول حالات الإسعاف، ويجب أن يكون عددها كافياً لتغطية حاجة السكان على امتداد جغرافيا البلد.
- خدمات إعادة التأهيل: يعاني الكثير من السكان بعد الحروب إصابات مثل الكسور والبتر، ويحتاج هؤلاء المرضى إلى دعم التعافي الصحي الجسدي مثل العلاج الفيزيائي وتأمين الأطراف الاصطناعية ووسائل المساعدة مثل العكازات والكراسي المتحركة ليستطيعوا تأدية مهامهم اليومية باستقلالية، ومن المهم توفير رعاية نفسية شاملة لأبناء المجتمع عموماً والمصابين على نحو أساسي.
- مبادرات الصحة العامة: تشمل هذه المبادرات الخطوات الاستباقية الأساسية لمنع الإصابة بأوبئة أو انتشار أمراض تم التخلص منها سابقاً، ومنها برامج التطعيم للأمراض مثل شلل الأطفال والسل والدفتيريا، وبرامج الوقاية من الأمراض مثل المبيدات.
- الرعاية الصحية الأساسية: مثل العيادات الصحية المختلفة، وغرف العمليات، والمنشآت التخصصية مثل وحدات غسيل الكلى، وبنوك الدم، والمستوصفات.
الإسكان والمأوى
يحتاج السكان بعد الحرب إلى تأمين مسكن آمن يضمن لهم الأمان من عوامل الجو المختلفة ومن السرقات، ولهذا تقوم المؤسسات بتقسيم أنواع السكن بعد الحروب إلى ما يلي:
- وحدات الإسكان المؤقت: تهدف هذه الوحدات، التي قد تكون خياماً أو منازل مسبقة أو ملاعب قًسّمت لوحدات مختلفة، إلى توفير سكن آمن وفوري للأفراد النازحين والذين فقدوا منازلهم، أو أصبحت منازلهم مهددة بالهدم.
- حلول الإسكان الدائم: تتمثل بإعادة بناء المنازل والوحدات السكنية التي تغطي عدد السكان الذين نزحوا داخلياً أو خارجياً بسبب الحرب نتيجة فقدان منازلهم.
- تطوير البنية التحتية للإسكان: أي توفير المرافق الأساسية للمساكن المؤقتة والدائمة مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، والطرقات السالكة للمناطق السكنية.
اقرأ أيضاً: 5 طرق فعالة لحفظ الأغذية لفترات طويلة بوجود تهديدات بالحرب والمجاعات
توفير الغذاء والدواء
يعد توفر الغذاء الكافي للسكان شرطاً أساسياً للحفاظ على الصحة ومنع سوء التغذية، واستمرارية العمل في إعادة الإعمار، وتهتم جهود توفير الغذاء بالنقاط التالية:
- توفير الغذاء الأساسي المدعوم: تعتمد معظم البلدان على نوع غذائي أساسي، ويعد خبز القمح العنصر الأساسي للعديد من الموائد العربية، ويمكن أن يكون الرز أو الذرة من العناصر الأساسية الغذائية التي يجب توفيرها لتأمين الطاقة الكافية للسكان للحياة.
- توفير الخضروات والفاكهة: تحتاج هذه الجهود إلى إصلاح الأراضي الزراعية ودعم الفلاحين للحصول على النباتات الغذائية الضرورية للموائد.
- توفير الأدوية: تشمل على نحو أساسي مسكنات الألم، وأدوية مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم.
في حال عدم توفر هذه العناصر الغذائية محلياً، يجب استيرادها أو طلب إرسالها على شكل مساعدات طارئة للسكان من قبل منظمات دولية أو الدول المجاورة.
خدمات التعليم
تعد خدمات التعليم أولوية أساسية للمجتمع على المدى القريب والبعيد، فتوقف التعليم يعني وجود فراغ لدى فئة الأطفال والمراهقين، وعندها يقوم الأهل بإرسالهم للعمل أو من الممكن أن تنتشر ظاهرة التسول، ويزداد خطر جنح الأحداث، فمن المهم تنفيذ ما يلي:
- إعادة فتح المدارس: بعد ضمان سلامة المرافق التعليمية وفعاليتها، ومن الممكن توفير مدرسين من خريجي الجامعات حديثاً أو طلبة الجامعات لتوفير الكفاية من المدرسين.
- توفير الدعم النفسي والاجتماعي: تتضمن طرق الدعم تقديم المشورة للأطفال والأسر المتضررة من الصدمات، والعمل على جعل بيئة المدارس آمنة للدراسة واكتساب المعرفة التي ستسهم في بناء المجتمع.
- برامج التعليم للكبار: تركز هذه البرامج على التدريب المهني للكبار من أجل إعادة الإدماج الاقتصادي وتوفير فرص العمل وإعادة البناء.
اقرأ أيضاً: لماذا لا يستطيع البشر التوقف عن شنّ الحروب؟
الأمن وإنفاذ القانون
تحتاج الدول بعد الحرب إلى توفير الأمن للمواطنين، من أجل التركيز على إعادة بناء المجتمع، وإعادة الإعمار، وتشمل نواحي إعادة الأمن ما يلي:
- استعادة القانون والنظام: من خلال توفير مقرات للشرطة وتوزيع عناصر أمنية في المناطق السكنية لمنع السرقات والجرائم، وتعزيز قوى الأمن مثل الجيش لحماية الحدود بسبب ضعف الدول بعد الحروب، وضمان وجود نظام قضائي لتحقيق العدالة.
- مبادرات نزع السلاح: تسهم في الحد من الأسلحة خارج يد السلطات المختصة لتعزيز السلام، وتضم عمليات نزع الألغام لحماية السكان.
إصلاح البنية التحتية
تحتاج البنية التحتية إلى إصلاح فوري بعد الحروب، لضمان وصول الخدمات للسكان وتوفير الحاجات الأساسية للتنمية وإعادة الإعمار وتعافي الاقتصاد. تشمل برامج إصلاح البنى التحتية بعد الحروب ما يلي:
- إصلاح شبكات النقل: تتضمن إصلاح الطرق والجسور وأنظمة النقل العام، لتأمين حركة مرور المشاة أو مركبات النقل الشخصية مثل السيارات، ومركبات المؤسسات الإنشائية لإعادة الإعمار، ومركبات النقل التجارية مثل الشاحنات التي تحمل بضائع تسهم في التنمية الاقتصادية وتحريك السيولة في البلاد.
- ترميم المرافق: تختلف اولوية المرافق التي تحتاج إلى إعادة تأهيل، لكن تعدّ محطات تعقيم وضخ مياه الشرب للسكان من أول المرافق التي تحتاج إلى توفيرها، يليها مرافق توليد الكهرباء للمنازل السكنية والمؤسسات الحكومية والمصانع، ومرافق الصرف الصحي التي تسهم في منع انتشار الأمراض في المدن خصوصاً.
- أنظمة الاتصالات: أصبحت منظومة الاتصالات السلكية واللاسلكية عنصراً أساسياً في بناء المجتمعات، فهي تفيد في تواصل المؤسسات المختلفة على نحو سريع، لضمان تنسيق جهود إعادة الإعمار واستمرارية الخدمات، ما عدا دورها في تواصل السكان وتوفير مصادر المعلومات عبر الإنترنت للقطاعات الخدمية، ولتوحيد قواعد بيانات السكان، وتوثيق احتياجاتهم.
اقرأ أيضاً: تنقية المياه في مناطق الحرب: طرق بسيطة للشرب الآمن
يعد توفير هذه الخدمات الأساسية ضرورياً لتحقيق الاستقرار في المجتمعات بعد الحرب، وتعزيز التعافي، وضمان التنمية طويلة الأمد، وتؤدي كل خدمة دوراً محورياً في إعادة بناء الثقة، واستعادة الحياة الطبيعية في المجتمعات المتضررة بعد الحرب.
يشارك الخبير الدولي وأستاذ إدارة الأعمـال والمشاريع بمصر، الدكتور أكرم حسن، في فيديو على قناة اليوتيوب الخاصة به، مجموعة من المحاور المهمة في مجال إعادة الإعمار بعد الحروب.