إذا كنت مدمناً هاتفك لدرجة تمنعك من تركه فوراً، فإليك ما يجب فعله

كم أتمنى أن أهجرك...
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يحاول هاتفك بجميع الوسائل أن يستحوذ على اهتمامك، حتى عندما يكون في الوضعية الصامتة، فربما تشعر برغبة مُلحَّة لترى ما يحدث على فيسبوك، على الرغم من أنك تفقدته منذ حوالي ربع ساعة، أو قد تشعر بارتجاج وهمي في جيبك بدون أي سبب حقيقي، حتى بدأت الهواتف الخلوية تتحول -وبشكل مطرد- إلى ما يشبه أطرافاً اصطناعية لا نستطيع أن نعيش بدونها. في هذا المقال نعرض لك بعض الأساليب التي قد تبعدك عن هذا الحاسوب الذي يقطن جيبك… على الأقل لفترة وجيزة.

لماذا ندمن على هواتفنا؟

بدأ عالم النفس لاري روزن (مؤلف كتاب “The Distracted Mind: Ancient Brains in a High-Tech World“) يدرس هذه الظاهرة منذ عدة سنوات، وهو يقول إن الشخص الراشد العادي يفتح جهازه -في المتوسط- أكثر من 70 مرة في اليوم الواحد، ويتفقده لمدة ثلاث دقائق أو أربع قبل أن يقفله ثانية، ثم يكرر نفس العملية بعد حوالي 10 دقائق، حيث يقول روزن: “يتفقد الشخص هاتفه بشكل أساسي لأشياء تتعلق بالاتصال، وما أن يشترك في موقع للتواصل الاجتماعي، حتى يشعر بما يمكن أن نسميه (مسؤولية اجتماعية) تحتم عليه تفقد الموقع والاستجابة لما فيه، وهو يستخدم هذه المواقع لأن جميع أصدقائه يستخدمونها”.

ونتيجة لهذا وجدت الأبحاث أن زيادة الوقت الذي نمضيه في استخدام التكنولوجيا تؤدي إلى نتائج سلبية، حيث تظهر أعراض سلوكية تتراوح ما بين القلق والتوتر وصولاً إلى اضطراب النوم، ناهيك عن المشي دون انتباه بشكل يعرِّض الحياة للخطر، ولا بد من الإشارة إلى أن التطبيقات الموجودة على الهواتف مصممة خصيصَى حتى تستحوذ على انتباهك بهذا الشكل الخطر.

يقول روزن: “إن استخدامك لهذه التطبيقات يصبُّ في مصلحة الشركات التي صممتها؛ ولهذا فهم يطلبون خدمات أخصائيي علم النفس والسلوك لمساعدتهم على التوصل إلى أفضل طريقة للَفْت انتباهك والاستحواذ عليه بشكل مستمر، وهم بالغو البراعة في هذا الأمر”.

هذا يعني أنك ستواجه العديد من المصاعب إذا حاولت أن تتوقف عن استخدام هذه التطبيقات، ولكن هناك بعض الحيل التي يمكن أن تقلِّل من الألم المرافق لهذه العملية.

ابتعد تدريجياً

يقول روزن: “أولاً عليك أن تعرف أنك لن تستطيع أن تترك الهاتف فوراً بهذه البساطة، فقد يبدو التخلي عنه في عطلة نهاية الأسبوع مثلاً حلاً سهلاً، ولكن هذا لن يؤدي إلا إلى إصابتك بالمزيد من القلق”.

يستند روزن طبعاً إلى ما شاهده في المختبر مراراً وتكراراً، فعندما يتلقى المشاركون في الاختبارات رسالة نصية دون أن يُسمح لهم بلمس هواتفهم، فإن الاستجابة الغلفانية للبشرة (تغيُّر المقاومة الكهربائية للبشرة) تزداد لديهم بشكل سريع، مشيرةً إلى زيادة في القلق، ويظهر هذا الشعور المترافق بنوعٍ من التشنُّج في المعدة عند المستخدمين ذوي الإدمان المتوسط والمرتفع، ومن المرجح أنك أحسست بهذا من قبل.

وينصح روزن -بدلاً من ترك الجهاز بشكل كامل- بأن يتم التخلي عنه بشكل تدريجي وممنهج، بحيث تعرِّض نفسك لتأثيره بشكل أقل، حيث يقول: “عادة ما أنصح بالبدء بفترة 15 دقيقة، أي تفقَّد هاتفك أو حاسوبك، ومن ثم فعِّل الوضعية الصامتة، واضبط المنبه ليرن بعد 15 دقيقة، وضَع الجهاز أمامك موجهاً شاشته إلى الأسفل حتى لا ترى أية إشعارات”. كما يقول إن وضع الجهاز بشكل يُتيح رؤيته مباشرة، تُرسل إشارة إلى المخ بأنه (لا داعي للقلق، فالجهاز ما زال في متناول اليد).

وبعد أن يرن المنبه مشيراً إلى مرور 15 دقيقة، يمكنك أن تتفقد هاتفك لفترة تصل إلى دقيقة واحدة، ثم قم بتكرار العملية إلى أن تكفَّ عن الشعور بالحاجة لتفقُّده عند سماع المنبه، قائلاً لنفسك: “كلا، أنا مشغول الآن، سأتفقده بعد قليل”.

وما أن تتكيف تماماً مع فترة 15 دقيقة، يمكنك أن تزيدها إلى 20 دقيقة، وهكذا دواليك. يقول روزن: “عادة ما أشجع الناس على الوصول إلى فترة 30 دقيقة على الأقل، لأنه يعني تخفيف السلوك الأوَّلي المتعلق بفترة 15 دقيقة إلى النصف”، وإذا وصلت إلى مرحلةٍ تتفقد فيها بريدك الإلكتروني كل ساعة، فهذا أفضل.

ولكن هناك فترة زمنية ينصح روزن بتجنب الهاتف فيها كلياً، وهي خلال الليل، فهو يقول: “ضع هاتفك في مكان بعيد قبل وقت النوم، حيث إن هذه النصيحة هي إحدى الإرشادات المعتمدة منذ عدة عقود لدى المنظمة الوطنية للنوم”.

كما يمكن للضوء الأزرق أن يتسبَّب في اختلال الإيقاع الليلي النهاري، وبالتالي فإن تجنُّبه لساعة يمكن أن يساعد على إفراز الميلاتونين ليأخذ مفعوله ويؤدي إلى النوم، وإذا كنت مضطراً لاستخدام الهاتف فخفِّف الإضاءة إلى أقصى حد ممكن، وقم بتفعيل الوضعية الليلية. ولكن إذا استطعت أن تتركه خارج غرفة النوم بالكامل وتتجنَّب إثارة دماغك بتلك المسؤوليات الاجتماعية، فهذا أفضل بكثير.

اجعل هاتفك أقل جاذبية

إن التخلص من الحاجة المُلحَّة إلى تفقد الهاتف أصعب مما يبدو، ولكن يقول روزن إن من الممكن لك أن تساعد نفسك بأن تجعل هاتفك أقل جاذبية، ولنبدأ بالأمور البديهية، مثل إطفاء كل ما تستطيع إطفاءه من الإشعارات والإنذارات المباشرة على الشاشة، حيث يقول: “يمكنك أن تحدد تنبيهات خاصة لأشخاص محددين، مثل أهلك أو زوجك، ولكن يجب أن تُوقف الإشعارات للآخرين جميعاً”.

غير أن هذا لا يكفي للفوز بالمعركة، حيث يقول بحثُ روزن إن نصف مرات تحديق الشخص في هاتفه لا يعود إلى الإشعارات، بل لتفقُّد الوقت (فإذا كنت تستخدم هاتفك كساعة، يمكنك أن تخفِّف من رغبتك في تفقده بشراء ساعة عادية جيدة)، أو تلبية لنداء “المسؤولية الاجتماعية”.

يقول روزن: “أنصح الأشخاص بوضع كل أيقونة من تطبيقات التواصل الاجتماعي في مجلد”، وهو لا يقصد مجلداً واحداً لجميع التطبيقات، بل وضع كل تطبيق في مجلد منفرد، مما يضاعف من عدد النقرات المطلوبة للوصول إلى أي منها، ويتابع كلامه قائلاً: “بعد ذلك قم بنقل كل هذه المجلدات إلى آخر صفحة من الواجهة الأساسية”، وقد يبدو هذا الإجراء سخيفاً، ولكن زيادة عدد الخطوات المطلوبة لتشغيل التطبيقات قد يقلِّل من الحاجة إلى فتحها، كما يقول روزن: “هذا الإجراء سيجعلك تحتاج إلى بذل جهد مضاعف حتى تفتح التطبيقات”.

إذا لم يكن كل هذا كافياً، فمن الممكن أن تحذف تطبيقات التواصل الاجتماعي بالكامل، وتعتمد بدلاً من ذلك على المواقع الإلكترونية الموافقة لها، وهو ما يجبرك على كتابة الرابط، واستخدام موقع يكون عادة أقل مستوى من التطبيقات حسنة التصميم. كما يمكنك أيضاً أن تحجب الكوكيز (أو ملفات تعريف الارتباط) التي تحتوي على بعض المعلومات التي تستخدمها المواقع الإلكترونية، مما يُجبرك في كل مرة على تسجيل الدخول (وإليك كيفية فعل هذا على هواتف آيفون والهواتف التي تعمل بنظام أندرويد). ومع زيادة العوائق بينك وبين مواقع التواصل الاجتماعي، ستستغرق وقتاً أكثر قبل أن تستخدمها.

وإضافة إلى كل هذا ينصح تريستان هاريس (وهو مصمم سابق في جوجل) بتفعيل نمط التدرُّجات الرمادية على الهاتف، حيث يكتم الألوان الزاهية المصمَّمة لجذبك. يقول روزن إنه لم يبحث في تأثير هذه النصيحة ذائعة الصِّيت، ولكن أحد زملائه يأمل في هذا قريباً. وإذا رغبت في تجربتها بنفسك على آيفون، فاذهب إلى الإعدادات Settings، ثم الإعدادات العامة للوصول General Accessibility، ثم اختصار الوصول Accessibility Shortcut، وأخيراً فلاتر الألوان Color Filters.