سلسلة النجاة: نصائح لإنقاذ مصاب بنوبة قلبية خلال 60 ثانية

تخيل هذا: كنت في نزهة تستمتع بيومك مع صديقك، وفجأة أمسك بصدره، يلهث لالتقاط أنفاسه، ويبدو أنه يفقد القدرة تدريجياً على الوقوف. إن الوقت يتباطأ، والأنظار موجهة إليك. ولكن ماذا لو أخبرتك أن هذه الثواني الستين قد تكون هي الأهم في حياته؟ في تلك اللحظة الحاسمة، ما تفعله، أو لا تفعله، قد يكون الفرق بين الحياة والموت. النوبات القلبية، التي تضرب دون سابق إنذار، تتطلب تصرفاً فورياً وحاسماً، فكيف تستطيع إنقاذ شخص يتعرض لجلطة قلبية خلال دقيقة؟

ما هي النوبات القلبية؟

تحدث النوبة القلبية، المعروفة أيضاً باسم احتشاء عضلة القلب، عندما يتوقف تدفق الدم إلى جزء من القلب أو ينخفض على نحو ملحوظ، ما يحرم عضلة القلب من الأوكسجين، ويعرقل وصول الدم إلى باقي أعضاء الجسم. إذا لم يُعالج الانسداد بسرعة، قد يؤدي إلى قصور دائم في القلب أو حتى الوفاة.

يحدث هذا عادةً بسبب جلطة دموية أو ضيق في الشرايين كما في تراكم الرواسب الدهنية (اللويحات) في الشرايين التاجية، وهي حالة تُسمى مرض الشريان التاجي.

أسباب النوبة القلبية

تحدث النوبة القلبية بسبب إعاقة وصول الدم إلى عضلة القلب، وهو ما قد يكون ناتجاً عن أحد الأسباب التالية:

الجلطة الدموية: يمكن أن يؤدي نمط الحياة غير الصحي، مثل الخمول والنظام الغذائي غير الصحي، إلى تراكم الدهون والكالسيوم والبروتينات والخلايا الالتهابية في الشرايين التي تغذي القلب بالدم. بمرور الوقت تشكل هذه العناصر ما يُطلق عليه باللويحات. تتجمع الصفائح الدموية خلف هذه اللويحات فتشكل جلطة دموية حول اللويحة يمكنها سدّ الشريان، والتسبب بنوبة قلبية.
تشنج الشريان: يحدث تشنج الشريان التاجي عندما تتقلص جدران الشرايين التاجية، التي تزود عضلة القلب بالدم الغني بالأوكسجين، فجأة. هذا الانقباض التشنجي يقلل أو يوقف تدفق الدم تماماً مؤقتاً. عادةً ما تكون هذه النوبات عابرة، ولكنها قد تسبب مضاعفات خطيرة مثل ألم الصدر (الذبحة الصدرية)، أو في الحالات الشديدة، نوبة قلبية. يمكن أن يحدث هذا التشنج في أثناء الراحة، وليس نتيجة بذل مجهود. يعتمد مدى تلف العضلة على حجم الجزء الذي يمده الشريان التاجي المصاب بالدم في عضلة القلب، والمدة الفاصلة بين النوبة والعلاج.
حالات خلقية: قد يولد البعض مع أنماط غير طبيعية للشرايين التاجية، ما يؤدي إلى تغذية القلب بالدم بأسلوب غير طبيعي، وفي حالات ضعف هذه الشرايين الشاذة قد تحدث النوبات القلبية.
حالات طبية خاصة: تسبب بعض الحالات الطبية تضيق الأوعية الدموية التي تغذي القلب، مثل "تشريح الشريان التاجي التلقائي" (SCAD)، أو التمزقات أو أي إصابات خطرة أخرى في الشرايين التاجية، أو انسداد الشريان التاجي الذي قد يحدث بسبب الإجهاد أو التمارين الرياضية الشاقة أو الحمل، وهي حالة شائعة لدى النساء الأصغر سناً، والمواليد الإناث، والمصابين بمتلازمة مارفان.

أعراض النوبة القلبية

تحدث النوبة القلبية فجأة، لكن بعض العلامات قد تشير إلى قرب الإصابة بها قبل ساعات أو حتى يوم. عموماً، وقبل اتخاذ أي إجراء، عليك التعرف إلى علامات الإصابة بنوبة قلبية؛ إذ يمكن أن تتنوع أعراضها وتتقاطع مع مشكلات صحية أخرى.

تعد العلامات التالية من أكثر أعراض النوبات القلبية شيوعاً والتي تساعد على تمييزها، وتشمل:

ألم أو انزعاج في الصدر، غالباً ما يُوصف بأنه ضغط أو انقباض أو عصر أو ألم في منتصف الصدر أو جانبه الأيسر. قد يستمر إحساس الضغط هذا نحو 15 دقيقة أو أكثر. وبينما يكون حاداً ومؤلماً بالنسبة إلى بعض الأشخاص، فإن آخرين لا يشعرون بأي ألم في منطقة الصدر.
ألم أو تنميل في منطقة الكتف، ويمكن أن يمتد إلى الذراعين، أو الظهر أو الرقبة أو الفك أو المعدة.
ضيق في التنفس، قد يحدث مع أو من دون انزعاج في الصدر.
حرقة المعدة أو عسر الهضم.
تعرق بارد.
غثيان أو دوخة.
إرهاق.

من المهم ملاحظة أن الأعراض تختلف من شخص لآخر، وخاصة بين الرجال والنساء، حيث قد تعاني النساء من أعراض أوضح، مثل عسر الهضم، أو التعب، أو الدوار.

ما يجب فعله خلال أول 60 ثانية لحدوث النوبة القلبية: سلسلة النجاة

كل ثانية تمر بعد الإصابة بالنوبة القلبية تُحدث فرقاً، إذ كلما طالت مدة تقييد تدفق الدم، زاد الضرر الذي يلحق بعضلة القلب؛ لذا فإن التدخل المبكر يُمكن أن يرفع معدلات النجاة ونتائجها بدرجة كبيرة. في الواقع، يموت 95% من ضحايا النوبة القلبية المفاجئة قبل الوصول إلى المستشفى، لكن يمكن خفض هذا العدد على نحو كبير، بحيث يصل معدل النجاة إلى 75%، باتباع ما يُعرف بسلسلة النجاة.

سلسلة النجاة أو البقاء على قيد الحياة (The Chain of Survival) هي مفهوم يستخدم في طب الطوارئ، ويتضمن خطوات مترابطة يمكن القيام بها لتحسين معدلات البقاء للأفراد الذين يعانون النوبة القلبية أو غيرها من حالات الطوارئ التي تهدد الحياة. وتتكون من:

الاتصال بخدمات الطوارئ: التعرف إلى علامات الطوارئ القلبية، والاتصال بخدمات الطوارئ المحلية، ووصف الأعراض بدقة، وتحديد الموقع، وذلك قبل الاتصال بالعائلة أو الأصدقاء.
الإنعاش القلبي الرئوي (CPR): يسهم تقديم الإنعاش القلبي الرئوي المبكر (خلال 4 دقائق من توقف القلب) في الحفاظ على أكسجة الأعضاء الحيوية كالدماغ. تتضمن العملية الضغط بقوة وسرعة على منتصف الصدر بمعدل 100-120 مرة في الدقيقة تقريباً.
إزالة الرجفان: استخدم جهاز مزيل الرجفان الخارجي الآلي (AED) بمجرد توفره (خلال 8-12 دقيقة من توقف القلب)، لأنه يمكن أن يعيد إيقاع القلب العادي بالصدمة الكهربائية.
الرعاية الطبية المُتقدمة: ضمان وصول المساعدة الطبية المُتخصصة بسرعة، بما فيها إعطاء الأدوية وتثبيت مجرى الهواء. إذا كان الشخص واعياً، وليست لديه حساسية من الأسبرين، يُمكن إعطاؤه حبوب الأسبرين للمضغ (يعمل على نحو أسرع عند مضغه وليس ابتلاعه كاملاً) لأنه يساعد على تسييل الدم وتحسين تدفقه.

ملاحظات قد تساعد على تخفيف ضيق نفس المريض أو ألم صدره:

طمئنه بأن المساعدة قادمة بهدوء، وحافظ على التواصل البصري.
ساعده على الاستلقاء في وضع مريح، ويفضل أن يكون مستلقياً على ظهره.
خفف الملابس الضيقة، مثل ربطات العنق أو الأحزمة، من شأن ذلك أن يجعل التنفس أسهل بالنسبة للمصاب.
افتح الباب للسماح بمرور تيار هواء في حال كان المريض داخل المنزل.
تأكد من استلقاء الشخص على ظهره على سطح ثابت. أمِل رأسه للخلف قليلاً لفتح مجرى الهواء.

نصائح للوقاية من النوبة القلبية

تجنباً لمثل هذه اللحظات التي قد تفصلنا عن الموت، وحفاظاً على الصحة، يمكن اتباع بعض النصائح للوقاية من النوبة القلبية، إليك أهمها:

اتبع نظاماً غذائياً صحياً غنياً بالمكسرات والفاكهة والخضروات والبقوليات والبروتينات الحيوانية الخالية من الدهون، وتجنب السكريات المكررة والأغذية المصنعة.
مارس ما لا يقل عن 150 دقيقة من التمارين المعتدلة، أو 75 دقيقة من التمارين الكثيفة كل أسبوع.
تجنب التدخين العادي أو الإلكتروني، وحتى التدخين السلبي.
عالج الحالات التي تزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية، مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، ومرض السكري.
احصل على قسط كافٍ من النوم، بما لا يقل عن 7 ساعات من النوم المتواصل في الليلة.
تجنب الجفاف بشرب كميات كافية من المياه.