كيف تهدد الشموع المعطرة صحتك؟

3 دقيقة
كيف تهدد الشموع المعطرة صحتك؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/New Africa

الشموع المعطرة، هي شموع تُضاف إليها زيوت عطرية لتعطي رائحة عطرية عند إشعالها. تُستخدم على نحو شائع لإضفاء جو مريح ومهدئ في المنازل، ولإخفاء الروائح غير المرغوبة، بالإضافة إلى اللمسة الديكورية الجذابة. تأتي هذه الشموع بمجموعة متنوعة من الروائح تشمل الأزهار والفواكه والأعشاب والتوابل، وحتى الروائح الموسمية مثل رائحة الخريف. وبناء على ذلك يبدو أن الشموع المعطرة طريقة أكثر أماناً لجعل منزلك أو مكتبك ذا رائحة لطيفة، لكن دراسات حديثة أجراها فريق من الباحثين في جامعة برمنغهام البريطانية (University of Birmingham) وجامعة  بوردو الأميركية (Purdue University) أثارت مخاوف بشأن المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة بحرق هذه الشموع؛ وبأنها تعطل الوظائف الإدراكية في الدماغ، وتطلق مواد مماثلة للمواد الصادرة من عوادم السيارات!

اقرأ أيضاً: كيف تحافظ على رائحة عطرية لمنزلك حتى شهر كامل؟

المواد الكيميائية الضارة في الشموع المعطرة

يسوّق للشموع المعطرة باعتبارها بديلاً خالياً من اللهب والدخان وغير سام للشموع التقليدية، إضافة إلى أنها ذات رائحة لطيفة وقدرة على خلق بيئة هادئة، لكنها تُصنع من شمع البارافين، وهو منتج ثانوي للبترول. 

في الدراسة البريطانية الحديثة المنشورة في 6 فبراير/شباط 2025 في دورية نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications)، سمح الباحثون لـ 26 مشاركاً باستنشاق الهواء المحيط بالشموع المعطرة أو هواء نظيف مدة ساعة، ثم أجروا تجربة لتقييم إدراكهم العاطفي (التعرف على المشاعر الشخصية ومشاعر الآخرين) وانتباههم الانتقائي (القدرة على التركيز وتجاهل عوامل التشتت واتخاذ القرارات)، فكانا منخفضين على نحو حاد بعد استنشاق الهواء الملوث. توصل الباحثون إلى أن الشموع العطرية تطلق ملوثات (جسيمات دقيقة) تسبب التهاباً في المخ، ما يؤثر في وظائفه وقدرته الإدراكية.

كما أشار البحث الذي نشرته دورية رسائل العلوم والتكنولوجيا البيئية التابعة للجمعية الكيميائية الأميركية (Environmental Science & Technology Letters)، في 3 فبراير/شباط 2025، إلى أن احتراق الشموع المعطرة يمكن أن يتسبب في إطلاق كميات من المركبات العضوية المتطايرة (VOCs) أكبر من تلك الموجودة في الشموع التقليدية، لأنها تحتوي على تركيز عالٍ من المواد العطرية، وتتعرّض لتسخين مباشر ضمن أجهزة التسخين، أي تزداد مساحة سطح الشمع المعرض للحرارة.

اختبر الباحثون جودة الهواء المحيط بـ 15 نوعاً من الشموع التجارية العطرية وغير العطرية، حيث تركوا كل جهاز لتسخين الشمع مدة ساعتين، وتوصلوا إلى أن عينات الهواء المأخوذة من مسافة بضعة أمتار عن الشمع المنصهر، في أثناء وبعد الاستخدام بنحو ساعتين، احتوت على جزيئات نانوية يتراوح حجمها بين 1 و100 نانومتر، أي أنها صغيرة بما يكفي لاختراق الأنسجة التنفسية ودخول مجرى الدم.

كشفت الدراسة أن التربينات المنبعثة من الشموع المعطرة تتفاعل مع الأوزون في الهواء الداخلي للمنزل لتكوين جزيئات جديدة، ما يؤدي إلى زيادة تركيز الجسيمات النانوية في الغلاف الجوي الداخلي بنسب مماثلة لتلك المنبعثة من الشموع التي تعتمد على الاحتراق ومواقد الغاز ومحركات الديزل. وهذا يتحدى التصور القائل إن شمعات الذوبان المعطرة هي بديل أكثر أماناً للشموع التقليدية.

اقرأ أيضاً: كيفية استخدام الشموع والبخور على نحو مستدام

المخاطر الصحية للتعرض الطويل الأمد للشموع المعطرة

في حين أن الاستخدام العرضي للشموع المعطرة قد لا يشكل مخاطر صحية كبيرة، فإن التعرض الطويل الأمد للمواد الكيميائية التي تطلقها هذه الشموع يمكن أن يكون له عواقب أكثر خطورة.

ينتج عن احتراق الشموع المعطرة انطلاق مركبات هيدروكربونية بكميات ضئيلة، أهمها التولوين والبنزين.

يُستخدم التولوين على نحو شائع في مخففات الطلاء والمواد اللاصقة. وعلى الرغم من أنه لا يستنشق بكميات كبيرة، قد يؤدي التعرض له إلى تهيج العين والأنف والحنجرة والجلد، فضلاً عن الصداع والدوخة والقلق. من ناحية أخرى، يُعد البنزن مادة مسرطنة تزيد خطر الإصابة بسرطان الدم.

في الواقع، تنتقل الهيدروكربونات العضوية مع الدم إلى المثانة حيث تتراكم فيها، ما قد يزيد خطر الإصابة بسرطان المثانة، لذا لا يُنصح المعرضون لخطر الإصابة بسرطان المثانة أو الذين يمرون بمرحلة الشفاء منه باستخدام الشموع المعطرة.

وبالمثل، يعد الأفراد المصابون بأمراض الرئة المزمنة، مثل الانسداد الرئوي المزمن أو الربو، أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات التعرّض لأبخرة الشموع المعطرة.

اقرأ أيضاً: هل يسبب البخور السرطان؟ إليك ما تقوله الأبحاث

 بدائل الشموع المعطرة

نظراً للمخاطر الصحية المحتملة المرتبطة بالشموع المعطرة، فمن المهم التفكير في بدائل أكثر أماناً. ومن الخيارات المتاحة:

  • شموع شمع العسل أو الصويا: على عكس الشموع التي تصنع من البارافين (أحد مشتقات النفط)، تُصنع هذه الشموع من مواد طبيعية وتنتج مواد كيميائية ضارة أقل عند حرقها.
  • موزعات الزيوت العطرية: تستخدم هذه الأجهزة الماء والزيوت العطرية لخلق رائحة لطيفة دون الحاجة إلى الحرق.
  • معطرات الهواء الطبيعية: تعتمد معطرات الهواء الطبيعية على مواد طبيعية مثل صودا الخبز أو الفحم المنشط، للقضاء على الروائح دون إطلاق مواد كيميائية ضارة.

المحتوى محمي