ست خرافات يجب إبادتها حول التخلص من الآفات

6 دقائق
يمكنك أن تتغلب على الغزاة من الحشرات والحيوانات.

منذ أن ظهر البشر وابتليت مساكنهم بالآفات، وما زلنا بعد أن اجتذبناها إلى منازلنا نحاول التخلص من القمل والصراصير والفئران، وغيرها من شركاء السكن الكريهين، ولكن أصبح لدى الكثيرين منا معلومات وأفكار خاطئة حول الدفاع عن منازلهم.

وسبب هذا أن فهمنا لهؤلاء الزوار الثقلاء يعتمد على فهم خاطئ للعالم من حولنا؛ فقد دافع أرسطو مثلاً عن فكرة "الجيل التلقائي"؛ أي ظهور الحيوانات بشكل فجائي من أشكال معينة من المواد، بمعنى أنك إذا رأيت بعض الفئران قرب كومة من القمح، فإنها -بهذا المنطق- نشأت من حبوب القمح نفسها.

تبدو هذه النظرية سخيفة لأي إنسان عصري، ولكن لم يثبت خطؤها بشكل نهائي حتى العام 1859 وظهور لويس باستور. وعلى الرغم من أن معلوماتنا حول الآفات قد تحسنت بشكل كبير، إلا أننا ما زلنا نصدق الكثير من فرضيات العلوم الزائفة، وإليك بعض الخرافات التي تسمعها غالباً عن التخلص من الآفات، بالإضافة إلى الأساليب الفعالة حقاً والتي يجب أن تتبعها بدلاً منها:

"إذا لم تتمكن من رؤية الآفة، فهي غير موجودة"

ستعلم باجتياح الصراصير لمنزلك إذا رأيتها، أليس كذلك؟ من المؤسف أن أهم خرافة في هذه القائمة تقول إنك إذا لم تشعر بوجود الدويبات فهي غير موجودة؛ لقد صمَّم البشر منازلهم للعيش المرفه، ولا يمكن أن نستغرب رغبة الحيوانات في العيش في مكان يضمن الطعام والمياه النظيفة والحماية من عناصر الطبيعة، وقد تطورات الآفات بحيث تتمكن من العيش قربنا والاستفادة من حسن ضيافتنا دون أن نلاحظ وجودها، وما لم تتفقد كل بوصة من منزلك بشكل منتظم، فأنت غالباً تستضيف حيواناً ما فيه.

"الآفات تحب القذارة"

هل تتذكر نظرية الجيل التلقائي التي ذكرناها سابقاً؟ صحيح أن هذه الفكرة خرجت من نطاق التداول، ولكنها لم تختفِ تماماً؛ فقد تطورت إلى شكل آخر يقول إن القذارة تنتج الآفات، أو -على الأقل- إن الحيوانات غير المرغوب فيها تفضل الأماكن التي تفتقر إلى النظافة.

وفي الحقيقة فإن "القذارة" أمر نسبيٌّ؛ إذ يمكنك أن تنظف بيتك حتى يتألق كل سنتمتر فيه، ولن يشكل هذا أي فرق بالنسبة للكثير من الدويبات، هناك على الأقل جانب مشرق واحد؛ هو توقُّفك عن الشعور بالذنب لأنك لم تنظف منزلك بما يكفي، وذلك لأن وجود بعض الكائنات غير المرغوب فيها لا يقتضي (بالضرورة) أنك متكاسل قذر.

ولكن يجب على أي حال أن ترتب الفوضى، خصوصاً ما يمكن أن يشكل مصدراً محتملاً للطعام؛ إذ تستطيع الصراصير على سبيل المثال أن تتغذى على أي شكل تقريباً من المواد العضوية، بما في ذلك الشعر وقصاصات الأظافر، وعلى حين أن التنظيف الجيد قد يُبقي الآفات بعيدة عن الأنظار، إلا أنه لا يمنعها تماماً من الدخول إلى منزلك؛ فقد تتغذى على بقايا طعامك في الخفاء، لا أمامك.

"أخفِ عنها الطعام، وسوف تختفي"

تبدو هذه العبارة منطقية؛ "تخلص من الطعام، وسيختفي ضيوفك الثقلاء"، لكن هذه المقاربة تحتوي على ثلاث مشاكل.

المشكلة الأولى هي أن حماية الطعام أصعب بكثير مما تظن؛ إذ تستطيع الفئران على سبيل المثال أن تقفز إلى ارتفاع حوالي 30 سنتمتر في الهواء، وتحشر نفسها في فتحات لا تتجاوز مساحتها مساحة عملة معدنية، كما أنها بارعة للغاية في التسلق؛ أي أنك لا تستطيع ببساطة أن تضع الطعام على رف مرتفع أو خلف باب ما وتعتبر أن الأمر انتهى. وكذلك فإن أصغر فتات من الطعام يكفي للكثير، حيث يحتاج الفأر إلى ما يقارب 3 غرامات من الطعام يومياً في ظروف المختبر، ويمكن أن يحصل على كل الرطوبة التي يحتاجها من هذه الكمية الصغيرة، وحتى لو أقفلت الخزائن والأبواب على كل ما لديك من الطعام، فسوف تحتاج إلى الكثير من العمل لتنظف منزلك من فتات الطعام بشكل كامل؛ لأن كل قطعة منه قد تشكل وجبة كاملة لفأر أو حشرة.

أما المشكلة الثانية فهي أن الآفات قد تحصل على الطعام والماء من مكان آخر إذا لم تجد ما تحتاجه في مطبخك وصنابيرك؛ فقد يستوطن الحيوان في منزلك، ويحصل على وجباته من مكان آخر مثل الفناء، كما أن سكان الشقق غالباً ما يتشاركون المطابخ والحمامات، مما يسهِّل إمكانية التنقل بين وحدات السكن للبحث عن موارد العيش.

وآخر مشكلة هي أن الكثير من الآفات يستطيع أن يتحمل مرور فترات طويلة من الوقت بدون طعام أو ماء؛ فقد يبقى بيض البراغيث في حالة سبات لفترة تصل إلى سنة، كما تستطيع الصراصير أن تعيش لشهر دون طعام، وأسبوع دون ماء، ولن تشعر هذه الآفات بلذعة الجوع ما لم تقطع عنها الطعام بشكل كامل.

لكن تخزين الطعام في مكان يصعب على الآفات الوصول إليه ما زال فكرة جيدة رغم كل ما ذكرناه، ويمكنك أن تنتقل مباشرة إلى القسم الأخير من أجل أن تعرف المزيد.

"يمكنك أن تدفعها إلى المغادرة باستخدام الأمواج فوق الصوتية"

يتجنب الكثيرون من ذوي المشاعر الحساسة قتلَ الكائنات الحية إلا للضرورة القصوى، حتى لو كانت من الآفات الضارة؛ ولهذا يحاولون دفعها إلى المغادرة باستخدام أساليب غير قاتلة، ومن هذه الأساليب تشغيل جهاز يُصدر نغمة فوق صوتية لا يمكن للبشر سماعها، ويُفترض أن الحيوانات غير قادرة على احتمالها.

صحيح أن الكثير من الآفات تستطيع سماع مجال ترددي لا نستطيع نحن سماعه، لكن حواس الحيوانات لا تعمل مثل حواسنا، كما أن الطريقة التي تتسبب بها حواسنا في الشعور بالألم تقود إلى مسائل معقدة لا نفهمها، فضلاً عن الحيوانات؛ ولهذا ستسمع الآفات غالباً هذه الأمواج فوق الصوتية التي تصدرها، لكنها قد لا تزعجها على الإطلاق؛ وقد أصبحت فعالية هذه الأجهزة موضع شك لدرجة أن الهيئة الفدرالية للتجارة رفعت دعاوى قضائية على الشركات التي تدَّعي أن الأمواج فوق الصوتية تنفع في هذا الغرض بدون تقديم أدلة كافية.

"الحيوانات تكره الفليفلة الحارة"

من الأمور التي يشترك فيها البشر أيضاً هي عدم الثقة في المواد الكيميائية، حيث يحاول البعض دفع الحيوانات إلى المغادرة باستخدام شيء أقرب إلى الطبيعة بدلاً من تسميمها، مثل مادة الكابسايسين التي تعطي الفليفلة الحارة مذاقها اللاذع، حيث يقوم بعض أصحاب المنازل بنثر فليفلة كايين المليئة بالكابسايسين في الأماكن التي يرجح فيها تواجد الآفات، أو رش المادة نفسها على الطعوم، حيث يعتقدون أن الحيوانات ستفرُّ ما أن تجرب هذا المذاق المؤلم.

غير أن العلم لا يتفق تماماً مع وجهة النظر هذه؛ فقد وجد الباحثون أن معالجة الطعام بالكابسايسين ستنفر الجرذان فعلاً، ولكن ستنفر فقط لتبحث عن مصدر آخر للطعام إذا وجدت أن المصدر الأول حاراً جداً، وتنصح إحدى الدراسات في الواقع باستخدام الكابسايسين، ولكن ليس لدفع الجرذان إلى الهروب، بل لدفعها إلى أكل الطعم المسموم. ويبدو أنها تعتقد -بالغريزة- أن هذا المذاق الحار هو مصدر حرارة فعلي، وبالتالي سوف تفر بطبيعة الحال، ولكن إلى مكان أبرد مثل القبو، لكنها لن تغادر المنزل بالكامل، فصحيح أن معالجة بعض مصادر الطعام بالكابسايسين لن تضر، ولكنها ليست بحل دائم.

"اشترِ قطاً!"

تعتبر القطط من أول الوسائل المستخدمة لمكافحة الآفات؛ حيث تظهر السجلات الجينية بالفعل أن القطط دجَّنت نفسها في نفس الفترة التي تشكلت فيها المجتمعات البشرية تقريباً، فقد كانت مخازن الطعام البشرية غنية بالفرائس السهلة التي تعتبرها القطط وجبات خفيفة وشهية.

ولكن مجال صيدها محدود على الرغم من أنها تعدُّ من المفترسات الفعالة، وإذا لم تفتح المجال أمام قطك الأليف ليتحرك بحرية في كافة أنحاء المنزل من أعلاه إلى أسفله، فسوف تختبئ الآفات ببساطة في الأماكن التي لا يذهب إليها القط أو لا يُسمح له بالذهاب إليها، كما أن أشرس القطط تعجز عن التصدي للآفات المتفاقمة؛ لأنها لا تستطيع أن تستمر في القتل والصيد طوال الوقت.

إذن ما الحلول الناجعة؟

إن أشد الإجراءات وأكثرها صرامة للوقاية ضد الآفات ومكافحتها قد تفشل في وجه آفات تتمتع بالعزيمة والتصميم، وذلك كما يبدو من هذه القائمة، ولكن يمكنك أن تتخذ بعض الخطوات الفورية لمنع الآفات قبل أن تبدأ.

حاول أن تجعل منزلك قليل الجاذبية بالنسبة للآفات قدر الإمكان، وذلك بالتصليحات الوقائية والتنظيف؛ قم بصيانة التمديدات الصحية بحرص لمنع أي قدر من التسريب، والذي يمكن أن تستخدمه الآفات كمصدر للمياه، واعزل منزلك ومرآبك عن الجو الخارجي بحيث يصبح من الصعب على الكائنات الصغيرة أن تتسلل إلى الداخل، واملأ الفراغات التي يمكن أن تختبئ فيها القوارض والحشرات بمادة عازلة أو ما شابه، ويفضل أن تكون مادة مقاومة للقضم والمضغ، كما يمكنك أن تضع أي مادة عضوية صالحة للأكل -بما في ذلك ملمعات الأحذية والقمامة- بشكل معزول في مستوعبات بلاستيكية أو معدنية سميكة، واحتفظ بهذه المستوعبات داخل الخزائن.

أما إذا كان لديك آفة، فقد حان وقت استخدام الفخاخ والسموم، سواء أعجبك الأمر أم لا.

ويفضل بالنسبة للقوارض والثدييات الصغيرة عموماً استخدام الفخاخ بدلاً من السموم؛ لأن هذه المخلوقات تفضل الاختباء عندما تشعر بالمرض، مما يعني أنها قد تنفق داخل الجدران وتصدر رائحة كريهة للغاية. كما يمكن استخدام الفخاخ غير القاتلة، ولكن يفضل عند الإمساك بالحيوان أن يتم إطلاقه على بعد حوالي 400 متر على الأقل بعيداً عن المنزل في منطقة غنية بالموارد؛ حتى لا يحاول العودة. وتذكَّر أن من الممكن أن يكون أحد هذه الحيوانات مختبئاً عندما تمسك بغيره، مما يعني أنك قد تضطر لتكرار نفس هذه الرحلة، وبالتالي قد يكون استخدام الفخاخ القاتلة أكثر سهولة، ولكن يجب البحث عن فخ يقتل بسرعة وفعالية، مثل الفخ ذي الفك.

أما بالنسبة للحشرات مثل الصراصير والنمل، فجرِّب استخدام حمض البوريك؛ حيث إنه قد يؤدي -عند مزجه بالطعام أو وضعه ضمن الأوكار- إلى قتل المستعمرة بأكملها، ولكن تأكَّد من سحقه ورشه في المناطق البعيدة عن الأطفال والحيوانات؛ حتى لا يُبتلع بالخطأ.

يجب إذن أن تعمل -قدر الإمكان- على تقليل جاذبية منزلك للآفات، وفي نفس الوقت تعمل أيضاً على مكافحة الآفات الموجودة شيئاً فشيئاً حتى تختفي تماماً.