هل تقلل ممارسة التمارين الرياضية خطر الإصابة بكوفيد-19؟

تمارين رياضية كوفيد-19
shutterstock.com/ alvarog1970
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تبيّن دراسة أميركية جديدة أن الأشخاص الأقل نشاطاً جسدياً (لا يمارسون التمارين الرياضية) هم أكثر عرضةً للإصابة بمرض كوفيد-19، والدخول إلى المستشفى، وحتى الوفاة بالمرض. وفقاً للحسابات الجديدة؛ فإن الخمول يجعلك أكثر عرضةً للتضرر بسبب المرض مقارنةً بأي عامل خطر آخر؛ باستثناء العمر، والخضوع المسبق لعملية زرع عضو، وإذا صح ذلك؛ فهو أمر جَلل.

تفاصيل الدراسة

في هذه الدراسة؛ سأل موفّروا الرعاية الصحية المشاركين عن مقدار التمارين الرياضية التي مارسوها خلال سنتين قبل الجائحة، وباستخدام هذه المعلومات؛ صُنّف المشاركون في 3 مجموعات. تمرّن أفراد المجموعة الأولى؛ والتي أُطلق عليها اسم «الخاملون بشكل متّسق»، لما لا يتجاوز العشر دقائق أسبوعياً، أما أفراد المجموعة الثانية، فمارسموا «بعض النشاط»؛ إذ تمرّنوا ما بين 11 دقيقة إلى 149 دقيقة أسبوعياً، بينما التزم أفراد المجموعة الثالثة بشكل متّسق بإرشادات ممارسة النشاط الجسدي؛ إذ مارسوا التمارين الرياضيّة لـ 150 دقيقة أو أكثر أسبوعياً. تضمّنت التمارين التي تم القياس وفقها النشاط الجسدي المعتدل إلى المُجهد، ويُعتبر تمرين «المشي السريع» مثالاً نموذجياً على هذه النشاطات.

مقارنةً بأفراد المجموعة الثالثة؛ كان أفراد المجموعة الأولى أكثر عرضةً بمرّتين لدخول المستشفى والوفاة بسبب كوفيد-19، كما أنّهم كانوا أكثر عرضةً لخطر الدخول للمستشفى والوفاة من أفراد المجموعة الثانية.

هناك عدّة أسباب تدفعنا للوثوق بنتائج هذه الدراسة؛ إذ أنّها استخدمت بيانات من حوالي 50,000 شخص أصيبوا بكوفيد-19 بين شهرَيّ يناير/ كانون الثاني وأكتوبر/ تشرين الأول من عام 2020. جُمّعت المعلومات حول مقدار التمارين الرياضية التي يمارسها هؤلاء قبل ظهور المرض؛ مما يعني أن إجابتهم لم تتأثر بالجائحة، كما حاول الباحثون أيضاً أخذ عوامل أخرى قد تحرّف النتائج بعين الاعتبار؛ مثل عمر المشاركين والحالات الصحية الأخرى التي يعانون منها.

مع ذلك؛ هناك أسباب كثيرة أخرى تجعلنا حذرين في التعامل مع نتائج الدراسة؛ أولاً، بلّغ المشاركون عن مقدار ممارستهم للتمارين بأنفسهم بدلاً من تقييم هذا الأمر من قبل الباحثين بطريقة موضوعية ما.

المشكلة الأكبر هي خطر الخَلط؛ وهو انحراف النتائج بسبب عامل ما لم يتم قياسه في الدراسة، ويحدث ذلك عندما تكون الظاهرة المدروسة (في هذه الحالة؛ التمارين الرياضية) والنتائج (في هذه الحالة؛ دخول المستشفى والوفاة بسبب كوفيد-19) متأثّرةً بمتغير آخر غير مُقاس، ويدعى هذا بـ «العامل المُربك».

لنأخذ مثالاً نموذجياً؛ وهو الجرائم والمثلجات، إذا نظرت لما حدث خلال بضعة سنوات، سترى أن معدلات الجرائم تزداد وتنقص بشكل متناسق مع مبيعات البوظة، ولكن لا يعتقد أحد أن البوظة تتسبب بالجرائم، أو أنه بعد ارتكاب جريمة قتل، يصبح الشخص أكثر عرضةً لأن يأكل المثلجات.

في هذا المثال؛ المسألة يشوبها الخَلط، وعامل الطقس هو العامل المربك. من غير المفاجئ أن مبيعات البوظة تزيد عندما يكون الجو حارّاً، وما يثير الاهتمام هو أن معدل الجريمة يزيد أيضاً بازدياد درجات الحرارة.

عندما نفكّر بالعلاقة بين نتائج كوفيد-19 والنشاط الجسدي؛ فإن العوامل المُربكة المحتملة كثيرة للغاية. الحالات الصحية طويلة الأمد؛ مثل السكّري، تزيد من خطر كوفيد-19، ويمكن أن تجعل ممارسة التمارين أكثر صعوبةً. نقص ممارسة التمارين يمكن أن يتسبب أيضاً ببعض الحالات طويلة الأمد، أو يزيد من سوئها، وعلى الرغم من أن مؤلّفي الدراسة حاولوا أن يأخذوا ذلك بعين الاعتبار؛ إلّا أن تحقيق هذا الأمر سيكون أمراً صعباً.

بالإضافة إلى ذلك؛ عامل الضعف (بغض النظر عن العمر) هو أحد عوامل الخطر التي تترافق مع النتائج الأسوأ لكوفيد-19، وهو عامل يؤثّر أيضاً على النشاط الجسدي. كما أن العوامل الاجتماعية الاقتصادية تلعب دوراً أيضاً، ومن المعروف حالياً أن الأشخاص الذين ينتمون لمجموعات محرومة هم أكثر عرضة لخطر كوفيد-19. يرتبط هذا العامل أيضاً بانخفاض القدرة على ممارسة النشاطات الجسدية في أوقات الفراغ؛ وهو النشاط الجسدي الذي قاسته هذه الدراسة بالنسبة لأغلب المشاركين.

باختصار؛ ترتبط العديد من العوامل السلوكيّة والبيئيّة ببعضها؛ وتشمل هذه الحمية، الوزن، تعاطي الكحول والمخدّرات، والنشاط الجسدي. فصل أثر هذه العوامل عن بعضها يمكن أن يكون أمراً بالغ الصعوبة.

على الرغم من هذه المشاكل؛ فإن الأخبار السارّة هي أن ممارسة المزيد من التمارين الرياضية أمر جيّد بشكلٍ عام، بغض النظر عمّا إذا كان الخمول هو عامل خطر كبير لمرض كوفيد-19. ممارسة المزيد من النشاطات الجسدية تحسّن الصحة، وتقلل خطر الإصابة بالأمراض، ويمكن أيضاً أن تزيد القدرة على التعامل مع المرض، وتخفف عواقبه بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الحالات الصحيّة طويلة الأمد.

فوائد التمارين الرياضية على الصحة النفسية

تنصحنا منظمة الصحة العالمية أن بعض النشاط الجسدي أفضل من الخمول، وأن المزيد من النشاط الجسدي أفضل وأفضل، وتؤكد أيضاً على الحاجة لتقليل وقت الخمول (الأوقات التي نقضيها بالجلوس أو الاستلقاء).

إذاً؛ سواء كان الخمول يضاعف خطر الوفاة من كوفيد-19 أم لا؛ فإن الالتزام بإرشادات النشاط الجسدي أمر ضروري. ربما الأمر الأكثر إثارةً للإعجاب حول هذه الدراسة هو أن عامل النشاط الجسدي هو أمر يمكن تعديله؛ على عكس بعض عوامل الخطر الأخرى المرتبطة بمرض كوفيد-19؛ فنحن لا يمكننا أن نغير عمرنا، وأغلب الحالات الصحية طويلة الأمد التي لدينا ستظل بجانبنا طيلة العمر، ولكن مع الرّكائز الصحيحة، نستطيع أن نكون أكثر نشاطاً.

اقرأ أيضاً: كيف تختار الروتين الأنسب لممارسة الرياضة؟ 7 خطوات تجيبك