هل التحول إلى النظام النباتي يمنع انتشار الفيروسات حيوانية المنشأ؟

2 دقائق
التغير المناخي, صحة, دايت, فيجان, نباتي, النظام الغذائي النباتي

بالرغم من منشأ فيروس كورونا الجديد الذي يسبّب مرض كوفيد-19 لا يزال غامضاً، إلا أنّ علماء الأوبئة يجزمون بأنه انتقل من الحيوانات إلى البشر. وقد دفع هذا الأمر عدداً من مستخدمي الإنترنت إلى الاستناج بأنّ انتقال فيروس كورونا وغيره من الأمراض الحيوانية المنشأ إلى البشر؛ سببه استهلاك البشر للحيوانات. من بين هؤلاء كان «إثرليج إد» النبّاتي الشهير -واسمه الحقيقي «إد وينترز»- الذي قال في مقابلةٍ مع صحيفة «يو إس توداي»: «لو لم نكن نستهلك الحيوانات في طعامنا، لما انتقلت إلينا الكثير من الأمراض، بما فيها فيروس كورونا الأخير».

لكن هذا الادعاء وما شابهه يفشل في أخذ الديناميكيات المعقدة للعلاقات البشرية والحيوانية بعين الاعتبار. فالبشر سيبقون يتعايشون مع الحيوانات دائماً بشكلٍ وثيق بطريقة أو بأخرى. فالقطط والكلاب تعيش في منازلنا، وما زلنا نركب الخيول، وتغزو منازلنا مختلف الحيوانات مثل الفئران وبق الفراش، وتنتقل الحيوانات البريّة عبر أراضينا نحو مواطنها.

يقول «جريجوري جراي»، عالم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة ديوك، والذي تحدّث لبوبيولار ساينس سابقاً عن رأيه في قضية منشأ فيروس كورونا: «أفضل ما يمكننا القيام به هو «التوّسط» في تعايشنا مع الحيوانات، بحيث نحرص على ألا تنقل إلينا أي أمراض، وبالعكس، لا ننقل لها الأمراض».

ويضيف: «إذا توقف الإنسان عن أكل لحوم الحيوانات؛ فربما يقل اتصالنا بها، سواء تلك الحيوانات التي نربيها في مزارعنا أو نصطادها من البرية». يعتبر جراي أن أكل لحوم الحيوانات هو «عامل مساعد ومهم» في ظهور الأمراض البشرية الجديدة. ووفقاً لجراي، حتّى لو تحولنا إلى نباتيين تماماً، سيظل لدينا اتصال مع الحيوانات التي تحمل العوامل الممرضة، ولا يرى أن ذلك سيوقف انتقال الأمراض إلينا.

في الواقع، البشر يأكلون الحيوانات منذ آلاف السنين. وكانوا يأكلون لحوم الحيوانات التي يقومون بتربيتها، أو تلك التي يصطادونها. لكن وفقاً لمقالة في صحيفة الجارديان؛ فقد أرجعت السبب في ظهور أمراض كثيرة متلاحقة في القرنين العشرين والواحد والعشرين إلى تربية الحيوانات بكثرة من أجل طعام البشر.

من الناحية النظرية، إذا توقفنا جميعاً عن تناول لحوم الحيوانات، فإنّ أسباب انتقال الأمراض إلينا ستختفي. ولكن بما أنّ تناول لحوم الحيوانات عرف عالمي وأساسي في العديد من الأماكن، فمن غير المنطقي أن نتصور كيف سيكون العالم إذا تحولنا جميعاً إلى نباتيين. وبالتأكيد لن نتوقف عن التواصل مع الحيوانات بشكلٍ أو بآخر.

إذا تجاهلنا حقيقة أنه من غير المحتمل أن نتحول جميعنا إلى نباتيين، فما يزال هناك الكثير مما يمكننا القيام به حتى نكون على اتصال آمن مع الحيوانات لضمان عدم انتقال الأمراض إلينا عبرها.

يعمل جراي في مبادرة جامعة ديوك للبحث وتطوير طرقٍ جديدة وأفضل لمراقبة ظهور أية أمراضٍ حيوانية جديدة في الماشية. يقول جراي أن من بين تلك الطرق هي المراقبة الوثيقة للأماكن التي يتواصل فيها البشر والحيوانات بشكلٍ متكرر والتي قد تنشأ فيها أمراض جديدة.

تستغرق الفيروسات وقتاً طويلاً -ربما عدّة سنوات أو عقود أو أكثر- للتكيف مع الخلايا البشرية، ويصبح انتقالها سهلاً من شخص لآخر. وبينما لا يتمكّن الكثير من العوامل الممرضة من الانتقال إلينا إلا عن طريق التفاعلات بين الإنسان والحيوان (على سبيل المثال، ينتقل فيروس زيكا إلى البشر عن طريق لسعات البعوض)، لكّن بعضها يتمكن أخيراً من الانتقال إلينا. كما تنتشر تلك العوامل الممرضة -مثل فيروس إيبولا- بطرقٍ يمكن السيطرة عليها بسهولةٍ أكبر من احتواء الفيروسات التي تنتقل عبر الرذاذ مثل فيروس كورونا.

كلما زادت فرص انتقال الفيروس إلى البشر، زادت فرصته في أن يصبح مرضاً وبائياً. يقول جراي: «حتى نتجنب مثل هذه الأوبئة وتحولها إلى جوائح والتصدي لها في وقتٍ متأخر؛ نحتاج إلى التحقّق مما يمكنه أن ينتقل إلى البشر من خلال هذه المهن، والتنبؤ بأي الفيروسات الجديدة التي ينبغي مراقبتها بشكلٍ أفضل».

سيتطلّب ذلك عمل الكثير، مثل إنشاء البنية التحتية اللازمة لمراقبة ومنع الأوبئة في المستقبل بشكل أكثر صرامة. ولكّن، وكما ظهر من جائحة فيروس كورونا، يبدو أن دول العالم -خاصة الولايات المتحدة- ليست مستعدة للتعامل مع الأوبئة من مصدرها.