تقنية جديدة تساعدك على اكتشاف النباتات التي تعاني الإجهاد والاعتناء بها

3 دقيقة
يمكن أن تساعد "الرقع النباتية" في إنقاذ الحدائق والمزارع من عوامل الإجهاد البيئية.

من المعروف لأي شخص حاول الحفاظ على نباتات الشرفة أو حديقة منزلية على قيد الحياة خلال التغيرات الموسمية أن الكلام بشأن مهمة كهذه أسهل من الفعل. فالتغيرات المفاجئة في درجات الحرارة -مثل موجات البرد- وفترات الجفاف الطويلة يمكن أن تُجهد النباتات، ما يُحدث خللاً في تركيبها الكيميائي الحيوي الطبيعي. وإذا لم تُعالج هذه الضغوط بسرعة كافية، فقد تؤدي في النهاية إلى موت النبات. وغالباً ما يرى المزارعون المحبَطون العلامات المنذرة (مثل ذبول الأوراق أو تحوّلها إلى اللون البني) بعد فوات الأوان. لكن جهازاً جديداً يمكن تثبيته على النباتات، طوّره باحثون في الجمعية الكيميائية الأميركية يمكن أن يوفر نظام إنذار مبكر.

نظام إنذار مبكر

وهذا الجهاز القابل للارتداء (بالنسبة إلى النباتات)، الذي نُشرت تفاصيله في الأسبوع الثالث من شهر مارس/آذار الماضي في مجلة الجمعية، مصمم على شكل مستشعر كهرومغناطيسي يمكن تثبيته مباشرة على أوراق النباتات. والغرض منه هو الكشف عن بيروكسيد الهيدروجين (الماء الأوكسجيني)، وهي مادة كيميائية تطلقها النباتات عند تعرّضها للإجهاد البيئي. ويتكون المستشعر من مجموعة من الإبر البلاستيكية المجهرية المثبّتة على قاعدة مرنة. هذه القاعدة مغطاة بهلام مائي مكون من مادة الكيتوزان قادر على اكتشاف كميات صغيرة من بيروكسيد الهيدروجين الذي يُحوّل بعد ذلك إلى تيار كهربائي. ينبه وجود هذا التيار المزارعين على مستويات الإجهاد في نباتاتهم.

في العديد من التجارب، حدد الجهاز القابل للارتداء بدقة وجود بيروكسيد الهيدروجين في مجموعات من النباتات المعرضة لمسببات الأمراض. من الناحية النظرية، يشير البحث إلى أنه يمكن تطبيق نوع مماثل من الأجهزة القابلة للارتداء على محاصيل زراعية أكبر بصفتها وسيلة ميسورة التكلفة للكشف عن النباتات المجهدة قبل أن يصبح من الصعب إنقاذها.

كتب الباحثون في الورقة البحثية: "تتمتع تكنولوجيا الاستشعار هذه بالقدرة على العمل بصفته جهازاً محمولاً لقياس مركّبات الأوكسجين التفاعلية في النباتات في الموقع، ما يوفر حلاً سريعاً وفعالاً من حيث التكلفة لتقدير كمية بيروكسيد الهيدروجين".

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تثبت قدرة النباتات على التلاعب في حبوب اللقاح

تحديد النباتات المجهدة

يمكن لعدد من العوامل البيئية -مثل الجفاف والملوحة العالية والآفات أو مسببات الأمراض- أن تسبب إجهاداً للنباتات. وعندما يحدث ذلك، تُنتج النباتات بصورة طبيعية بيروكسيد الهيدروجين، الذي يقول الباحثون إنه "يُمثل مؤشراً للإجهاد الحاد" وهذا يشير إلى الخلايا النباتية لتنشيط مجموعة متنوعة من الآليات الدفاعية. إذا استمرت الضغوط لفترة طويلة، يمكن أن تؤدي إلى موت النبات في نهاية المطاف. في الماضي، كان الباحثون يراقبون العلامات المبكرة لإجهاد النبات من خلال أخذ عيّنات صغيرة أو مراقبة التغيرات في التألق الفوتوني للنبات (التفلور). ولكن لا يُعد أي من هذين الخيارين مثالياً، فقد يؤدي أخذ العينات إلى الإضرار بالنبات ويسبب له إجهاداً، وقد يكون من الصعب اكتشاف التغيرات في التألق الفوتوني بوضوح.

وهنا يأتي دور جهاز النبات القابل للارتداء. من خلال توصيل جهاز استشعار كهروكيميائي مباشرة بأوراق النبات، يعتقد الباحثون أن بإمكانهم الحصول على استجابة شبه فورية مع الحفاظ على الحد الأدنى من الاضطرابات الفيزيائية للنبات. ومن الناحية العملية، تخترق الإبر الدقيقة في المستشعر الأنسجة النباتية وتكشف عن بيروكسيد الهيدروجين دون الحاجة إلى جمع مستخلصات عصارة الأوراق. سطح الإبرة الدقيقة مطلي بطبقة رقيقة من الذهب، ممزوجة مع هلام مائي حيوي مكون من الكيتوزان المتوافق حيوياً والمحب للماء وإنزيمات بيروكسيداز فجل الخيل.

ثبّت الباحثون هذه المستشعرات على عدة مجموعات من نباتات التبغ وفول الصويا. جرى تعريض بعض تلك النباتات لأحد مسببات الأمراض البكتيرية الذي يُسمى "التبقع البكتيري من النوع المُمرض في الطماطم دي سي 3000" (Pseudomonas syringae pv. tomato DC3000)، بينما ظلت مجموعة النباتات الضابطة سليمة. وكما هو متوقع، سرعان ما أظهرت أجهزة الاستشعار المثبّتة على النباتات المصابة علامات بيروكسيد الهيدروجين، وهو ما يشير إلى وجود إجهاد. يقول الباحثون إن مستويات التيار الكهربائي التي قيست بواسطة أجهزة الاستشعار كانت أيضاً "مرتبطة ارتباطاً مباشراً" بكمية بيروكسيد الهيدروجين المنبعثة. ويمكن إعادة استخدام الرقع نفسها حتى تسع مرات أخرى قبل أن تبلى الإبر وتفقد شكلها.

وقال الباحث والمؤلف المشارك في الورقة البحثية ليانغ دونغ في بيان: "يمكننا تحقيق قياسات مباشرة في أقل من دقيقة مقابل أقل من دولار واحد لكل اختبار. سيؤدي هذا الإنجاز غير المسبوق إلى تبسيط التحليل إلى حد كبير، ما يجعل استخدام مستشعر الرقعة الخاص بنا خياراً عملياً للمزارعين لمراقبة أمراض المحاصيل في الزمن الحقيقي".

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف عن الآلية التي تتبعها نباتات عباد الشمس لتتبع مصدر الضوء

ويُعرب دونغ وزملاؤه عن تفاؤلهم بإمكانية توسيع نطاق هذه التكنولوجيا لمساعدة المزارعين والبستانيين على مراقبة نباتاتهم عن بُعد بحثاً عن علامات تشير إلى اضطراب الصحة. وهذا جزء من توجه أكبر وناشئ في القطاع الزراعي لدمج أجهزة استشعار المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وحتى الروبوتات الذاتية التحكم لتوفير الرعاية على مدار الساعة للنباتات. والمخاطر كبيرة، إذ تشير تقديرات المعهد الوطني للأغذية والزراعة (the National Institute of Food and Agriculture) إلى فقدان نحو 20-30 في المائة من الإنتاج العالمي للمحاصيل سنوياً بسبب الآفات والأمراض، ما يعني خسائر تقدّر بأكثر من 220 مليار دولار.

المحتوى محمي