نهجٌ جديد لاستخدام الدخان الناتج عن عوادم السيارات في زراعة الغذاء

مصدر الصورة: بيكساباي.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ماذا لو أمكن التقاط الماء وثاني أكسيد الكربون الناجمَين عن نظام عوادم السيارات واستخدامهما في زراعة الغذاء؟ كتب ثلاثةٌ من أعضاء هيئة التدريس في جامعة تكساس إيه آند إم الأميركية، ورقةً بحثيةً أبلغت عن تحليلهم الأولي للتجربة، ونُشرت الورقة في دورية «الاقتصاد الدائري والاستدامة» على أمل الحصول على التمويل اللازم لإجراء بحثٍ رسمي متعدد التخصصات حول المشروع.

بدأ الباحثون في محاكاة ما كان ممكناً. وتمت كتابة العديد من المقترحات بالفعل للشاحنات الكبيرة وتطبيقات المركبات البحرية؛ ولكن لم يتم تنفيذ أي شيء حتى الآن. وهذه المرة الأولى التي تتم فيها دراسة التجربة على محرك سيارة ركاب. وقد يكون تأثير ذلك هائلاً.

في عام 2019، بلغ عدد المركبات المقدر استخدامها حول العالم 1.4 مليار مركبة، ويمكن أن تنفث سيارة ركاب عادية قيد التشغيل حوالي 4.6 طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنوياً؛ مما يعني أن هناك كميةً هائلةً من غازات الاحتباس الحراري تذهب بفعل السيارات إلى البيئة، كما ينتج عن احتراق وقود سيارة واحدة أيضاً كمية كبيرة من المياه سنوياً – حوالي 21000 لتر.

يعلم الباحثون أن ثاني أكسيد الكربون والماء المهدرين يمكن استخدامهما بشكلٍ جيد – خاصةً في المدن؛ إذ تعتمد التوسعات الأخيرة في الزراعة الحضرية على البيوت الزجاجية الصناعية التي تستخدم جواً صناعياً غنياً يحتوي على ما يصل إلى ثلاث أضعاف كمية ثاني أكسيد الكربون الموجودة في الهواء العادي لتحسين صحة النبات والمحاصيل.

ستستفيد هذه المزارع الحضرية بشكلٍ كبير من مصدر ثابت لثاني أكسيد الكربون والمياه المستصلحة مجاناً، لأنها تشتري حالياً وتستخدم ما يزيد عن 2 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون وما يقرب من 22 لتراً من الماء لإنماء ما يزيد قليلاً عن 1 كيلوغرام من المنتجات، ولا تشمل هذه الأرقام المياه وثاني أكسيد الكربون اللازمَين لمعالجة الأغذية بعد الحصاد [tooltip content=”البسترة هي عملية المعالجة الحرارية التي تقضي على الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض في بعض الأطعمة والمشروبات. سُميت على اسم العالم الفرنسي لويس باستور؛ الذي اكتشفها. تُطبّق البسترة على الحليب ومشتقاته؛ وذلك من أجل حفظه ومنع فساده، وفيها يُسخن الحليب حتى درجة حرارة تبلغ حوالي 63 درجة مئوية لمدة 30 دقيقة، أو يُسخن إلى درجات حرارة أعلى لفترات زمنية أقصر؛ كأن يُسخن الحليب والقشدة إلى 138-150 درجة مئوية لمدة ثانية واحدة أو ثانيتين بحيث تكون كافيةً للقضاء على جراثيم السل وغيرها من الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في الحليب والمقاومة للحرارة والمسببة للأمراض. تقضي البسترة أيضاً على معظم الكائنات الحية الدقيقة التي تسبب فساد الأطعمة؛ وبالتالي تطيل وقت تخزينها. يمكن تخزين الحليب المبستر في عبوات معقمة ومحكمة الإغلاق دون تبريد لمدة 60 إلى 90 يوماً، أما بعد الفتح، فيمكن للحليب المبستر أن يتلف بنفس سرعة تلف الحليب العادي.” url=”https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A9/” ]والبسترة[/tooltip] كثيفة الطور.

أوضح الباحثون كيف يمكن للجهاز المتكامل أن يعمل؛ حيث يمكن للحرارة المنبعثة من المحرك تشغيل نظام «دورة رانكين العضوي»؛ وهو عبارة عن وحدة صغيرة ومغلقة بشكل أساسي تحتوي على توربين ومبادلات حرارية ومكثف ومضخة تغذية تعمل مثل المحرك البخاري القديم ولكن على نطاق أصغر بكثير ومع أقل بكثير من الحرارة اللازمة لإنتاج الكهرباء. يعمل هذا النظام على تشغيل المكونات الأخرى؛ مثل نظام التبادل الحراري الذي يمكنه تبريد غاز ثاني أكسيد الكربون وضغطه وتغييره إلى سائل لتخزين أكثر إحكاماً، وهذا مفهوم مشابه لمفهوم مكيف الهواء في السيارة الذي لدينا الآن.

المحاكاة الأولية مشجِّعة، ومن غير المتوقع حدوث انخفاضٍ كبير في قوة محرك السيارة أو زيادة في استهلاك الوقود، ويمكن معالجة أي تآكل محتمل في نظام التبادل الحراري باستخدام مواد طلاء جديدة. ومن الناحية النظرية، فيمكن لمالكي المركبات تسليم خراطيش كاملة من ثاني أكسيد الكربون والمياه في مراكز الاستصلاح – تماماً كما يجلب الناس علب الألمنيوم والفولاذ في الوقت الحاضر، أو يمكن للسائقين استخدام ثاني أكسيد الكربون والمياه في الأنظمة الدفيئة الخاصة بهم أو داخل المجتمع، بشرط استخدام ثاني أكسيد الكربون بشكلٍ مسؤول وامتصاصه بالكامل بواسطة النباتات.

ومع ذلك؛ تظل هناك أسئلة مثل الحجم الذي يجب أن تكون عليه هذه الخراطيش، وكيف سيتم التعامل مع الماء لأنه لا يمكن ضغطه، وما هو الوزن الذي سيؤثر فيه ثاني أكسيد الكربون والماء المخزنين على أداء السيارة.

يسعى الباحثون بنشاطٍ للحصول على تمويل لمواصلة عملهم، وبينما يجري البحث بالفعل في المختبرات والصناعات الوطنية حول تحسين الأجهزة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون على نطاقٍ واسع، لا يوجد شيء حالياً على نطاق بهذا الحجم الصغير، لذلك قد يستغرق الأمر 10 سنوات قبل أن يكون لديهم شيء جاهز للاختبار.

يمكن أن يأتي التحدي الأكبر من تجميع فريق متعدد التخصصات لإجراء البحث؛ إذ توجد مكونات الجهاز بالفعل في شكلٍ ما ولكنها ستحتاج إلى فريق متماسك من المهندسين من تخصصات مختلفة لإعادة تصميمها للعمل معاً في مثل هذه المساحة الضيقة.

وقال أحد الباحثين: «كل هذه الأفكار والتقنيات المستقلة لا قيمة لها إذا لم تتمكن من الاتصال معاً. نحتاج إلى الأشخاص المهتمين بالمستقبل لتحقيق ذلك قريباً، وطلاب نشيطين في مجالات البترول والميكانيك والمدنية والزراعة وغيرها من التخصصات الهندسية الذين يمكنهم تجاوز الحدود والعمل بشكلٍ متزامن».