حظرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية استخدام الصبغة الحمراء رقم 3، وهي صبغة تعتمد على البترول وتمنح العديد من الأطعمة والمشروبات الشعبية ألوانها المميزة والحيوية. على الرغم من أن بعض الشركات بدأت بالفعل التخلص التدريجي من هذه المادة المضافة قبل الإعلان الذي أصدرته إدارة الغذاء والدواء بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2025، فإن هذه المادة الاصطناعية لا تزال موجودة في أكثر من 3 آلاف منتج مثل عصير الفاكهة ولحوم البقر المجففة والمشروبات الغازية وحتى بعض الأدوية التي لا يتطلب شراؤها وصفة طبية.
اقرأ أيضاً: هل يمكن صنع كبسولات قهوة قابلة لإعادة التدوير؟
صبغة الإريثروسين: الصبغة الحمراء رقم 3
بدأ استخدام الصبغة الحمراء رقم 3، التي تُعرف بالاسم الكيميائي "الإريثروسين"، في الأطعمة عام 1907، وأضافتها الشركات لاحقاً إلى آلاف المنتجات لتعزيز ألوانها على مر العقود، غالباً في الوجبات الخفيفة مثل البوظة والحلوى التي تسوقها مباشرة للأطفال. يعود بعض أقدم الدعوات لإزالة الصبغة رقم 3 إلى ثمانينيات القرن العشرين، عندما أشارت دراسة بحثية إلى أن هذه المادة المصنعة قد تتسبب بالسرطان لدى الفئران بعد تناولها بكميات كبيرة بما يكفي. لا يوجد ارتباط مثبت بين تناول الصبغة رقم 3 والإصابة بالسرطان لدى البشر، لكن جماعات مناصرة المستهلك استمرت في الضغط بهدف حظرها.
قررت إدارة الغذاء والدواء حظر استخدام الصبغة الحمراء رقم 3 في مستحضرات التجميل مثل أحمر الشفاه عام 1990، لكنها رفضت تنفيذ قيد مماثل على الأطعمة والمشروبات في ذلك الوقت. خلصت دراسة من عام 2021 أجراها مكتب تقييم المخاطر الصحية البيئية في ولاية كاليفورنيا إلى أن الأصباغ الاصطناعية مثل الصبغة الحمراء رقم 3 قد تكون مرتبطة بالمشكلات السلوكية لدى الأطفال، مثل مشكلات الانتباه والذاكرة. وتجددت جهود حظر هذه المادة المضافة على المستوى الفيدرالي في العام التالي بقيادة مركز العلوم في المصلحة العامة (CSPI). حظرت ولاية كاليفورنيا استخدام الصبغة الحمراء رقم 3 لاحقاً عام 2023، بينما قدم العديد من الهيئات التشريعية للولايات الأخرى مشروعات قوانين مشابهة. مع ذلك، ينص الإعلان الأخير على حظر هذه المادة على المستوى الفيدرالي. استخدام الإريثروسين مقيّد بالفعل في الصين والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، واستخدامه محدود في أستراليا ونيوزيلندا.
صبغة تحمل مخاطر الإصابة بالسرطان
قال رئيس مركز العلوم في المصلحة العامة، بيتر لوري، في بيان صحفي: "أخيراً، أنهت إدارة الغذاء والدواء المفارقة التنظيمية المتمثلة في أن استخدام الصبغة الحمراء رقم 3 في أحمر الشفاه غير قانوني على الرغم من أن إطعامها للأطفال في شكل الحلوى قانوني تماماً. الغرض الأساسي من أصباغ الطعام هو جعل الحلوى والمشروبات وغيرها من الأطعمة المصنعة أكثر جاذبية. عندما تكون الوظيفة جمالية بحتة، فلماذا نخاطر بالإصابة بالسرطان حتى لو كان الخطر منخفضاً؟"
منح قرار إدارة الغذاء والدواء الشركات موعدين نهائيين لتعديل منتجاتها، وذلك اعتماداً على تصنيف هذه المنتجات. تجب إزالة الصبغة الحمراء رقم 3 من الأطعمة والمشروبات بحلول 15 يناير/كانون الثاني 2027، بينما تجب إزالتها من الأدوية بحلول 18 يناير/كانون الثاني 2028. هناك 36 مادة ملونة مضافة معتمدة من إدارة الغذاء والدواء، 9 منها صناعية. كما خضع بعضها، مثل الصبغة الحمراء رقم 40، للبحث بسبب أضرارها الصحية المحتملة.
اقرأ أيضاً: ما مدى صحة كلام ميل غيبسون عن فعالية أدوية الطفيليات في علاج السرطان؟
يستغرق إكمال العملية التنظيمية لتقييم المخاطر الصحية في المواد المضافة إلى الأغذية عدة سنوات غالباً، إن لم يستغرق عقوداً. عندما تلقّى مفوض إدارة الغذاء والدواء، روبرت كاليف، أسئلة عن هذه الجداول الزمنية خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ في ديسمبر/كانون الأول 2024، أكّد أن القضية لا تتعلق بالفساد أو عدم الكفاءة، بل بالدعم الفيدرالي.
قال كاليف حينها: "طالبنا مراراً وتكراراً بزيادة تمويل أبحاث السلامة الكيميائية. يرجى النظر في طلبنا بتمويل الأشخاص الذين يجرون هذه الأبحاث. تذكر أنه عندما نحظر مادة ما، فستصل المسألة إلى المحكمة، وسنخسر القضية إن لم تكن لدينا الأدلة العلمية".
هدد مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، روبرت كينيدي الابن، بإلغاء الكثير من عمليات إدارة الغذاء والدواء، وذلك إن لم يلغِها جميعها.
كتب كينيدي في أحد مواقع التواصل الاجتماعي في أكتوبر/تشرين الأول 2024: "إذا كنت تعمل في إدارة الغذاء والدواء وكنت جزءاً من هذا النظام الفاسد، فلدي رسالتان لك: احتفظ بسجلاتك واجمع أغراضك".
في الوقت نفسه، أكد ممثلو الجمعية الوطنية لمصنعي الحلويات (NCA)، وهي مجموعة تجارية بارزة، بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2025 أن أعضاء الجمعية سيلتزمون بإرشادات إدارة الغذاء والدواء ومعايير السلامة.
قال ممثلو الجمعية في بيان صحفي: "يريد مستهلكو منتجاتنا وكل من يعمل في قطاع الأغذية، كما يتوقع هؤلاء، أن تؤدي إدارة الغذاء والدواء مهامها بفعالية، وأن تتمتع البلاد بإطار تنظيمي وطني متسق قائم على العلم. نقول منذ سنوات إن إدارة الغذاء والدواء هي صانعة القرار التنظيمي الوطني الشرعي والرائدة في مجال سلامة الأغذية".