سنواجه أوبئةً مرعبة: الأمم المتحدة تدعو لمعالجة فقدان التنوع البيولوجي

التنوع البيولوجي
Shutterstock.com/World Day
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع وجود مليون نوع معرض لخطر الانقراض؛ دعا أنطونيو غوتيريش؛ الأمين العام للأمم المتحدة، أمس – الاثنين، إلى التحلي بمستوىً عالٍ من القيادة والإرادة السياسيتين في سبيل إنهاء أزمة التنوع البيولوجي.

قال الأمين العام «إن مستقبل البشرية يعتمد على جهودنا الجماعية. دعونا نعمل معا للحفاظ على كافة أشكال الحياة على الأرض حتى يستفيد الناس والطبيعة». وشدد خلال حديثه في اجتماع افتراضي، على الحاجة إلى الالتزام والطموح والمصداقية، وبهدف وضع إطار عالمي جديد لمعالجة فقدان التنوع البيولوجي.

التنوع البيولوجي سر الحياة على الأرض

التنوع البيولوجي هو المصطلح الذي يُطلق على تنوع الحياة على الأرض والأنماط الطبيعية التي تشكلها، التنوع البيولوجي الذي نراه اليوم هو ثمرة مليارات السنين من التطور، شكلتها عمليات طبيعية، وبشكل متزايد بتأثير البشر، ولا يزال التنوع البيولوجي يشكل شبكة الحياة التي نحن جزء لا يتجزأ منها؛ والتي نعتمد عليها بالكامل.

حتى الآن؛ تم تحديد حوالي 1.75 مليون نوع؛ معظمهم مخلوقات صغيرة مثل الحشرات، ويعتقد العلماء أن هناك بالفعل حوالي 13 مليون نوع؛ على الرغم من أن التقديرات تتراوح من ثلاثة إلى 100 مليون نوع.

يشمل التنوع البيولوجي أيضًا الاختلافات الجينية داخل كل نوع – على سبيل المثال؛ بين أنواع المحاصيل الزراعية وسلالات الماشية. وتحدد الكروموزومات والجينات والحمض النووي؛ وهم اللبنات الأساسية للحياة، تفرُّد كل فرد وكل نوع.

جانب آخر من جوانب التنوع البيولوجي هو تنوع النظم البيئية مثل تلك التي تحدث في الصحاري والغابات والأراضي الرطبة والجبال والبحيرات والأنهار والمناظر الطبيعية الزراعية. في كل نظام بيئي تتشكل الكائنات الحية مع بعضها، وتتفاعل مع بعضها البعض ومع الهواء والماء والتربة من حولها.

باختصار؛ التنوع البيولوجي هو مزيج أشكال الحياة وتفاعلاتها مع بعضها البعض ومع بقية البيئة التي جعلت الأرض مكاناً فريداً صالحاً للسكن للبشر. مع الأخذ في الاعتبار أن التنوع البيولوجي يوفر عدداً كبيراً من السلع والخدمات التي تحافظ على حياتنا.

انهيار التنوع البيولوجي 

أنطونيو غوتيريش؛ الأمين العام للأمم المتحدة. الصورة: الأمم المتحدة

بالعودة إلى منظمة الأمم المتحدة؛ سيتم اعتماد إطار العمل الجديد خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي؛ المعروف باسم COP-15، والمقرر انعقاده في مدينة كونمينغ الصينية، خلال العام المقبل.

شارك في الاجتماع التمهيدي لمؤتمر الأطراف الذي نظمته كولومبيا، أمس – الاثنين، قادة العالم ووزراء ورؤساء المنظمات الدولية والبنوك متعددة الأطراف ونساء وشباب وممثلون عن شعوب أصلية، وتشارك الجميع في الإجراءات والمبادرات، فضلاً عن الالتزامات تجاه تنفيذها.

وقال غوتيريش إن الاجتماع جاء في لحظة حرجة تشهد انهيار التنوع البيولوجي؛ مؤكداً «نحن الخاسرون»، ومشيراً إلى تدهور النظم البيئية في جميع أنحاء العالم. وحذّر من أن الناس والماشية يتعدون بشكل أكبر على الموائل البرية؛ قائلاً: «إننا نخاطر بإطلاق العنان لأوبئة جديدة مرعبة».

قال الأمين العام إن العالم يضع الآمال على اتفاقية جديدة طموحة ستغير علاقة البشرية بالطبيعة، وتعكس تماما قيمة التنوع البيولوجي والنظم البيئية الصحية؛ بما في ذلك الاقتصاد العالمي. وشدد على ضرورة أن تدعم الخطة الجديدة النظم البيئية التي تساعد البشرية على التكيف وبناء المرونة اللازمة تجاه تغير المناخ.

اتفاقية التنوع البيولوجي للحفاظ على الطبيعة 

Shutterstock.com/Vasilii Koval

يمكن توفير ما لا يقل عن 500 مليار دولار كل عام في حالة تم إعادة توجيه الحوافز التي تضر بالتنوع البيولوجي أو تطويعها أو إلغاؤها، ويُعد هذا هدفاً واحداً من 21 هدفاً طموحاً لمسودة اتفاق أصدرتها هيئة أمانة اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي في الفترة التي تسبق مؤتمر المناخ التاريخي، COP26؛ الذي سيُعقد في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بالمملكة المتحدة.

كانت أمانة الاتفاقية أصدرت في وقت سابق من هذا العام، إطاراً عالمياً جديداً لإدارة الطبيعة حتى عام 2030؛ وهو خطة متطورة على غرار اتفاق باريس بشأن فقدان التنوع البيولوجي، لتوجيه الإجراءات التي تحافظ على الطبيعة وتحميها وتحمي خدماتها الأساسية التي تقدمها للناس في جميع أنحاء العالم.

وتدعو أهداف اتفاقية التنوع البيولوجي إلى وقف وعكس التدمير البيئي للأرض بحلول نهاية العقد، كما تتضمن خطة لحماية ما لا يقل عن 30% من مناطق العالم البرية والبحرية، وخفض العناصر الغذائية المفقودة في البيئة إلى النصف، والقضاء على النفايات البلاستيكية.

الإجراءات الجريئة تنهي الأزمة

محيطات, أصوات, تلوث المحيطات, سلحفاة بحرية

استكمالاً لمبادرات الاتفاقية؛ حث الأمين العام للأمم المتحدة الحكومات على تحويل الإعانات ذات الأثر الضار التي تدمر التربة الصحية، وتلوث مياهنا، وتفرغ المحيطات من الأسماك، إلى تلك التي تحفز على اتخاذ إجراءات للحفاظ على الطبيعة.

ودعا غوتيريش الحكومات أيضا إلى ضرورة إنشاء مناطق محمية أكبر ذات إدارة أفضل لحماية الأنواع والنظم الإيكولوجية العاملة ومخزونات الكربون للأجيال الحالية والمقبلة، وأضاف: «نحن بحاجة إلى حماية وتمكين قيادة الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية التي تذخر أراضيها بالكثير من التنوع البيولوجي المتبقي في العالم».

قال غوتيريش إن العالم يحتاج -قبل كل شيء- إلى الالتزام والطموح والمصداقية، مشدداً على أنه يجب على الجميع التصرف على أساس أن حماية الطبيعة ستخلق عالما أكثر عدلاً وصحةً واستدامةً، وأضاف قائلاً: «أنا متفائل بإمكانية حدوث ذلك؛ خاصةً عندما أرى وعي والتزام شباب العالم، وأنا أشيد بالالتزامات التي تم التعهد بها بالفعل».

وأكد الأمين العام أن الإجراءات الجريئة على أرض الواقع هي وحدها الكفيلة بإنهاء أزمة التنوع البيولوجي.

خفض الانقراض والوئام مع الطبيعة

الحفاظ على البيئة
shutterstock.com/ sarayut_sy

يذكر أنه تم اعتماد مسودة إطار العمل الإنسانية من أجل العيش «في وئام مع الطبيعة» بحلول عام 2050، من قبل الأطراف الـ 196 في اتفاقية التنوع البيولوجي؛ والتي حددت أربع أهداف رئيسية واسعة النطاق يجب الوصول إليها بحلول نهاية هذا العقد.

تهدف المسودة إلى توسيع النظم البيئية بنسبة 15% لدعم المجموعات السكانية الصحية والمرنة من جميع الأنواع، وتقليل حالات الانقراض بمقدار 10 أضعاف على الأقل، وتهدف إلى حماية 90% من التنوع الجيني للأنواع البرية والمستأنسة بحلول عام 2030.

وفقاً للهدف الثاني، فإنه بحلول عام 2050، يجب تقييم المساهمات التي تقدمها الطبيعة للناس والحفاظ عليها أو تعزيزها من خلال الحفاظ عليها؛ ولكن بحلول عام 2030، يجب الإبلاغ عن جميع القرارات العامة والخاصة ذات الصلة واستعادة الاستدامة طويلة الأجل لمن هم في حالة تدهور.

أما الهدف الثالث فيتمثل في المشاركة العادلة في استخدام الموارد الجينية من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام، ويحدد الهدف قصير الأجل المتمثل في زيادة المنافع النقدية لمقدمي الخدمات؛ بما في ذلك أصحاب المعارف التقليدية، فضلاً عن المخصصات غير النقدية؛ كزيادة مشاركتهم في البحث والتطوير.

وأخيراً؛ ومن أجل تنفيذ هذا الإطار بحلول عام 2050، فإن الهدف يتمثل في سد الفجوة بشكل تدريجي بين الموارد المالية المتاحة، وبحلول نهاية العقد، ونشر بناء القدرات والتنمية، وزيادة التعاون التقني والعلمي ونقل التكنولوجيا.