اكتشاف رائد يحسن من فرص نجاح عمليات زراعة الأعضاء

باحثون يحددون البروتينات المسؤولة عن رفض الجسم لزرع الكبد
حقوق الصورة: أنسبلاش.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وضع باحثون من جامعة نورث وسترن الأميركية أطلس بروتين الدم «BPA»، الذي يضم مجموعات البروتينات في الجسم التي يمكن عبر معرفتها التنبؤ بالمرضى الذين قد يحدث لديهم رفض لزرع عضو جديد، وهو الكبد في حالة هذه الدراسة التي نُشرت في دورية ساينس العلمية.

ينتمي أعضاء فريق البحث إلى 6 مؤسسات علمية، ويتألف من 26 عالماً، مقسمين لمجموعتين، عملت الأولى على تحديد الأشكال البروتينية، وعملت الثانية على دراسة التطبيقات العملية.

أطلس بروتين الدم «BPA»

استطاع القسم الأول من فريق الباحثين تحديد الأشكال البروتينية لأكثر من 56 ألف جزيء بروتيني، تنتمي إلى 21 نوعاً مختلفاً من الخلايا. هذا العدد أكثر مما تمكن الباحثون من تحديده سابقاً بـ 10 أضعاف، واضعين بذلك أطلس بروتين الدم «BPA». ويقول الباحثون إن هذا المشروع سيكون مكافئاً لمشروع الجينوم البشري.

لا يملك العلماء الكثير من المعلومات عن هياكل البروتينات، لذلك تعمّق الباحثون الآن في دراستها، مستخدمين أحدث أجهزة مطياف الكتلة لتحديد العناصر المكونة لها، ولتوضيح البنى الكيميائية الخاصة بكل شكل من أشكال البروتينات. 

بعد ذلك حلل الباحثون البيانات لتحديد البروتينات في الخلايا والدم بكفاءة. وأجروا التجارب مع الحفاظ على الأشكال البروتينية سليمة بدلاً من تقسيمها إلى قطع صغيرة كما كان يحدث عادة عند دراستها.

يجمع الباحثون قياسات خاصة بالمرضى، ويحددون نوع الخلايا والأشكال البروتينية، ما يسمح لهم بالوصول إلى مؤشرات حيوية أفضل، تساعدهم على الاستفادة من تطبيقات أطلس البروتين. في هذه الدراسة، استفاد الباحثون من الأطلس بتحديد البروتينات المسؤولة عن رفض الجسم للكبد المزروع.

اقرأ أيضاً: هل يؤدي التبرُّع بالأعضاء إلى نقل الأمراض بشكل كبير؟

عملية زراعة الكبد

يحتاج المريض للخضوع لعملية زرع الكبد عندما يحدث لديه فشل الكبد، وصعوبة السيطرة على حالته باستخدام أنواع العلاج الأخرى، أو إذا كان المريض مصاباً بسرطان الكبد. ينتظر المريض كبداً من متبرع متوفٍ، أو يتلقى جزءاً من كبد متبرع حي. 

في بعض الحالات، يرفض جسم المريض المتلقي الكبد، حيث يهاجمه جهاز المناعة لأنه يعتبره شيئاً غريباً ودخيلاً على الجسم، ويصنع أجساماً مضادة في محاولة منه للتخلص من الكبد المزروع، دون إدراك الفائدة منه.

يضطر الأطباء لتثبيط جهاز المناعة بالعلاج الدوائي، ويبقى المريض تحت المراقبة بحثاً عن علامات الرفض، وغالباً ما يستجيب الأطباء بعد بدء نوبة الرفض. وقد يضطر بعض المرضى لتناول أدوية رفض الزرع وتثبيط المناعة مدى الحياة، ما يعرضهم لخطر الإصابات المتكررة بالعدوى الجرثومية والفيروسية.

بعد وضع أطلس بروتين الدم، أصبح بإمكان الأطباء التنبؤ باحتمال رفض جسم المريض للكبد بدقة، وتجنّب عملية الرفض ومضاعفاتها.

اقرأ أيضاً: من الكلى إلى القلب: هذا ما يجب أن تعرفه عن زراعة الأعضاء

تحديد أشكال البروتينات المسؤولة عن الرفض

بعدما تمكّن القسم الأول من فريق الدراسة من رسم خريطة واضحة لمجموعات البروتينات، درس القسم الثاني منه التطبيقات العملية، وحددوا المؤشرات الحيوية في البروتينات التي يمكن مقارنتها مع مثيلاتها عند المرضى الذين يواجهون اضطراب رفض زرع الكبد، فوجدوا مؤشرات جديدة في بروتينات الخلايا المناعية تغيرت مع الرفض. 

من عينات دم المشاركين في دراسة أخرى، فحص فريق البحث بدايةً الأشكال البروتينية التي يبدو أنها تنشط استجابة مناعية لعملية الزرع، وحددوا تلك التي تغيرت مقارنة بالمرضى الذين لم يحدث لديهم رفض. استنتج الباحثون أن عدد أشكال البروتينات المسؤولة عن الرفض هو 24 شكلاً، وتأكدوا منها بعد مقارنتها مع عينات دم لمرضى خضعوا لزراعة الكبد في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية.

اقرأ أيضاً: وفاة كل 30 ثانية: اليوم العالمي لالتهاب الكبد تحت شعار «لا يقبل الانتظار»

الفائدة من أطلس بروتين الدم

يُشفّر كل جين بشري ما لا يقل عن 15 إلى 20 شكلاً فريداً من البروتينات، وبوجود 20,300 جيناً فريداً في جسم الإنسان، من المؤكد وجود الملايين من الأشكال البروتينية. عندما يتمكن الباحثون من وضع خارطة كاملة لكافة أشكال البروتينات التي تشفّرها الجينات، سوف تتسارع الاكتشافات حول مختلف الأمراض، مع إيجاد علاجات جديدة لها.

في دراستنا هذه، يعود تحديد البروتينات بفائدة كبيرة، إذ سيتمكن الأطباء من تمييز المرضى الذين سيحدث لديهم رفض لزرع الكبد قبل عدة أسابيع من الخضوع للعمل الجراحي، وهذا وقت مبكر جداً، يساعد الأطباء على تثبيط مناعة المتلقي قبل حدوث الرفض.

يواصل الباحثون دراسة كيفية تغير الأشكال البروتينية لدى متلقي الزرع بمرور الوقت لتطوير مؤشرات حيوية إضافية قد توضح كيفية التعامل مع المرضى. أيضاً ازدياد عدد أنواع الخلايا في الأطلس سيزيد التطبيقات التي سيُستفاد منه فيها، ما سيوسع نطاق فهم البيولوجيا البشرية. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون له تطبيقات أخرى في مجال الاضطرابات المناعية.