لأول مرة: نجاح بنكرياس اصطناعي في التحكم بالسكري من النمطين الأول والثاني

لأول مرة: نجاح بنكرياس اصطناعي في التحكم بالسكري من النمطين الأول والثاني
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Lukasz Pawel Szczepanski
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

التعب الشديد، وتشوش الرؤية، وفقدان الوزن والارتباك، هذا بعض ما يصيب مرضى السكري من النوع الأول نتيجة خلل في إفراز البنكرياس لهرمون الإنسولين المنظم لنسبة السكر في الدم. ولكن ماذا لو كان بالإمكان توصيل الإنسولين بنظام آلي يحاكي البنكرياس الطبيعي؟ هذا ما كشفت عنه دراسة جديدة في “المجلة الطبية البريطانية” (BMJ)، والتي أعلنت عن نجاح تقنية البنكرياس الاصطناعي والتي تمت تسميتها بنظام الحلقة المغلقة.

ما هو البنكرياس وما دوره في الإصابة بداء السكري من النوع 1؟

البنكرياس هو عضو بحجم قبضة اليد في البطن، يؤدي دوراً أساسياً في تزويد الجسم بالوقود، والحفاظ على [tooltip content=” العملية التي يحول بها الجسم ما يأكله ويشربه إلى طاقة، وخلال هذه العملية المعقدة يتم دمج السعرات الحرارية في الأطعمة والمشروبات مع الأوكسجين لتحرير الطاقة التي يحتاجها الجسم ليعمل.” url=”https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%85%d8%ab%d9%8a%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b0%d8%a7%d8%a6%d9%8a/” ]التمثيل الغذائي[/tooltip] السليم، من خلال وظيفتين رئيسيتين:

  • إفراز العصارة البنكرياسية: وهي مجموعة من الإنزيمات التي تنتجها غدد إفرازية في البنكرياس لهضم العناصر الغذائية الأساسية (الكربوهيدرات والبروتينات والدهون).
  • تنظيم نسبة السكر في الدم: من خلال إطلاق ما يُعرف بخلايا جزر لانغرهانس في البنكرياس هرمون الإنسولين لخفض نسبة السكر في الدم، والجلوكان لرفع نسبة السكر في الدم، وهو أمر بالغ الأهمية لعمل الأعضاء الرئيسية بما في ذلك الدماغ والكبد والكلى.

يحدث السكري من النوع الأول نتيجة خلل في خلايا البنكرياس تتوقف على إثره عن إفراز هرمون الإنسولين أو لا تنتجه بكمية كافية. بغض النظر عن الأسباب، فإن تناقص وجود الإنسولين يسبب تراكم سكر الغلوكوز في الدم، ما قد يؤدي لحدوث مضاعفات تهدد الحياة. لذا يحتاج مرضى السكري من النوع الأول إلى احتساب كمية الكربوهيدرات التي يتم تناولها للتناسب مع جرعات الإنسولين.

اقرأ أيضاً: الأنسولين الذكي: مفتاح العلاج الثوري لمرض السكري

البنكرياس الاصطناعي: محاكاة البنكرياس الحقيقي

البنكرياس الاصطناعي ليس في الحقيقة عضواً مطوراً في المختبرات، وإنما هو جهاز يقوم بوظيفة خلايا جزر لا نغرهانس في إفراز الإنسولين.

لتقليل الخطأ البشري لاحتساب الكمية الدقيقة من جرعة الإنسولين، ومن الحاجة لمراقبة الغلوكوز واحتساب نسبه، اتبع العلماء تقنية البنكرياس الاصطناعي، الذي يعمل بالترتيب التالي:

  1. يتم زرع مستشعر تحت الجلد لقياس مستويات الغلوكوز في الدم.
  2. ترسل القراءة لاسلكياً إلى مضخة لتحديد نسبة الإنسولين اللازم ضخها باستخدام خوارزمية.
  3. يتم توصيل كمية الإنسولين عبر المضخة تلقائياً، ما يلغي الحاجة لأخذ حقن الإنسولين يومياً.
  4. يمكن مراقبة القراءات على الهواتف المحمولة، من خلال إدخال الكمية المقدرة من الكربوهيدرات في الوجبة.

توصيات نايس

نايس (NICE) هو المعهد الوطني للصحة وجودة الرعاية (National Institute of Health and Care Excellence)، وهو منظمة تقيم تقنيات الرعاية الصحية الناشئة في المملكة المتحدة، وتحدد مدى كفاءتها وفعاليتها للاستخدام في برامج الصحة العامة.

أوصى نايس، في بيان له حول البنكرياس الاصطناعي، باستخدام الأشخاص المصابين بمرض السكري من النوع الأول والمعرضين لخطر حدوث مضاعفات طويلة الأمد، تقنية البنكرياس الاصطناعي، أي عندما يبلغ اختبار خضاب الدم السكري لديهم 6.5% أو أكثر.

قال مارك تشابمان المدير المؤقت للتكنولوجيا الطبية في نايس: “يعاني بعض الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول خلال إدارة حالتهم، على الرغم من أنهم يفعلون كل ما يطلبه منهم فريق إدارة مرض السكري. هذه التكنولوجيا هي أفضل تدخل لمساعدتهم على السيطرة على مرض السكري، باستثناء العلاج”.

وطلبت المنظمة في توصيتها من هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) تحديد سعر أكثر فعالية من حيث التكلفة للجهاز، حيث تبلغ تكلفته حالياً 5744 جنيهاً إسترلينيا (7025 دولاراً).

ماذا عن مرضى السكري من النوع 2؟

يعد داء السكري من النوع الثاني أكثر شيوعاً من النوع الأول، فبينما يصيب النوع الأول 8% من المرضى حول العالم، فإن النوع الثاني يصيب نحو 90 % منهم. وينتج مرض السكري من النوع 2 عن ارتفاع نسبة سكر الجلوكوز في الدم بسبب إحدى الحالتين:

  • عدم قدرة البنكرياس على إفراز ما يكفي من الإنسولين.
  • عدم استجابة الخلايا للإنسولين، وبالتالي امتصاص كميات قليلة من السكر.

لذا قد يحتاج البعض إلى العلاج بحقن الإنسولين أو حتى غسيل الكلى في مراحل متقدمة من المرض.

نجح علماء في جامعة كامبريدج في تجربة البنكرياس الاصطناعي الخاص بهم على مرضى السكري من النوع الثاني، وبشكل خاص المعرض منهم لخطر الإصابة بالفشل الكلوي.

اقرأ أيضاً: في الإمارات: تقنية جديدة لتناول الأنسولين عبر الفم

تم تطوير الجهاز بالجمع بين تطبيق CamAPS FX ومستشعر الجلوكوز ومضخة الإنسولين، لمنع ارتفاع نسبة السكر لديهم، حيث تديره خوارزمية مماثلة للمستخدمة في المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الأول. في الدراسة التي نُشرت في دورية “نيتشر ميديسن” (Nature Medicine)، أبلغ الفريق عن أول تجربة للجهاز في المصابين بالسكري من النوع 2 ممن لا يحتاجون لغسيل الكلى، وبشكل مشابه للبنكرياس الاصطناعي المستخدم في مرضى السكري من النوع الأول، يعمل الجهاز بشكل تلقائي بعد تحديد نسبة السكر في الدم.

إذاً، بالنسبة لمرضى السكري من النوع الأول والثاني، يمكن للبنكرياس الاصطناعي أن يكون “الكأس المقدسة” التي ستساعدهم على عيش حياة طبيعية.