«أيلا بشير» أول طفلة تتلقى علاجاً لمرضها الوراثي وهي في رحم أمها

«أيلا بشير» أول طفلة تتلقى علاجاً لمرضها الوراثي وهي في رحم أمها
حقوق الصورة: shutterstock.com/ crystal light
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كانت الطفلة أيلا أول المشاركين في التجربة السريرية لعلاج الأمراض الوراثية في الرحم مع 9 مشاركين آخرين، وكان الهدف من هذه التجربة السريرية توفير فرصة أفضل لتحسين جودة حياة الأطفال المصابين بالأمراض الوراثية عن طريق تقديم العلاج أبكر ما يُمكن.

ولدت أيلا بشير في مدينة أونتاريو الكندية، لأبوين كانا قد فقدا ابنتين بسبب “داء بومبي” الوراثي بعمري سنتين و6 أشهر على التوالي. هذا الاضطراب الوراثي النادر سائد النمط، ما جعل الأهل يبحثون في سبل إنقاذ طفلتهم الثالثة.

اقرأ أيضاً: إنجاز نوعي قد يلغي استخدام الأدوية المثبطة للمناعة بعد زرع الأعضاء

ما هو “داء بومبي”؟

يغيب في داء بومبي أحد أهم الإنزيمات التي تساعد خلايا الجسم في التخلص من الفضلات ويسمى “حمض إلفا غلوكوسيداز-25″، وبدونه تتراكم هذه المواد الضارة ما يسبب في نهاية الأمر تلف الأعضاء وخاصة القلب والعضلات والهيكل العظمي، إذ كانت أُختا أيلا قد توفيتا جراء فشل في القلب. حيث يقوم هذا الإنزيم بتحطيم الغليكوجين والسكر المُخزّن في الخلايا، وبدونه تُغمر الخلايا بالغليكوجين وتتوقف عن العمل، ما يؤدي إلى حدوث فشل متعدد في أجهزة الجسم في نهاية المطاف.

عادةً ما يتم علاج هذا الداء مباشرةً بعد ولادة الطفل، وفي هذا الوقت يكون الداء قد سبب أذية في عضلة القلب والهيكل العظمي والتي يكون من الصعب عكسها. لهذا السبب تم تطوير بروتوكول علاجي في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو لتوفير العلاج بهذا الإنزيم قبل الولادة، وكانت أيلا أول طفل في العالم يتلقى هذا العلاج في مشفى الأطفال في شرق أونتاريو، تحت إشراف الطبيب “برانيش تشاكرابورتي” المختص في الأمراض الوراثية في مشفى الأطفال في شرق أونتاريو، والذي وصف هذا العلاج التجريبي بأنه واعد وخاصةً عندما نتحدث عن علاج مرض يتقدم بسرعة هائلة في الأشهر القليلة الأولى من الحياة.

كيف عالج الأطباء داء بومبي لدى الأجنة المصابة؟

تم إعطاء الأطفال المصابين بالمرض ما يعرف بـ”العلاج البديل للإنزيم”، والذي يتضمن حقن جرعة من إنزيم حمض إلفا غلوكوسيداز-25″، لمنع الآثار السلبية التي تترتب على غياب هذا الإنزيم.

اقرأ أيضاً: عمليات جراحية نوعية تُجرى في مستشفى عربي يرقى من خلالها لدرجة المستشفيات العالمية

من الإيجابيات الأخرى لهذا الإجراء هو أن الأجنة أقل عرضة لتطوير رد فعل تحسسي للإنزيم الصناعي المحقون، حيث تملك الأجنة ما يُعرف بخاصية “التسامح المناعي” أو “الاستجابات المناعية السلبية” لأنها أقل قابلية لتطوير استجابة مناعية قوية للأجسام الأجنبية نظراً لعدم نضج جهازها المناعي على عكس الأجهزة المناعية للبالغين.

أي بمعنى آخر سيكون هناك تراكم أقل في نهاية المطاف للأجسام المضادة، إذ تتسبب المستويات المرتفعة من الأجسام المضادة في تحريض الاستجابة المناعية التي تقلل من فعالية وفوائد العلاج ببدائل الإنزيم.

تم توجيه الحقن في الوريد السري باستخدام جهاز الأمواج فوق الصوتية، حيث تم الحقن في الأوعية الدموية التي تربط الجنين بالمشيمة. وعلى الرغم من الآثار الإيجابية العظيمة لهذا الإجراء، فإنه لا يخلو من المخاطر ويحمل خطراً ضئيلاً لحدوث الولادة المبكرة وحتّى الإجهاض وفقدان الحمل في أسوأ الأحوال.

نتائج العلاج التجريبي

على الرغم من أن أيلا ستحتاج هذا العلاج لبقية حياتها، فإن العلاج أثناء حياتها الجنينية يعتبر منقذاً على الرغم من أن هناك الكثير من البيانات التي لا يزال الأطباء يحتاجونها لفهم سلامة وجدوى العلاج الجيني قبل الولادة.

اقرأ أيضاً: نجاح عمل جراحي رائد في إجراء زرع مزدوج لذراعين وكتفين

تبلغ أيلا اليوم 17 شهراً، وهي قادرة على إصدار الأصوات وتحريك أطرافها، كما أنها قادرة على الاستيلاء على الأشياء القريبة، ما يعتبر إنجازاً لطفلة مصابة بمرض بومبي الوراثي. وهذا العلاج قدّم أملاً كبيراً لوالدي أيلا اللذين خسرا طفلتيهما بسبب هذا المرض.

لا تزال التجربة السريرية قيد الدراسة، ولا يزال الأطباء يجمعون المعلومات ويبحثون في كل جوانب هذا الإجراء على أمل الاعتراف به كعلاجٍ رسمي يمنح الأمل للمصابين بمرض بومبي، ويفتح آفاقاً علاجية جديدة في علوم الطب الوراثي.