اكتشاف جين مقاوم لصدأ الساق في القمح من شأنه تعزيز الأمن الغذائي

اكتشاف جين مقاوم لصدأ الساق في القمح
حقوق الصورة: shutterstock.com/TTstudio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تنتشر أمراض الصدأ في كل مكان حول العالم تقريباً، خاصة في مناطق زراعة القمح، ما يؤثر على الاقتصاد العام للبلاد التي تعتمد على القمح بصورة كبيرة. وقد بدأ العلماء منذ وقت طويل بالبحث عن طرائق فعالة لمقاومة مرض الصدأ، واعتمد كثير منهم على فكرة التعديل الجيني لإنتاج سلالات مقاومة للمرض.

وفي هذا الصدد، أفادت دراسة بحثية أجراها فريق دولي من الباحثين إلى وجود جين مقاوم لصدأ الساق، ويمكن استخدامه على نطاق واسع ونقله إلى السلالات الأخرى من القمح، ما يعزز الإنتاجية، ونُشرت الدراسة في دورية “نيتشر كوميونيكيشن” (Nature Communication) في 25 مارس/آذار 2022.

اقرأ أيضاً: أيهما أفضل.. خبز القمح الكامل أم الخبز الأبيض؟ أمعاؤك تجيب

أنواع أمراض صدأ القمح 

تؤثر 3 أمراض مختلفة لصدأ القمح على القمح، من ضمنها:

  • صدأ الأوراق: ويُعرف باسم الصدأ البرتقالي أو الصدأ البني، وهو أكثر الأنواع الثلاثة شيوعاً في مناطق محددة، منها السهول الوسطى الكبرى ومناطق زراعة القمح في الولايات المتحدة الأميركية، لدرجة أنه من المعروف أنّ صدأ الأوراق يحصل في بعض الولايات كل عام بصورة مستمرة. 
  • الصدأ المخطط: ويُطلق عليه الصدأ الأصفر.
  • صدأ الساق: وهو معروف باسم الصدأ الأسود.

ينتشر مرض صدأ القمح بسرعة كبيرة، ما يؤثر سلباً على كمية المحصول وجودته، وهذا يتوقف على عدة عوامل، من ضمنها: نوع العامل الممرض ووقت الإصابة وحالة الجو.

يتأثر المحصول عندما يُصاب بالمرض قبل مرحلة الازدهار أو أثنائها. ويتوقف حجم الضرر الملحق بالمحصول على عدة عوامل، منها:

  • مرحلة النمو التي يمر بها محصول القمح عند الإصابة.
  • مدى شدة الصدأ.

وتظهر خسائر الصدأ في تقليل أعداد الحبوب وحجمها ومحتوى البروتين فيها. وعندما يكون الصدأ في الساق، فإنه يؤثر على استقرار النباتات.

اقرأ أيضاً: اكتشاف البروتين الذي يغلق مسام النبات ضد مسببات الأمراض

تحديد جين مقاوم لصدأ الساق 

ينجم صدأ الساق عن مسببات الأمراض الفطرية، ويسببه فطر يُسمى “البوتشيني القمحي” (Puccinia graminis. tritici)، وهو واحد من أهم الأمراض التي تصيب القمح حول العالم. وقد انتشر بكثرة أثناء القرن العشرين، خاصة في أميركا الشمالية ومعظم أنحاء أوروبا وغيرها، لكن بدأ الباحثون ينظمون البرامج الفعّالة للقضاء عليه عبر تربية أصناف جديدة من القمح المقاوم للأمراض، ما جعل المرض غير فعال في كثير من الأحيان. لكن استمر الوباء بالتفشي في أماكن أخرى مثل أستراليا خلال السبعينيات وجنوب إفريقيا أثناء الثمانينيات.

والآن ينتشر مرض صدأ القمح تقريباً في جميع محاصيل القمح حول العالم، ويتوقع الباحثون زيادة انتشار المرض مع التغيرات المناخية الحاصلة حول العالم خلال الفترة المقبلة، ما جعل العلماء والباحثين يسعون جاهدين نحو تطوير سلالات جديدة من القمح مقاومة لمرض صدأ الساق. وعادةً ما تُستخدم الأقارب البرية وأسلاف القمح كمصادر للجينات المقاومة للأمراض. وفي هذا الصدد، استطاع فريق بحثي دولي تحديد جين مقاوم لصدأ الساق في نبات “الدوسر الشاروني” (Aegilops sharonensis)، وهو (Sr62) ونقله إلى القمح، ووجدوا أنّ نوع القمح الجديد المعدل وراثياً أكثر مقاومة لمسببات صدأ الساق. أما عن نبات الدوسر الشاروني، فهو أحد أقرباء القمح البري، وموجود في بعض المناطق مثل جنوب لبنان، ويتمتع بصفات مهمة تجعله مقاوماً لأمراض القمح الرئيسية مثل الصدأ.

ساعد تقدم علوم الجينوم والمعلوماتية الحيوية في السنوات الماضية في اكتشاف واستنساخ العديد من الجينات المقاومة للأمراض في القمح والنباتات القريبة منه. والجينوم الذي يتم تجميعه في قاعدة البيانات مهم للغاية، حيث يفتح الباب أمام العديد من الدراسات المستقبلية التي تهدف إلى استنساخ الجينات، واستخدامها في مكافحة الأمراض، كما يساعد في فهم تطور الأعشاب البرية، وحتى الآن تم استنساخ نحو 80 جيناً في القمح: 40 جيناً مقاوماً للأمراض و30 جيناً مقاوماً للصدأ. وهذا يساعد في مقاومة القمح لمسببات الأمراض، بل وقد يتحول القمح إلى كائن غير مضيف للمرض.

اقرأ أيضاً: دليلك للتعرف على مرض الكواشيوركور: من أهم أمراض سوء التغذية

وأخيراً، يُعد القمح واحداً من أبرز المحاصيل التي يعتمد عليها الإنسان في حياته، وقد يؤدي نقصانه إلى مجاعات ومشكلات أخرى، لذلك يسعى العلماء جاهدين لإيجاد حلول فعالة ومنقذة للقمح من مسببات الأمراض، خاصة في ظل الظروف البيئية التي تشهدها الأرض تزامناً مع التغيرات المناخية الحاصلة في السنوات الأخيرة.