البدء بتجربة أول كواشف المادة المظلمة في العالم

البدء بتجربة أول كواشف المادة المظلمة في العالم
تظهر الصورة كاشف لوكس-زيبلن المركزي في غرفة نظيفة في منشأة جامعة ستانفورد تحت الأرضية للأبحاث بعد تجميعه وقبل البدء في تشغيله. ماثيو كابوست/منشأة جامعة ستانفورد تحت الأرضية للأبحاث
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بدأ البحث عن المادة المظلمة في منشآت تحت أرضية. لم يجد كاشف لوكس-زيبلن (إل زي اختصاراً)، والذي يعتبر الجهاز الكاشف للمادة المظلمة الأكثر حساسية في العالم، أي علامات على وجود جسيمات المادة المظلمة الافتراضية التي تدعى جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة في الفضاء، وذلك خلال أول جولة تشغيل دامت أكثر من 3 أشهر وانتهت في أبريل/نيسان 2022. على الرغم من غياب البيانات الحاسمة، أكد العلماء أن التجربة التي تقودها وزارة الطاقة الأميركية تعمل وفق الخطة، ما يعني أن هناك إمكانية لرصد المادة المظلمة في المستقبل.

قال شامكاور غاغ (Chamkaur Ghag)، فيزيائي متخصص بفيزياء الجسيمات الفلكية وأستاذ في كلية لندن الجامعية وأحد أعضاء فريق تجربة لوكس لصحيفة نيو ساينتست : “يبدو الأمر غريباً بالنسبة لنا حالياً. إذ إننا نقول إن جهازنا هو الأفضل في العالم في عدم العثور على أي شيء. لكن احتمال كشف قوانين فيزيائية جديدة في السنوات القليلة المقبلة ليس صغيراً”.

إثبات وجود الماد المظلمة

يعتقد الفيزيائيون أن المادة المظلمة تشكّل نسبة 27% من الكون (قد تشكّل المادة المرئية التي تتألف منها النجوم والمجرات 5% من الكون فقط). مع ذلك، لم يتم رصد المادة المظلمة من قبل. ويعود ذلك إلى أنها تتشكل من جسيمات لا تصدر الضوء أو تمتصه أو تعكسه، ما يجعل قياسها صعباً حتى باستخدام الإشعاع الكهرومغناطيسي لكن يعلم الفيزيائيون وعلماء الفلك أن المادة المظلمة موجودة بالفعل بسبب التأثيرات الثقالية التي تطبّقها على المادة المرئية، مثل منع النجوم من أن تُقذف في الفضاء ومنع المجرات من الانهيار على نفسها. افترض العلماء أن المادة المظلمة تؤدي دور اللاصق غير المرئي الذي يبقي الكون متماسكاً.

اقرأ أيضاً: في لعبة ناسا الجديدة: كن أنت التلسكوب الذي يبحث عن المادة المظلمة

يعتبر العلماء أن كشف وجود جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة هو الطريق الأفضل لإثبات وجود المادة المظلمة. ويفترض بعض العلماء أن المادة المظلمة تتألف من فوتونات وأكسيونات صغيرة للغاية وتتصرف وكأنها أمواج. لكن تمتلك جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة كتلة وهي نادراً ما تتفاعل مع المادة المرئية. كما يعتقد العلماء أن المليارات من هذه الجسيمات تخترق أجسامنا كل ثانية. سيصل الخبراء إلى فهم أكثر عمقاً للكون من خلال دراسة المادة المظلمة، كما سيتمكّنون من التنبؤ بمستقبله بشكل أفضل. 

إن مفتاح كشف أسرار الكون مدفون على عمق 1.6 كيلومتر تحت سلسلة جبال التلال السوداء في ولاية داكوتا الشمالية في الولايات المتحدة. تتألف تجربة إل زي من خزّانين من التيتانيوم مملوئين بـ10 أطنان من الزينون السائل النقي. كما تتضمن أيضاً منظومتين من الأنابيب المضاعفة للضوء القادرة على رصد الضوء الخافت للغاية. إذا اصطدمت المادة المظلمة التي تتألف من جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة مع ذرات الزينون، فستتسبب بإصدار إلكترونات من هذه الذرات. ينتج هذا التصادم الجسيمي وميضاً قصير الأمد تستطيع أجهزة التجربة تحسسه. 

اقرأ أيضاً: تشكّلان 95% من الكون: ما هي الطاقة المظلمة؟ والمادة المظلمة؟

تجارب تحت أرضية

يتم إجراء هذه التجربة تحت الأرض لأن الإشعاع الكوني وإشعاع أجسام البشر يمكن أن يؤثّر على إشارات المادة المظلمة. لذلك، فإن وضع جهاز الكشف تحت الأرض يساعد في زيادة حساسيته وفرصه في إيجاد علامات على وجود المادة المظلمة. قال كيفن ليسكو (Kevin Lesko)، كبير الفيزيائيين في مختبر لورانس بيركلي الوطني والذي ينسق مشروع إل زي لموقع بوبيولار ساينس (العلوم للعموم) في 2020: “نحن نحاول سماع همسة. إذا قمنا بإجراء التجربة في وسط مدينة نيويورك، فلن نتمكّن من سماع شيء بسبب الضوضاء الكبيرة. يجب علينا أن نخفي أنفسنا. ستخفي مخلفات الإشعاع والمواد التي تقصف كوكبنا العلامات النادرة التي نبحث عنها.

على الرغم من أن الجولة الأولى من التجربة فشلت في إيجاد المادة المظلمة، فإنها أثبتت أن الجهاز الكاشف يعمل بشكل جيد ويؤدي وظيفته كما هو متوقّع. قال آرون ماناليسي (Aaron Manalaysay)، منسق التجارب الفيزيائية في مختبر بيركلي والذي قاد الجولة الأولى من تجارب كاشف إل زي في بيان صحفي أصدره مخبر بيركلي: “نظراً إلى أن الجهاز بدأ بالعمل منذ عدة شهور فقط وفي أثناء فترة تطبيق القيود المتعلقة بجائحة كوفيد، من المثير للإعجاب أننا حصلنا على هذه النتائج المهمة الآن”.

اقرأ أيضاً: رصد مجرة يمكن أن تكون قد تشكّلت بدون المادة المظلمة

قال هاري نيلسون (Harry Nelson)، أستاذ الفيزياء في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا والمتحدث الرسمي الأسبق لتجرب إل زي في بيان صحفي: “لقد بدأ العمل الآن”، وأضاف: ” يعتبر كاشف إل زي أقوى بكثير من أي كاشف للمادة المظلمة تم تصميمه من قبل. كما أنه وحده القادر على كشف وجود المادة المظلمة خلال السنوات القليلة المقبلة”.