علاج جيني يُلغي الحاجة لنقل الدم المتكرر عند مرضى الثلاسيميا

الموافقة على عقار جديد يُلغي الحاجة لنقل الدم المتكرر عند مرضى الثلاسيميا
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Elnur
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تستمر إدارة الغذاء والدواء الأميركية بدعم تطوير التدابير العلاجية وإيلاء أهمية كبرى للأمراض المزمنة ذات الخيارات العلاجية المحدودة. وفي هذا الصدد، كانت قد أعلنت يوم 17 أغسطس/آب 2022 عن موافقتها على عقار حديث لمعالجة مرض الثلاسيميا بيتا عملت عليه شركة “بلوبيرد بيو” (Bluebird Bio)، الأمر الذي يُعتبر تقدماً مهماً في العلاج وخاصةً عند الذين يحتاجون إلى نقل دم متكرر.

ما هي الثلاسيميا بيتا؟

الثلاسيميا بيتا هي أحد اضطرابات الدم الموروثة التي تنتقل بصفة جسمية متنحية، والناجمة عن طفرة تصيب الحمض النووي الخاص بتكوين الهيموغلوبين، ما يتسبب بتعطيله وانخفاض مستوياته الفعّالة. يمكن لمجموعة متنوعة من التغيرات الجينية أن تسبب الثلاسيميا بيتا، ما يؤدي إلى حدوث اضطرابات متفاوتة الشدة، ففي بعض الحالات تكون أجزاء كبيرة من الشيفرة الوراثية مفقودة ما يؤدي إلى إنتاج هيموغلوبين غير وظيفي.

يتسبب ذلك في حدوث انخفاض في تركيز كريات الدم الحمراء وقصر عمرها، فعوضاً عن بقائها 120 يوماً في مجرى الدم، تميل الكريات الحمراء للتلاشي خلال مدة أقصر، الأمر الذي يتظاهر على شكل فقر دم صغير الخلايا وما يرافقه من أعراض.

يوجد نوعان من الثلاسيميا بيتا؛ أولها الثلاسيميا بيتا الكبرى وفيها يرث الفرد الطفرة الجينية من كلا الأبوين ما يؤدي إلى ظهور أعراض صريحة تتطلب علاجاً. وإما أن تكون صغرى وفيها يرث الفرد الطفرة من أحد الوالدين فقط ويعتبر حاملاً للمرض، ويتظاهر بأعراض فقر دم خفيفة الشدة ونادراً ما يحتاج هؤلاء المرضى للعلاج.

اقرأ أيضاً: نزف الدم الملكي أو الناعور: ما هو؟ وكيف يتم التعامل مع المصابين به؟

ينجم عن انخفاض الهيموغلوبين حدوث عوز في إيصال الأوكسجين لخلايا الجسم، ويظهر ذلك على شكل دوار وضعف وإرهاق، بالإضافة إلى حدوث تشوهات عظمية وغيرها من المضاعفات الأكثر خطورة. 

يعتمد علاج الثلاسيميا بيتا على نقل الدم بشكل متكرر، والذي بدوره يرتبط بمضاعفات صحية محتملة بما في ذلك مشكلات القلب والكبد والأعضاء الأخرى نتيجة ترسب الفائض من الحديد الناجم عن نقل الدم في أنسجتها، ومن هذه النقطة تم البحث في إيجاد علاجات بديلة جينية تعالج المشكلة الأساسية ولا تقتصر على تخفيف الأعراض مؤقتاً.

بماذا يتميز العلاج الجديد زينتيغلو؟

عقار زينتيغلو هو علاج جيني يتم تركيبه من جسم المريض نفسه عن طريق استخلاص الخلايا الجذعية لنقي عظم المريض، ليتم بعد ذلك تعديلها وراثياً باستخدام تقنية كريسبر حتّى تصبح قادرة على إنتاج سلالات طبيعية من الهيموغلوبين قادرة على نقل الأوكسجين بشكل فعّال، ومن ثم إعادة زرعها في نقي العظم من جديد.

أحدثت تقنية كريسبر ثورة في الخيارات العلاجية للأمراض الوراثية، إذ تتيح هذه التقنية إمكانية استهداف موقع معين من الجين وتعديله بكفاءة ودقة عاليين.

كما تعتمد هذه التقنية على طريقتين؛ أولهما إصلاح طفرة الجين الذي يُشفر للغلوبين بيتا، والذي يعتبر تحدياً نظراً لتنوع الطفرات التي يمكن أن تسبب الثلاسيميا بيتا. 

اقرأ أيضاً: كيف تتسلل الجينات القافزة إلى الجيل التالي من الأطفال؟

بينما تعتمد الطريقة الثانية على استبدال الهيموغلوبين التالف بالهيموغلوبين F والذي يسمى بالهيموغلوبين الجنيني والذي لا يتأثر بالطفرة المسببة للمرض.

كانت نتائج تطبيق هذا العلاج إيجابية للغاية، حيث حافظ المرضى، والذين بلغ عددهم 41 مريضاً، على مستويات مستقرة من الهيموغلوبين لمدة 12 شهراً دون الحاجة لأي عمليات نقل دم بنسبة 89%.

الآثار الجانبية والآفاق المستقبلية لزينتيغلو

كأي علاج مطروح حديثاً، يتم التركيز بشكل كبير على كل من الآثار طويلة وقصيرة الأمد لتطبيق العلاج. ترافق تطبيق هذا العقار مع مجموعة من الآثار الجانبية مثل انخفاض تعداد الصفيحات الدموية وكريات الدم البيضاء من نوع العدلات وحدوث التهابات في الأغشية المخاطية والرعاف والصداع وتساقط الشعر، بالإضافة إلى حدوث آلام بطنية وعضلية وعظمية وسعال.

وكانت للأعراض الهضمية الحصة الأكبر من الآثار الجانبية، إذ عانى معظم المشاركين من حدوث غثيان وقيء واضطراب الحركات المعوية، بالإضافة إلى ضعف الشهية، وترافق ذلك مع مجموعة من الأعراض الجانبية الجلدية مثل الحكة واضطرابات التصبغ.

تم التنويه بوجود خطر محتمل للإصابة بسرطان الدم المرتبط بهذا العلاج، إلا أنه لم يتم إثبات صحة هذه المعلومة، إذ لم يعانِ أي مريض من أي بوادر تشير لحدوث ذلك.

ومع ذلك يُوصى بتتبع المرضى الذين تلقوا العلاج للمراقبة لمدة 15 عاماً على الأقل للبحث عن أي دليل للإصابة بسرطان الدم وكشف ذلك مُبكراً.

اقرأ أيضاً: ما هي أفضل الأغذية التي يُنصح بها لدعم النظام الغذائي عند مرضى فقر الدم؟

كما تم التأكيد على ضرورة مراقبة المرضى بحثاً عن تفاعلات فرط الحساسية وقلة الصفيحات الشديدة التي تعرض المريض للنزف أو قلة الكريات البيض الشديدة التي تعرضه للإنتانات الانتهازية.

وختاماً، قال أندرو أوبنشاين الرئيس التنفيذي لشركة بلوبيرد بيو: “وفرت إدارة الغذاء والدواء بموافقتها على العلاج إمكانية التحرر من عمليات نقل الدم المرهقة وما يرافقها من ضرورة استخلاب الحديد لمنع تراكمه في أعضاء الجسم النبيلة”.