تعرّف على هذا الهوائي الصغير الذي سيجعل هواتف المستقبل جاهزة لسرعات الجيل الخامس

تمثل هذه القطعة على شكل مستطيل نموذجاً لهوائي صُمم لينقل ويستقبل أمواجاً بطول المليمتر، ويمكن إدراجه في الهواتف الذكية. مصدر الصورة: كوالكوم
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في أحد الأيام مستقبلاً، ستتمكن هواتفنا الذكية من استمداد البيانات في شبكة الجيل الخامس الخلوية. مع العلم أن عبارة “الجيل الخامس”، تعني من الناحية التسويقية الشبكة الخلوية القادمة التي ستمكننا -نظرياً- من الاتصال بسرعات فائقة مثل تلك المرافق التي توفر سرعات اتصال تصل إلى 1 جيغابايت في الثانية. على الأقل هذا هو المخطط لها!

وأحد الطرق التي تساهم في جعل هذا المخطط حقيقة، تقنية تدعى موجة المليمتر، وهي أمواج راديوية، كما يمكنك أن تستشف من اسمها، ذات أطوال تقدّر بالمليمتر، وتتميز بترددات عالية جداً، كالتردد 30 جيغاهرتز فما فوق. وهذه الترددات أسرع بكثير جداً من الاشارات التي تستخدمها هواتفنا الخلوية الآن.

بطبيعة الحال، نحتاج إلى أبراج اتصالات خاصة لبث مثل هذه الموجات بادئ ذي بدء، لكن حتى لو شُيدت تلك الأبراج، لن يتمكن هاتفك الخلوي من الاستفادة منها إلا إن كان لديه هوائي مناسب لذلك. فيما سبق، لم نكن نستطيع الاستماع إلى راديو الإف إم دون راديو إف إم وهوائي مناسب له، ونفس الأمر ينطبق على هذه الموجات الراديوية قصيرة الطول.

لكن الخبر السعيد هو أن شركة كوالكوم أعلنت مؤخراً عن تطور تقني هام:  طورت الشركة وحدات على شكل هوائيات مصغّرة، ضئيلة الحجم بما يكفي لتندرج في الهواتف الذكية الحديثة، وغرضها هو استقبال وارسال تلك الموجات بأطوال المليمتر.

التعامل مع الموجات

تٌعرف موجات المليمتر بأنها موجات يصعب التعامل معها. وأحد تحديات ذلك هو أنها محدودة القدرة على المضي لمسافات طويلة، فيما يتمثل التحدي الآخر في سهولة حجبها واعتراضها. “إن وضعت يدك على الهوائي، فلن تستقبل أي إشارة” يقول محمد الخيري، كبير مدراء قسم تسويق المنتج بشركة كوالكوم. ويضيف “ترتد هذه الموجات عندما تصطدم بسطوح السيارات، وحتى البشر… بل حتى أوراق الأشجار تؤثر على تدفق الإشارة بين المحطة المركزية والهاتف الذكي”.

تتمثل إحدى الطرق التي عالجت بها شركة كوالكوم هذه المشكلة في استخدام تقنية “تشكيل الأشعة”، وهي تقنية تركّز الإشارة بشكل حزم لجعلها تنتقل بوتيرة أسرع. أما الطريقة الأخرى فهي تكثير عدد وحدات الهوائيات، فالشركة تقول أن الهاتف الذكي يمكنه ضم أربعة من هذه الهوائيات المصغّرة، مما يجعل النظام يعمل سلاسة أكبر.

“إن كنت تحمل هاتفك الذكي بطريقة معينة، فمن الراجح أن تحجب يدك الإشارة عن أحد الهوائيات فيه” يقول الخيري، ويضيف “لكن مع وجود أربعة منها، يستطيع هاتفك استخدام الهوائيات الأخرى عندما تحجب عنه واحداً”.

لم تكشف شركة كوالكوم بعد عن الأبعاد الدقيقة لهذه الوحدات الهوائية الجديدة، لكن صورة أحدها بجانب عملة البنس تعطيك تصوراً جيداً عن حجمها الضئيل.

مستقبل الموجات المليمترية

تعمل شركات الاتصالات اللاسلكية حالياً على تطوير خدماتها للجيل الخامس، ويعد طيف موجات المليمتر جزءاً من هذه المساعي. صرّحت شركة إيه تي آند تي بأنها ستطلق شبكة الجيل الخامس التي تستخدم موجات المليمتر في بعض المدن، من ضمنها، أوستن ودالاس، على الرغم من أن الشركة ستستخدم طيفاً أوسع من الاقتصار على مجال المليمتر فحسب. أما شركة فيريزون فقد صرّحت هي كذلك أنها ستوفر شبكة الجيل الخامس عبر هذه الترددات المليمترية في بضعة مدن أخرى مثل لوس أنجلوس وهيوستن.  وبالطبع، لن يتمكن العملاء من الاستفادة من هذه الموجات الراديوية إن لم يكن لديهم هوائيات خاصة في هواتفهم لالتقاطها وإرسالها، ولهذا يعتبر إعلان شركة كوالكوم عن هذه الهوائيات المصغّرة حدثاً مهماً.

من ناحية أخرى، تهتم شركات الاتصالات بالموجات المليمترية لأنها مجال موجيّ متاح؛ ونظراً لازدحام النطاقات الموجية الأخرى، يشبه الأمر بناء طريق جديد يمكن استغلاله في إرسال شاحنات البضائع. “يكمن السبب الرئيسي لتفكير الشركات والأفراد بهذه النطاقات في المكان الذي توجد فيه هذه النطاقات” يقول هينينغ شولزرين ، بروفسور علوم الحاسوب في جامعة كولومبيا، والرئيس التنفيذي السابق للتقنية في هيئة الاتصالات الفيدرالية. يرى شولزرين بأن موجات المليمتر ستلعب دوراً مهماً بعض الظروف مثل الملاعب المزدحمة، حيث يستخدم الجميع هواتفهم المحمولة وحيث تستطيع شركات الاتصالات أن تبث الإشارات في مجال مفتوح ودون أي حواجز أو أشياء تعترضها.

ويقول شولزرين بأن إعلان كوالكوم يبدو “خطوة هامة”، على الرغم من أن الهوائيات لا بد أن تكون معقولة الثمن بما يكفي لترغب شركات تصنيع الهواتف بإنتاجها ويود العملاء شرائها. وإلى جانب الهواتف الذكية، أشار البروفسور إلى أن العملاء قد يستخدمون تقنية الموجات المليمترية بمثابة نقطة ويفي ثابتة في منازلهم، حيث يمكن لجهاز استقبال على شرفة الشقة أن يلتقط الإشارات من برج اتصالات قريب، ومن ثم يحولّها إلى شبكة محلية في الغرفة.

لكن شولزرين نوّه كذلك بأن الموجات المليمترية ليست حلاً سحرياً نهائياً. لأنك إن كنت تحمل هاتفك الذكي بطريقة ما تحول بينه وبين برج الاتصالات، فلن تستطيع التقاط الموجات. “سيمتص جسمك معظم هذه الموجات المليمترية، قبل حتى أن تصل إلى ذلك الهوائيّ في هاتفك”.