مليونيرات العملة المشفرة يرفعون أسعار بعض القطع الفنية والمقتنيات القيّمة

بطاقات "ماجيك" قديمة هذه الأرقام هي الأسعار بالدولار... لقد أصبحت هذه البطاقات مكلفة.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا يتجاوز عدد من يمتلكون البيتكوين، وهي العملة المشفرة الأكثر شعبية، نسبة 5% على مستوى العالم، غير أن هذا لا ينفي تأثيرها علينا جميعاً. لقد أصبح من الواضح أن العملات الرقمية تؤثر، وبشكل مطرد، على العديد من الأشياء المادية الملموسة، مثل أسعار المقتنيات القيّمة، كالقطع الفنية والسيارات ومجموعات البطاقات (بطاقات حول شخصيات شهيرة أو ألعاب أو أحداث… إلخ).

يقول رودي الرجل السحري، وهو من شخصيات يوتيوب، ويشتهر بمعلوماته حول لعبة البطاقات: Magic: The Gathering، أنه رأى قفزة كبيرة في أسعار بعض أثمن بطاقات هذه اللعبة بسبب العملة المشفرة. تقوم هذه اللعبة، والتي تحتفل هذه السنة بالذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقها، على تجميع اللاعبين لبطاقات متنوعة ضمن مجموعات يستخدمونها في التنافس مع لاعبين آخرين. تباع هذه البطاقات عادة على شكل حزم عشوائية أو بشكل إفرادي من قبل المالكين.

بين 1993 و 1997، أطلقت هذه اللعبة مجموعة من البطاقات المخزنة والتي لن يتم إنتاجها ثانية على الإطلاق، ما جعل من هذه البطاقات مقتنيات نادرة بشكل فوري. يقول رودي: “ارتفعت أسعار هذه البطاقات بشكل كبير، خصوصاً خلال العامين المنصرمين”، ويتابع رودي، الذي يرفض الإفصاح عن شهرته: “كان هناك عدد كبير من البطاقات التي لم يتجاوز سعرها 30 دولار منذ بضع سنوات، أما الآن فقد أصبحت بسعر 300 إلى 400 دولار”.

يقول رودي أن بعض الزبائن تشاوروا معه حول تحويل أرباحهم في بيتكوين، وغيرها من العملات المشفرة، إلى دولارات أميركية واستخدامها لشراء بطاقات ماجيك: “هناك العديد من الأمثلة عن أشخاص ربحوا الملايين عن طريق العملات المشفرة، وخصصوا مئات الآلاف لشراء بطاقات ماجيك، وبطاقات أخرى قُدّر سعرها بشكل احترافي”. وعلى الرغم من أن البعض يشترون هذه البطاقات لأسباب عاطفية تتعلق بحب هذه اللعبة، فإن أغلبهم يفعل هذا من قبيل الاستثمار في هذه البطاقات التي يبدو لهم أنها مستقرة القيمة.

الوردة المشفرة
حققت الوردة المشفرة أرباحاً تقدر بمليون دولار من مجموعة من المستثمرين
مصدر الصورة: كيفن أبوش

يقول رودي: “بدأ الناس يدركون أن خيارات الاستثمار ليست محصورة بالأسهم وسندات الأمانة والعقارات، بل هناك أيضاً المقتنيات القيّمة والعملات المشفرة”. بالنسبة للكثيرين، فإن بطاقات “ماجيك” محدودة الإصدار ستزداد قيمتها مع الوقت أكثر من الاستثمارات التقليدية، ولن تنهار كما يحدث أحياناً مع العملات المشفرة، مثل بيتكوين التي ارتفعت قيمتها بنسبة تتجاوز 1,300% خلال 2017، ولكنها انخفضت عدة مرات بعد ذلك.

بالطبع، فإن بطاقات “ماجيك” ليست المقتنيات القيّمة الوحيدة التي ازدادت قيمتها مع صعود العملات المشفرة. ففي يوم عيد العشاق، بيعت “قطعة فنية مشفرة” بما يعادل مليون دولار، وهي رسم رقمي لوردة (أو رمز وردة)، وقد تكون الأغلى ثمناً بين (القطع الفنية الرقمية) كما يسميها البعض. يتوقع الخبراء أن صناعة الفن ستستمر بالتغير مع العملات الرقمية، مع تزايد العمل في مجال الفن الرقمي وبيعه، وتأثر الفن المادي التقليدي بالعملات المشفرة ومكانتها في ثقافتنا.

بدأت سوق السيارات تتأثر أيضاً بالعملات المشفرة. وعلى سبيل المثال، فإن شركة بيتكار، والتي تأسست في 2015، تشجع الزبائن على شراء حصة صغيرة في سيارة فاخرة. وتتضمن الخيارات سيارات لامبورجيني، وبوجاتي، وفيراري. لا يقود زبائن بيتكار السيارة التي استثمروا أموالهم فيها، وليس من الضروري حتى أن يروها، بل يتم تخزين السيارات من أجل بيعها بعد 5 إلى 15 سنة، وهكذا يحصل المستثمرون الأساسيون على حصة من الأرباح، على فرض ازدياد قيمة السيارة.

من ناحية أخرى، فإن تأثير العملات المشفرة لم يصل إلى جميع قطاعات سوق المقتنيات القيّمة. يشغل دوجلاس ماد منصب ممثل الجمعية الأميركية للمسكوكات، وهي المنظمة الأولى لهواة جمع العملات المعدنية في الولايات المتحدة. وتتعامل هذه المنظمة بالعملات الحقيقية التي تناقلها البشر فيما بينهم منذ آلاف السنين، وليس بالبيتكوين. يقول ماد أنه لا يعتقد – وإن كان غير متأكد تماماً – أن العملات المشفرة أحدثت أثراً يذكر في سوق العملات المعدنية.

يقول ماد أن سوق العملات المعدنية تتميز عن غيرها من أسواق المقتنيات القيّمة بشيئين: القيمة الفعلية للعملة المادية، والحجم الضخم لسوق العملات المعدنية: “تأتي قيمة العملات من أنها تحوي على الذهب والفضة، وهي قيمة جوهرية غير موجودة في القصص المصورة أو البطاقات أو ما شابه”. تعتبر سوق بطاقات “ماجيك” سوقاً صغيرة إلى حد ما، مع عدد محدود من البطاقات التي يستطيع المتاجرون وهواة الجمع تتبعها بسهولة، أما جمع العملات المعدنية فهو يمثل سوقاً أضخم بكثير، ما يجعل من الصعب تتبع تغيراتها: “إن سوق العملات المعدنية هائلة، ويتم تداول عملات بقيمة مئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة لوحدها. وحتى لو بدأ الناس بتحويل عملاتهم الرقمية إلى عملات معدنية بكميات كبيرة، فلن يؤدي هذا إلى تغير محسوس في السوق”.

تلعب الطبائع أيضاً دورها فيما يتعلق بتغير أسواق المقتنيات القيّمة. يقول رودي: “يبدو أن المستثمرين في العملات المشفرة وهواة “ماجيك” يتشاركون بالعديد من الصفات الشخصية لسبب ما. تعتمد “ماجيك” على استراتيجيات حسابية معقدة، مع الكثير من الأرقام والاحتمالات والإحصائيات”. وبشكل مشابه، فقد يتسبب نقص الثقة بالحكومة الأميركية واستقرار العملة التقليدية بهذا الترابط بين لاعبي “ماجيك” ومستثمري العملات المشفرة. يقول رودي واصفاً نفسه وأمثاله من لاعبي “ماجيك”: “لا أملك أية عملات مشفرة، ولا أثق حتى بالدولار الأميركي. لا أثق إلا بالبطاقات”.

من ناحية أخرى، فإن الإحصائيات والسياسة ليست الدافع الأساسي لجمع العملات المعدنية. يقول ماد عن جامعي العملات: “إنهم يثقون بالأشياء الملموسة، وبالتالي فمن المؤكد أنهم سيفقدون بعض الاهتمام عند الانتقال إلى أشياء غير ملموسة وغير قابلة للجميع”. إضافة إلى هذا، فإن “جامعي العملات هم عادة من ذوي الاتجاه المحافظ”، وفقاً لماد. وعلى حين أن لاعبي “ماجيك” يتصفون عادة بالحنين إلى زمن التسعينيات، فإن جامعي العملات أكبر عمراً بشكل عام –يبلغ متوسط عمر أعضاء الجمعية الأميركية للمسكوكات 60 سنة تقريباً- ويتصرفون على هذا الأساس.

بالطبع، فإن التقلبات الصغيرة في سوق المقتنيات القيّمة ستبقى دائماً أكثر أهمية بالنسبة لهواة الجمع أنفسهم، وغير ملحوظة بالنسبة للعالم الخارجي. ولكنه من الواضح أن مليونيرات العملة المشفرة، وحتى البليونيرات، لديهم تأثير كبير على الأسواق العادية عندما يحولون عملتهم الرقمية إلى دولارات. وإذا سار كل شيء على ما يرام، فقد يصل تأثير البيتكوين إلى ألعاب الأطفال أيضاً.