أصبحنا في العام 2018 وما زالت الروبوتات عاجزة عن غسيل الملابس

لم يتغير شيء
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا شك في أن أولى الغسالات كانت تبدو للنساء في بدايات القرن الماضي أقرب للمعجزة. حيث ولّت ألواح الفرك ومقابض التدوير اليدوية إلى غير رجعة، وانتهت أيام الأصابع المتورمة والأكتاف المتحدّبة. وأصبحت ضغطة زر بسيطة كافية للبدء بالتنظيف، وبعد ساعة تقريباً، تختفي الرغوة وتصبح الملابس نظيفة وكأنها جديدة.

غير أن صالات الغسيل حالياً تبدو خالية من المعجزات. لقد وعدتنا التكنولوجيا بمنازل ذكية ذاتية التنظيف، ولكننا ما زلنا نستهلك الكثير من الزمن والطاقة والصابون في كل وجبة غسيل. ويبدو أننا جميعاً، باستثناء بعض عشاق التعذيب الذاتي بالغسيل، نرغب بتوجيه عقوبة قاسية للشركات الصناعية المختصة بالتنظيف. ولكن لماذا لا نرى آلات معقدة تقوم بتنظيف ملابسنا بنفسها على الرغم من وجود كل الدوافع اللازمة؟

على ما يبدو، لا يمكن أن نحدث ثورة تقنية في عملية غسيل الملابس قبل أن يتم التعامل مع بعض الخطوات الأساسية فيها، مثل طي الملابس. يقول جال روزوف، مؤسس شركة فولديميت الناشئة التي تعمل على تطوير آلة لطي الملابس المغسولة: “يمكنني أن أؤكد، وبدون شك، أن العديد من الشركات الكبيرة والصغيرة تحاول تحقيق هذا الهدف الهام. لسنا الوحيدين الذين يحاولون إيجاد حل للتخلص من هذا العمل المنزلي المزعج”.

عرض روزوف نموذجاً أولياً لآلة فولديميت في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية لعام 2017، وقد لاقت هذه الآلة ترحيباً كبيراً، حيث أنها حلم استلهمه روزوف من رغبته بألا يطوي قمصانه بعد الآن، وتعد هذه الآلة بالقيام بعمليات طي الملابس، وإزالة التجعدات عنها، وتعطيرها، وتكديسها، بحيث توضع بسهولة ضمن الخزانة. غير أن ملخصاً صحفياً مسبقاً عن معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في 2018 أورد أن روزوف تراجع إلى شكل أكثر تحفظاً وبساطة للآلة، بحيث تقوم بالطي وحسب.

يقول روزوف لبوبساي: “إن تصميم آلة فعالة لطي الملابس يعتبر إنجازاً تكنولوجياً كبيراً، حيث يجب أن تكون ذات أداء متسق، وسهلة التشغيل بالنسبة للمستخدم، وقادرة على التكيف وتقديم نتائج جيدة في كل مرة”. وفي الوقت الحالي، فإن التوصل إلى عملية طي سليمة وحسب ما زال يمثل تحدياً صعباً، وبالتالي فإن عمليات التعطير وغيرها تضيف تعقيدات لا يمكن التعامل معها، كما قال روزوف.

لا يعتبر النموذج الحالي المبسط مثالياً، ولكن روزوف يقول إن هذه النسخة من الآلة هي أقرب ما توصل إليه إلى التصميم الذي يبحث عنه. في هذه الآلة، لا يجب على المستخدم سوى تثبيت قطعة الملابس بملقطين، ومن ثم تقوم الحساسات بتحديد نوع القطعة، مثل قميص أو سروال من الجينز، وتطويها بالشكل المناسب. غير أن العملية ما زالت بحاجة للإشراف البشري. يقول روزوف: “إن المشكلة الأساسية هي حجم القطعة: أي الثخن والطول والعرض”. وبالتالي، إذا رغبت بطي عدة قمصان بشكل متتابع، يمكنك أن تلقمها للآلة ببساطة، ولكن إذا رغبت بالانتقال من القمصان إلى السراويل، يجب أن تعدل الملاقط.

يقول روزوف إن تقنية طي الملابس موجودة في القطاع الصناعي منذ عقود، ولكن التحدي الحقيقي يكمن في بناء آلة مماثلة للاستخدام المنزلي. توجد آلة يابانية الصنع، تسمى لوندرويد، تعد بتقديم خدمة طي مؤتمتة كلياً، أي أنها آلة طي جبارة، غير أنها أضخم حجماً بعدة مرات من فولديميت وأعلى سعراً بمرتين. ويمكن أن نرى على الإنترنت أن المستخدم يضع الملابس المغسولة في مستوعب في أسفل آلة لوندرويد، ومن ثم تقوم الآلة بطي الملابس في الداخل، وبعد ذلك تقدمها للمستخدم مطوية بدقة وبشكل جميل. وكما في حالة فولديميت، ما زالت لوندرويد أقرب لفكرة قيد التطوير من آلة صالحة للاستخدام اليومي. وللتوصل إلى المنتج النهائي، يجب على كلتا الشركتين متابعة تطوير الآلتين، وزيادة قدرتهما على التعامل مع الملابس من مختلف الأشكال والأحجام.

قد تصبح هذه الآلات أول خطوة كبيرة نحو مستقبل الغسيل، غير أننا لن نتحرر فعلياً إلا إذا توصلنا إلى تصميم ملابس لا تتسخ مطلقاً، أو خدم آليين قادرين على تولي جميع مراحل الغسيل.

ولكن هذا لا يعني أن وقت الاستسلام قد حان. فقد ظهرت الكثير من الابتكارات التي تحمل بعض الأمل في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية. فقد أدرك المصنعون أن الكثير يضعون الغسالات ضمن خزائن مخصصة لها بعيداً عن حوض الجلي في المطبخ، ولهذا قاموا بتركيب ما يشبه مغسلة صغيرة “للتعامل يدوياً مع البقع العنيدة” على أحدث طراز من الغسالات التي تعبأ من الأعلى. كما أن شركة إل جي قدمت مساهمة صغيرة إلى حلم المنزل الذكي، وذلك عن طريق غسالات ومجففات ملابس تعمل بالتحكم عن بعد، وذلك عن طريق تطبيق للهواتف الذكية أو باستخدام الأوامر الصوتية لأليكسا.

إضافة إلى هذا، فقد ظهرت بعض الشركات التي تسمح لمبغضي الغسيل بتكليف غيرهم بهذا العمل، مثل شركة رينس، والتي تعمل في خمس مدن مختلفة، حيث تقوم بجمع الغسيل ما بين الساعة 8 والساعة 10 مساء في أية ليلة من الأسبوع، ونقله إلى أقرب مصبغة محلية، ومن ثم إعادة الملابس إلى أصحابها نظيفة ومطوية جيداً.

قد تبدو هذه الخدمة ومثيلاتها للكثيرين نوعاً من الرفاهية، غير أن أجاي براكاش، المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لشركة رينس، يعتبر أن هذه الشركة فاتحة عصر جديد في مجال الغسيل، تماماً كما كانت الغسالة المنزلية، ويقول: “يجد بعض الناس في الغسيل راحة نفسية، حيث يخفف من التوتر. ولكن بالنسبة للكثيرين، يظهر سؤال آخر، وهو كيف تمضي وقتك عندما تتخلص من عملية الغسيل”.

في المحصلة، إذا كان جوابك الصادق والمعقول على هذا السؤال هو كالتالي: “إذا تخلصت من الغسيل ووفرت بعض الوقت، فسأمضيه في السعي لتحسين العالم”، فربما يجب أن تفكر فعلياً باعتماد إحدى الخيارات المطروحة هنا. ولكن إذا قررت مثلي أن تمضي هذا الوقت الإضافي في مشاهدة التلفاز، فمن المفضل أن تغسل ملابسك بنفسك. على الأقل، ستستفيد من الوقت المخصص للإعلانات.