ابتكار جديد: صناعة أول ترانزستور خشبي

ابتكار جديد: صناعة أول ترانزستور خشبي
حقوق الصورة: ديبوزت فوتوز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

غالباً، تكون إحدى الحقائق العلمية الأولى التي يتعلمها الطلاب في المرحلة الابتدائية هي أن الخشب عازل طبيعي. بالنسبة لمَن يحتاجون إلى التذكير بهذه المعلومة، فهي تعني أن الخشب عموماً لا يعد موصلاً جيداً للكهرباء. لكن على الرغم من أن هذه المعلومة قد تكون من المسلّمات، فقد أضاف فريقٌ من الباحثين إشارة تعجب إلى هذه القاعدة العامة: اتضح أن بعض أنواع الأخشاب يمكنه توصيل الكهرباء بمجرد تعديلها، بالإضافة إلى أنه يمكن تحويل هذه الأنواع إلى ترانزستورات طبيعية.

تعديل خصائص خشب البلسا

وفقاً لورقة بحثية نُشرت مؤخراً في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences)، نجح المهندسون في جامعة لينشوبينغ (Linköping) السويدية في تعديل خصائص خشب البلسا عن طريق إزالة مركب الليغنين (lignin)، وهو مادة طبيعية معقدة تربط الخلايا والألياف والأوعية بعضها ببعض في الخشب والنباتات الأخرى.

بمجرد إزالة مادة الليغنين، تبقى شبكة من الأوعية تُسمى لومينا (lumina) تنقل المياه في جميع أنحاء خشب البلسا. يمكن غمر أجزاء الخشب المتبقية التي أصبحت مجوفة في محلول سائل يحتوي على بوليمر موصل للكهرباء، وتنتج عن هذه العملية مادة يمكنها نقل الماء الذي يحتوي على سائل الإلكتروليت (الكهرل) عبر أوعية اللومينا، وبالتالي يمكن الحصول على ترانزستور شجري جديد وطبيعي يتميز بالقدرة على توصيل التيار الكهربائي.

اقرأ أيضاً: شركة تخطط لبناء سيارة ذاتية القيادة مجهزة برقائق ضوئية لتحسين أدائها وزيادة عمر بطاريتها

قبل إجراء التجربة على خشب البلسا، حاول الفريق تعديل خصائص عينات أخرى من الخشب، مثل أشجار البتولا والرماد، بهدف إنتاج مواد موصلة للكهرباء، ولكن هذه البدائل لم تتمتع بمستويات السلامة الهيكلية نفسها بعد غمرها في محلول البوليمر ولم تمتص المحلول على النحو المناسب. لاحظ الفريق أيضاً أن خشب الباسا يتميز بتوافره طوال مواسم العام، ولا يتأثر تركيبه بشكلٍ كبير بالتغيرات الموسمية، على عكس العينات الأخرى التي خضعت للاختبار.

ترانزستورات خشبية في المستقبل

لكن لا تتوقع رؤية ترانزستورات خشبية في هاتف آيفون القادم. مقارنة بالترانزستورات الحديثة المصنوعة من السيليكون، يتمتع ترانزستور الخشب الذي طوره الفريق بحجم أكبر بكثير ويعمل بسرعة أقل. وفقاً لمجلة نيو ساينتست (New Scientist)، تحتوي شريحة الكمبيوتر التي نستخدمها اليوم على مليارات الترانزستورات، ويمكن تشغيل كل منها وإيقافه مليارات المرات في الثانية. يبلغ طول ترانزستور البلسا 3 سنتيمترات تقريباً، وهو أكبر بكثير من ترانزستورات السيليكون التي نستخدمها في أجهزة الكمبيوتر اليوم، كما يستغرق إيقاف هذا الترانزستور ثانية واحدة، ويستغرق تشغيله نحو 5 ثوانٍ.

اقرأ أيضاً: الرحلة المذهلة لتطور الحواسيب الفائقة منذ عام 1946 وحتى الآن

وعلى الرغم من ذلك، فإن الترانزستورات الخشبية تتميز بإمكانات واعدة في مجالات أخرى، مثل مراقبة الغابات والزراعة، كما تعد الموصلات المصنوعة من الخشب أكثر استدامة من التقنيات الحالية، ويمكن استخدامها لمراقبة مقاومة النباتات لتغيّر المناخ والمشكلات البيئية الأخرى.

وفقاً لما ذكره الباحثون لمجلة نيو ساينتست، فإنهم يأملون أن يتمكنوا في المستقبل من زراعة عينات من الخشب تحتوي بالفعل على البوليمرات الناقلة للتيار الكهربائي التي تدخل إليها بمساعدة مواد مختلفة تتغلغل في أوعية الخشب النباتية مباشرة دون الحاجة إلى إزالة الليغنين.