ما هو الفرق بين التخدير العام والتخدير الموضعي؟ إليك ما يجب أن تعرفه لتختار الأفضل لك

ما هو الفرق بين التخدير العام والموضعي؟ وكيف تختار الأنسب لك؟
حقوق الصورة: شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

التخدير بمفهومه العام يعني “تسكين الآلام” وهو مجموعة الأدوية التي تعيد لغرف العمليات سكونها وتجعلها خالية من صرخات الألم التي يتسبب بها أي عمل جراحي. إن التخدير ليس باكتشافٍ حديث العهد، حيث تم استخدام التخدير لأول مرة في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن من قبل طبيب الأسنان “ويليام مورتون” في عام 1846، حتّى أصبح في يومنا هذا ضرورة أساسية للطب الحديث والذي بات مستحيلاً بدون التخدير.

ما هو التخدير العام والموضعي؟

التخدير العام هو مزيج من الأدوية التي تُدخل المريض في حالة شبيهة بالنوم، يُستخدم في الجراحات الكبرى أو في أي إجراء طبي قد يسبب آلام تفوق قدرة المريض على التحمل كجراحة القلب المفتوح وعملية نقل الأعضاء والسرطان وغيرها.

لا يشعر المريض بأي ألم أثناء التخدير العام ويكون فاقداً للوعي بشكل تام، يشبه المريض المُخدَر الشخص النائم، لكن الفرق أن الدماغ الواقع تحت تأثير التخدير العام لا يستجيب لإشارات الألم أو للمنعكسات العصبية، في حين يبقى دماغ الشخص النائم متجاوباً.

أما بالنسبة للتخدير الموضعي فهو استخدام مجموعة من الأدوية لتخدير منطقة محددة من الجسم، إذ يتم حقن هذه الأدوية المخدرة عبر قثطرة إما في أحد أعصاب المنطقة المراد تخديرها أو في المنطقة النخاعية فوق الجافية أو تحت العنكوتية.

سمح التخدير الموضعي اليوم بإجراء العديد من الجراحات البسيطة بشكل آمن دون التسبب بإحداث ألم شديد للمريض المستيقظ، حيث يتم استخدامه لإجراءات مثل خزعة الجلد أو خزعة الثدي أو إصلاح كسر في العظام أو خياطة جرح عميق والولادات القيصرية.

اقرأ أيضاً: هل تُعد الولادة القيصرية أفضل من الولادة الطبيعية؟ 

كيف يتم التخدير العام والموضعي؟

على الرغم من أن كليهما يُستخدم لنفس الغاية، إلّا أن التخدير العام يختلف عن التخدير الموضعي بعدة نقاط، من تجهيز المريض وتحضيره وحتى كيفية تطبيق المواد المخدرة ومراقبة المريض خلال وبعد العمل الجراحي.

التخدير العام

يُستخدم في التخدير العام عادةً مزيج من الأدوية التي تُعطى عن طريق الوريد أو على شكل غاز عبر قناع وجهي، تبدأ الأدوية المخدرة بتنويم المريض خلال 30 ثانية ويستمر تأثيرها لمدة قد تصل إلى 8 ساعات، وبعد ذلك يقوم طبيب التخدير بإدخال أنبوب في الفم وإلى أسفل القصبة الهوائية، إذ يؤمّن هذا الأنبوب طريقاً هوائيّاً سالكاً خلال العمل الجراحي، نظراً لأن الأدوية المرخية للعضلات التي تُعطي مع المواد المخدرة قد تتسبب في إغلاق الطريق الهوائي، وبالتالي يؤمن هذا الأنبوب الحصول على كمية كافية من الأكسجين وحماية الرئتين من استنشاق أي سوائل مثل الدم أو سوائل المعدة، والتي بدورها قد تسبب ذات رئة استنشاقية. 

يكون أحد أطباء فريق رعاية التخدير مسؤولاً عن مراقبة المريض طوال عملية التخدير، إذ يقوم بضبط الأدوية ومراقبة التنفس ودرجة الحرارة والسوائل وضغط الدم. يكون هذا الطبيب مُزوداً بعدة طبية مكونة من مجموعة من الأدوية والسوائل وأكياس الدم ،نظراً لأنه المسؤول عن تصحيح أي مشكلة قد تحدث أثناء الجراحة.

التخدير الموضعي 

يعتبر التخدير الموضعي نوعاً من أنواع إدارة الألم أثناء الجراحة، وله عدة أنواع منها:

  •  حصار الأعصاب: حيث يتم حقن الكحول أو أي مادة مخدرة في عصب واحد فقط كالعصب الكعبري أو الفخذي، الأمر الذي يؤدي لتخدير القطاع الذي يعصبه ذاك العصب فقط.
  • التخدير فوق الجافية: والذي يعتبر أكثر أنواع التخدير الموضعي شيوعاً، ويشمل حقن المواد المخدرة عن طريق إبرة خاصة أو قثطرة توضع في المسافة فوق الجافية، إذ يؤدي هذا الحقن إلى زوال كل أشكال الحس من منطقة الخصر وحتى أسفل القدمين.
  •  حصار العمود الفقري أو التخدير النخاعي: هو شكل من أشكال تخدير الجهاز العصبي المركزي الذي ينطوي على حقن مخدر موضعي أو أفيون في الحيز تحت العنكبوتية من خلال إبرة رفيعة، ويستخدم في العمليات التي تتطلب التخدير لمدة أطول كالعمليات التي تشمل الأطراف السفلية.

يتم تسريب المادة المخدرة من خلال حقنة أو أنبوب صغير يسمى قثطرة نخاعية تقابل أعصاب المنطقة المُراد تخديرها، فعلى عكس التخدير العام، يتم تخدير جزء محدد من الجسم في التخدير الموضعي إذ يفقد المريض إحساسه بتلك المنطقة كما يفقد القدرة على التحكم بها. مثلاً، يتم بالتخدير القطني فقدان شعور الألم من منقطة الخصر وحتى أسفل القدمين.

تستغرق المادة الدوائية عدة دقائق لكي يبدأ مفعولها، وتستمر لفترات متباينة حسب نوع التخدير، حيث يساعد إحصار العصب في السيطرة على الألم لمدة 12-24 ساعة، بينما يملك التخدير فوق الجافية أطول فترة تخفف من الآلام لمدة تصل إلى 4-5 أيام.

اقرأ أيضاً: كيف سيغير العلاج الجديد للالتهاب من مضاعفاته اللاحقة؟

الأدوية المستخدمة في التخدير

تختلف الأدوية التي يستخدمها أطباء التخدير عند إجراء التخدير العام عنها في التخدير الموضعي، نظراً لاختلاف آلية عمل كل منها، في التخدير العام يتم العمل على تنويم دماغ المريض، بينما تُستهدف مجموعة من الأعصاب عند إجراء التخدير الموضعي.

أدوية التخدير العام

في التخدير العام الوريدي، تُستخدم بدايةً عوامل مهدئة منومة كالبروبوفول والإيتوميديت والكيتامين، ومن ثم تُستخدم مجموعة من الأدوية التي تكمل عمل الأدوية الأساسية المهدئة وعلى رأسها المواد الأفيونية والليدوكائين والميدازولام، إضافة إلى الأدوية المرخية العضلية التي ترخي العضلات الهيكلية. 

وتُستخدم أدوية التخدير الانشاقية مثل أكسيد النيتروز والهالوثان والأيزوفلورين والديفلوران، وذلك لتعزيز عمل المواد المخدرة ولصيانة تأثير التخدير في غرفة العمليات.

أدوية التخدير الموضعي

أما بالنسبة لأدوية التخدير الموضعي، فهي تستهدف عمل مستقبلات الألم وتمنعها من إرسال الإشارات الحسية الألمية من مستقبلات الألم المحيطية إلى الدماغ، ومن أدوية التخدير الموضعي الأكثر استخداماً:

  • بنزوكاين.
  •  ليدوكائين.
  •  نوفوكائين.
  •  تتراكائين.

اقرأ أيضاً: بالماء والأعشاب الطبيعية: طرق التخلص من الآثار الجانبية للبنج

مضاعفات التخدير

على الرغم من الفائدة العظيمة التي قدمها التخدير للعلوم الطبية والجراحية، إلّا أن له مجموعة من المضاعفات المحتملة والتأثيرات الجانبية.

مضاعفات التخدير العام وآثاره الجانبية

يعتبر التخدير العام آمناً بشكل نسبي، ومعظم الأشخاص قادرون على الخضوع للتخدير العام دون مشاكل خطيرة، إلّا أن خطر الإصابة بالمضاعفات يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنوعية العمل الجراحي الذي يخضع له المريض وبصحته البدنية العامة، وليس بنوع التخدير.

يكون كبار السن وأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية مزمنة في خطرٍ أعلى للإصابة بتخليط ذهني ما بعد العمل الجراحي أو الالتهاب الرئوي أو السكتات الدماغية والاحتشاء القلبي. تشمل الحالات التي يمكن أن تزيد من خطر حدوث مضاعفات أثناء الجراحة ما يلي:

  • التدخين: نظراً لما يسببه من نقص في الأكسجة وارتفاع ضغط الدم، لذلك يطلب من المريض إيقاف التدخين لمدة أسبوعين قبل العمل الجراحي.
  • نوبات توقف التنفس أثناء النوم والبدانة: والتي تتطلب خصوصية في تأمين الطريق الهوائي.
  • داء السكري: يُطلب من المريض إيقاف كل خافضات السكر الفموية والاعتماد على الإنسولين قبل العمل الجراحي، كما يجب التحدث مع الطبيب حول أي تغييرات تطرأ خلال فترة الصيام قبل الجراحة.
  • السكتة الدماغية.
  • القصور الكلوي والكبدي: تُطرح المواد المخدرة إما عن طريق الكلى أو عن طريق الكبد، لذلك من المهم إجراء دراسة دقيقة لوظائفها أثناء تجهيز المريض للعمل الجراحي، لتجنب تراكم المواد المخدرة في الجسم وتعذر إطراحها.
  • الأدوية التي يمكن أن تزيد من النزيف كالأسبرين والوارفارين: حيث يتم استبدالها بالهيبارين منخفض الوزن الجزيئي، لسهولة عكس تأثير الهيبارين في حال حدوث أي نزيف.
  • إدمان الكحول وما يرافقه من قصور في عمل الكبد.
  • وجود حساسية لبعض الأدوية: إذ قد تتسبب الحساسية لبعض مواد التخدير بما يُسمى “فرط الحرارة الخبيث” حيث يحدث ارتفاع خطير في درجة حرارة الجسم، كما تتصلب العضلات وتتشنج وتزداد سرعة ضربات القلب. قد تكون المضاعفات الناتجة عن فرط الحرارة الخبيث قاتلة إن لم تُعالج حالاً.

بعد إتمام العمل الجراحي، يقوم طبيب التخدير بإنعاش المريض وعكس الأدوية لإيقاظه، ومن المحتمل أن يشعر المريض بالدوار والارتباك قليلاً عند الاستيقاظ لأول مرة لأن المادة المخدرة قد تبقى في الجسم لمدة قد تصل إلى 12 ساعة، ومن الآثار الجانبية الشائعة التي يعاني منها المريض بعد الصحو:

  • الغثيان والإقياء.
  • جفاف الفم.
  • آلام العضلات.
  • بعض الارتعاشات المؤقتة.
  • التخليط الذهني والنعاس.
  • بحة خفيفة في الصوت وقد يحدث التهاب في الحلق ناجماً عن تخريش أنبوب التهوية.

مضاعفات التخدير الموضعي وآثاره الجانبية

على الرغم من أن الآثار الجانبية للتخدير الموضعي أقل بكثير مقارنةً بالتخدير العام، إلّا أنه من الممكن أن يتحسس المريض لأحد مكونات عقار التخدير، الأمر الذي يتطلب المعالجة الإسعافية، ومن المضاعفات الأخرى نذكر:

  •  وجود كدمة مكان الحقن: يعتبر وجود هذه الكدمة طبيعياً إذ تستمر لمدة أسبوعين وسطياً.
  •  عدم انتظام ضربات القلب.
  • صداع معند.
  •  حدوث إنتان مكان الحقن.
  • خدر ووخز مستمر: نتيجةً لتلف الأعصاب التي تم حصارها بالتخدير، ولكن عادةً ما يكون هذا مؤقتاً إذ قد يستمر لبضعة أشهر.