‎دليلك الشامل لقراءة النشرات الدوائية

‎دليلك الشامل لقراءة النشرات الدوائية
تحتوي النشرات المرفقة بعبوات الأدوية على معلومات عن خصائص الأدوية وتأثيرها. كاثرين زيغلر/ ديجيتال فيجين عن طريق غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يتناول العديد من البالغين الأدوية التي تحتاج إلى وصفة طبية والتي تزداد نسبة استخدامها باستمرار. تسبب التأثيرات الجانبية للأدوية زيارة نحو 1.3 مليون شخص سنوياً إلى قسم الطوارئ في الولايات المتحدة، ما يجعل توعية المرضى بشأن استخدام الأدوية بطريقة آمنة ضرورية للحفاظ على سلامتهم.

تحتوي الأدوية التي تحتاج إلى وصفة طبية على إرشادات تفصيلية حول كيفية استخدامها بصورة آمنة وفعالة، وتختلف المعلومات المرفقة بالدواء وفقاً لنوع الدواء نفسه، إذ يمكن أن تتضمن عدة أنواع من المعلومات؛ مثل الإرشادات المرفقة للمريض، ودليل العلاج، وتعليمات الاستخدام. يمكن أن تكون هذه المعلومات على شكل ورقة مطوية داخل العبوة الدوائية أو على شكل صفحة مطبوعة يقدمها الصيدلاني مع الدواء.

بصفتي عالماً، فأنا أركز على دراسة تأثير الأدوية والمواد الكيميائية الأخرى في صحة الإنسان، وأعلم أن بعض الناس يشعرون بالقلق عند قراءة النشرات المرفقة مع العبوات الدوائية، ولا سيما معلومات الوصفة الطبية بسبب احتوائها على معلومات تحذيرية وتأثيرات جانبية محتملة للدواء، لكنها في الوقت نفسه تساعد المرضى في فهم معلومات مهمة عن الأدوية سواء كانت ضمن عبوات زجاجية أو شرائط بلاستيكية مختومة، أو غيرها.

اقرأ أيضاً: 6 أمثلة لتداخلات غذائية دوائية يجب تجنبها

ما الذي يمكنني تعلمه من النشرات المرفقة بالعبوات الدوائية؟

يتجاهل المستخدم غالباً جزءاً مهماً من النشرات المرفقة بالعبوات، وهو معلومات الوصفة الطبية، وعلى الرغم من أن هذه المعلومات تكون موجهة أساساً لاختصاصيي الرعاية الصحية، لكنها تحتوي على مجموعة كبيرة من المعلومات المتعلقة بطريقة تفاعل الدواء مع الجسم. إذا لم تتضمن الوصفة الطبية على المعلومات، فيمكنك العثور على نسخة منها على موقع ديلي ميد (DailyMed) التابع للمعاهد الصحية الوطنية أو على مواقع أخرى تقدم معلومات عن الأدوية.

على سبيل المثال، يُعد عقار أتورفاستاتين (atorvastatin)، تحت الاسم التجاري ليبيتور (Lipitor)، أحد أكثر الأدوية الموصوفة في الولايات المتحدة؛ يقلل الأتورفاستاتين من مستويات الكوليسترول المرتفعة، بالإضافة إلى تخفيض مستويات كوليسترول البروتين الدهني المنخفض الكثافة، إل دي إل (LDL)، الذي يسمى أيضاً الكوليسترول الضار.

عند قراءة النشرات المرفقة ستجد العديد من المعلومات المهمة حول الدواء، وإذا كنت ترغب في الحصول على معلومات مفصّلة حول عقار الأتورفاستاتين، ليبيتور، يمكنك العثور على نسخة منها من هنا.

ما آلية عمل الدواء؟

للإجابة عن هذا السؤال، يمكن الاطلاع على الأقسام المتعلقة بآلية العمل والديناميكية الدوائية ضمن النشرة المرفقة داخل العبوات.

ثمة صلة وثيقة بين مفهومي آلية العمل والديناميكية الدوائية؛ إذ تصف آلية العمل التفاعلات الكيميائية والجزيئية التي تسبب التأثيرات العلاجية أو السّميّة للدواء، بينما تشير الديناميكية الدوائية إلى تأثير الدواء في الجسم، ويشمل آلية العمل وتأثير العوامل الأخرى مثل تركيز الدواء اللازم لتحقيق التأثير العلاجي المطلوب.

ترتبط آلية عمل الدواء غالباً بكيفية تفاعله مع مستقبلات الخلايا والإنزيمات المسؤولة عن توصيل إشارات وتفاعلات كيميائية محددة في الجسم.

اقرأ أيضاً: دليلك الشامل لمعرفة كل ما تريده عن مسكن الألم ديكلوفيناك

بالنسبة لعقار ليبيتور، توفر معلومات الوصفة الطبية 3 نقاط مهمة حول آلية عمل الدواء: أولاً، يستهدف هذا العقار الكبد، وهو المركز الرئيسي لإنتاج الكوليسترول في الجسم؛ ثانياً، يعمل الدواء عن طريق تثبيط إنزيم يشارك في إنتاج الكوليسترول يسمى اختزال إنزيم هيدروكسي ميثانول الغلوتاريل (HMG-CoA reductase)؛ ثالثاً، يضاعف الدواء عدد مستقبلات الكوليسترول الضار على أسطح الخلايا، ما يؤدي في النهاية إلى زيادة الهدم الاستقلابي، أو التفكك الاستقلابي للكوليسترول الضار.

ما المسار الذي يسلكه الدواء في الجسم؟

قبل أن نجيب عن هذا السؤال، لنبدأ بشرح بعض المعلومات الأساسية في قسم حركية الدواء ضمن النشرة المرفقة بالعبوات الدوائية.

يمكن وصف حركية الدواء بأنها تفاعل الجسم مع الدواء، وهي تركز على 4 عمليات رئيسية يخضع لها الجسم استجابةً للمادة الكيميائية: الامتصاص، أي كيفية دخول الدواء إلى الجسم؛ والتوزع، وهو كيفية انتشار الدواء في أنحاء الجسم؛ والاستقلاب، أي كيفية تحويل الدواء إلى أشكال كيميائية أخرى؛ والإطراح، أي طريقة خروج الدواء من الجسم.

تتأثر حركية الدواء بعوامل تتعلق بالمادة الكيميائية للدواء نفسه وصفات الشخص الذي يتناول هذا الدواء، على سبيل المثال، يمكن أن تتسبب الحالة المرضية والعمر والجنس والعوامل الوراثية في تفاوت تأثير الدواء نفسه بين أشخاص مختلفين.

اقرأ أيضاً: عقار أوريبلكس: لتعويض نقص فيتامين ب واستخدامات أخرى

الآن، لنلق نظرة على قسم التوزع ضمن النشرة المرفقة.

بالنسبة لدواء ليبيتور، لا تحدد النشرات المرفقة داخل عبوات الأدوية المنطقة أو الأنسجة التي ينتقل إليها الدواء مباشرة بعد دخوله إلى الجسم، لكنها تشير إلى أن حجم توزع هذا الدواء يبلغ 381 لتراً. يشير حجم التوزع إلى نسبة كمية الدواء في الجسم إلى تركيزه في الدم، وعندما يكون حجم التوزع أكبر من 30 لتراً، فإن ذلك يشير إلى أن الدواء انتقل إلى أنسجة الجسم ولم يعد وجوده مقتصراً على مجرى الدم فقط. على سبيل المثال، يرتبط العقار المانع لتجلط الدم، وارفارين (warfarin)، بدرجة وثيقة بالبروتينات الموجودة في الدم، ويبلغ حجم توزيعه نحو 8 لترات فقط، أي أنه يتوزع بصورة محدودة في الجسم ويكون مركّزاً بشكل أساسي في الدم. من ناحية أخرى، ينتشر عقار الكلوروكين (chloroquine) المضاد للملاريا في أنسجة الجسم الدهنية، ويبلغ حجم توزعه نحو 15,000 لترٍ.

هل تحدث التأثيرات الجانبية بسبب الدواء نفسه أم بسبب المركبات الناتجة عن تحلله الكيميائي في الجسم؟

على الرغم من أن المركبات الكيميائية التي يتكون منها الدواء هي المسؤولة الرئيسية عن الفعالية العلاجية لمعظم الأدوية، لكن العديد منها يتحلل داخل الجسم إلى مركبات فعالة أخرى، تسمى المستقلبات النشطة، التي تؤثر أيضاً في بعض الوظائف الحيوية المرتبطة بالعلاج.

يُعطى بعض الأدوية في شكل مركب الدواء الأولي غير النشط الذي يحوله الجسم إلى مستقلبات تقدم التأثيرات العلاجية المطلوبة. تستخدم شركات الأدوية عادةً العقاقير الأولية لأنها تتميز بحركية دوائية أفضل، من حيث تحسين امتصاص الدواء في الجسم وزيادة توزعه في الأنسجة المستهدفة، مقارنةً بأشكال الدواء النشطة.

بالنسبة لعقار ليبيتور، يشير قسم الاستقلاب، الوارد تحت عنوان حركية الدواء ضمن النشرة المرفقة بالعبوة، إلى أن هذا الدواء يتحلل إلى عدة نواتج تسهم بدرجة كبيرة في تأثيره العلاجي.

ما مدة بقاء الدواء في الجسم؟

للإجابة عن هذا السؤال، يجب معرفة عمر النصف الحيوي للدواء وهو إحدى خصائص الدواء الرئيسية، التي تمثل الوقت اللازم لتقليل تركيز الدواء في جسم الإنسان إلى نصف كميته الأولية. يمكن العثور على معلومات عمر النصف الحيوي لدواء ما في قسم الإطراح في الجزء الخاص بحركية الدواء ضمن النشرة الدوائية المرفقة.

يبلغ عمر النصف الحيوي لدواء ليبيتور نحو 14 ساعة، إذا توقفت عن تناول الدواء، فسيختفي 97% من الدواء من الدم بعد نحو 3 أيام، أي 5 أضعاف عمر النصف الحيوي للدواء.

توفر النشرة الدوائية لعقار ليبيتور معلومات أخرى مثيرة للاهتمام، إذ تتمتع المستقلبات النشطة لهذا الدواء بفترة عمر نصف حيوي أطول من عمر النصف للدواء نفسه، إذ تتراوح فترة عمر النصف لتأثير الدواء في تثبيط إنزيم الكوليسترول بين 20 إلى 30 ساعة، أي إن تأثيرات الدواء قد تستمر حتى بعد طرحه من الجسم.

لماذا يجب علينا تناول الأدوية مع الطعام أو في أوقات محددة؟

يمكن أن يؤدي تناول الطعام إلى تغيير معدل امتصاص الدواء في الجسم بعدة طرق، مثل تغيير حموضة الجهاز الهضمي، وتعديل إفراز العصارة الصفراوية، وزيادة تدفق الدم إلى الأمعاء.

بالنسبة لعقار ليبيتور، يوضح قسم الامتصاص في الجزء الخاص بحركية الدواء المعلومات المتعلقة بمعدل امتصاص الدواء وتأثير تناول الطعام؛ يقلل تناول الطعام من معدل امتصاص دواء ليبيتور، لكنه لا يؤثر بدرجة كبيرة في فعالية الدواء من حيث تقليل نسبة الكوليسترول الضار.

تشير معلومات النشرة الدوائية إلى أن تركيز الدواء في الدم يكون أقل بشكل ملحوظ عند تناوله في المساء مقارنةً بالصباح، لكن تأثير خفض مستويات الكوليسترول الضار يظل نفسه بغض النظر عن وقت تناول الدواء.

كل ما ذُكر أعلاه ملخص في عبارة مكتوبة على الجزء الخارجي من العبوة: يمكن تناول عقار ليبيتور مع الطعام أو دونه. لا يوجد توصية محددة بشأن تناول الدواء في الصباح أو المساء، لكن يُنصح بتناوله بانتظام في الوقت نفسه كل يوم.

اقرأ أيضاً: حمض البيمبيدويك: بديل أكثر أماناً من الستاتين لخفض الكوليسترول الضار

لماذا يسأل الطبيب عن الأدوية الأخرى التي نتناولها؟

يمكن أن تتفاعل الأدوية بعضها مع بعض بطرق تؤثر في سلامتها وفعاليتها، على سبيل المثال، يمكن أن يعتمد عقاران على النظام الإنزيمي نفسه لتحويلهما إلى مركبات أخرى، ويمكن أن يؤدي تناولهما في الوقت نفسه إلى زيادة مستويات الدواء المتوقعة في الجسم، سواء لأحدهما أو لكليهما، أي زيادة تركيزهما في الدم.

يمكن العثور على معلومات حول كيفية تفاعل الأدوية بعضها مع بعض في قسم التفاعلات الدوائية.

عند استخدام عقار ليبيتور، يجب الانتباه للأدوية الأخرى التي تُعد مثبطات قوية لإنزيم السيتوكروم، سي واي بي 3 أيه 4 (CYP 3A4) الذي يؤدي دوراً رئيسياً في استقلاب الكثير من الأدوية، لذلك، فإن تناول عقار ليبيتور إلى جانب الأدوية التي تثبط هذا الإنزيم، مثل المضاد الحيوي كلاريثرومايسين (clarithromycin) أو عقار إيتراكونازول (itraconazole) لعلاج العدوى الفطرية، يمكن أن يؤدي إلى زيادة تركيزه في الدم وزيادة خطر التأثيرات الجانبية. موقع ذا كونفرزيشن (The Conversation)