الأنظمة الغذائية مرتفعة الدهون قد تجعل الفئران تعيش لفترة أطول، ولكن ماذا عن البشر؟

النظام الغذائي الكيتوني
حقوق الصورة: بوبساي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

انسَ ينبوع الشباب. قد يكمن سر الحياة الطويلة والصحية في مركب عضوي (بيتا-هيدروكسي بوتيرات) ينتجه الجسم عند اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية، أو عند اتباع نظام غذائي غني بالدهون. نُشرت دراستان في 5 سبتمبر/أيلول 2017 في دورية «سل ميتابوليزم» (Cell Metabolism) ركّزت إحداهما على الوفاة والشيخوخة والأخرى على طول العمر ودوام الصحة، ووجدتا أن الفئران التي تغذّت على حمية منخفضة الكربوهيدرات ومرتفعة الدهون (والمعروفة باسم «الحمية الكيتونية») عاشت لفترة أطول بنسبة 13% وسطياً من الفئران التي تغذت على نظام غذائي نموذجي. هذا يعادل حوالي 2.7 سنة من العمر للفئران التي تغذّت على الحمية الكيتونية مقارنةً بـ 2.4 سنة للفئران التي تغذّت على حمية عادية.

النظام الغذاي الكيتوني أو مرتفع الدهون: 13% زيادة في متوسط العمر للفئران

وجد الباحثون أيضاً أن الفئران التي تتغذى على النظام الكيتوني لم تعش لفترة أطول فقط؛ بل إنها تمتّعت بصحة أفضل أيضاً. احتفظت أدمغة هذه الفئران بكل ملكاتها، وعانت من عدد أقل من الأورام السرطانية عند الموت، كما أنها كانت أكثر لياقةً؛ لكن في حين أن الأدلة تشير إلى أنه من الأفضل تناول كمية كافية من الدهون،؛ إلا أن هذه الاستنتاجات لا تعني أنك يجب أن تعيش على الأطعمة المليئة بالدهون. الحقيقة أكثر إثارةً للاهتمام من ذلك.

قال «جون رامزي»؛ كبير المؤلفين وخبير التغذية في كلية الطب البيطري في جامعة كاليفورنيا – ديفيس، في بيان: «لقد فاجأتني النتائج قليلاً»، وأضاف: «توقعنا بعض الاختلافات؛ لكنني تأثرت بالحجم الذي لاحظناه: زيادة بنسبة 13% في متوسط العمر الافتراضي للفئران التي تتبع نظاماً غذائياً مرتفع الدهون مقابل نظام غذائي عالي الكربوهيدرات. عند البشر، قد تقابل هذه النسبة 7-10 سنوات؛ ولكن ما هو مهم بنفس القدر هو أن الفئران قد احتفظت بجودة الصحة في وقت لاحق من حياتها».

اقرأ أيضًا: لماذا نتقدم في العمر؟

زيادة متوسط طول العمر ودوام الصحة

هذا مهم لأن معظم الباحثين الذين يدرسون مجال طول العمر يركزون على العيش لفترة أطول. لإطالة العمر الافتراضي فعلياً؛ يجب على المرء تقليل ظهور الأمراض المرتبطة بالعمر مثل السرطان وأمراض القلب والسكري. إن معرفة كيفية إبقاء هذه الأمراض تحت السيطرة يمكن أن يمكّننا ليس فقط من العيش لفترة أطول؛ ولكن أيضاً من القيام بذلك مع التمتّع بصحة جيدة – مثل الوصول إلى عمر الـ 70 عاماً والتمتّع بالمرونة الذهنية للذين يبلغون سن الـ 30. الهدف هو ما يشار إليه على أنه «دوام الصحة»؛ أي إطالة الفترة التي نتمتع فيها بالصحة واللياقة، يليها تردٍّ قصير في الصحة ثم الموت.

لدراسة آثار النظام الغذائي الكيتوني على دوام الصحة؛ قام الباحثون في دراسة الوفيات والشيخوخة بتقسيم الفئران البالغة من العمر 12 شهراً (في منتصف العمر) إلى 3 مجموعات تتبع كل واحدة نظاماً غذائياً مختلفاً. تغذّت فئران المجموعة الأولى على طعام الفئران العادي؛ والذي يوفّر 65% من السعرات الحرارية من الكربوهيدرات، و 18% منها من البروتين، و 17% منها من الدهون. بينما تغذّت فئران المجموعة الثانية على نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات يوفّر 70% من السعرات الحرارية من الدهون، و 20% من البروتين، و 10% من الكربوهيدرات. وتغذّت فئران المجموعة الثالثة على النظام الغذائي الكيتونيّ الذي يوفّر 89% من السعرات الحرارية من الدهون، و 10% من البروتين، وأقل من 1% من الكربوهيدرات.

النظام الغذائي الكيتوني
حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز

النظام الغذائي الكيتوني: هل هذا هو النظام الغذائي الذي يجب أن نتّبعه؟

عندما يعاني الجسم من نقص في الكربوهيدرات؛ وبالتالي نقص في الغلوكوز (وهو سكر بسيط يُعتبر تحويله إلى طاقة الأسهل)، فإنه يبدأ في تفكيك الدهون من خلال عملية تُعرف باسم «أكسدة بيتا». من خلال هذه العملية؛ يُنتج الجسم الكيتونات (بيتا-هيدروكسي بوتيرات) لاستخدامها كوقود. وجد الباحثون أن الفئران التي تغذت على النظام الغذائي الكيتوني عاشت لفترة أطول، على الرغم من أن العمر الأقصى لم يزدَد كثيراً (من 1064 إلى 1175 يوماً). بعبارة أخرى؛ يبدو أن هناك فترةً زمنيةً إضافيةً محددةً نسبياً للحيوانات تبلغ حوالي 3 سنوات، وأن النظام الغذائي الكيتوني قد ساعد الفئران على العيش لفترة أطول ضمن ذلك المجال الثابت.

أجرى الباحثون أيضاً على الفئران سلسلةً من الاختبارات: اختبار للذاكرة، واختبارات للقوة وخفة الحركة تضمنت تعليق الفئران بسلك، واختبارات السرعة. تفوقت الفئران التي تغذت على النظام الغذائي الكيتوني على الفئران الأخرى. بشكل عام؛ جاءت فئران المجموعة الثانية (التي اتّبعت النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات) في الوسط (بين الأنظمة الغذائية التقليدية والوجبات الغذائية الكيتونية) في معظم المقاييس، مع استثناء واحد: كانت هذه الفئران أكثر بدانةً مقارنةً بفئران المجموعة المعيارية أو فئران المجموعة الثالثة.

تكررت نفس التأثيرات على معدل الوفيات والذاكرة في الدراسة الثانية سابقة الذكر؛ حيث اتّبعت الفئران نفس الأنظمة الغذائية الثلاث؛ إلا أنه في هذه الدراسة، اتّبعت الفئران نظاماً غذائياً كيتونياً ومرتفع الدهون بشكل دوري – أي أن الفئران تغذّت على النظام الغذائي التجريبي لأسبوع واحد، واتّبعت النظام العادي في الأسبوع التالي.

النظام الغذائي الكيتوني: أكثر من مجرد وقود

كما هي الحال في الدراسة الأولى؛ عاشت الفئران التي اتّبعت النظام الغذائي الكيتوني لفترة أطول في المتوسط، وظلّت أكثر حدةً ذهنياً حتى سن الشيخوخة. وبالمثل؛ يبدو أن الفئران التي تغذت على النظام الغذائي مرتفع الدهون عاشت لفترة أطول من نظيراتها في المجموعة المعيارية، على الرغم من أن الزيادة في العمر ليست كافيةً لتكون ذات دلالة إحصائية. وجد الباحثون في الورقة الثانية أن بيتا-هيدروكسي بوتيرات؛ وهو نوع من الكيتونات ينتجه الجسم بكميات كبيرة عندما يحرق الدهون، لا يعمل فقط كوقود؛ إذ أنه يشارك في عملية تسمّى «التأشير الخلوي».

هذه العملية هي إحدى الطرق التي تتواصل بها الخلايا حتى تعرف متى يجب أن تتكاثر أو تقاوم الغزاة أو تموت. يعتقد الباحثون أن نوع التأشير الذي يساهم فيه بيتا-هيدروكسي بوتيرات قد يجعل الخلايا أكثر مقاومةً للإجهاد البدني الذي يُربط بالشيخوخة؛ ما يسمح لها بأن تؤدّي وظائفها بشكل أشبه بخلايا الفئران الأصغر سناً لفترة أطول.

لكن الدهون لم تجعل هذه الفئران خالدة. يبدو أن اتباع نظام غذائي كيتوني بشكل دوري يقلل بشكل أساسي من احتمالية الوفاة في الأعمار بين 12 و 30 شهراً. ليس من الواضح ما إذا كان ذلك يعود إلى تغير أجسام الفئران بطريقة تجعلها تتوقف عن الاستجابة للمسارات المستهدَفة في عملية التأشير الخلوي، أو بسبب بعض الجوانب السلبية طويلة المدى للنظام الكيتوني (مثل تلف الكبد). مع ذلك؛ يجب أن يمثّل هذا تنبيهاً لأي شخص يأمل في تطبيق نسخة من هذه التجربة في المنزل.

اقرأ أيضًا: قبل اتباع نظام الكيتو: تعرّف كيف يتأثر جسدك بهذا النظام الغذائي