ما هو نظام اليويو الغذائي ولماذا يعتبر اتباعه محفوفاً بالمخاطر؟

ما هو نظام اليويو الغذائي ولماذا يعتبر اتباعه محفوفاً بالمخاطر؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Victor Moussa
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يظهر كل يوم برنامج جديد لإنقاص الوزن أو خطة غذائية تعود بنتائج سريعة ومثيرة للإعجاب لفقدان الوزن، ولا يمكن إنكار كم هو من المغري أن تفقد كل الوزن الزائد خلال شهر واحد، ففي النهاية تميل الطبيعة البشرية لكل ما هو سهل المنال.

ولكن ينبغي تسليط الضوء على نقطة مهمة، وهي أنه مع ازدياد أعداد وأنماط وأشكال الحميات غير المستدامة، يزداد عدد الأشخاص الذين يراجعون أخصائيي التغذية بعودة اكتساب الوزن الذي فقدوه، والبعض يكتسب وزناً أكبر من الذي فقده حتى. تُعرف هذه الرحلة من الذهاب والإياب والتأرجح في الوزن بـ “ظاهرة اليويو” التي تُسببها الأنظمة الغذائية غير المستدامة والتي أصبحت تُعرف بـ “نظام اليويو الغذائي”.

اقرأ أيضاً: ما الآلية التي تفقد فيها أجسامنا الوزن عند الالتزام بحمية قليلة السعرات الحرارية؟

ما هو نظام اليويو الغذائي؟

يبدو الأمر كالتالي: “لدي حفلة بعد أسبوع وأحتاج إلى أن أفقد ما أقدر عليه من الوزن خلال هذه المدة القصيرة مهما كان النظام الغذائي الذي أحتاج إلى اتباعه” أو “الصيف على الأبواب أحتاج إلى أن أتبع حمية صارمة لأفقد الوزن خلال شهر واحد”. هذه الأنظمة التي تُفقد وزناً كبيراً خلال فترة قصيرة هي ما يشير إليه مصطلح “نظام اليويو الغذائي” والذي يستخدم لوصف الأنظمة الغذائية التي يؤدي إيقاف اتباعها إلى عودة اكتساب الوزن الذي تم فقدانه من جديد وعلى أساس مستمر أي على مدار أكثر من مرة واحدة، ويشار إليه بالمصطلح السريري “دورة الوزن” (Weight Cycle).

توضح كايلي مايرز (Kayley Myers) وهي أخصائية في علوم التغذية، أن كل شخص عُرضة للتأثر بسلوكيات نظام اليويو الغذائي، إلا أن أغلب النتائج تُرى في الأفراد الذين يعانون من اضطراب العلاقة مع الطعام و اضطراب صورة الجسم، وأضافت مايرز: “عادة ما تدّعي الأنظمة الغذائية الجديدة أن خطتها ستساعدك على الظهور والشعور بأفضل ما لديك خلال مدة قصيرة، الأمر الذي قد يغري شخصاً يعتقد أن حياته ستكون أفضل إذا فقد الوزن حالاً، متجاهلاً المخاطر الصحية التي تترتب على ذلك”.

كيف يتفاعل الجسم مع نظام اليويو الغذائي؟

سيفقد الجسم الخلايا الدهنية حتماً عندما يتبع الشخص حمية صارمة تُنقص مدخوله من الحريرات من 1500-2000 إلى 750 سعرة حرارية على سبيل المثال. ومع انخفاض عدد الخلايا الدهنية، ينخفض مستوى هرمون الليبتين المسؤول عن الشعور بالشبع الذي تفرزه، ما يسبب شعوراً مستمراً بالجوع.

اقرأ أيضاً: ما مدى سلامة الحميات التي تعتمد على العصائر؟

بعد ذلك يعتقد الجسم أن مخازنه ستبدأ بالنضوب لهذا السبب يُبطئ كل العمليات الحيوية توفيراً الطاقة وينخفض معدل الاستقلاب مع ذلك. ومع الانتهاء من النظام الغذائي والعودة إلى نمط تناول الطعام الطبيعي، تكون لدى الشخص شهية كبيرة ومعدل استقلاب بطيء وبالتالي حرق سعرات حرارية أقل، الأمر الذي يفسّر أنه بعد عدة أسابيع من التوقف عن الالتزام بنظام اليويو الغذائي، يزن الشخص أكثر ما كان عليه عندما بدأ الحمية.

من جهة أخرى، يشتمل الوزن المفقود أثناء حمية اليويو فقدان وزن من كل من الدهون والعضلات، وعندما يستعيد الجسم الوزن سيكون مسار اكتساب الدهون أسرع مقارنة باكتساب العضلات، ولأن ازدياد الشهية والرغبة بتناول المزيد من الطعام سيستمر إلى أن يبني الجسم العضلات مرة أخرى والذي يأخذ وقتاً عادةً، تتضاعف التأثيرات العكسية لنظام اليويو الغذائي.

 مخاطر اتباع نظام اليويو الغذائي

من أهم المخاطر الصحية التي تجعل اتباع نظام اليويو الغذائي سيئاً لصحتك نذكر:

خفض معدل الأيض وعملية التمثيل الغذائي

يرتبط فقدان الوزن مع تباطؤ معدل الأيض والذي يُعرف بـ “التكيّف الأيضي”، وهو رد فعل يُبديه الجسم لمعاكسة الفقدان السريع للوزن، كما تتأثر وظيفة الغدة الدرقية ويزداد مستوى هرمون الكورتيزول وهو هرمون الشدة الذي يفرز عندما يشعر الجسم أنه في خطر، كما يحدث في الحميات الصارمة التي يفهمها الجسم على أنها مجاعة، والذي بدوره يخفّض من معدل الاستقلاب ويحرض زيادة الوزن.

زيادة الشهية وزيادة الوزن مع الزمن

يعود ذلك كما ذكرنا لانخفاض مستوى هرمون الليبتين الذي تُفرزه الخلايا الشحمية، الأمر الذي يكبح الشعور بالشبع ويولد رغبة متواصلة بتناول الطعام، ما يؤدي بدوره إلى اكتساب الوزن بسرعة.

اقرأ أيضاً: لماذا الحميات لا تعمل؟ وما هو البديل؟

اضطراب توازن الأنسجة الدهنية والعضلية في الجسم

الوزن الذي يتم اكتسابه في البداية بعد التوقف عن الالتزام بنظام اليويو الغذائي ما هو إلا دهون، حيث تتم استعادة الدهون بسهولة أكبر من العضلات، والذي يؤدي إلى إحداث خلل في توازن نسبة دهون الجسم إلى الكتلة العضلية على مدار دورات خسارة واكتساب الوزن المتعددة.

زيادة خطر الإصابة بتشحم الكبد

لا تؤدي زيادة الوزن السريعة كما يحدث عند التوقف عن الالتزام بنظام اليويو الغذائي إلى تراكم الدهون في البطن فحسب، وإنما تراكمها ضمن الخلايا الكبدية رافعةً بذلك من خطر الإصابة بتشحم الكبد، والذي بدوره يعتبر أحد عوامل خطر حدوث تشمع الكبد مستقبلاً.

زيادة خطر الإصابة بداء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية

يرتبط نظام اليويو الغذائي بفرصة أعلى للإصابة بداء السكري النمط الثاني، وتفسير ذلك يعود إلى أن معظم الوزن الذي يتم اكتسابه يتراكم في البطن. ويزداد خطر حدوث مقاومة الإنسولين، التي تعتبر الآلية المرضية الرئيسية لتطوير داء السكري النمط الثاني، بشكل طردي مع ازدياد محيط البطن.

من جهة أخرى، كلما ازدادت استعادة الوزن بعد التوقف عن نظام اليويو الغذائي ازداد خطر تراكم الشحوم والدهون في بطانة الشرايين، ما يزيد بدوره من خطر الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية التي تغذّي القلب وحدوث احتشاء العضلة القلبية.

اقرأ أيضاً: 3 طرق يساعدك فيها علم النفس السلوكي على فقدان الوزن

ارتفاع ضغط الدم

لا يتوقف الأمر على أن زيادة الوزن الناجمة عن حمية اليويو ترفع بدورها من ضغط الدم، فما يزيد الخبر سوءاً إن اتباع نظام اليويو الغذائي يقلل من تأثير فقدان الوزن الخافض لضغط الدم في المستقبل.

ففي دراسة ترأسها عالم النفس والأستاذ في علم نفس الصحة الاجتماعية في جامعة هيوستن الأميركي كينيث هارت (Kenneth Hart)، وأجريت على 66 بالغاً ممن لديهم تاريخ طويل الأمد من اتباع نظام اليويو الغذائي، نصت النتائج على أن هؤلاء الأفراد كان لديهم تحسن أقل في ضغط الدم مقارنة بالمجموعة الضابطة التي تضمنت أفراداً اتبعوا حميات صحية مستدامة بعد خسارة الوزن.

زيادة خطر الإصابة باضطرابات الطعام

العلاقة غير الصحية وغير المتوازنة مع الطعام التي يوفرها نظام اليويو الغذائي تزيد من احتمال إصابة الشخص باضطرابات الأكل، مثل الشره والنهم المرضي أو القهم العصبي. 

كيف يمكنك وقف حلقة نظام اليويو الغذائي؟

من المحبط للغاية أن ترى الحرمان والعمل الشاق الذي تقوم به لفقدان الوزن يتلاشى في كل مرة تتوقف فيها عن الالتزام بنظام غذائي. ولكسر حلقة التغييرات المؤقتة التي تعود إلينا بالنجاح المؤقت، ينبغي علينا أن نبدأ بالتوقف عن التفكير بالحل السريع واتخاذ نمط حياة صحي يحقق هدفنا على المدى الطويل ويُحسّن صحتنا، لا الذي يسيء إليها. وتحقيقاً لهذا الغاية، تأكد من تحقق ما يلي في نظام حياتك وغذائك:

  • الحرص على تضمين كميات متوازنة من الخضار والفاكهة والبروتين في نظامك الغذائي.
  • تجنب الأطعمة السريعة قدر الإمكان، واستبدال الوجبات الخفيفة من رقائق البطاطس والمشروبات السكرية ببدائل أكثر صحية، مثل الفشار أو المكسرات أو رقائق الجزر المشوية.
  • تناول الأطعمة النشوية باعتدال.
  • الحرص على ممارسة 30 دقيقة من التمرين الرياضي مهما كان شكله، والأهم أن تستمتع بالقيام به ليصبح جزءاً من نمط حياتك.
  • الحصول على قسط جيد من النوم أي ما يعادل 6-8 ساعات كل ليلة.
  • الحرص على شرب 2 لتر من الماء يومياً.
  • تغيير منظورك الكامل لنشاطك البدني من خلال تعديلات بسيطة، كوضع جهاز المشي أمام التلفاز حتى تشاهد ما يحلو لك وللمدة التي ترغب بها دون تأنيب ضمير.
  • استبدال الأنشطة التي تتطلب الجلوس الدائم بأخرى تتطلب الحركة.
  • فهم الأفكار التي تدفعك إلى اتخاذ قرارات تتعلق بالطعام ما يساعد إلى حد كبير في إيقاف دورة تأرجح الوزن.

اقرأ أيضاً: إليك أهم الحقائق وأشهر الخرافات حول ظهور السيلوليت وكيفية التخلص منه

ختاماً، يبدو أن عواقب اتباع نظام اليويو الغذائي أسوأ من امتلاك بضعة كيلوغرامات زائدة، وأبعد من ذلك، تعزز الأنظمة الغذائية مثل نظام اليويو التفكير بالنتائج قصيرة الأمد متجاهلين ما قد يرافق ذلك من نتائج على المدى البعيد، لهذا السبب حاول التركيز على هدف أكثر صحية في المرة المقبلة مهما بدا الطريق طويلاً، إذ يبقى الطريق الطويل أفضل بألف مرة من أن تخوض الطريق نفسه عدة مرات.