أهم أفكار ديفيد سنكلير عن إطالة العمر

أهم أفكار ديفيد سنكلير عن إطالة العمر
حقوق الصورة: shutterstock.com/ tatka_go
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ماذا لو أخبرك أحدهم أنك تستطيع العيش لمائة عام أخرى وأنت تتمتع بكامل صحتك الجسدية والعقلية؟ ربما ترى في كلامه ضرباً من الجنون أو تقترح عليه كتابة فيلم خيال علمي. ولكن، ديفيد سنكلير، الباحث والأستاذ في جامعة هارفارد، اقترح كبسولة دوائية يمكنها أن تطيل العمر البيولوجي إلى ما يتجاوز المائة عام. استناداً لأبحاثه التي استمرت لعقدين من الزمن، فإن الشيخوخة ليست أمراً حتمياً كما نعتقد، بل هي مرض يمكن إيقافه بل وحتى عكسه. في كتابه الذي نُشر في سبتمبر/ أيلول عام 2019، “العمر المديد: لماذا نتقدم في السن؟ وكيف يمكن أن لا ‏نهرم” (lifespan why we age and why we don’t have to)، والذي لاقى رواجاً عالمياً ذائع الصيت، يشير سنكلير إلى عادات وسلوكيات يمكنها عكس مسار الشيخوخة، فما أهم أفكار ديفيد سنكلير عن إطالة العمر؟

مَن هو ديفيد سنكلير؟

عندما كان في الرابعة من عمره، كان ديفيد سنكلير كثير الحب لقطته الصغيرة، إلا أن جدته حذرته من شدة تعلقه، لأن للقطط عمراً أقصر من البشر، ونصحته بالاستفادة من كل لحظة يمضيها مع القطة لصنع ذكريات لا تنسى. كانت هذه النصيحة هي ما غرس في سنكلير الدافع لمحاربة التقدم بالعمر، وكيفية إبطائه.

ولد ديفيد سنكلير في 26 يونيو/ حزيران عام 1969، ويبلغ من العمر الآن نحو 53 عاماً، إلا أن هذا ما لا تبديه ملامحه وصحته. درس في جامعة نيوساوث ويلز في مدينة سيدني الأسترالية، وحصل على درجة الدكتوراة في علم الوراثة الجزيئية عام 1995. عمل مع الدكتور ليونارد جوارينتي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حيث كان أول إنجازاته باكتشاف سبب شيخوخة الخميرة، وتحديد دور بروتينات السيرتوين (Sirtuin) في التغييرات اللاجينية الناتجة عن عدم استقرار الجينوم.

اقرأ أيضاً: بهدف إطالة العمر: دراسة تكشف الآليات الرئيسية للشيخوخة

لم يمضِ وقت طويل حتى تقدم ديفيد للعمل في جامعة هارفارد، حيث طبّق شغفه ورغبته في محاربة تأثير الزمن في مختبره بكلية الطب في جامعة هارفارد على مدى الأعوام التالية وحتى يومنا، وركّز خلالها على تحديد أسباب إصابتنا بالشيخوخة وليس على علاج أمراض الشيخوخة كالسرطان وألزهايمر وغيرها. قدم خلاصة أبحاثه في كتابه موضحاً أسباب التقدم بالعمر، ومقدماً مجموعة نصائح لإيقاف الشيخوخة وإطالة عمر الإنسان، ومتقدماً على أي شخص آخر في هذا المجال.

لماذا نتقدم بالعمر؟ السبب البيولوجي للشيخوخة

في الدورة الطبيعية لحياة البشر، سيصاب الفرد في سن معينة بخلل ما في أحد أعضائه سواء في الرئتين أو القلب أو العظام، وتزداد فرص الإصابة مع التقدم في السن. وبينما يعمل العلماء والأطباء على إيجاد علاج للأمراض، لسنكلير وجهة نظر أخرى: ما سبب هذه الأمراض؟ وفقاً لسنكلير فإن الشيخوخة هي سبب حدوث كل هذه الأمراض. إذ للوقاية من الأمراض المرتبطة بتقدم السن يجب علاج الشيخوخة بوصفها مرضاً. في كتابه، يحدد سنكلير سبب الشيخوخة بنظريته “نظرية المعلومات للشيخوخة”، أي أنها تحدث نتيجة فقدان المعلومات في كل من:

  • فقدان المعلومات في الإيبجينوم

الإيبجينوم هو مجموعة المواد الكيميائية المحيطة بالحمض النووي، وبروتينات يمكن أن ترتبط به في الخلية، والتي توجه تشغيل الجينات أو إيقافها. تحمل الجينات التعليمات لبناء البروتينات الوظيفية في الخلية. يمكن لهذه المواد اللاجينومية أن تتغير استجابة للتغيرات البيئية أو للمرض، فتغير من البروتينات التي تبنيها. تتكون المواد اللاجينومية في الإيبجينوم من:

  • مجموعات ميثيل: ترتبط مجموعة الميثيل بقواعد الحمض النووي، فتسبب تشغيل أو تعطيل الجينات في موقع ارتباطها.
  • بروتينات الهيستون: تمكن بروتينات الهيستون الحمض النووي الطويل من الالتفاف بدقة مشكلاً الكروموسومات داخل نواة الخلية.

يتعرض الحمض النووي لدينا للتعديل والتحطم بتأثير مجموعة من العوامل كالأشعة فوق البنفسجية و[tooltip content=”هي جزيئات تحتوي على إلكترون غير مزدوج في مدارها الذري، ما يسبب عدم استقرارها وآثاراً ضارة على الجسم، إذ يتم تكوينها أثناء التمثيل الغذائي الطبيعي للخلية، أو من المصادر الخارجية.” url=”https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b0%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a9/” ]الجذور الحرة[/tooltip]، والأشعة السينية، والانقسام المنتظم للخلايا، وما إلى ذلك. يتعرض الإبيجينوم للتعديل لإصلاح هذا الضرر بالحمض النووي، إلا أنه لا تتم إعادة تعيينه إلى ما كان عليه بشكل تام، وبالتالي تتراكم التغييرات في الإيبجينوم ما يلحق الخلل في قدرة الخلايا على تصنيع البروتينات وتأدية وظائفها. ولمزيد من التوضيح يصف سنكلير الإيبجينوم بالقرص الصلب (DVD) المخدوش والذي فقد جزءاً كبيراً من معلوماته.

  • فقدان معلومات السرتوينات

هي 7 بروتينات توجد في نواة الخلية والسيتوبلازما والميتكوندريا، وتدعى بجينات إطالة العمر. تنظم السرتوينات تغليف الحمض النووي ضمن ملفات، فعندما يتعرض للتلف، تغادر السرتوينات ما يؤدي إلى إيقاف تكاثر الخلايا وتشغيل الإصلاح، لكن في كل مرة تحدث عملية الإصلاح قد لا تتمكن بعض السرتوينات من العودة، فتتعرض الملفات للتخريب وتفقد شكلها تدريجياً.

اقرأ أيضاً: السعودية ترصد مليار دولار لأبحاث إطالة عمر الإنسان وعيش حياة أفضل

كيف يمكن عكس مسار الشيخوخة؟

من المفارقات أنه يمكن إيقاف الشيخوخة والعيش بصحة لفترة أطول من خلال التعرض لإجهاد بيولوجي، وهو ما يُعرف بالإنهاض (Hormesis). بمعنى آخر، يمكن تنشيط جينات طول العمر لدينا دون التسبب بضرر حقيقي للجسم النووي، من خلال التعرض للتوتر والإجهاد الناتج عن بعض الممارسات والسلوكيات، مثل تقييد السعرات الحرارية، والصيام المتقطع، والتمارين الرياضية، والتعرّض للبرودة.

أفكار ديفيد سنكلير عن إطالة العمر

يقول سنكلير: “نحن نعلم الآن من الدراسة التوأمية أن 80% من صحتك في سن الشيخوخة تعتمد على طريقة عيشك”، ولتنشيطها يمكن اتباع النصائح التي قدمها في لقائه الإذاعي مع لويس هوس (Lewis Howes):

  • التدخين: يمكن للمواد الكيميائية في دخان السجائر العادية أو الإلكترونية أن يؤثر على الحمض النووي ويدمره، ما يسرّع من الشيخوخة.
  • تقييد السعرات الحرارية: لا تأكل كثيراً، سواء كان طعاماً صحياً أو حتى غير الصحي، حاول تخطي إحدى الوجبات خلال يومك، أو التوقف عن الأكل عندما تصل إلى مرحلة شبع بنسبة 60-70%. يمكن لنظام الصيام المتقطع أن يحفّز تشغيل جينات إطالة العمر.
  • التمرين والتدريب المتقطع عالي الكثافة: اركض حتى تبدأ باللهاث، تسبب حالة الإجهاد البدني الشديد نقص الأكسجة، وفيها يندفع الدم بقوة في أنحاء الجسم ليغذّيه، ما ينتج عنه تشغيل جينات إطالة العمر.
  • نوع الطعام: يوصي سنكلير بتناول الأغذية النباتية الغنية بمضادات الأكسدة كالبوليفينول والريسيفيراترول، والدهون الصحية الأحادية غير المشبّعة، كما في زيت الزيتون والأفوكادو.
  • النوم الجيد: يمكن للجسم أن يستعيد نشاطه بالنوم الهانئ، بينما تسرّع قلة النوم من الشيخوخة.
  • درجات الحرارة الباردة: يؤدي تعريض جسمك لإجهاد خفيف بخفض درجات الحرارة إلى تنشيط جينات العمر، بالإضافة إلى تنشيط الدهون البنية، وهي الدهون التي تنتج حرارة لدى التعرض لدرجات حرارة منخفضة.

اقرأ أيضاً: نمط الحياة الصحي يمكنه إضافة أكثر من 5 سنوات لمتوسط العمر الافتراضي للإنسان

الروتين الصحي للدكتور ديفيد سنكلير

على الرغم من عدم تأكيده لأمان سلوكياته، فإن الدكتور سنكلير طبّق نصائحه على نفسه بعد إجراء مجموعة من الاختبارات السريرية الصارمة للحصول على فهم كامل للنتائج المتوقع، ومن ممارساته اليومية:

  • تناول النشويات والسكريات بأقل حدّ ممكن، والامتناع عن السكريات المكررة في الحلويات.
  • المشي الطويل وصعود الدرج، والركض ثم الساونا، ورفع الأثقال.
  • الغطس في مسبح مثلج.
  • تناول فيتاميني د وك 2، وأسبرين الأطفال.
  • تناول المكملات الغذائية مثل الريسفيرتول (1 غرام يومياً)، وهو مادة شبيهة بمضادات الأكسدة توجد في قشرة العنب والتوت.
  • تناول بعض الأدوية مثل:
    • دواء الميتفورمين (1 غرام يومياً)، والمستخدم لخفض نسبة السكر في الدم بشكل أساسي.
    • أحادي نيوكليوتيد النيكوتيناميد (NMN) (1 غرام يومياً).

اقرأ أيضاً: بعد إبطاء عجلة الشيخوخة عند الفئران: هل سيتمكن العلماء من إعادة عقارب الساعة للوراء عند البشر؟

في النهاية، لا يرغب سينكلير في العيش إلى الأبد، ولا يهدف إلى إيجاد إكسير للخلود، لكنه يحاول الحفاظ على صحة الشباب لأطول فترة ممكنة. لذا، سواء كنت في العشرينيات من عمرك أو في الستينيات، لم يفت الأوان لإجراء تعديلات على نمط حياتك، فجميعنا لدينا جينات لإطالة العمر بانتظار الاستفادة منها.