الدليل الشامل للتعرف على حساسية القمح والنظام الغذائي الذي ينصح به للمصابين

الدليل الشامل للتعرف على حساسية القمح والنظام الغذائي الذي يُنصح به للمصابين
حقوق الصورة: أنسبلاش.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كثيراً ما نرى الأشخاص يتجنبون صنفاً غذائياً معيناً تجنباً لحدوث انزعاج بطني، هذا الانزعاج أو “حالة عدم الراحة” التي تحدث جراء تناول مادة غذائية معينة هي تعريفٌ للحساسية الغذائية بحالتها الخفيفة أو ما يُطلق عليها “عدم التحمل”، إذ لا يتحمل الجسم تناول هذه المادة وهضمها نتيجة وجود عوز في أحد الإنزيمات المسؤولة عن هضمه، كما نجد في حالة عدم تحمل الجلوتين. وفي الحالات الأكثر شدة، يمكن لمركب معين في مادة معينة أن يُطلق إنذار جهازنا المناعي، محدثاً حالة من فرط استجابة الجهاز المناعي لمادة طبيعية وبذلك تتظاهر الصدمة التحسسية أو “الصدمة التأقية”، والتي تعتبر أشد أشكال الحساسية للقمح.

من أكثر الأغذية المُسببة للحساسية نذكر القمح والفستق ومشتقات الحليب والفراولة. ونظراً لانتشار اضطرابات التحمل هذه بشكل كبير في الآونة الأخيرة، يعمل قطاع صناعة الأغذية على تصنيع أنماط مختلفة خالية من مسببات الحساسية من مختلف المنتجات لتتناسب مع النظام الغذائي لمرضى الحساسية الغذائية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للمصابين بحساسية اللاكتوز الاستمتاع بفوائد الحليب ومنتجاته؟

ما هي حساسية القمح؟

وصفت حساسيات الأطعمة لأول مرة في العصور القديمة، إذ يُقال إن الملك ريتشارد الثالث هو أول شخص تُوصف إصابته بالحساسية تجاه الطعام، حيث احتار الأطباء عندئذ فيما إذا كان يعاني من التسمم الغذائي المتكرر أو أحد العيوب الخلقية، نتيجة لحدوث آلام بطنية متكررة مترافقة مع تعب ووهن كلما أقدم على تناول الفراولة.

تبدأ حساسية القمح عادةً عند الأطفال الصغار خلال السنوات الأولى للحياة، إذ تصيب ما يصل إلى 1% من الأطفال في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن ثلثي الأطفال المصابين بحساسية القمح يشفون منها بحلول سن 12 عاماً، إلّا أن الإصابة تستمر عند بعضهم طوال حياتهم.

لا تحدث حساسية القمح نتيجةً تناول “حبوب القمح” فحسب، فالقمح بحد ذاته ليس محرضاً لها، وإنما بسبب البروتينات الموجودة فيه. قد تشتمل أحد بروتينات القمح المحرضة للحساسية على “الغلوتين” أيضاً إلا أنه ليس المسبب الرئيسي، كما في الداء الزلاقي. وبذلك يتجلى العلاج بالابتعاد عن كل الحبوب والأغذية الحاوية على البروتينات هذه وليس القمح فحسب.

اقرأ أيضاً: الحساسية: ما هي؟ وما أسبابها وأنواعها؟

عندما يتناول شخص مصاب بحساسية القمحِ القمحَ، ترتبط البروتينات الموجودة فيه بـ “الغلوبولينات المناعية هـ” (IgE) والتي يُطلقها الجهاز المناعي للفرد نتيجة لتحفيز الدفاعات المناعية، ما يؤدي إلى ظهور أعراض رد فعل يمكن أن تكون خفيفة أو شديدة للغاية. تظهر أعراض الإصابة بحساسية القمح بعد دقائق إلى ساعات من استهلاك القمح أو مشتقاته، وتتظاهر بـ :

  • تورم في الفم أو الحلق.
  • حكة جلدية.
  • تورم الجلد واحمراره.
  • احتقان أنفي وسيلان.
  • صداع في الرأس.
  • آلام بطنية.
  • غثيان وإقياء.
  • إسهال.
  • صعوبة في التنفس: وذلك في الحالات الشديدة.
  • الصدمة التحسسية: والتي تتطلب الاستشفاء.

الممنوع والمسموح في النظام الغذائي لمرضى حساسية القمح

نادراً ما يكون لدى المرضى الذين يعانون من حساسية القمح حساسية تجاه الحبوب الشائعة الأخرى، باستثناء الشعير في بعض الحالات. ومن الحبوب التي يُمكن استبدال القمح بها نذكر مثل الشعير والذرة والشوفان والكينوا والأرز والجاودار. على الرغم من أن اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين بشكل كامل قد يكون مقيداً، إلا أن بعض المرضى لا يشعرون بالتحسن التام إلا بعد قطع كامل الحبوب الحاوية على الغلوتين، ما يشير إلى تداخل بعض الأنواع التحسسية وعدم التحمل الغذائي بعضها مع بعض.

غالباً ما يكون أول تساؤل يراود المصابين بحساسية القمح بعد تشخيصهم هو “ماذا عن الخبز؟”، هناك بدائل لصناعة الخبز في المنزل أو حتى في المتاجر، حيث يوجد أنواع متعددة من الخبز المصنوع من أنواع دقيق أخرى غير القمح.

وفي حال كنت ترغب في صناعة خبزك منزلياً، فيمكنك صناعته من حبوب الجاودار إذ يعادل 1 كوب من الدقيق كوباً واحداً من الجاودار. كما يُستخدم دقيق البطاطس أو دقيق الشوفان كبديل عن ذلك، بل وينصح العديد من المصابين بتجربة دقيق البطاطس مع دقيق الجاودار للحصول على خبز ذو قوام طري وطعم لذيذ.

اقرأ أيضاً: أيهما أفضل.. خبز القمح الكامل أم الخبز الأبيض؟ أمعاؤك تجيب

كما يوصى بالابتعاد عن الأطعمة التي تحتوي على أي من النخالة والبرغل والكسكس والمقرمشات والمعكرونة والسميد والنشاء الغلوتيني وبعض النكهات الطبيعية كصلصة الصويا وحتّى رقائق البطاطس، إذ تكون بعض الأصناف مصنوعة بمواد مشتركة مع القمح.

يختلف البعض على السماح للمرضى باستخدام “النشاء”، نظراً لوجود نوعين وهما نشاء الذرة ونشاء القمح، لذلك تأكد دوماً من ملصق الطعام المرافق للعبوة فهو لا يضللك، وإن وجدت كلمة “نشاء” بشكل مفرد فهي تشير إلى نشاء الذرة، أما إذا كان النشاء مصنوعاً من القمح فسيكتب ذلك بصريح العبارة.

منتجات ومشتقات القمح ليست حكراً على الأغذية فقط، فقد تدخل في تركيب مستحضرات التجميل ومواد العناية بالبشرة أيضاً، لذلك يجب الحذر من هذه النقطة أيضاً وقراءة الملصقات المرافقة لها على الدوام.

بماذا تختلف حساسية القمح عن عدم تحمل الغلوتين؟

عدم تحمل الغلوتين مصطلح مضلل يتم الخلط بينه وبين حساسية القمح وغيرها من الاضطرابات الهضمية. لا يوجد شيء اسمه حساسية الغلوتين وإنما فقط عدم تحمل الغلوتين نتيجة غياب إنزيم DPP-IV الذي يكسر ويهضم الغلوتين، وهذا ما يُسبب الإصابة بالداء الزلاقي أو الداء البطني.

تشمل أعراض الداء الزلاقي كل من الإسهال الشديد المرافق للآلام البطنية بعد تناول المنتجات المحتوية على الغلوتين والطفح الجلدي وفقدان الوزن الشديد أو الفشل في زيادة الوزن بشكل صحيح. ويبقى العلاج الفعال هو تجنب المواد الحاوية على الغلوتين بشكل تام.

اقرأ أيضاً: هل تعاني من حساسية الجلوتين؟ إليك النظام الغذائي المناسب

الخطة العلاجية عند المصابين بحساسية القمح وهل يمكن الشفاء منها؟

جوهر العلاج هو تجنب الأطعمة والمنتجات التي تسبب حالة عدم الراحة وعلى رأسها القمح، والشعير في بعض الحالات، هذا لا يعني الحرمان التام من الأطعمة المفضلة التي تحتوي القمح، وإنما فقط استبدالها بأخرى ذات بديل عنه.

يتم تدبير الأعراض باستخدام مضادات الحساسية مثل مضادات الهيستامين والستيروئيدات القشرية السكرية وذلك في الحالات الخفيفة. كما يُستخدم “قلم الأدرينالين” في حالات الصدمة التحسسية الشديدة التي قد تكون مهددة للحياة، لهذا السبب يُفضل أن تكون هذه الأدوية متواجدة دائماً في حقيبة المصاب. كما ينصح بالتقيد بما يلي:

  • دع الجميع على علم بإصابتك بالحساسية: وإن كان طفلك مصاباً، يتوجب عليك إخبار كادر مدرسته وأي شخص يرعاه بحالته الصحية، تجنباً لتعريضه لأي مادة حاوية على مشتقات القمح. كما يجب إعلامهم بكيفية التعامل مع الحالات المتوسطة والشديدة من الحساسية وخاصةً استخدام “قلم الأدرينالين” المُنقذ للحياة. كما يجب إعلام طاقم المطعم بحساسيتك عندما تتناول الطعام خارجاً، واطلب منهم تحضير عشاء من مكونات بسيطة بدون أي صلصات قد تحتوي على مشتقات خفية للقمح.
  • ارتدِ سوار الإصابة بحساسية القمح: فهذا السوار هو البطاقة التعريفية لحالتك الصحية، والذي يساعد الأطباء والكادر الصحي على أخذ العلم بالإصابة، وهو مفيد للغاية في حالات الصدمة التحسسية عندما يكون الشخص غائباً عن الوعي وغير قادر على التعبير.
  • اقرأ ملصقات الأطعمة وأي منتج ترغب بشرائه: حتّى وإن قمت باستهلاك هذا المنتج سابقاً فالمكونات تتغير في بعض الحالات. كما يمكن أن تمتزج الأطعمة التي لا تحتوي على القمح بالقمح أثناء عملية التصنيع أو أثناء تحضير الطعام. لذلك يجب على الأشخاص الذين يعانون من حساسية القمح تجنب المنتجات التي تحمل بيانات تحذيرية على الملصق مثل “مصنوعة باستخدام معدات مشتركة مع القمح” أو “مُعبأة في مصنع يقوم بمعالجة القمح”.
  • اعتمد على الأغذية الخالية من الغلوتين: إضافةً لكونها آمنة للأشخاص الذين يعانون من حساسية القمح، تنوعت أصنافها نظراً لانتشار عدم تحمل الغلوتين بشكل كبير وزيادة عدد الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً خالياً منه.
  • اشترِ كتباً لوصفات خالية من القمح: حيث تقدم لك خيارات متنوعة وآمنة.

في الوقت الذي يُشفى فيه بعض الأطفال من حساسية القمح مع نموهم، قد تتطور حساسية القمح لتبقى حالة مزمنة لدى الحياة عند البالغين، وخاصةً أن العلاج ليس جذرياً وإنما يقتصر على تجنب المواد المحرضة وتقليل استجابة الجهاز المناعي لمحرضات الحساسية فحسب.

اقرأ أيضاً: اقرأ ملصقات الطعام وابحث عمّا هو آمن وصحي لك

هل تسبب حساسية القمح نقصاً في الخصوبة؟ وهل تزيد من خطر الوفاة؟

لا توجد أي دراسات كافية أو أي دليل حول ما إذا كانت تُسبب حساسية القمح العقم عند المصابين، وذلك على عكس الداء الزلاقي وأمراض المناعة الذاتية الهضمية التي قد تقلل من خصوبة الأفراد إن لم يتم تدبيرها بشكل صحيح. كما أن لدى المرضى الذين يعانون من التهاب معوي خفيف وحساسية الغلوتين مخاطر أعلى للوفاة، حتى لو لم تكن أعراضهم شديدة بما يكفي لتشخيص مرض الاضطرابات الهضمية، ومع ذلك لا توجد أدلة كافية تثبت فيما إذا كانت حساسية القمح تسبب التهاباً معوياً مزمناً والذي بدوره قد يزيد خطر الوفاة لديهم. ولهذا السبب، يبقى تجنب المواد المحرضة والتقيد بنظام غذائي لا يسيء للجهاز الهضمي والمناعي العلاج الأفضل الذي يجنب أي مضاعفات صحية طويلة الأمد.