تحدٍ جديد للعلوم الطبية بعد إصابة يافع ذي 19 ربيعاً بداء ألزهايمر

تحدٍ جديد للعلوم الطبية بعد إصابة يافع ذي 19 ربيعاً بداء ألزهايمر
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Burdun Iliya
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لم يبقَ مكان للتفكير التقليدي أو الأخذ بمسلمات الأمور بعد أن شُخص شاب صيني يبلغ من العمر 19 عاماً بداء ألزهايمر. وبالوقت نفسه، يدفع هذا التشخيص العلماء والباحثين لإعادة التفكير والبحث في طبيعة داء ألزهايمر وهو أحد الأمراض العصبية التنكسية التي تصيب كبار السن، بعدما أثبت قدرته على القفز عن بعض الحواجز العمرية.

ففي الوقت الذي تشكّل فيه حالات داء ألزهايمر لدى الأفراد ممن تجاوزوا 65 عاماً نسبة 90%، لا تتجاوز نسبة إصابته للصفوف العمرية الأصغر على 10% فقط، وغالباً ما تكون معظم هذه الحالات مرتبطة بوجود طفرات جينية عائلية، فهل هذا ما حدث مع اليافع الصيني الذي شُخصت إصابته مؤخراً؟

اقرأ أيضاً: هل هناك علاقة بين ارتفاع معدل سكر الدم والكوليسترول والإصابة بداء ألزهايمر؟

ما الأدلة التي دعمت تشخيص الشاب الصيني بداء ألزهايمر؟

عانى شاب من العاصمة بكين لمدة عامين من بعض الأعراض التي دفعته للانسحاب من السنة الأخيرة للمدرسة الثانوية، والتي تمثلت بفقدان الذاكرة وصعوبة التركيز وردود الأفعال غير المضبوطة وصعوبات القراءة، وذلك عندما أجريت له سلسلة من الاختبارات المعرفية والتي لُخصت نتائجها بوجود ضعف حاد في الذاكرة، إذ لم يستطع الشاب تذكر حتّى ما تناوله على العشاء في اليوم السابق.

وخلال ذلك الوقت، كانت النتائج الأولية بحاجة إلى معلومات وبيانات إضافية إما لتأكيد الموجودات السابقة وإما لنفيها، وقدّم التصوير الدماغي معلومات يتلخص مضمونها بوجود ضمور في منطقة الحُصين أو ما يُعرف بـ “ما تحت المُهاد” المسؤولة عن الإدراك والذاكرة، إضافة لوجود تنكس في الفص الدماغي الصدغي وتراكم لويحات الأميلويد والتي تعتبر من العلامات التي تُميزّ داء ألزهايمر. كما أظهرت دراسة السائل الدماغي الشوكي زيادة في تركيز بروتين “بي- تاو181” (P-Tau181)، والذي يعتبر مؤشراً حيوياً راسخاً للإصابة بألزهايمر.

هل كانت هذه الحالة الأولى من نوعها أم شُخصت حالات مشابهة في السابق؟

الإجابة هي نعم ولا، إذ بلغ عمر أصغر فرد تم تشخيص إصابته بمرض ألزهايمر سابقاً 21 عاماً، وهنا قد نستغرب لمَ كل هذا التهويل حول إصابة شاب ذي 19 عاماً مع وجود حالة سابقة مشابهة وفرق عمر بينهما يكاد لا يُذكر؟ وكيف نقول إن هذه الحالة هي الأولى من نوعها؟ والسبب هو أن تحليل جينوم الشاب البالغ 21 عاماً أظهر وجود طفرة جينية، بينما لم يُبدِ جينوم الشاب الصيني ذي الـ 19 عاماً أي طفرات مع عدم وجود تاريخ عائلي للإصابة بالمرض.

كان من المهم إجراء فحص تسلسل الجينوم لمعرفة إذا كان الشخص مؤهباً للإصابة بالخرف المبكر، ولم يكتشف الباحثون وجود الطفرة الجينية بريزينيلين 1 وبريزينيلين 2 (Presenilin 1 And Presenilin 2) التي توجد عادةً عند مرضى ألزهايمر اليافعين، وبذلك تكون هذه الحالة أصغر حالة تم الإبلاغ عنها على الإطلاق تستوفي معايير تشخيص [tooltip content=”هو حالة ضياع الذاكرة التي يعاني منها بعض الأشخاص عند التقدم بالعمر، حيث تبدأ خلايا دماغهم بالتموت وبالتالي التسبب بحالة كبيرة من التشتت والضياع.” url=”https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%d8%a7%d9%84%d8%b2%d9%87%d8%a7%d9%8a%d9%85%d8%b1/” ]داء ألزهايمر[/tooltip] دون تحديد أي طفرات جينية معترف بها مسؤولة عن الإصابة.

اقرأ أيضاً: هل يزداد احتمال إصابة النساء بداء ألزهايمر بعد سن اليأس؟

إن كانت العوامل الوراثية غير مسؤولة عن الإصابة، كيف فسّر الأطباء ما حدث؟

لا شك أن العوامل الوراثية تؤدي الدور الأكبر عندما نتحدث عن الإصابة بداء ألزهايمر، ومع ذلك يبقى هذا الداء أحد الأمراض متعددة العوامل، ومن المحتمل أن تكون العوامل البيئية هي السبب وراء بعض البدايات المبكرة للمرض، فاتباع نمط حياة غير صحي يزيد من التنكس الخلوي للخلايا العصبية ويرفع من نسبة العوامل الالتهابية في الدم ما يؤثر سلباً على عمر الخلايا العصبية ويسرّع من تنكسها، وبذلك يزداد احتمال ظهور الأمراض العصبية التنكسية كالخرف وداء ألزهايمر.

وقال الطبيب جورج بيري (George Perry)، وهو أستاذ من جامعة تكساس في سان أنطونيو ورئيس تحرير مجلة مرض ألزهايمر: “هذه القضية تلفت الانتباه إلى الطبيعة غير المتجانسة لداء ألزهايمر، الذي يمكن أن يشمل جميع الأفراد على اختلاف أعمارهم، وهذه الإصابة اللافتة ستفتح المجال لإيجاد طرق جديدة لتعزيز فهم هذا الداء”.

اقرأ أيضاً: الباحثون يكتشفون مسببات جديدة للخرف يمكن اكتشافها وعلاجها مبكراً

ختاماً، ربما يكون استكشاف السبب وراء إصابة اليافعين بداء ألزهايمر أحد أكثر المهام تحدياً للعلوم المستقبلية، وإلى حين إيجاد أسباب واضحة، يمكننا النظر في نظام حياتنا وتعديله بالشكل الذي يخدم صحتنا الجسدية ويعزز وظائف بدننا بالشكل الأمثل.