ما أسباب أنيميا الفول أو (التفويل) التي تجعلنا نخشى الفول الأخضر؟ وكيف يمكن علاجها والوقاية منها؟

تناول حبات الفول الأخضر قد تسبب الإصابة بأنيميا الفول (التفويل بالعامية) فما أسبابه وعلاجه؟
حقوق الصورة: شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع بداية الربيع تبدأ مواسم البقوليات كالفول والبازلاء، وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من الحساسية تجاهها ترتفع حدة المخاوف والتحذيرات، فبعد ساعات على تناولها، ترتفع درجة حرارة الجسم، ويتسلل الخمول والوهن إليه، وخلال 48 ساعة، تظهر أعراض الغثيان والإسهال ويصبح الاصفرار واضحاً، وفي حالات متقدمة يتوقف القلب. هذا هو ما يدعى بالعامية “التفويل” أو مرض أنيميا الفول، فما أسبابه وما هي طرق علاجه؟

مرض أنيميا الفول

أصبح مرض “أنيميا الفول” (Favism) مرضاً عالمياً، يتأثر به نحو 400 مليون شخص حول العالم، وخاصة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وإفريقيا. وهو اضطراب وراثي إنزيمي يستمر مدى الحياة وينتج عن نقص إنزيم “سداسي فوسفات الغلوكوز ديهيدروجيناز” (G6PD). يساعد هذا الإنزيم على التمثيل الغذائي للكربوهيدرات، ويحمي خلايا الدم الحمراء من تأثير الجذور الحرة التي تنتج عن الوظائف الخلوية العادية، حيث يمنع تراكمها داخل خلايا الدم الحمراء، فيعد مسؤولاً عن صحتها.

عندما تنخفض نسبة هذا الأنزيم، يختل التمثيل الغذائي ويحدث عدم استقرار في أغشية خلايا الدم الحمراء وتتحلل بسرعة تفوق سرعة تصنيعها، ما يعيق الدم عن أداء وظيفته في نقل الأوكسجين والمواد الغذائية إلى أنسجة وأعضاء الجسم. في النهاية تحدث الإصابة بفقر الدم الانحلالي.

اقرأ أيضاً: هل اتباع نظام غذائي نباتي ينعكس سلباً على صحة عظامك؟

أسباب أنيميا الفول (التفويل)

ينتج مرض أنيميا الفول بسبب طفرة في الجين المسؤول عن تصنيع إنزيم (G6PD) يورثها الآباء إلى الأبناء. يُحمَل الجين على الكروموسوم الجنسي (X) في كلا الجنسين، لذا يمتلك الذكور الجين في كروموسوم واحد (XY)، في حين تحمل الإناث الجين في كلا الكروموسومين (XْْْX). يكفي وجود الطفرة على كروموسوم الذكور ليصابوا بالمرض، في حين لا بد من أن يحملها كلا الكروموسومين في النساء ليصبن بالمرض، لذا فإن الذكور أكثر إصابة من الإناث.

إن نقص الأنزيم لوحده ليس سبباً كافياً لظهور الأعراض والإصابة بفقر الدم الانحلالي، إذ لا بد من وجود عوامل محفزة تساعد على ظهور الأعراض، ومن هذه العوامل:

  • بعض الأمراض المعدية الفيروسية أو البكتيرية، مثل التهاب الكبد (أ) والتهاب الكبد (ب) وحمى التيفوئيد والالتهاب الرئوي .
  • بعض الأدوية مثل:
    • الأدوية المضادة للملاريا، بما في ذلك (البريماكين).
    • السلفوناميدات، وهو عقار يُستخدم لعلاج الالتهابات المختلفة.
    • الإسبرين الذي يستخدم للتخفيف من شدة الحمى والألم.
    • بعض الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (المسكنات).
  • تناول البقوليات كالفول وفول الصويا والفول السوداني والبازلاء. يحتوي الفول على تراكيز عالية من مواد غليكوزيدية هي (الديفيسين والكونفيسين)، يمكنها إلحاق الضرر بخلايا الدم الحمراء فقط لدى الأفراد الذين يعانون من نقص إنزيم (G6PD). تصيب هذه الحالة الأطفال أكثر من البالغين، وتنتهي أعراضها خلال عدة أيام من المعالجة.

أعراض أنيميا الفول (التفويل)

يبقى المصابون بمرض نقص إنزيم (G6PD) حاملين للمرض دون أن تظهر عليهم أي علامات للمرض، باستثناء بعض النوبات متمثلة بالأعراض التالية:

  • اليرقان وتحول لون الجلد إلى الأصفر.
  • تغير لون البول.
  • التعب والوهن.
  • تسارع ضربات القلبية.
  • ضيق في التنفس.
  • تضخم في الطحال.

تشتد حدة الأعراض وتتطور بسرعة لدى الإصابة بمرض فقر الدم الانحلالي، وتضم:

  • ارتفاع درجة حرارة الجسم.
  • الحمى.
  • شحوب الجلد وتحوله إلى اللون الأصفر.
  • تحول لون البول إلى لون غامق جداً.
  • تسارع ضربات القلب.
  • تضخم الكبد.
  • صعوبة التنفس.
  • الإرهاق والتوعك بشكل عام.

اقرأ أيضاً: لأول مرة تصوير عملية تخلص الدماغ من الخلايا الميتة

علاج أنيميا الفول (التفويل)

في معظم حالات الإصابة بمرض أنيميا الفول يمكن الاكتفاء بتجنب العوامل المحفزة لتطور المرض وانحلال كريات الدم الحمراء. ولكن لدى الإصابة بفقر الدم الانحلالي نتيجة أي من الأسباب السابقة، فيجب معالجة الحالة وفقاً لمسببها. تتم معالجة العدوى في حالات الإصابة الناتجة عن عدوى، أو بالتوقف عن تناول الأدوية الحالية التي قد تكون سبباً في تدمير خلايا الدم الحمراء. أما الأطفال المصابين باليرقان، فيعالجون بالتعرض لنوع خاص من الإضاءة العلاجية لليرقان (أضواء زرقاء)، وفي الحالات الشديدة يتم نقل دم أو بلازما للطفل المصاب. غالباً ما يتمكن الأفراد التعافي من هذه النوبات بمفردهم دون الحاجة لاتخاذ إجراءات علاجية خاصة بفقر الدم الانحلالي.

في حال تطور الإصابة للوصول إلى فقر الدم الانحلالي، ستستدعي الحالة البقاء في المستشفى للخضوع للمراقبة، وتلقي علاج أكثر فعالية. قد يتضمن علاج فقر الدم الانحلالي التزويد بالأوكسجين ونقل الدم لتجديد خلايا الدم الحمراء وبالتالي رفع مستوى الأوكسجين في الدم. بالإضافة إلى العلاجات التالية:

  • أدوية الكورتيكوستيرويد المضادة للالتهاب.
  • تقوية جهاز المناعة بحقن الغلوبولين المناعي الوريدية.
  • دواء ريتوكسيماب، وهو من الأجسام المضادة أحادية النسيلة.
  • جراحة استئصال الطحال، في الحالات الأكثر شدة.

تشخيص أنيميا الفول

غالباً ما تكون الأعراض وعلامات الإصابة بمرض نقص إنزيم (G6PD) واضحة للطبيب المختص، ولكن للتأكد من تشخيص الحالة لا بد من إجراء الاختبارات التالية:

  • اختبار تعداد الدم الكامل (CBC) لتحديد عدد خلايا الدم البيضاء وكريات الدم الحمراء والصفيحات الدموية وتركيز الهيموغلوبين.
  • في حال أثبت اختبار تعداد الدم الكامل الإصابة بفقر الدم فيجب إجراء تحاليل دم أخرى لتحديد نوع فقر الدم وشدة الإصابة به.
  • فحص البول لتحديد نسبة الهيموجلوبين فيه.
  • خزعة من نخاع العظم، وتتضمن أخذ عينة من سائل النخاع العظمي أو من النسيج الصلب للنخاع العظمي، لتحديد عدد وحجم ودرجة نضج خلايا الدم.

اقرأ أيضاً: لعلاج أمراض القلب: جسيمات نانوية تعطل جينات نخاع العظم

ختاماً يمكن للمصاب بمرض نقص إنزيم (G6PD) تجنب النوبات المرافقة للمرض بالالتزام بنصائح ومشورة الطبيب حول ما يجب تناوله وما يجب الامتناع عنه. كما لا بد من إخبار الطبيب المعالج لأي حالة مرضية قد تصاب بها بوضعك الصحي، وذلك قبل أن يصف لك أي نوع من الأدوية، فمع بعض الحذر يمكن لمريض أنيميا الفول أن يعيش حياة طبيعية.