كيف نستدل على حدوث تأخر البلوغ عند المراهقين؟ وكيف يتم التعامل مع هذه الحالة الصحية؟

كيف نستدل على حدوث تأخر البلوغ عند المراهقين؟ وكيف يتم التعامل مع هذه الحالة الصحية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ spb2015
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

البلوغ تعريفه البسيط هو تغير الجسم ونموه وتحوله من الشكل الطفولي إلى الشكل البالغ. تبلغ المراهقات عادةً بحلول عمر 11 عاماً، أما بالنسبة للمراهقين فسن البلوغ الطبيعي هو 12 عاماً. تبقى هذه الأرقام غير دقيقة؛ فالبلوغ عملية متعددة العوامل وتتأثر بالكثير من المتغيرات، لهذا السبب تم وضع مجال عمري لحدوث البلوغ الطبيعي وهو 8-13 عاماً عند الإناث و9-14 عاماً عند الذكور. 

ومنه يُشخص البلوغ المبكر عند ظهور علامات البلوغ قبل سن 8 عند الإناث أو 9 عند الذكور، بينما تأخر البلوغ هو غياب ظهور علامات البلوغ بعد المتوسط العمري المذكور أعلاه.

لا داعي للقلق عادةً إذا لم يبلغ المراهق في حدود متوسط ​​العمر، ولكن من الجيد التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية الخاص به للاطمئنان، وفي بعض الحالات قد يكون البلوغ المبكر أو البلوغ المتأخر علامة على وجود حالة صحية كامنة قد تحتاج إلى العلاج.

كيف يحدث البلوغ؟

يحدث البلوغ أو النضج الجنسي عندما يبدأ الوطاء بإفراز إشارة كيميائية مفرزة للهرمون (الموجه لإفراز الغدد التناسلية) أو ما يُسمى (Gonadotropin- releasing hormone)، فتستجيب الغدة النخامية لهذه الإشارة وتفرز هرموني LH (الهرمون الملوتن) وFSH (الهرمون الموجه لنمو الجريب) والتي بدورها تحفز نمو الغدد الجنسية عند المراهقين، الخصيتين عند الذكور، والمبيضين عند الإناث على الترتيب.

تفرز الغدد الجنسية المتنامية هرمونات التستوستيرون الجنسية عند الذكور والأستروجين عند الإناث، هذه الهرمونات مسؤولة عن تطور الخصائص الجنسية الثانوية لديهم، بما في ذلك شعر الوجه والبنية العضلية وخشونة الصوت عند الذكور، ونمو الثديين وزيادة الشحم في الجسم عند الإناث، إضافةً لنمو شعر العانة وتحت الإبط ونضوج الرغبة الجنسية لدى كلا الجنسين.

وحتى نشك بحالة حدوث تأخر البلوغ، علينا بدايةً أن نعي ما هي الصفات الجنسية الثانوية التي يتوجب أن نرصدها بحلول السن المتوقعة، وبالتالي غياب ظهور العلامات التالية بعد سن 13 عند الإناث يشير لحالة من تأخر البلوغ. وهذه العلامات هي:

  • نمو الأعضاء التناسلية بما فيها أنسجة الثدي.
  • نمو أشعار منطقة العانة وتحت الإبطين.
  • ظهور “شبّة النمو” والتي يتسارع فيها النمو الطولي والبدني للفتيات.
  • ظهور النزوف الطمثية التي تشير لبدء حدوث الإباضة.

ترتيب مراحل البلوغ مهم أيضاً، حيث نقول إن الفتاة تعاني من تأخر في البلوغ أو اضطراب في مساره إذا ظهرت النزوف الطمثية قبل نمو الثديين مثلاً، أو في حال وجود فارق زمني يتجاوز الـ 3 سنوات بين نمو الثديين وظهور الطمث.

أما بالنسبة للذكور، يوجهنا غياب العلامات التالية بعد سن الـ 14 إلى حدوث تأخر في البلوغ لديهم:

  • نمو وزيادة حجم الأعضاء التناسلية.
  • ظهور أشعار العانة والإبط.
  • نمو شعر الوجه.
  • خشونة الصوت.
  • زيادة حجم البنية الجسدية.

اقرأ أيضاً: يحتاج المراهقون إلى مدة نوم أطول مما نظن

أسباب البلوغ المتأخر عند المراهقين

تنطوي نسبة كبيرة من حالات تأخر البلوغ على “تأخر البلوغ الوراثي” والذي يبلغ فيه المراهقون بشكل طبيعي بعد سنة أو سنتين من التأخير، ونسمي هذه الحالة بـ “تأخر البلوغ الفيزيولوجي” والذي يحدث كنزعة أو صفة سائدة في العائلة الواحدة.

ومن جهة أخرى، ينجم البلوغ المتأخر عن بعض الحالات الصحية المزمنة والاضطرابات الهرمونية والوراثية، نذكر أهمها:

  • الأمراض المزمنة: تساهم الاضطرابات المختلفة مثل داء السكري المضبوط بشكل سيئ وأمراض الأمعاء الالتهابية وأمراض الكليتين والتليف الكيسي وفقر الدم في اختلال توازن هرمونات الجسم، ما يؤدي إلى حدوث تأخر في البلوغ الجنسي أو منعه بشكل تام. 
  • العلاج الكيميائي أو الإشعاعي السابق.
  • الأمراض المناعية الذاتية مثل داء هاشيموتو أو داء أديسون.
  • إصابات الخصية: مثل التواء الخصية السابق أو الإنتانات السابقة مثل الإصابة بالنكاف.
  • القهم العصبي (فقدان الشهية العصبي) وسوء التغذية والإفراط في ممارسة الرياضة: وهي أسباب شائعة عند الإناث.
  • الاضطرابات الهرمونية: مثل أمراض الغدة الدرقية أو الغدة النخامية ونقص الحساسية للتستوستيرون.
  • الاضطرابات الوراثية: مثل متلازمة تيرنر عند الإناث ومتلازمة كلاينفيلتر عند الذكور أو متلازمة كالمان عند الجنسين.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثّر الطعام غير الصحي على نمو أدمغة المراهقين؟

علاج تأخر البلوغ عند المراهقين

يقوم مقدم الرعاية الصحية بدايةً بإجراء فحص بدني شامل وفحص دم لقياس مستويات الهرمونات الجنسية والدرقية، كما يقوم بتصوير معصم اليد غير المُسيطرة لمعاينة غضاريف النمو والتي تبدأ بالتعظم عادةً مع بداية البلوغ. إضافةً إلى ذلك يتم إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ لنفي وجود أي أمراض نخامية أو أورام.

عادةً ما يسأل مقدم الرعاية الصحية عن حدوث تأخر في البلوغ عند أشقاء الطفل، للبحث فيما إذا كان التأخير فيزيولوجياً وراثياً وعندئذ ينتظر الطبيب سنة أو سنتين قبل البدء بالعلاج لاحتمال حدوث البلوغ خلال هذه المدة، لا يحتاج هؤلاء المراهقون أي علاج، ولكن في حال كان المراهق يعاني من ضغط شديد وضيق بسبب ذلك، يمكن للطبيب البدء بإعطاء الهرمونات الجنسية، التستوستيرون عند الذكور والأستروجين عند الإناث، لتحفيز البلوغ.

كما يُوصي الطبيب أهل المراهق وأقرباءه برعايته النفسية نظراً لحساسية هذه المرحلة ودورها الكبير في تشكيل صورة عن كيان وماهية المراهق واحترامه لذاته.

اقرأ أيضاً: دراما وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على المراهقين بشكل كبير

أما بالنسبة لباقي الحالات، فيتم تدبير تأخر البلوغ بعلاج السبب، فعندما يكون الاضطراب الصحي هو الأساسي كسبب تأخر سن البلوغ، عادةً ما يعود البلوغ لنهجه الطبيعي بمجرد علاج الاضطراب. وفي الوقت الذي لا يمكن فيه علاج الاضطرابات الوراثية، يساعد العلاج الهرموني في تطوير الخصائص الجنسية والتي تخفف قليلاً من تأثر المراهق بحالته.