ما هي متلازمة القلب المُنكسر؟ وكيف نتعامل معها؟

متلازمة القلب المنكسر
حقوق الصورة: شترستوك/ تعديل بوبساي العربية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

“متلازمة القلب المُنكسر” حالة مؤقتة تحدث نتيجة مواجهة مواقف مسببة للتوتر ومؤججة للمشاعر. كبشرٍ، نستطيع القول إننا شعرنا بآلام بسيطة في القلب في مرحلة ما، أثناء وداع أحد الأحبّاء أو عند فراق أحد المقربين، وهي مشاعرٌ طبيعيةٌ لكون الطبيعة البشرية تفرض علينا التفاعل مع كل ما يحدث معنا. وبالمقابل، لا تقتصر هذه المشاعر على كون تأثيراتها نفسية، بل تظهر على شكل مجموعة من الأعراض الجسدية الواضحة، والسبب هو تضافر أنظمة الجسم مع بعضها بعضاً للاستجابة لجميع المتغيرات.

كيف تترجم أنظمة أجسامنا المشاعر

تحرض الصدمات النفسية الشخصية والكوارث الطبيعية آلية حيوية في أجسامنا وذلك نتيجة لإفراز هرمونات التوتر كالأدرينالين والنورأدرينالين، فتتفاعل أجسامنا بكامل أنظمتها مع ما حدث معنا. قد يتباين التفاعل النفسي مع المواقف التي تواجهنا، حيث لا تتطور كل الحالات النفسية إلى متلازمة صريحة، في بعض الحالات يكون التفاعل بسيطاً ويقتصر على كونه عابراً، بالمقابل يوجد شكل متطور ومتقدم منه والذي يسمى بـ “متلازمة القلب المُنكسر”، والتي قد تكون خطيرة وأحياناً قاتلة حتّى!

اقرأ أيضاً: دراسةٌ تُظهر تأثير تسارع نبضات القلب على اتخاذ القرارات

أعراض متلازمة القلب المُنكسر

تُسمى هذه المتلازمة بـ “اعتلال العضلة القلبية لـ تاكوتسوبو”، وتُصيب النساء بمعدل أكبر مقارنة بالرجال. يشعر المصابون بمتلازمة القلب المُنكسر بألم مفاجئ في الصدر مشابه لألم النوبة القلبية، كما تحدث مجموعة من التسارعات القلبية السليمة والتي تحدث استجابةً للحزن والقلق المرافقين، بالإضافة إلى الشعور بضيق في النفس. 

من المهم معرفة أن هذه المتلازمة تؤثر على جزء محدد من العضلة القلبية والتي تؤثر بدورها على تروية هذه المنطقة محدثةً ذلك الشعور بالألم، بينما تواصل بقية أجزاء العضلة القلبية عملها بشكل طبيعي وإنما بوتيرة أقوى.

اقرأ أيضاً: ما مدى خطورة التهاب عضلة القلب؟ وما حقيقة ارتباطه بلقاحات الرنا المرسال؟

سبب حدوث متلازمة القلب المُنكسر

إن السبب وراء حدوث هذه المتلازمة غير واضح بشكل كامل، ولكنها دوماً تكون مسبوقة بحالة نفسية أو جسدية كنوبة ربو حادة أو بعد عمل جراحي كبير أو جراحة خطيرة، بالمختصر أي حالة تثير استجابة انفعالية قوية، وبالتالي يُعتقد أن وجود خلل في إفراز هرمون الأدرينالين قد يكون المُتهم الرئيسي، حيث يكون لهرمونات الإجهاد تأثيراً ضاراً على العضلة القلبية، مسببةً تضخماً مؤقتاً في جزء من القلب، ولكن لم يُدرس لحد الآن التأثيرات طويلة الأمد لها.

تلعب الأدوية في حالات نادرة دور المحرض في حدوث هذه المتلازمة. ومن هذه الأدوية نذكر مضادات الحساسية وأدوية الربو والأدوية المضادة للقلق، كما تتسبب الأدوية المزيلة للاحتقان بإحداث تفعيلٍ للجهاز العصبي الودي رافعةً بذلك من مستويات الأدرينالين في الجسم، ما يتسبب بإجهاد العضلة القلبية. أيضاً، لبعض المخدرات والمواد الممنوعة تأثيرات مفعلة لسبل القلق والتوتر في الجسم، نذكر منها الأمفيتامينات والكوكائين، والتي تتداخل مع آليات تحريض متلازمة القلب المُنكسر.

اقرأ أيضاً: طريقة جديدة تكشف احتمالية الإصابة بأمراض القلب قبل 20 عاماً

الاختلاف بين النوبة القلبية ومتلازمة القلب المُنكسر

على الرغم من التشابه الكبير في الأعراض بين متلازمة القلب المُنكسر والنوبة القلبية، إلا أن هنالك بعض الاختلافات الرئيسية وفقاً لجمعية القلب الأميركية وهي: 

  • بقاء تخطيط القلب طبيعياً عند المرضى المصابين بمتلازمة القلب المُنكسر، بينما يُظهر تخطيط القلب عند مرضى الاحتشاء انزياحاً مرضياً لشكل التخطيط الطبيعي.
  • تبقى الإنزيمات القلبية كالتروبونين والكيراتين كيناز طبيعية عند مرضى متلازمة القلب المنُكسر بينما يلاحظ ارتفاعها بعد النوبة القلبية.
  • عدم وجود أي انسداد في الشرايين الإكليلية المغذية للقلب عند إجراء تصوير بالأمواج فوق الصوتية للمصابين بالمتلازمة، بينما قد يكون انسدادها أو تضيقها سبب حدوث النوبة القلبية.
  • يظهر التصوير باستخدام الأمواج فوق الصوتية تضخماً ذو حركية غير اعتيادية لا يتوافق مع وجود أي أمراض أخرى في القلب، ما يرجح أنه تضخم مؤقت موافق للزيادة المؤقتة في الفعالية القلبية.
  • إن وقت التعافي سريع في متلازمة القلب المُنكسر حيث يتراوح بين عدة أيام أو أسابيع كحد أقصى، بينما تحتاج النوبة القلبية لفترة تعافي تتجاوز الشهر تقريباً. 

اقرأ أيضاً: تقنية لقاحات كورونا تساهم في علاج متلازمة القلب المكسور

علاج متلازمة القلب المُنكسر

قد تكون متلازمة القلب المُنكسر قاتلة عند البعض، فلها مجموعة خطيرة من المضاعفات كحدوث وذمة الرئة الحادة نتيجة لقصور القلب الأيسر، كما تتسبب في انخفاض ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب، وقد تتسبب في النهاية بحدوث قصور شامل في العضلة القلبية ومصدر مُطلق للجلطات الدموية نتيجةً لضعف القلب الحاصل، حيث يحدث ركود دموي في الحجرات القلبية نتيجة الانقباض الضعيف للقلب، الأمر الذي يتسبب في تشكيل خثرات دموية.

ومن هنا تأتي أهمية تسليط الضوء على طرق الوقاية، التي تتحقق بالعلاج النفسي السلوكي الذي يهدف إلى مساعدة الشخص في تجاوز المواقف العاطفية المسببة للتوتر والحزن والتعامل معها بشكل سليم. كما أن لبعض الأدوية كحاصرات بيتا الانتقائية دور في التخفيف من أعراض القلق والتوتر، ما يحسن من سلامة وصحة القلب.

ختاماً، لا يسعنا سوى الإعجاب بالصلة بين العقل والقلب وما تفعله لأجسامنا، فهذه المشاعر هي ما تميز الطبيعة البشرية عن باقي الكائنات الحية، ويبقى من المهم السيطرة على شتّى أنواع الانفعالات، السعيدة منها والحزينة، فبالتوازن تتحقق حالة من الاستقرار الضروري لصحة العضلة القلبية وباقي أعضاء الجسم.