نتيجةً لتراكمية تأثير الضوضاء: حماية السمع ليست أمراً يستهان به

حماية السمع
حقوق الصورة: كيندل ميديا/ بيكسلز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

العالم مكان صاخب. حركة المرور، وجزازات العشب، ومنافخ الأوراق، والموسيقى، والآلات الصناعية، والطائرات النفاثة، ومجففات الشعر، كلها أمور طبيعية في الحياة، وتولد كلها صخباً كبيراً. يمكن أن يظهر فقدان السمع الناجم عن الضوضاء عند مستويات منخفضة من الصوت تصل إلى 85 ديسيبل، وهي درجة أخفت قليلاً من صوت جزازة العشب.

لكن الأشياء الطبيعية ليس صحية دائماً. يزيد التعرض لمستويات أعلى من الصوت من خطر إصابتك بضرر في السمع إذا كانت أذنيك غير محميتين. يمكن أن يؤدي الاقتراب من طلق ناري أو إقلاع طائرة نفاثة إلى الإضرار بسمعك على الفور، وقد يؤدي إلى تمزق طبلة الأذن. يمكن أن يتسبب الصوت العالي في حفلات موسيقى الروك أو لصفارات إنذار سيارة الطوارئ في حدوث مشكلات في أقل من 8 ثوان. عند 90 ديسيبل، تكون المدة الآمنة القصوى لتعرض الآذان غير المحمية حوالي 4 ساعات، وذلك وفقاً لمخطط معلومات من جمعية البصر والسمع الأميركية.

وفقاً لـ «سي تشين»، الأستاذ المساعد في قسم طب الأنف والأذن والحنجرة في جامعة فلوريدا، تكمن المشكلة في أنك قد لا تدرك أن قدرتك على السمع تراجعت، على الرغم من أن الضرر سيظهر في اختبار السمع، كما أنك قد لا تلاحظ التأثير السلبي للضوضاء حتى مضي  5-20 عاماً على التعرض. يعتبر تلف السمع أمراً تراكمياً، لذا فإن التعرض المتكرر للأصوات العالية سيستمر في الإضرار بحاسة السمع لديك.

تقول تشين: «بشكل عام، تكون حفلات موسيقى الروك صاخبة جداً»، وتضيف: «يعاني الكثيرون من الطنين في آذانهم بعد هذه الحفلات، مما يعني أن الحفلة كانت صاخبة جداً ومضرة بالسمع. المشكلة هي أن معظم الناس لا يقيسون مستوى الصخب وقد يعانون من عواقب فقدان السمع بعد سنوات عديدة». 

ثق في حدسك: إذا شعرت بالرغبة في تغطية أذنيك في أي مكان صاخب، مثل ملعب كرة القدم، فمن المرجح أن يكون مستوى الضوضاء مرتفعاً جداً لدرجة غير آمنة.

يمكنك أيضاً أن تفقد القليل من قدرتك على السمع بسبب الاستماع إلى الموسيقى من خلال سماعات الأذن أو سماعات الرأس بمستوى صوت مرتفع جداً. وفقاً لتشين، هناك تطبيقات يمكنها مراقبة مستويات الصوت في الهواتف الذكية. مثلاً، زوّدت شركة آبل جهاز «آبل ووتش» بتطبيق اسمه «نويز» (Noise) ينسّق مع تطبيق «هيلث» (Health) الخاص بنظام «آي أو إس»، ويمكنه تحسس الضوضاء المحيطة. حتى إذا لم تكن تمتلك ساعة ذكية، فإن تطبيق هيلث المدمج سيراقب مستوى صوت السماعات (يمكنك إيجاد بيانات الصوت في التطبيق نفسه، ضمن قائمة «السمع» (Hearing)). تقيس تطبيقات أخرى، مثل «ساوند ميتر» (Sound Meter) الخاص بنظام «أندرويد»، الضوضاء من خلال ميكروفون الهاتف. تستطيع هذه التطبيقات تحسس الأصوات المحيطة، وكذلك مستوى صوت سماعة الرأس إذا قمت بوضع سماعات الأذن بالقرب من الميكروفون.

بالنسبة للأجهزة الأخرى، مثل أجهزة الراديو المحمولة، انتبه لمحيطك. إذا كنت تمشي في الخارج ولا يمكنك سماع حركة المرور أو الطيور من حولك، فمن المرجح أن يكون الصوت مرتفعاً جداً. يمكنك أيضاً شراء سماعات تحد من مستوى الصوت.

اقرأ أيضاً: نتعافى بالبقاء في المنزل: إليك آثار الضوضاء السلبية

مخاطر إهمال صحة الأذن

حتى لو لم تبدو احتمالية فقدان السمع مشكلة كبيرة، فعليك حقاً البدء في التفكير في الأمر. تقول تشين: «إن تلف السمع أو فقدان السمع لا يمكن علاجه عند معظم الناس»، وتضيف: «يمكن أن يزيد فقدان السمع الخفيف بمرور الوقت، لذلك لا يدرك معظم الناس أنهم يعانون من ضعف شديد في السمع إلا بعد فوات الأوان». عندما يتضرر السمع، لا توجد طريقة لاستعادته إلى رهافته الأصلية، وذلك لأن خلايا الأذن الداخلية الضرورية للسمع لا يمكن تجديدها أو إصلاحها. يعد استخدام المعينات السمعية هو الخيار الرئيسي لاستعادة السمع.

ليس كبار السن فقط هم من يجب أن يقلقوا بشأن تضرر السمع. تقول تشين إن فقدان السمع الناتج عن التعرض للضوضاء أصبح أكثر شيوعاً بين الأطفال، إذ يعاني حوالي 12% من الأطفال من فقدان السمع الناجم عن الضوضاء. يمكن أن يساهم ذلك في تأخر النطق وتعلم اللغة، بالإضافة إلى صعوبات التعلم.

تقول تشين إن تأثير الضوضاء على المرضى الأكبر سناً خطير أيضاً. غالباً ما يبدأ الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع الشديد في الانسحاب من المواقف الاجتماعية التي تتطلب السمع لإجراء المحادثات، وحسب تشين، تنخفض قدرة هؤلاء على التفاعل الاجتماعي، وتضيف أن الأبحاث جارية لاكتشاف مساهمة فقدان السمع في الاكتئاب والخرف.

اقرأ أيضاً: تطوير سماعة طبيب رقمية تحجب الضوضاء وتساهم في تشخيص كورونا

طرق سهلة لحماية السمع

هناك نوعان من الأدوات التي تفيد في حماية الأذنين من الأصوات العالية: سدّادات الأذن وواقيات الأذن. توضع سدادات الأذن داخل الأذن، بينما تغطي الواقيات الأذن الخارجية بالكامل. تقول تشين إن كلاهما يوفر حماية جيدة للأذن، لذا اختر ما تفضله. فقط كن على دراية أن سدادات الأذن لن تؤدي وظيفتها جيداً إذا لم يتم إدخالها بشكل صحيح، لذلك قد يكون استخدام واقيات الأذن أسهل. توصي تشين بارتداء السدادات والواقيات معاً في الأماكن الصاخبة جداً.

هناك طريقة بسيطة أخرى لحماية السمع، وهي مغادرة الأماكن الصاخبة والذهاب إلى مكان أكثر هدوءاً. في النوادي الليلية، اجلس بعيداً عن الفرقة الموسيقية أو مكبرات الصوت. إذا كان كاتم صوت عادم سيارتك صاخباً، فقم بإصلاحه. نعم، العالم صاخب، ولكن يمكنك الاستمتاع بالعيش فيه وسماع كل ما تريد إذا اتخذت الاحتياطات المناسبة.