هل يشكل تفشي فيروس ماربورغ الفتاك خطراً جديداً على البشرية؟

هل يشكل تفشي فيروس ماربورغ الفتاك خطراً جديداً على البشرية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Mauro Rodrigues
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أبلغت منظمة الصحة العالمية في يوم الأحد الثاني من شهر يوليو/ تموز 2022، عن تفشي بعض حالات فيروس ماربورغ في منطقة أشانتي جنوب غانا، وذلك بعد تأكيد علماء مختبر معهد باستور في داكار بالسنغال التابع للمنظمة نتائج تحليل عينات شخصين تُوفيا مؤخراً كان قد أرسلها لهم مستشفى محلي في غانا، حيث أشارت مخرجات الفحص إلى إيجابية الإصابة بفيروس ماربورغ (Marburg virus) الفتّاك وشديد العدوى بالعينتين.

تعود إحدى العينات لرجل عمره 26 سنة، بينما الأخرى لرجل بلغ عمره 51 سنة، إذ ظهرت عليهما أعراض الإسهال والحمى والغثيان والتقيؤ، مع العلم أنهما ليسا ذوي قرابة، ولا يربطهما سوى أنهما تلقيا العلاج في نفس المستشفى، ما دفع منظمة الصحة العالمية للقيام بتحقيق وطني في منطقة أشانتي وتتبع حالات المخالطين للحالتين، والقيام بالإجراءات اللازمة لمنع تفشي المرض وتقييم المخاطر.

تم تحديد وجود أكثر من 90 مخالطاً للحالتين حتى الآن، بما في ذلك العاملون الصحيون وأفراد المجتمع المحيط بهم، وتم الإبلاغ عن حالات تفشٍ متفرقة من فيروس ماربورغ في أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا وجنوب إفريقيا وأوغندا، وتواصلت منظمة الصحة مع المناطق المجاورة لهذه البلدان لوضعها في حالة تأهب.

اقرأ أيضاً: هل نلقي باللوم على منظمة الصحة العالمية في تفشي كورونا؟

ما هو فيروس ماربورغ ومتى كانت بداية ظهوره؟

ينتمي فيروس ماربورغ (MARV) إلى الفيروسات الخيطية الريبية أحادية السلسلة السلبية التي تضم أيضاً فيروس إيبولا، ويشفر جينومها 7 بروتينات هيكلية لها أدوار مختلفة وأهمها البروتين السكري السطحي (GP) الذي قد يؤدي دوراً في تهرب الفيروس من جهاز المناعة. يسبب فيروس ماربورغ مرضاً شديد الضراوة يقتل المصابين به عن طريق الحمى النزفية، وتتفاوت نسبة الوفيات الخاصة به من 24- 88% تبعاً لسلالاته المختلفة. 

عُرف المرض الفيروسي لأول مرة بمدينة ماربورغ في ألمانيا عام 1967 مسبباً 7 وفيات، وارتبط تفشي المرض بالقرود الخضراء الإفريقية (Cercopithecus aethiops) المستوردة من أوغندا للاستخدام في التجارب المخبرية آنذاك، تلى ذلك تفشي الفيروس في أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا وجنوب إفريقيا، وأُبلغ عن عدة حالات سببها الاحتكاك مع خفاشات الفاكهة (روسيتوس) من رحلات السفاري.

اقرأ أيضاً: الأدوات التي يستخدمها الباحثون في دراسة الخفافيش

أعراض الإصابة بفيروس ماربورغ

قد تظهر على المصابين بفيروس ماربورغ الأعراض التالية:

  • الحُمى.
  • آلام الجسم والصداع والخمول.
  • مشكلات مختلفة في الجهاز الهضمي، بما فيها الإسهال المائي والغثيان والتشنج.
  • ظهور طفح جلدي غير مثير للحكة على المعدة والصدر والظهر، أحمر ومسطح له نتوءات صغيرة تشبه الطفح الجلدي الناجم عن الحمى القرمزية.
  • الحالات العصبية مثل الارتباك ونوبات الهذيان. 
  • انخفاض في تعداد كريات الدم البيضاء أو الصفائح الدموية.
  • الشذوذ في وظائف الكلى والكبد والتخثر.
  • ويعد أهم عرض لفيروس ماربورغ حدوث نزيف حاد بعد 5-7 أيام من ظهور الأعراض، ما يؤدي إلى صدمة أو فشل الأعضاء والوفاة.

وتظهر هذه الأعراض بشكلٍ مفاجئ بعد عدة أيام من الإصابة، وتزداد حدتها مع تقدم المرض.

اقرأ أيضاً: هل الفيروسات مهمة؟

كيفية تشخيص الإصابة بفيروس ماربورغ

يعد تشخيص فيروس ماربورغ صعباً؛ نظراً لتشابه العلامات والأعراض الخاصة به مع التيفوئيد والملاريا، لذا يطلب الأطباء الاختبارات التالية للتأكد:

  • مقايسة الامتزاز المناعي المرتبط بالإنزيم (ELISA): وهو تحليل مصلي للكشف عن وجود أضداد الجسم الخاصة بالفيروس.
  • تفاعل البوليميراز المتسلسل العكسي (rt-PCR): يهدف لتحديد الجينات المميزة للفيروس كوسيلة تأكيدية للتشخيص.
  • اختبارات الكشف عن طريق الارتصاص بالمستضد المميز للفيروس.
  • تصوير الفيروس بالمجهر الإلكتروني.
  • عزل الفيروس وإكثاره عن طريق زراعة الخلايا.

اقرأ أيضاً: ما هي العلاقة الجينية بين فيروس الإنفلونزا العادي وفيروس إنفلونزا 1918 القاتل؟

معالجة المرض الذي يسببه فيروس ماربورغ والوقاية منه

بحسب منظمة الصحة العالمية في إفريقيا، فإنه لا توجد لقاحات أو علاجات معتمدة لعلاج فيروس ماربورغ، لكن تنصح المنظمة بالرعاية الداعمة للمرضى عن طريق معالجة الجفاف بالسوائل الفموية أو الوريدية، وتدبير الأعراض المعينة مثل نقل الدم والأدوية المناعية و الأدوية المناسبة.

وبحسب مراجعة نشرها العالم مارك كورتبيتر وزملاؤه عام 2020 في الدورية الدولية للأمراض المعدية، تتضمن العلاجات المناعية التجريبية لفيروس ماربورغ مركبات الفوسفورو داياميدات والحمض النووي الريبي قصير التداخل المغلف بالدهون ومثبطات الفيروسات (الإنترفيرونات) ومضادات النوكليوزيدات الفيروسية، وتؤيد بعض النتائج فعالية دوائي “فافيبيرافير” (Favipiravir) و”ريميدسفير” (remdesivir) في علاج الرئيسيات غير البشرية، لكن لا يوجد دليل على فعاليتهما على البشر حتى الآن، وهناك بعض الأدوية الأخرى التي يتم اختبارها كعلاجات محتملة للفيروس.

يمكن الوقاية من فيروس ماربورغ عن طريق الابتعاد عن المشتبه بإصابتهم بالمرض وعدم الاحتكاك معهم، لأن الفيروس ينتشر من خلال الاتصال المباشر بالسوائل الجسدية للأشخاص المصابين أو جثثهم عند الدفن، وبإمكان الفيروسات الخيطية البقاء على قيد الحياة في المواد السائلة أو المجففة لعدة أيام، لكن من الممكن تعطيلها عن طريق تعريضها لأشعة غاما، أو تسخينها لمدة 60-75 دقيقة بدرجة حرارة 60 مئوية أو الغليان لمدة 5 دقائق، وتعتبر حساسة للمذيبات الدهنية (الكحولات) وهيبوكلوريت الصوديوم والمطهرات الأخرى.

اقرأ أيضاً: أخيراً أول لقاح للملاريا أصبح جاهزاً الآن

لا يمكن مقارنة فيروس ماربورغ بفيروس كورونا بسبب التفاوت الكبير بينهما من حيث الفتك ومعدل الانتشار، لكن أصبحت الدول عامةً ومنظمة الصحة العالمية تتعامل مع الأمراض الفيروسية بشكل أكثر حزماً من السابق، إذ صرح المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في إفريقيا ماتشيديسو مويتي بأهمية اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع تفشٍ كبير محتمل للفيروس، لأن التقصير في التصدي الفوري والحاسم للفيروس على حد تعبيره قد “يسبب خروج فيروس ماربورغ عن السيطرة بسهولة”، لذلك يعد الحذر ضرورياً في الوقت الحالي من أجل تفادي انتشار أي أمراض فيروسية جديدة في المستقبل القريب والبعيد.