شارك
الرئيسية
نبكي نحن البشر لأسباب عديدة، معظمها عاطفية، فقد نبكي بسبب فقد أحد أحبائنا، أو نبكي تعبيراً عن الفرح، وقد نبكي لمجرد سماعنا كلمات أغنية ما، أو عندما نشعر بالفخر من إنجاز أحد أبنائنا. مهما كان السبب، نذرف دموعاً عند البكاء، لكن البعض لا يتمكنون من ذلك، فهل يمكن البكاء بلا دموع كما حصل مع الممثلة آمبر هيرد في المحكمة أمام زوجها السابق جوني ديب؟
في الحقيقة يمكن أن يبكي الإنسان دون أن يذرف دمعة واحدة لأسباب قد تكون طبية مرَضيّة، أو لأسباب نفسية.
أسباب عاطفية أو عقلية للبكاء دون دموع
قد يرجع السبب في عدم ذرف الدموع في أثناء البكاء لحالة طبية تُسمى “جفاف العينين”، يرتبط جفاف العينين أحياناً بعوامل عاطفية أو عقلية، منها:
- الاكتئاب الذي يؤدي إلى اللامبالاة.
- الأنهيدونيا، وهي حالة يفقد فيها المصاب الاهتمام والمتعة في الحياة.
- المشاعر المكبوتة.
- المعتقدات الشخصية حول البكاء، كالاعتقاد بأن البكاء يدل على الضعف.
- يمكن أن يكون عدم القدرة على البكاء سلوكاً مكتسباً.
اقرأ أيضاً: هل يشعرنا البكاء حقاً بالارتياح؟
أسباب طبية للبكاء دون دموع
يمكن أن تؤثر بعض الحالات الطبية على قدرة عينَيّ الإنسان على إنتاج الدموع، بما في ذلك:
1- متلازمة جفاف العين
وهي عبارة عن “التهاب القرنية والملتحمة الجاف” ينخفض إثرها معدل إفراز الدموع. يمكن أن تتكرر في حالات عديدة مثل:
- الحمل أو التغيرات الهرمونية المرتبطة بانقطاع الطمث.
- وصول الإنسان إلى سن الرشد.
- الإصابة بداء السكري.
- مشكلات في الغدة الدرقية.
- التهاب المفاصل الروماتويدي.
- استخدام العدسات اللاصقة.
- التهاب أو اضطرابات الجفن.
2- العوامل البيئية
تؤدي بعض العوامل البيئة دوراً في تجفيف الدموع من العينين مثل المناخ الجاف أو العاصف، أو إذا امتلأ الهواء بالدخان بسبب حرائق الغابات أو لأسباب أخرى.
3- الأدوية
من الآثار الجانبية لبعض الأدوية تقليل إفراز العينين للدموع، وأشهر هذه الأدوية:
- حبوب منع الحمل، خاصة مع ارتداء العدسات اللاصقة.
- مثبطات امتصاص هرمون السيروتونين الانتقائية، الذي يؤثر على السعادة والاكتئاب.
- مضادات الهستامين أو مزيلات الاحتقان التي تعطى لمرضى الحساسية.
- أدوية ضغط الدم.
4- الجراحة
يمكن أن يؤثر إجراء عملية تصحيح البصر بالليزك في إفراز الدموع، إذ من الشائع الإصابة بجفاف العين بعد إجراء هذه الجراحة.
5- متلازمة جوغرن (شوغرن)
وهي من أمراض المناعة الذاتية، تتطور غالباً بعد الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية، أو قد يحمل الشخص جيناً يرفع من احتمالات الإصاية. تظهر المتلازمة عند النساء فوق سن الأربعين غالباً، كما أن وجود اضطرابات مناعية ذاتية أخرى مثل الذئبة الحمامية أو التهاب المفاصل الروماتويدي تزيد من خطر الإصابة. وفيها تهاجم كريات الدم البيضاء الغدد المسؤولة عن إفراز الدموع واللعاب في القنوات الدمعية والأغشية المخاطية، فلا يتمكن المريض من إنتاجهما، وبالتالي يصاب بجفاف العين والفم.
سنتحدث بشيء من التفصيل عن متلازمة جوغرن لخصوصيتها.
اقرأ أيضاً: لماذا يبكي بعض المسافرين على متن الرحلات الجوية؟
أعراض متلازمة جوغرن
تختلف أعراض متلازمة جوغرن من شخص لآخر، وقد يظهر عرض واحد أو اثنان فقط، وقد تظهر أعراض أكثر؛ ومنها:
- جفاف الفم.
- جفاف العينين مع شعور بالحرقة أو الحكة.
- جفاف الحلق أو الشفتين أو الجلد أو الأنف.
- تغيرات في حاستي التذوق والشم.
- انتفاخ الغدد في الرقبة والوجه.
- طفح جلدي وحساسية للأشعة فوق البنفسجية.
- سعال جاف أو ضيق في التنفس.
- الشعور بالتعب.
- صعوبة في التركيز أو تذكر الأشياء.
- صداع الرأس.
- جفاف في المهبل عند النساء.
- تورم وألم وتيبس في المفاصل.
- إحساس بالحرقة، ينتقل من المعدة إلى الصدر.
- خدر أو وخز في بعض أجزاء الجسم.
تشخيص الإصابة بمتلازمة جوغرن
يصعب تشخيص متلازمة جوغرن لأن أعراضها تتشابه مع أعراض أمراض اضطرابات المناعة الذاتية الأخرى.
وللتشخيص، يجري الطبيب فحصاً سريريّاً، ويطرح على المريض عدة أسئلة مثل:
- هل تشعر بالحكة أو الحرقة في عينيك كثيراً؟
- هل يوجد الكثير من النخور في أسنانك؟
- هل يجف فمك وشفتيك؟
- هل تعاني من تيبّس المفاصل؟
تحاليل دموية
تُجرى عدة تحاليل دموية للتأكد من وجود إشارات تدل على الإصابة، هذه الإشارات هي:
- ارتفاع تعداد مكونات الدم.
- ارتفاع نسبة الأجسام المضادة.
- ارتفاع نسبة الغلوبولينات المناعية.
اختبارات جسدية
لتأكيد التشخيص، يجري الطبيب عدة اختبارات جسدية مثل:
- اختبار “شيرمر” المسيل للدموع لقياس مدى جفاف العينين، حيث يضع الطبيب قطعة صغيرة من الورق تحت الجفن السفلي ليرى مقدار الدموع.
- مصباح مكبّر، يستخدمه الطبيب ليلقي نظرة فاحصة على سطح العين.
- اختبار الصبغة، وفيه يضع الطبيب بضع قطرات من الصبغة في العين للتحقق من وجود بقع جافة.
- اختبار تدفق اللعاب الذي يقيس كمية اللعاب التي يفرزها المريض خلال فترة زمنية معينة.
- خزعة الغدة اللعابية، التي تؤخذ من الشفة السفلية للاختبار.
علاج متلازمة جوغرن
يضطر المصاب بهذه المتلازمة إلى تلقي العلاج طوال حياته سواءً بالأدوية أو بالعلاجات المنزلية.
الأدوية
يتمثل علاج متلازمة جوغرن بتناول الأدوية التي تخفف من أعراضها، فلا يوجد علاج شافٍ لها. على سبيل المثال، يُعالج جفاف العينين باستخدام قطرات تسمى “الدموع الاصطناعية”، ويمكن أن يصف الطبيب أدوية أخرى إن لم ينفع العلاج بها.
وللتخلص من جفاف الفم، قد يصف الطبيب أدوية تزيد من كمية اللعاب. يُصاب البعض بعدوى الخميرة في الفم، ويكون علاجها بالأدوية المضادة للفطريات. وقد يصف الطبيب أدوية علاج ألم المفاصل إن كان المريض يعاني منه.
العلاجات المنزلية
يمكن للمصاب بمتلازمة جوغرن اتباع عدة نصائح يوصي بها الأطباء لتخفيف الأعراض:
- شرب الكثير من الماء.
- مضغ العلكة الخالية من السكر لتحفيز افراز اللعاب.
- تجربة جل أو بخاخات اللعاب الاصطناعية، خاصة قبل النوم.
- استخدام غسول الفم أو البخاخات التي يمكن أن تخفف الجفاف.
- استخدام جهاز ترطيب في الغرفة ليلاً.
- ترطيب الأنف بمحلول ملحي.
- الاستحمام بالماء الدافئ، وليس الساخن، إذا كانت البشرة جافة.
كانت هذه الإجابة عن الشق الأول من سؤال “هل يمكن البكاء دون دموع؟” أما الشق الثاني من السؤال الخاص بالممثلة “آمبر هيرد”، فنعم قد تكون بكت دون دموع لأحد الأسباب العاطفية أو الطبية سابقة الذكر، وقد يكون ذلك تمثيلاً لاستعطاف هيئة المحلفين في المحكمة، فلا أحد يمكن أن ينكر براعتها في التمثيل؛ لكن في الحقيقة لا يمكن أن نجزم أبداً بالسبب الذي جعلها في تلك الحالة.