هل يمكن لكثرة النوم في عطلة نهاية الأسبوع أن تؤدي لإصابتك بمرض قلبي؟

يؤدي النوم لفترة أطول من المعتاد في عطلة نهاية الأسبوع إلى إفساد إيقاع النوم الذي اعتاد الجسم عليه.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قبل أن نبدأ بسرد المقال، نود لفت الانتباه إلى إن القاعدة الأكثر أهمية التي ينبغي على الجميع تذكرها عند مُطالعة أيّة مقالة علمية، هي أن الارتباط لا يُحتّم السببية. ونقصد بذلك أن وجود ارتباط بين عامل ما ونتيجة معينة لا يعني بالضرورة أن ذلك العامل هو السبب المباشر لتلك النتيجة، وإنما قد تكون هناك عوامل أخرى تلعب دوراً في حدوث النتيجة. نأمل بأن يأتي اليوم الذي يدرك فيه الجميع تلك القاعدة، بما يكفينا من عناء شرحها في كل مرة!

لعلك قرأت مؤخراً في عناوين بعض الصحف خبراً مفاده أن كثرة النوم في عطلة نهاية الأسبوع قد تُسبب الإصابة بأمراض القلب. ولعلك قرأت في السياق ذاته عن اضطراب النوم الاجتماعي (المرادف لمصطلح اضطراب النوم بسبب الرحلات الجوية الطويلة)، والذي يعني أن تبديل موعد النوم من ليلة لأخرى قد يُسبب اضطراباً في النوم يشبه الاضطراب الناجم عن السفر بالطائرة بين منطقتين جغرافيتين يوجد فارق توقيت كبير بينهما. الدراسة التي نتكلم عنها أعدتها الباحثة سييرا فوربوش، الطالبة بكلية الطب بجامعة أريزونا، وجرى عرض نتائجها في ملتقى أبحاث النوم الذي انعقد في مدينة بوسطن الأمريكية مؤخراً. وكانت الخلاصة الرئيسية التي أشارت إليها الدراسة أن كل ساعة تأخير في موعد النوم في عطلة نهاية الأسبوع تترافق مع زيادة بنسبة 11% في خطر الإصابة بأمراض القلب. قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن هل يعني بأن تباين أوقات النوم سوف يؤدي للإصابة بأمراض القلب؟ ذلك ما لم يتم إثباته حتى الآن.

لعل المشكلة التي تكمن في معظم دراسات الترابط هي وجود العديد من العوامل المؤثرة التي يمكن تفسير نتائج الدراسة بشكل مختلف في ضوئها. ففي هذه الدراسة على سبيل المثال، وجد الباحثون بأن الأشخاص الذين يؤخرون ساعة نومهم في عطلة نهاية الأسبوع يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأمراض القلب. وعلى الرغم من إمكانية تحييد بعض العوامل المؤثرة مثل مستوى الدخل، والحالة الوظيفية، والمستوى التعليمي، إلا أنه من غير الممكن الإحاطة بباقي العوامل الأخرى. فإذا كنت موظفاً وتذهب إلى دوامك بشكل منتظم منذ يوم السبت وحتى يوم الخميس، فغالباً ما ستدلل نفسك صباح يوم الجمعة ولا تستيقظ في نفس موعد استيقاظك للعمل كل يوم، فبحسب نتائج الدراسة، ستواجه خطراً أكبر للإصابة بأمراض القلب. ولكن مهلاً، ماذا لو كان الأشخاص الذين استقت الدراسة نتائجها من خلالهم يُفرطون في تناول طعام الوجبات السريعة ليلة العطلة؟ أو يُفرطون في التدخين مع أصحابهم في المقاهي؟ فمثل هذه السلوكيات المرتبطة بالسهر في ليلة العطلة ستزيد من خطر أمراض القلب بمعزل عن عادات النوم.

ومن النتائج الأخرى المثيرة للدراسة أن البقاء مستيقظاً ثم النوم في ساعة متأخرة من الليل يجعل الشخص أكثر نزقاً وإرهاقاً. ونعتقد بأن هذا هو السبب الحقيقي الذي يجب أن يردعك عن النوم كثيراً في أيام العطل. إذ إن الجسم يعتاد على الاستيقاظ في وقت محدد من كل يوم (وقت الذهاب إلى العمل أو المدرسة غالباً). وهكذا، فإن إشباع الرغبة بالنوم في يومين فقط من أصل سبعة أيام في الأسبوع سيُفسد إيقاع النوم الذي اعتاد عليه الجسم. أما الاستيقاظ في أيام العطل في نفس الأيام العادية فسوف يُعزز من إيقاع النوم، وسيكون من النتائج المباشرة لذلك عدم الشعور بالإرهاق عند الاستيقاظ للعمل صباح يوم الأحد، ولن يتطلب الأمر استعادة إيقاع النوم القديم. إن مفتاح النجاح في ذلك هو الاستمرارية. قد يبدو الاستيقاظ في الساعة السابعة صباحاً يوم الجمعة أمراً رهيباً، ولكن جرب أن تعتاد على ذلك لبضعة أسابيع، ولا بد أن تنجح.

تجدر الإشارة أيضاً إلى أن زيادة 11% في خطر الإصابة بأمراض القلب هي نسبة منخفضة، فالإصابة بحرق شمسي واحد قد تزيد من خطر سرطان الجلد بنسبة 100%، أما التدخين فقد يزيد من خطر سرطان الرئة بنسبة 2300%. إذن، وبغض النظر عن الأرقام والنسب، قم بضبط ساعة منبهك على وقت استيقاظك الاعتيادي في كل يوم، ولا بد أن تحصد ثماراً إيجابية لذلك.