الأطفال يفهمون بأن الحصول على ما تريد في الحياة يتطلب بذل الجهود

ووجد الباحثون بأن الرضع بعمر 10 أشهر يدركون بأن الحصول على ما تريد في الحياة يتطلب بذل الجهد اللازم للحصول عليه.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

غالباً ما نبذل في الحياة الكثير من الجهد لنحصل على ما نريد. إذ قمنا في الواقع بإنشاء نموذج اقتصادي كامل من ذلك. فالقيمة هي التوازن بين أمرين: مدى استحقاق شيء معين والجهد الذي يجب أن يبذله الشخص للحصول عليه. وتعتمد كل من التكلفة والاستحقاق على الموقف وعلى والشخص، حيث قد يختلف الهدف من شخص لآخر، فضلاً عن التحديات الخاصة التي يجب تجاوزها للحصول عليه. ويستغرق ترجيح هذه الأمور الكثير من التفكير المعقد، ولكن هذه هي الحياة. وتشير دراسة جديدة نشرت في دورية سيانس إلى أننا قد نبدأ فعلاً بالتفكير بهذه الطريقة قبل أن نتمكن من المشي.

وقد ناقش علماء النفس التطوري المرحلة التي يبلغ عندها البشر هذا النوع من الترجيح الموحد والبديهي للأهداف. فهل هو أمر يولد معنا، أم أنه يحدث في مرحلة لاحقة من الحياة من خلال الكثير من الخبرة في صنع القرارات وتحقيق الأهداف؟

لمعرفة ذلك، طور الباحثون مقطع فيديو تحاول فيه بعض الشخصيات (التي تبدو وكأنها نقط صغيرة) الوصول إلى أهداف مختلفة من خلال القفز إلى كتل أعلى، أو القفز من كتلة مرتفعة إلى أخرى مع وجود فراغ بينهما. تسلك بعض الشخصيات طرقاً محفوفة بالمخاطر، في حين أن البعض الآخر يمر عبر طرق أكثر أمناً. عندما شاهد الأطفال بعمر 10 أشهر (80 طفلاً، على وجه الدقة) هذه الشخصيات، فإنهم أعاروا مزيداً من الاهتمام إذا كانت الشخصية قد سلكت طريقاً شديد الخطورة للوصول إلى الشيء الذي سبق أن تم الوصول إليه بطريق قليل المخاطر. وتشير نظرة الأطفال المطوّلة إلى أنهم قد فوجئوا بما رأوه.

على ما يبدو، فإن الأطفال افترضت بأن الشخصيات قد رجحت بعض الأهداف على غيرها. فإذا اتخذت الشخصية طريقاً حذراً للوصول إلى شيء معين، فقد لاحظ الأطفال بأن هذه الشخصية قد نظرت إلى هذا الشيء بقليل من الاهتمام. وعندما سلكت نفس الشخصية في وقت لاحق رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى هذا الشيء، ارتبك الأطفال بسبب تغيير الأولويات.

وبعبارة أخرى، قد يفهم الأطفال بأن بعض الناس يركزون على أهداف معينة بشكل أكثر من غيرهم، وبأن هذا يتغير اعتماداً على المخاطر المرتبطة بتحقيق هذا الهدف. فعندما ترى طفلك يحدق بك وأنت منهمك في إعداد آلة صنع القهوة في الصباح الباكر، فلا تقلق، فهو يدرك الأمر. يمكن للأطفال على الأرجح أن يعرفوا بأنك تتكبد العناء لأن القهوة مهمة لك، وبأن زوجتك (والتي هي غير مستعدة لتصب كوباً لها حتى!) تعيرها اهتماماً أقل. وقد يتفاجؤون برؤيتك تسرع في الخروج من الباب دون شرب قهوتك الصباحية في أحد الأيام العصيبة، بينما تعاني زوجتك من أجل إعدادها بنفسها.

وكتب الباحثون بأن “الرضع يعتبرون التكلفة والاستحقاق متغيرات مترابطة ومجردة تنطبق على مجموعة واسعة من الأحداث … يستجيب الرضع للمفهوم المجرد للتكلفة، وليس للخصائص المحددة للمسار الفيزيائي”. فهم لا يرون الشيء باعتباره يستحق المكافحة أم لا، بل إنهم يتوقعون تغير القيمة اعتماداً على الأهداف والتوقعات الفردية.

ويريد الباحثون الآن معرفة فيما إذا كان الرضع يتعلمون التكاليف المجردة للأفعال من التجربة، أو إذا كان هذا الشيء يولد معهم. هناك تفسير آخر بأنهم يستخدمون مفاهيمهم البديهية للفيزياء – مثل القوة والعمل اللازم لنقل بعض الأشياء أو الحصول عليها – لتقدير التكلفة. ويمكن أن يكون الأمر مزيجاً من الثلاثة معاً.

لقد بدأنا للتو بتقدير الخبرات المعرفية لأصغر أعضاء الجنس البشري، ويلزم إجراء المزيد من العمل لمعرفة مدى الفهم الجيد للأطفال لهذه العمليات الشخصية. ولكن تشير الدراسة في الوقت الراهن إلى أن رغبتنا في فهم أعمال الآخرين تبدأ أبكر بكثير مما قد تعتقد.