ما ينبغي على جميع الآباء معرفته فيما يتعلق بـ “الغرق الجاف”

طفل يلعب في الماء
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في وقت مبكر من هذا الشهر، فُجعت عائلة أميركية بوفاة طفلها البالغ من العمر أربع سنوات، وذلك إثر إصابته بحالة غرق ثانوي (رغم عدم وجود تأكيدات رسمية لسبب الوفاة). والغرق الثانوي هو حالة تنجم عن تراكم السوائل في رئتي المصاب، وقد تحدث في غضون ساعات قليلة بعد عودة الطفل من السباحة. وعلى الرغم من أن مثل هذه الحالات نادرة الحدوث، إلا أن فهم أسبابها وأعراضها قد يساعد الآباء على التصرف بشكل سليم أو تقديم يد العون عند الحاجة.

وقد أشارت تقارير إخبارية محلية إلى إن الطفل كان يلعب في مياه لا يزيد عمقها عن ارتفاع ركبتيه عندما لطمته موجة أدت إلى غمر رأسه في المياه لبضع ثوانٍ. ولكن سرعان ما تمكن الطفل من النهوض وعاد إلى حالته الطبيعية، وبدا بخير. ولكن بعد أيام قليلة، بدأت تظهر على الطفل أعراض إسهال وإقياء وألم في الكتفين، ثم توقفت رئتا الطفل عن التنفس وتوفي.

وعلى الرغم من أن الأطباء لا يزالون غير واثقين من سبب الوفاة (لأن ذلك يتطلب تشريح الجثة بشكل رسمي)، إلا أنهم يشتبهون بأن المياه قد دخلت إلى رئتي الطفل عندما وقع فيها، مما أدى إلى تراكم السوائل داخل رئتيه وتسبَّب بحالة تُدعى الوذمة الرئوية. تُعيق هذه الحالة المُصاب عن التنفس فينخفض مستوى الأوكسجين في أنسجة وأعضاء جسمه. وفي تصريح لصحيفة الواشنطن بوست، قال الدكتور مايكل ماكهاغ، رئيس وحدة العناية المركزة للأطفال بمركز كليفلاند كلينك الطبي بأن الوفاة قد تكون ناجمة أيضاً عن ابتلاع الطفل لبعض المياه إثر سقوطه فيها، ومن ثم انتقال عدوى فيروسية أو بكتيرية، ولكن أعراض هذه الحالة تظهر بشكل أبطأ من الغرق الثانوي.

بأية حال، فإن الغرق الثانوي والغرق الجاف (الذي سنأتي على ذكره بعد قليل) هما حالتان نادرتان جداً. وبحسب صحيفة الواشنطن بوست، فإن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها لا تورد أية إحصائيات عن حالات الغرق الثانوي أو الجاف. وبحسب دراسة علمية أجريت في العام 2006 وجرى نشرها في المجلة البريطانية للطب، فإن الغرق الجاف يُشكل ما نسبته 2.5-5% من إجمالي حالات الغرق.

ما هي الأعراض التي ينبغي التحري عنها؟

ينجم الغرق غير النمطي عن إحدى حالتين: الغرق الثانوي (أو الغرق المتأخر)، ومثاله حالة الطفل المذكورة آنفاً؛ والغرق الجاف، الذي يحدث عند دخول الماء إلى المجاري التنفسية ويتسبب بحدوث تشنجات عضلية تُعيق الهواء من الولوج إلى الرئتين. وتُعد كلتا الحالتان (اللتان تحدثان غالباً عند الأطفال) حالاتٍ إسعافية، وينبغي علاج أعراضهما بشكل فوري.

يشترك كل من الغرق الثانوي والغرق الجاف في العديد من الأعراض، إلا أن أعراض الغرق الجاف تظهر بشكل فوري (أو في زمن قصير جداً) عقب استنشاق المياه إلى داخل الرئتين، أما أعراض الغرق الثانوي فتظهر خلال فترة تتراوح بين 1-24 ساعة عقب استنشاق المياه.

تتضمن الأعراض النمطية لكلا الحالتين: صعوبة التنفس، السعال، النعاس (أو الوهن العام)، الألم الصدري، التقيؤ، تهيج أو نزق الطفل بشكل غير اعتيادي. وتؤكد الرابطة الأميركية للاعتلال العظمي على ضرورة اصطحاب الطفل إلى قسم الطوارئ فوراً في حال ظهور أي من هذه الأعراض عليخ بعد عودته من السباحة، وذلك بهدف تقييم حالته. يمكن للأعراض أن تكون خفيفة وتتحسن من تلقاء نفسها، إلا أنها قد تتظاهر بسرعة كبيرة في بعض الأحيان وتصبح مهددة للحياة. وبما أن التنبؤ بمآل الحالة غالباً ما يكون مستحيلاً، وأن الكشف عن تلك الأعراض قد يكون صعباً، خاصةً عند الأطفال الصغار، فقد يكون من الضروري التوجه إلى قسم الطوارئ عند ظهور أية أعراض غير طبيعية على الطفل، أو الشعور بأنه على غير ما يرام، أو في حال استنشاقه بعض الماء.

وأخيراً، ينبغي أن يحرص الآباء على تجنب حدوث تلك الإصابات من أساسها، وذلك من خلال تدريب الأطفال على السباحة بشكل جيد وإرشادهم إلى قواعد السلامة في أثناء وجودهم في الماء، رغم أن الحذر لا ينجي من القدر في النهاية.