تعرف على هذه التقنيات التي ستساعدك في القراءة بشكل أكثر وأفضل

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يُمكن لقراءة الكُتب أن تحفز عقلك وأن تزيد من ذكائك العاطفي. ورغم هذا، فإن أعداد كبيرة من الناس (الرُبع في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال) لم يقرؤوا كتاباً على مدار العام الماضي، مع تراجع معدلات القراءة عموماً بشكل غير مسبوق. لقد حان الوقت في العام الجديد لزيادة الإقبال على القراءة. لكن كيف ستجد الوقت لقراءة كتب كاملة؟ ولماذا تُعد القراءة مهمة أساساً؟

لماذا يجب علينا أن نُقبل على الكتب

تبين العلماء أن القراءة ضرورية لصحة العقل. إننا نعرف بالفعل أن القراءة جيدة للأطفال إذ تساعدهم على تطوير قدرتهم على التفكير. فهناك دراسة للتوائم أجريت في جامعة كاليفورنيا في بيركلي توصلت إلى أن الأطفال الذين يبدؤون القراءة في سن مبكرة يكون أداءهم أفضل في بعض اختبارات الذكاء، مثل اختبارات تحليل حصيلتهم من المفردات اللغوية.

وتُظهر دراسات أخرى أن القراءة تحفز استمرار تطور عقول البالغين. وفي دراسة أجرتها جامعة ستانفورد في 2012 شهدت قيام الناس بقراءة مقاطع من رواية لجاين أوستن وهم داخل جهاز رنين مغناطيسي، أن أنواع القراءة المختلفة تحفز مناطق مختلفة من المخ. ومع تقدم المرء في العمر، كما تبين من دراسة أخرى، قد تساعد القراءة على إبطاء أو إيقاف تدهور القدرات الإدراكية.

كما أن الكلمات المطبوعة على الصفحة قادرة على تحسين الذكاء العاطفي للمرء. ففي دراسة عامة تمت عام 2016 حول هذه المسألة، تبين أن قُراء الأدب بشكل عام لديهم إحساس أعلى تطوراً بما وصفه علماء النفس بمسمى “نظرية العقل”، وهي القدرة على أن يحدد المرء حالاته الذهنية والحالات الذهنية الخاصة بالغير، وأن يفهم إمكانية أن يكون لدى الغير رغبات ومشاعر وأفكار مختلفة. أي أن القراء المنتظمين لديهم قدرة أكبر على التعاطف مع الغير وعلى فهم مشاعرهم.

إذن فالكتب لا تُحسن فقط من قدرتك على التفكير، إنما تجعلك أيضاً شخص أفضل. حان الوقت إذن لأن تزيد من قراءاتك.

كيف يمكنك زيادة قراءاتك

أنت بطبيعة الحال مشغول دائماً، وكثيراً ما لا تجد الوقت اللازم للقراءة، ولهذا عليك أن تبدأ بقراءة القليل. فعند وضع هدف جديد، عليك أن تهدف إلى القيام بمهمة محددة يمكن التوسع فيها لاحقاً. لذا ابدأ بقراءة 5 صفحات يومياً مثلاً من كتاب يُهمك موضوعه. وما إن تتمكن من عادة قراءة الصفحات الخمس، جرّب أن تقرأ عشر صفحات، ثم عشرين، واستمر في التوسع على هذه الوتيرة.

ومن الضروري كل الضرورة أن تُركز على قراءة المواضيع التي تهمك. لا تبدأ مثلاً برواية “الإخوة كارمازوف” لمجرد أنه أدب جاد، فتمارين العقل التي تقدمها القراءة ستنجح أيضاً إذا قرأت مثلاً في أدب الخيال العلمي إذا كنت تفضله. إن قراءتك لكتاب من اختيارك يجعل نشاط القراءة ممتعاً وليس واجباً ومسؤولية، ومن ثم فسوف تحبه أكثر وتزيد احتمالات إقبالك عليه بانتظام. أما إذا كنت من مُحبي ديستويفسكي فلا بأس من الانتقال إلى الإخوة كارمازوف ما إن تتمكن منك عادة القراءة.

ومع البدء في الانتظام في القراءة اليومية، كن عطوفاً مع نفسك. إذ أن انتقاد النفس، أو ما يُعرف بـ “جلد الذات” يعيقك عن تحقيقك لأهدافك. لذا فعليك ألا تقسو على نفسك، خاصة لو كنت تبدأ من الصفر. حتى إذا فاتتك القراءة لمدة يوم، فعليك أن تعرف أننا جميعاً نحب أن نسهر أمام التلفاز في بعض الأحيان، وأننا ببساطة قد ننسى عادة يومية نحرص عليها في بعض الأيام. كنت مستعداً للعودة إلى القراءة في اليوم التالي دون إحساس بالذنب على ما فاتك.

ولتساعد نفسك على قراءة الصفحات الخمس، فربما يكون مفيداً أن تُبقي الكتاب أو تطبيق الكتاب الصوتي أو الكتاب الإلكتروني في صحبتك على مدار اليوم. حينئذ، فعندما يُتاح لك بعض وقت الفراغ – سواء كنت تنتظر صديقاً أو تجلس في الحافلة أو القطار في طريقك إلى البيت أو تؤدي مهمة لا تتطلب كامل انتباهك – يمكنك أن تقرأ قليلاً بدلاً من أن تلعب لعبتك المفضلة على هاتفك الذكي.

ومن هنا ننتقل إلى قضية كثر الجدل حولها: هل الكتاب المطبوع أفضل أم الكتاب الصوتي؟ في حين ما زال الكتاب المطبوع هو الفائز في عين الرأي العام، فلم يثبت العلم أن الكتب الورقية أفضل من الكتب الإلكترونية.

ذلك أن البحوث الأكاديمية ركزت على معدل استبقاء القارئ، أي مقدار ما يتذكره القارئ بعد انتهاؤه من قراءة الكتاب. ورغم أن الكتب الورقية لها أفضلية قليلة في هذا الصدد، يبدو أن ميزتها النسبية تعتمد على بيئة القراءة وسياقه. فالدراسة التي تبينت تفوق الكتب الورقية في استبقاء المعلومات التي يحصلها القارئ تمت في سياق معملي، حيث قرأ بعض الطلاب جميعاً نفس النصّ لكن قرأه البعض في كتاب والبعض على شاشة في صيغة “بي دي إف”. وهناك دراسة أخرى أجريت على تلاميذ في قاعة درس، وكان بعضهم يقرأ من كتاب والبعض من “آي باد”، ولم تجد اختلافاً يُذكر بين الوسيطين.

ولنتذكر أن وجود جهاز “إي-ريدر” معك لقراءة الكتب إلكترونياً يسهل عليك مطالعة بعض الصفحات في أي وقت. لكن ما النوع الأجدر بالاختيار؟ يمكنك البحث عن الأجهزة التي تتيح خاصية “الحبر الإلكتروني” (e-ink)، وأن تبحث عن أرخص الأسعار، أو أن تهتم بالمميزات التي تتيحها الأجهزة بغض النظر عن السعر. ما يُهم بالأساس هو الكتب التي تريد قراءتها. في ستجد كتب أغلب الناشرين الكبار على جميع منصات أجهزة الأي ريدر تقريباً، فإن جهاز “كيندل” الخاص بأمازون هو وبفارق كبير عن المنافسين المنفذ الأعلى شعبية للكتب التي نشرها كُتابها بصورة مستقلة وهو يلبي مختلف الأذواق. إذا كان هناك مؤلف معين أو مجال بعينه تهتم به، فعليك القيام ببعض البحث للتعرف على متاجر الكتب الإلكترونية التي تبيع ما تهتم به، سواء أمازون، أو منصة “كوبو” (Kobo) التي تديرها “راكوتين”، أو “نوك” التابع لمتجر بارنز آند نوبل، قبل أن تقبل على شراء الجهاز نفسه. وتذكر أن بإمكانك دائماً تجربة التطبيقات قبل أن تشتري الجهاز الذي يتيحها.

أما بالنسبة إلى الكتب الصوتية، فقد توصلت البحوث التي أجريت حتى الآن أنها تحفز العقل بنفس عمق تحفيز الصفحات المطبوعة للعقل، وإن كان تؤثر على المخ بشكل مختلف إلى حد ما. فبما أنك تستمع إلى القصة أثناء تشغيل الكتاب الصوتي، يستعين مخك بتقنيات مختلفة للفهم. في حالة الكتاب المطبوع، تقوم بنفسك بابتكار صوت القارئ، فأنت تتخيل “طبيعة الصوت ووتيرته”، والحروف التي يتم التشديد عليها في النطق، وهلم جرا. لكن في حالة الكتاب الصوتي، يقدم المؤدون الصوتيون هذه المعلومات لك جاهزة، فلا يقوم عقلك باستحداث وابتكار أصوات القراءة، إنما يعمل على فهم الأصوات التي تصل إلى الأذنين.

وبغض النظر عن الصوت، فالكتب الصوتية تؤثر على مشاعرك وأفكارك. الإجابة إذن هي: أجل، الاستماع إلى الكتب هو بالضبط وكأنك تقرأها. هذا خبر جيد، لأن الكتب الصوتية تيسر عليك زيادة وقت القراءة حتى مع ازدحام جدولك اليومي. يمكنك وضع السماعات في أذنيك والاستماع إلى كتاب صوتي حتى إذا كنت بحاجة إلى استخدام عينيك في عمل آخر، مثلاً أثناء قيادة دراجة أو السير أو قيادة السيارة في الطريق إلى العمل. الواقع أن الكتاب الصوتي على الطريق السريع قادر على مساعدتك على تحسين انتباهك للقيادة؛ حيث أن الكتاب الصوتي بتشتيته الخفيف لك يساعد عقلك في التركيز على المهام التكرارية أو الروتينية مثل القيادة على الطريق السريع لمسافات طويلة.

لكن من المهم أنك إذا كنت تريد تطوير عادة القراءة لديك، فيجب ألا تُقصي الكتب الورقية أو الرقمية أو الصوتية وتفضل بعضها على بعض بشكل تعسفي؛ فعليك أن تختار ببساطة ما تجده مناسباً لاحتياجاتك، وأن تختار مزيج بين هذه الوسائط الثلاثة بحسب الحاجة.

طبّق عادتك الجديدة

ها أنت قد تحولت إلى دودة قراءة، وسوف تساعدك هذه العادة الجديدة في أمور كثيرة. هناك مثلاً دراسة قامت بقياس كيف تبطئ بعض الأنشطة من معدل ضربات القلب، وتوصلت إلى أن قراءة 6 صفحات يومياً تجعل نضبك أكثر استرخاءً. لكن هذه الدراسة أجريت بتمويل من شركة شوكولاته لديها برنامج لتقديم الكتب مجانياً مع منتجاتها، لذا فهي ليست بالدراسة المحايدة تماماً. كما أن الأثر المُهدئ يعتمد على الكتاب نفسه: تخيل مثلاً معدل ضربات القلب إذا جلست لتقرأ رواية رُعب في ساعة متأخرة من الليل!

لكن هذا لا ينفي أن القراءة تساعد على النوم. فتصفح الكتب “نشاط مهدئ” شائع، ويعتبر من الروتينات اليومية التي ينصح بها الأطباء للمساعدة على النوم. القراءة في السرير تجهز جسدك للنوم وتحفزه عليه.

وإذا أمضيت المساء بين دفتي كتاب، فسوف يمنعك هذا أيضاً عن عادات النوم السيئة مثل مطالعة الهاتف قبل النوم. وإذا كان ما ستقرأه ستقوم بقراءته على الهاتف، فسوف يقلل هذا من كمية الإضاءة التي ستسلطها على عينيك بما يؤدي لاضطراب نومك كثيراً.

ويمكن للكتب أيضاً أن تساعدك على الاحتفاظ بجسم رشيق، ونقصد هنا الكتب الصوتية. فقد أجرت جامعة بنسلفانيا دراسة على ما يُسمى “الإغراء المرافق”، توصلت إلى أن من يسمعون كتاباً صوتياً في النادي الرياضي يقبلون على التمارين البدنية أكثر. يبدو أن روايات الإثارة والتشويق تساعد المرء كثيراً على الرشاقة!

وأخيراً فالقراءة قادرة على زيادة إنتاجيتك. إذا أخذت استراحة أثناء العمل للتركيز على مهمة مختلفة، يستعين عقلك حينئذ بمجموعة مهارات مختلفة، بما يحسن من التركيز ومن قوة الذاكرة قصيرة المدى. أي أن الخروج – ذهنياً – من مكان العمل للحظة يسمح لك بالعودة إلى مهام العمل بتركيز متجدد. عندما تفقد الحافز أو التركيز أثناء العمل إذن، فالحل هو قراءة بعض الصفحات أثناء استراحة الغداء!